19-فبراير-2022

الشيخ جراح | gettyimages

جولةٌ جديدةٌ من المواجهة الطويلة يشهدها حي الشيخ جراح منذ الأسبوع الماضي، عنوانها هذه المرة "أرض عائلة سالم"، وهي جزءٌ من العقارات المهددة بالترحيل القسري لصالح المستوطنين. هذه المرة كثّف مستوطنون -يقودهم عضو الكنيست المتطرف ايتمار بن غفير- محاولات وضع اليد على الأرض، ما أشعل الفتيل مرة أخرى منذرًا بامتداد الأحداث لمواجهة أوسع.

أرض عائلة سالم تقع أمام منزل عائلة سالم المشيد منذ نحو 70 سنة، ويرفض أهله إخلاءه أو التنازل عن الأرض، إن كان في إطار تسوية أو حتى استسلامًا لأعمال العنف التي يرتكبها المستوطنون

أرض عائلة سالم تبلغ مساحتها 150 مترًا، وهي أرضٌ فارغةٌ تقع أمام منزل العائلة المشيد منذ نحو 70 سنة، ويرفض أهله إخلاءه أو االتنازل عن الأرض، إن كان في إطار تسوية أو حتى استسلامًا لأعمال العنف التي يرتكبها المستوطنون بدعم بلدية الاحتلال بحقهم.

"أنا صامدة في الدار وعلى دمي لن أخرج منها، لأن كل ذكريات أبوي وامي واخوتي وأولادي فيها" قالت الحاجة فاطمة سالم (72 سنة). فاطمة، ولدت في هذا المنزل عام 1952، وورثته عن أبيها، ومازالت تعيش فيه مع أولادها وأحفادها حتى اليوم.

فاطمة سالم

توضح فاطمة لـ الترا فلسطين، أن "أصل عائلة زوجها من قرية قالونيا المهجرة، وأصل عائلتها من قرية ترمسعيا شمال رام الله، وعاشت في هذا المنزل هي وزوجها كي ترعى أمها وأبيها، وما زالت فيه حتى اليوم، رغم كل محاولات التهجير التي بدأت منذ سنواتٍ طويلة.

تقول: "لم نرفع قضية في المحاكم لأننا لا نثق بالمحاكم الإسرائيلية، فهم يقفون مع بعضهم البعض ولن يتم إنصافنا".

وفي كل محاولة من المستوطنين للاستيلاء على الأرض، لا تتأخر فاطمة في الشجار معهم وطردهم منها. أحدث المحاولات كانت قبل شهر، عندما وضع المستوطنون خيمة وأقاموا سياجًا في محيطها، وعندما اعترضت فاطمة وعائلتها كانت بين من تم الاعتداء عليهم بالضرب وبرش غاز الفلفل على وجهها، ما أدى أيضًا لإصابتها بجرح في يدها. رغم ذلك، نجحت العائلة والمتضامنون معها في خلع السياج وإزالة الخيمة.

وشهد الأسبوع الماضي اشتدادًا في المواجهة مع المستوطنين وشرطة الاحتلال، إذ اندلعت مواجهاتٌ أيام الأحد والإثنين والثلاثاء، أصيب خلالها عشرات الفلسطينيين بالرصاص واختناقًا بقنابل الغاز وبالضرب أيضًا. في غضون ذلك، أقام بن غفير خيمة بداخلها مكتبه في أرض عائلة سالم، وماتزال الخيمة قائمة قرب عتبة منزل عائلة سالم، والمستوطنون ونوابٌ في الكنيست يرتادون الخيمة في وفود دعمًا لابن غفير والمستوطنين.

خيمة بن غفير يرتادها مستوطنون وأعضاء كنيست | gettyimages

وردًا على بن غفير، وضع الناشط محمد أبو الحمص مكتبًا رمزيًا له مقابل مكتب بن غفير، إلا أن شرطة الاحتلال سارعت إلى الاعتداء عليه وإزالة المكتب. وحتى لحظة نشر هذا التقرير، كانت شرطة الاحتلال قد أزالت مكتب أبو الحمص بالقوة 9 مرات، لكنه في كل مرة يُعيد وضع المكتب قُبالة خيمة بن غفير، الذي تمتنع شرطة الاحتلال عن اتخاذ أي إجراء ضده، باستثناء مرة واحدة أصيب خلالها بالإغماء، قبل أن يعود بعد ساعات للخيمة ومكتبه بداخلها.

ويوم الجمعة، زار مسؤولون كبار في وكالات الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع الإنساني، يرافقهم دبلوماسيون، منزل عائلة سالم، التي تواجه خطر التهجير القسري من قبل سلطات الاحتلال، لصالح مستوطنين.

الوفد الأممي في زيارته للشيخ جراح الجمعة | gettyimages

وقالت المؤسسات في بيان مكتوب: "تواجه الأسرة المكونة من 12 شخصًا، بما في ذلك ستة أطفال والأم المُسنة فاطمة سالم، وجميعهم من لاجئي فلسطين، الإخلاء خلال شهر مارس/آذار (القادم) من منزل عائلتهم الذي بني قبل 70 عامًا".

زار مسؤولون كبار في وكالات الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع الإنساني، يرافقهم دبلوماسيون، منزل عائلة سالم

وأشارت مؤسسات الأمم المتحدة إلى أن "إعلان الإخلاء المقرر، أثار مؤخرًا التوتر في الحي المقدسي، حيث أدت الاشتباكات التي شارك فيها سكان فلسطينيون ومستوطنون إسرائيليون وقوات الأمن الإسرائيلية إلى إلحاق أضرار بالممتلكات وإصابات متعددة واعتقالات، بما في ذلك اعتقال ثمانية أطفال منذ يوم الجمعة 11 شباط".

وأضافت: "تعرضتْ عائلة سالم نفسها وجيرانهم لهجمات برذاذ الفلفل والحجارة، مما أدى إلى إصابات وأضرار في الممتلكات".

وتابعت: "عائلة سالم هي واحدة من 218 عائلة فلسطينية، قوامها 970 فردًا، بينهم 424 طفلاً، تعيش في القدس الشرقية، وبشكل رئيسي في حييْ الشيخ جراح وسلوان، والتي تواجه حاليًا خطر الإخلاء القسري من قبل السلطات الإسرائيلية".


اقرأ/ي أيضًا: 

"إسرائيل" دولة أبرتهايد: ما جديد تقرير "أمنستي"؟

إسرائيل تدير نظام أبرتهايد.. السلطة إحدى مؤسساته