14-يناير-2018

صورة: علاء بدارنة

أكد الرئيس محمود عباس أن السلطة تلقت عرضاً بإقامة دولة عاصمتها أبو ديس، واقتراحاً آخر بقبول حل إقليمي يتضمن التطبيع مع إسرائيل قبل حل القضية الفلسطينية، وذلك لأول مرة، خلال خطاب ألقاه أمام المجلس المركزي لمنظمة التحرير، مساء اليوم الأحد، وهو الاجتماع الذي تغيّبت عنه حركتا حماس والجهاد الإسلامي، ما دفع الرئيس لانتقادهما بشدة.

وعُقد الاجتماع بمقاطعة رؤساء جميع أقاليم حركة فتح في الضفة الغربية، احتجاجاً على دعوة القنصل الأمريكي لحضور الاجتماع، وهي الدعوة التي نفاها مسؤولون في السلطة الفلسطينية أمس، علماً أن رؤساء الأقاليم تمت دعوتهم لحضور الاجتماع كمراقبين، لكنهم قرروا مقاطعته في اللحظات الأخيرة، بعد التأكد من إرسال الدعوة التي لم يلبّها القنصل.

أبو مازن يعترف لأول مرة بأن السلطة تلقت عرضاً بإقامة دولة عاصمتها أبو ديس بدل القدس، واقتراحاً بقبول تطبيع عربي مع إسرائيل مقابل دعم السلطة مالياً

واعترف أبو مازن بوجود محاولات لتصفية القضية الفلسطينية، وقال في هذا السياق إن السلطة تلقت عرضاً بإقامة دولة عاصمتها أبو ديس بدل القدس، دون أن يشير إلى الدولة التي عرضت ذلك، وهي السعودية، وفق ما أفادت به مصادر صحافية سابقاً، وأكده عضو اللجنة التنفيذية أحمد مجدلاني في تصريح لوكالة الأناضول قبل أيام، لكن الرئاسة نفت ذلك وقالت إن مجدلاني يمثل نفسه في هذا التصريح، قبل أن يحسم اعتراف أبو مازن الأمر.

وكشف أبو مازن عن تلقيه اقتراحاً من مسؤول عربي لم يسمّه، يتضمن دعم السلطة مالياً مقابل القبول بحل بعيد عن مبادرة السلام العربية، لكنه رفض ذلك وأكد على ضرورة أن يتم حل القضية الفلسطينية أولاً، ثم التوصل لحل إقليمي.

وجاء تصريح أبو مازن في إطار انتقاده لامتناع حماس والجهاد عن المشاركة في الاجتماع، وتوضيحهما أن أحد أسباب ذلك هو أن المكان غير مناسب لاتخاذ قرارات هامة، إذ تساءل أبو مازن عن المكان البديل الأنسب من رام الله، مشيراً إلى أنه لا يوجد مكان يمكن فيه اتخاذ قرارات مصيرية أكثر من فلسطين، وأضاف، "لا نأخذ تعليمات من أحد، وقادرين أن نقول لا لأي طرف".

وأشار أبو مازن إلى تصريح نسبه للقيادي في حركة حماس محمود الزهار، إبان انتخابات المجلس التشريعي قبل 10 سنوات، قال فيها إنه يجب إقامة انتخابات حتى دون القدس، وهو ما اعتبره أبو مازن تساوقاً مع إعلان ترامب بشأن القدس.

ولن يتخذ المجلس المركزي أي قرارات خلال اجتماعه اليوم، إذ يُفترض أن يواصل اجتماعاته يوم غد، ويعلن قراراته بعد ذلك بشكل رسمي.

وخلال خطابه شدد الرئيس على رفض الدعم الأمريكي المطلق لإسرائيل، وأكد أن الولايات المتحدة أسهمت في احتلال فلسطين قبل النكبة، ومنذ النصف الثاني من القرن العشرين، كما نقلت 50 ألف يهودي يمني إلى فلسطين بطائرات خاصة عام 1949.

أبو مازن: ملتزمون بقرارات منظمة التحرير في عام 1988، ومبادرة السلام العربية، ولن نقبل تدخل أحد في قرارنا

وشدد على أن السلطة الفلسطينية لم تفرط في أي من قرارات منظمة التحرير التي تم اتخاذها عام 1988، وقال: "أتحدى أن نكون قد فرطنا في أقرار أو قدمنا أي تنازلات (..) سنبقى ملتزمين بهذه القرارات"، مطالباً في الوقت ذاته بعدم التدخل في القرار الفلسطيني، والشأن الداخلي الفلسطيني، وأضاف، "حلو عنا يا أخي، احنا متعلمين مثلكم بديش أقول أكثر (..) قادرون على إدارة شؤوننا بأنفسنا".

واعترف الرئيس أيضاً بأن قرار دعم اجتياح الرئيس العراقي الراحل صدام حسين للكويت كان خطأ، ولا يريد الفلسطينيون تكراره، مشدداً على الالتزام بعدم التدخل في الشأن الداخلي للدول العربية.

ودعا أبو مازن إلى اتخاذ قرار بشأن اتفاق أوسلو، "بعد أن أنهت إسرائيل هذا الاتفاق بشكل كامل"، وفق قوله، مشيراً إلى أن الاتفاق دفع إسرائيل إلى الاعتراف بوجود الشعب الفلسطيني بعد أن كانت تنكر ذلك، "لكن الأمور تغيرت الآن، والسلطة أصبحت بدون سلطة، والاحتلال أصبح بدون ثمن".

كما شدد على أن السلطة ترفض بشكل قطعي قطع رواتب الأسرى والشهداء استجابة للضغوطات الإسرائيلية والأمريكية بشأن ذلك.

أبو مازن لـ ترامب: يخرب بيتك ايمتا رفضنا العودة للمفاوضات؟ ويدعو لاتخاذ موقف بشأن اتفاق أوسلو

ورفض أبو مازن تهديدات ترامب بقطع "المساعدات" عن الفلسطينيين إذا لم يتوقفوا عن رفض العودة للمفاوضات، وقال: "يخرب بيتك ايمتا رفضنا؟" مخاطباً ترامب، مؤكداً أن السلطة لن تكون إلا مع المقاومة الشعبية السلمية، "فهي أكثر جدوى وقوة" حسب قوله.

وجدد التأكيد على رفض الوساطة الأمريكية في المفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي، مع القبول بأن تكون واحدة من عدة أطراف راعية للمفاوضات، مشيراً إلى مفاوضات كامب ديفيد وإفشال المحاولة الأمريكية و"جهات خائنة" لم يسمها لدفع الفلسطينيين إلى التنازل عن القدس، وإسقاط حق العودة.

وقال أبو مازن، إنه كان يجتمع برئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت مرة في كل أسبوع، ولمدة 8 أشهر، وكانت هناك "آفاق للحل" فيما يتعلق بالقدس، وعودة لاجئين، إلا أن الأمور لم تطور إلى اتفاقات، مضيفاً أنه رفض اقتراحاً آخر بأن تبقى إسرائيل في الضفة الغربية لـ40 سنة، بعد توقيع اتفاق تسوية سلمية، وذلك في إطار ما تسميه هي "احتياجاتها الأمنية".

وأشار إلى أنه رفض محاولة واشنطن لمنع انضمام السلطة إلى منظمة "اليونسكو"، بعد أن قالت إن الكونغرس يعتبر الفلسطينيين إرهابيين.

وقال إن إدارة ترامب طلبت منهم عدم الانضمام إلى 22 منظمة دولية، فطلبت السلطة مقابل ذلك عدم المساس بمنظمة التحرير، وعدم نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وعندما رفضت واشنطن ذلك، أبلغتها السلطة أن بإمكانها أن تفعل ما تشاء.

أبو مازن: رفضنا ضغطاً أمريكياً لمنعنا من دخول 22 منظمة دولية، ورفضت مقابلة سفيرها في "تل أبيب" بسبب تصريحاته عن الاستيطان

وكشف أبو مازن عن رفضه المطلق مقابلة سفير ترامب في "تل أبيب"، بعد أن صرّح بأن إسرائيل لا تحتل الأراضي الفلسطينية بل تبني المستوطنات في أراضيها، كما هاجم سفيرة واشنطن في الأمم المتحدة هالي نيكي، وقال إن تصريحاتها الأخيرة بشأن إسرائيل والخطوات الفلسطينية في مجلس الأمن "تسيء إلى أمريكا كدولة".

ودعا إلى بذل كافة الجهود من أجل عقد اجتماع للمجلس الوطني لمنظمة التحرير، في أقرب وقت.

وحول المصالحة، قال إن قيادة حماس تريد المصالحة، وانتقاده للحركة يركز على الزهار "أبو لسان طويل" وفق وصفه، مشدداً على ضرورة توافر النوايا الصادقة من أجل تحقق المصالحة. وأضاف، "المصالحة ليست متوقفة، ولكنها تسير ببطئ".

أبو مازن: قيادة حماس تريد المصالحة، لكننا نريد مصالحة تقود لدولة واحدة بسلاح واحد

وجدد التأكيد على أن السلطة تريد للمصالحة أن تقود إلى دولة واحدة بنظام واحد وسلاح واحد، مضيفاً أن ذلك يحتاج للوقت لكن يمكن تحقيقه.

وهدد أبو مازن باعتقال كل من يتحدث عن وجود فساد دون امتلاكه أدلة على ذلك، وقال إن من يملك الأدلة على وجود فساد فلن يمسّ أحد به.

وأشار إلى تفوق منتخب فلسطين على نظيره الإسرائيلي في تصنيف "الفيفا"، ما اعتبره دليلاً على وجود تطور كبير في الرياضة، مؤكداً أن الرياضة ليست مسيّسة، ودعا السياسيين إلى تعلم ذلك من الرياضة.

ونوّه الرئيس إلى إنشاء جهة متخصصة في منع سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية، وأن هناك جهوداً مكثفة تُبذل من أجل مكافحة المخدرات التي تصدرها إسرائيل إلى الفلسطينيين "بشكل مرعب".

وكشف عن وجود 100 فاسد هارب من القضاء الفلسطيني، وقال إن هناك من يوفر لهم الحماية، موضحاً أن السلطة ستنشر خلال أقل من أسبوعين قائمة بأسماء أهم هؤلاء الفاسدين الذين طلبت من "الانتربول" تسليمهم، لاتخاذ التصرف المناسب بشأنهم.