27-أكتوبر-2019

تتدحرج أزمة استيراد العجول من إسرائيل في جانبين، أحدهما بين السلطة الفلسطينية واتحاد تجار العجول، والآخر بين السلطة والحكومة الإسرائيلية، في ظل معلوماتٍ عن خلفيات احتكارية لقرار الحكومة الفلسطينية وقف استيراد العجول من إسرائيل الذي تُبرره بـ"الانفكاك الاقتصادي" عن إسرائيل.

وأعلن اتحاد تجار العجول وأصحاب الملاحم في الضفة الغربية عن إضراب لجميع الملاحم يوم الإثنين (28 تشرين أول الجاري)، متهمًا الحكومة بأنها "تسعى لتعزيز الاحتكار لعدد محدود من المستوردين على حساب شريحة واسعة من التجار".

إضراب شامل للملاحم في الضفة الغربية بعد فشل نداءات الحوار من اتحاد تجار العجول مع وزارة الزراعة

وقال رئيس الاتحاد عمر النبالي، إن الحكومة رفضت الاستجابة لكل نداءات الحوار خلال الأربعين يومًا الماضية.

 

 

يقول المدير التنفيذي للائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان" مجدي أبو زيد، إن سعر العجل ارتفع في السوق الفلسطينية منذ القرار الأخير ما بين 1500- 2000 شيقل، مبينًا أن ارتفاعًا طرأ في سعر الكغم قائم (قبل الذبح) بحوالي أربعة شواقل، ما يعني ارتفاع كغم اللحم الصافي بحوالي 8 شواقل، وفق ما أفاد به على حسابه في موقع "فيسبوك".

 

 

يؤكد تاجر العجول عبد خليل على ما جاء في منشور أبو زيد، موضحًا أن أسعار العجول تشهد بالفعل ارتفاعًا منذ حوالي شهر، إذ أن تكلفة الجملة لسعر كغم العجل قائم هذه الأيام 17 شيقل ويباع للملاحم بقيمة 18 شيقل، بينما كان في السابق 15 شيقل ويباع للملاحم 16 شيقل، وفق ما أفاد به لـ الترا فلسطين.

وأكد أن بعض العجول يصل الارتفاع في سعرها هذه الأيام إلى حوالي ثلاثة آلاف شيقل بالمقارنة مع السابق، مضيفًا أن هذا الارتفاع أدى لارتفاع سعر اللحوم على المستهلك من 50 شيقل في السابق إلى 55 شيقل.

تاجر عجول: ارتفاع في أسعار العجول يصل إلى حوالي ثلاثة آلاف شيكل مقارنة مع السابق

وأشار خليل إلى عدم توفر العجول في السوق بعد منع استيرادها من إسرائيل، مضيفًا أنه يوافق هذه الأيام "مضطرًا" على شراء عجول "أقل جودة" لم يكن يقبل شراءها سابقًا، وفق قوله، "بسبب قلة العجول".

اقرأ/ي أيضًا: العجول الوطنية.. ما سرها؟

وإضافة لتجارته بالعجول في قرى تابعة لرام الله ونابلس، فإن خليل يمتلك ملحمة للبيع بالتجزئة، وقد حذر من أن استمرار الوضع كما هو الآن لـ20 يومًا سيؤدي لإغلاق العديد من الملاحم أبوابها بسبب عدم توفر عجول.

هذه المعلومات خالفها مدير عام التسويق في وزارة الزراعة طارق أبو لبن، إذ قال إن الضفة الغربية "لم تشهد وفرة من العجول كما هي هذه الأيام"، مبينًا أن عدد العجول الآن يُقارب 16,700 عجل بالأوزان والأعمار المختلفة، وهذه ستورد إلى السوق خلال أربعة إلى خمسة شهور دون الحاجة لاستيراد عجل واحد.

وبيّن أن الوزارة أصدرت رخص استيراد 10,700 عجل، وقد دخلت الشحنة الأولى منها من البرتغال، والثانية من هنغاريا، وستصل الشخنة الثالثة من فرنسا ثم الرابعة من أستراليا خلال أسبوعين.

وأضاف، "هناك طلبات في طور الإنجاز، حتى يتم الاستمرار بالتوريد، والاعتماد على الذات".

وزارة الزراعة: لم يكن هناك وفرة في العجول سابقًا كما هو الآن، ولا نوايا احتكارية خلف قرارنا

لكن هذا الاستيراد من الخارج بحد ذاته جزءٌ من المشكلة بالنسبة للتجار الصغار في الضفة الغربية، وهذا ما تحدث عنه الخبير الإعلامي ماجد العاروري في مقال سابق خصَّ به الترا فلسطين، إذ أكد أن التجار الذين كانوا يعتاشون على استيراد أعداد قليلة من العجول من إسرائيل، لن يكون بإمكانهم استيراد شحنات كبيرة من العجول من الدول الأوروبية، ما يُشكل ضربة اقتصادية لهم يستفيد منها المستوردون الكبار.

اقرأ/ي أيضًا: عقوبات على السلطة خلال أيام بسبب أزمة العجول

ينفي وزير الزراعة رياض عطاري وجود نوايا احتكارٍ خلف إصدار هذا القرار، وقال في بيان صحافي: "الجهات المختصة تتواصل يوميًا مع الغرف التجارية لمعالجة أية ثغرات أو ممارسات للاحتكار، أو دراسة أية مقترحات تصب في المصلحة الوطنية والتجارية للسوق الفلسطينية".

وأضاف أن وزارتي الزراعة والاقتصاد ستعالجان أية ممارسات للاحتكار قد تظهر.

يؤكد أبو لبن، أن السوق محكومٌ بسقف سعري وهو 18 شيقل للكغم القائم، و55 للحم، مشددًا أن الوزارة تتابع مع وزارة الاقتصاد الأسعار، "وليس هناك أي ارتفاع على الإطلاق".

يعلق مدير حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد الوطني إبراهيم القاضي بأن متابعة الأسعار والكميات من شأن وزارة الزراعة.

فيما قال مدير جمعية حماية المستهلك صلاح هنية، إن سعر كغم اللحم يُباع الآن ما بين 55-60 شيقل، ما يعني أن هناك بالفعل ارتفاعًا في الأسعار، رغم وجود ملاحم تعرض اللحوم بسعر 42 و48 شيكل للكغم.

جمعية حماية المستهلك: هناك ارتفاع حقيقي في أسعار اللحوم وتلقينا شكاوى بهذا الخصوص

وأكد هنية لـ الترا فلسطين، أن هناك من يبيع لحم العجل بسعر 60 شيقل في رام الله، و90% من محلات رام الله ونابلس تبيع بسعر 55 شيقل، إلى جانب وجود شكاوى تصل من جنين حول الارتفاع.

وحول كميات العجول، أوضح هنية أنه قبل اتخاذ القرار اجتمعت الوزارة بكل التجار والمزارعين لإحصاء الكميات، وكم نستطيع الاستيراد، وتبين أن لدينا ما يكفي حتى نهاية العام.

وأفاد هنية بأن إسرائيل رفعت مدة الحجر البيطري حتى 25 يومًا بدل ثمانية أيام كما في السابق، بسبب الادعاء بوجود مرض وللتأكد من سلامتها قبل السماح بدخولها، مؤكدًا أن كل شحنات العجول المستوردة ستدخل الضفة حتى آخر الشهر الجاري وتستقر الأمور.

ونفى هنية المعلومات المتداولة بأن القرار صدر لتأمين احتكار التوريد في يد تاجر أو اثنين، موضحًا أن 13 موردًا مسجلين لدى وزارة الاقتصاد.

وكانت الإذاعة العبرية العامة كشفت أن إسرائيل ستبدأ هذا الأسبوع بتطبيق عقوبات اقتصادية على السلطة من بينها منع تصدير زيت الزيتون، ردًا على قرار وقف استيراد العجول من إسرائيل، خاصة بعد أن احتجَّ مزارعون إسرائيليون عليه مؤكدين أنه يُلحق بهم أضرارًا جسيمة.

وأشارت الإذاعة إلى أن مدير المخابرات ماجد فرج ورئيس هيئة الشؤون المدنية حسين الشيخ طلبا من الرئيس محمود عباس إلغاء القرار، لكن رئيس الوزراء محمد اشتية هدّد بالاستقالة إذا حدث ذلك. إلا أن هذه المعلومات لم تُعلق عليها بالنفي أو التأكيد أي جهات رسمية في السلطة.


اقرأ/ي أيضًا:

مستوطنون بالضفة: لا نستطيع تسويق العجول

"المنسق" يُنذر السلطة: عليكم السماح باستيراد عجولنا