21-سبتمبر-2022
جامعة بيرزيت

دخلت الأزمة في جامعة بيرزيت منعطفًا خطيرًا بإعلان الهيئة الإدارية في نقابة الأساتذة والموظفين الإضراب عن الطعام، والشروع باعتصام مفتوح داخل الحرم الجامعي، متهمين إدارة الجامعة بالتخطيط للانقضاض على حقوق العاملين، وإنهاء أي وسيلة نقابية فاعلة، وهو ما نفته إدارة الجامعة في حديثها لـ الترا فلسطين، مؤكدة أنها ملتزمة بتطبيق اتفاق جامعة الخليل في عام 2016.

أوضحت لينا ميعاري، أن إدارة الجامعة بدلاً من الاستجابة لمطالب النقابة أعلنت عن دفع 50% من رواتب العاملين بحجج مالية، متهمة إدارة الجامعة ومجلس الأمناء "بإطالة أمد الأزمة، والمراهنة على كسر إرادة العمل النقابي"

وقالت رئيسة النقابة لينا ميعاري لـ الترا فلسطين، إن النقابة تقدمت بمطالبها لإدارة الجامعة قبل عام كامل، وفي يوم 21 حزيران/يونيو الماضي أعلنت النقابة عن نزاع عمل مع إدارة الجامعة، ثم أعلنت إضرابًا مفتوحًا وتعليق الدوام يوم 27 آب/أغسطس الماضي، وصولاً إلى الإضراب عن الطعام والاعتصام المفتوح، مضيفة أن الوصول لهذه المرحلة سببه عدم استجابة إدارة الجامعة لمطالبهم "الحقوقية الواضحة خلال عام من الحوار" وفق قولها.

وأوضحت، أن إدارة الجامعة بدلاً من الاستجابة لمطالب النقابة أعلنت عن دفع 50% من رواتب العاملين بحجج مالية، متهمة إدارة الجامعة ومجلس الأمناء "بإطالة أمد الأزمة، والمراهنة على كسر إرادة العمل النقابي، وكسر التفاف الناس حول العمل النقابي، والعمل لضرب العمل النقابي، ومعاقبة من يلتزم بالعمل النقابي ويطالب بحقوقه".

وأعلنت النقابة مبادرة تتضمن اعتراف الجامعة بحقوقهم، ثم الجلوس والحوار فورًا، وتعليق كل الإجراءات النقابية والتفاهم على التطبيق، "لكن إدارة الجامعة لا تزال متعنتة" وفقًا لميعاري.

وعلم الترا فلسطين من مصدر خاص أن إدارة الجامعة تشترط قبل الموافقة على المطالب، أن توقع النقابة على تعهد بعدم تنفيذ أي إضراب وتعليق للدوام طوال السنوات الخمسة القادمة.

علم الترا فلسطين من مصدر خاص أن إدارة الجامعة تشترط قبل الموافقة على المطالب، أن توقع النقابة على تعهد بعدم تنفيذ أي إضراب وتعليق للدوام طوال السنوات الخمسة القادمة

وعلقت ميعاري بأن الجامعة "تريد منع أي وسائل فاعلة، لأن هناك مخططًا أكبر على الحقوق وإعادة هيكلة الجامعة بالتخلص من موظفين، ولذلك تريد أن تستبق الأمر وتضرب أي عمل نقابي قادر على الوقوف أمام هذا الانقضاض على الحقوق وما هو آت مستقبلاً".

في المقابل، يقول  نائب رئيس جامعة بيرزيت لشؤون التنمية والاتصال غسان الخطيب إن إدارة الجامعة فوجئت بالإضراب المفتوح، "لأن العام المنتهي شهد أجواء حوار إيجابية مكنت من معالجة 14 قضية من أصل 17 قضية نقابية أثارتها النقابة في جلسات الحوار أو المراسلات أو البيانات".

وأضاف الخطيب، أن إغلاق الجامعة "غير قانوني وألحق بالغ الأذى بالجامعة وطلبتها من نواحي أكاديمية ومالية، حيث أعاق التوقيت إنهاء الطلبة المستمرين للفصل الصيفي، وبالتالي تأخر تسجيلهم للعام الأكاديمي الجديد وعودتهم لمقاعد الدراسة وفق التقويم الأكاديمي المعلن، كما أعاق أيضًا استكمال التسجيل للطلبة الجدد، ما أدى لأضرار أكاديمية ومالية فادحة بالجامعة وطلابها".

أفاد غسان الخطيب أن جوهر الأزمة يتمثل أولاً في تغليب منهج استسهال استخدام أسلوب إغلاق الجامعة وتعطيل التدريس، وتراجع احترام الأنظمة والقوانين

وأفاد أن جوهر الأزمة الحالية يتمثل في أمرين: الأول تغليب منهج استسهال استخدام أسلوب إغلاق الجامعة وتعطيل التدريس والعمل فيها دون أسباب موجبة وفي أوقات حساسة، حيث بلغت أيام التعطيل خلال هذا العام الأكاديمي الأخير 66 يومًا حتى الآن. بينما السبب الثاني، وفقًا للخطيب، يتمثل بتراجع احترام الأنظمة والقوانين، "فمن ناحية، لم تحترم النقابة متطلبات الإضراب القانونية المنصوص عليها في قانون العمل، ومن ناحية أخرى، نقضت الهيئة الإدارية للنقابة الاتفاق الذي وقعته مع الإدارة بتاريخ 7 آذار/مارس 2022".

وقال الخطيب: "لقد أضر هذا المنهج بمصداقية العمل النقابي وهيبته واحترامه، تلك المصداقية التي بنيت خلال عقود من العمل النقابي المسؤول، الذي كان يوازن بين العمل على تحقيق مطالب ومصالح الأساتذة والموظفين من ناحية، والمحافظة على مكانة الجامعة وأنظمتها وقوانينها من ناحية أخرى".

وأضاف، أن جامعة بيرزيت ترى أنها بذلك "تدفع ثمن إساءة فهم واستخدام طابعها الديمقراطي والليبرالي الراسخ، الذي تعتد به ومصممة على المحافظة عليه مهما كلف الثمن، وتؤكد هنا، أن سياج الحرية والديمقراطية هو احترام القانون، لأن تراجع احترام القانون والنظام، يفقد الجامعة طابعها المؤسسي الذي تعتبره مصدر قوتها وفخرها واعتزازها".

وتطالب نقابة العاملين في جامعة بيرزيت بتطبيق اتفاق الكادر للعام 2016 (اتفاق الخليل) بإضافة نسبة الـ 15% على الراتب الأساسي، وتقول إن إدارة الجامعة تصر على إبقائها كمبلغ مقطوع، الأمر الذي يحرم العاملين من الحقوق المترتبة على الاتفاق بما فيها تلك المرتبطة بزيادة الراتب التقاعدي، وصندوق التوفير للعاملين، ونسبة غلاء المعيشة.

يقول غسان الخطيب إن جامعة بيرزيت تطبق اتفاق جامعة الخليل كما تطبقه بقية الجامعات، وهو ما تنفيه لينا ميعاري مؤكدة أن نسبة 15% تُدفع كمبلغ مقطوع وليس ضمن الراتب الأساسي

كما تطالب النقابة بالتزام الجامعة وتطبيق التوافقات التي تتعلق بالتأمين الصحي للعاملين، وتحويل فرق سعر الدينار المقتطع من مساهمة الموظفين للتأمين الصحي، الأمر الذي يحول دون الحفاظ عليه وتطويره واستدامته كتأمين صحي تكافلي يدار من خلال لجنة تأمين صحي في الجامعة.

وتطالب أيضًا بعدم المس بالأمن الوظيفي للموظفين من خلال عقود مجحفة تلتف على قانون العمل للتخلص من موظفين يعملون في الجامعة لسنوات طويلة بدوام كامل.

ومن مطالب النقابة الاستجابة للمطالب التي تتعلق بالقضايا الأكاديمية، التي تضمنتها مراسلات عديدة خلال العام والأعوام الفائتة، بما فيها الأعداد المتزايدة للطلبة في الشعب بخلاف توصيات مجالس الدوائر، والبدل المنصف للعمل الإضافي للأكاديميين المتفرغين وغير المتفرغين، وتطوير البيئة التعليمية وتجهيز الغرف الصفية ومكاتب العاملين.

وتعليقًا على هذه المطالب يقول الخطيب إن "اتفاق جامعة الخليل لعام 2016 الذي يشكل المطلب الرئيسي لنزاع العمل الذي أعلنته النقابة، يجري احترامه وتطبيقه في جامعتنا وفقًا لاتفاق موقع بين إدارة الجامعة والهيئة الإدارية لنقابة الأساتذة والموظفين منذ العام 2016، بنفس الطريقة التي يجري فيها تنفيذه في باقي الجامعات الشريكة".

يقول غسان الخطيب إن إدارة الجامعة أبلغت النقابة خطيًا عن طريق وزارة العمل، وشفويًا -في الاجتماع الذي استضافته وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بتاريخ 7 أيلول/سبتمبر الحالي- بموافقتها عليها وقابليتها للتنفيذ فور استئناف الدوام

وأضاف: "أما باقي المطالب النقابية المطروحة في نزاع العمل الذي أعلنته النقابة، فقد كانت إدارة الجامعة قد أبلغت النقابة خطيًا عن طريق وزارة العمل، وشفويًا -في الاجتماع الذي استضافته وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بتاريخ 7 أيلول/سبتمبر الحالي- بموافقتها عليها وقابليتها للتنفيذ فور استئناف الدوام."

وأوضح الخطيب، أنه بناء على طلب إدارة الجامعة، وافقت وزارة العمل على إحالة نزاع العمل إلى مندوب التوفيق لممارسة صلاحياتها للوساطة وفق قانون العمل، وعليه خاطبت النقابة في رسالة بتاريخ 12 أيلول/سبتمبر الحالي طالبت فيها الطرفين بوقف أي تصعيدات، ووقف الإضراب تمهيدًا لرعاية الوزارة للحوار، إلا أن النقابة لم تستجب لذلك وأعلنت في رسالة بتاريخ 14 أيلول/سبتمبر استمرار الاضراب المفتوح".

وأشار إلى أن مجلس الجامعة قدم بتاريخ 12 أيلول/سبتمبر مبادرة دعا فيها لإنهاء الأزمة على أساس المباشرة في حوار ماراثوني لمناقشة كافة القضايا والمطالب المطروحة في إعلان نزاع العمل بتاريخ 21 حزيران/يونيو، بما فيها مطلب الـ 15% في إطار الكادر الموحد بدون شروط مسبقة، "وذلك في ظل جامعة مفتوحة ودوام منتظم في إطار زمني محدد" وفقًا للخطيب.

لكن لينا ميعاري تنفي، في المقابل، أقوال الخطيب بأن الجامعة تطبق اتفاق الخليل، مبينة أن جامعة البولتكنك تطبق الاتفاق بحذافيره بإدخال نسبة 15% على الراتب الأساسي، بينما جامعة بيرزيت تدفع هذه النسبة بشكل منفصل عن الراتب الأساسي.

أفادت لينا ميعاري أن القضايا الـ14 التي تم التوافق حولها في حوارات العام الدراسي الماضي كانت "عادية ويجب أن لا تكون مطالبات نقابية"، في حين أن القضايا المركزية التي هي جزءٌ من النزاع الحالي لم يتم حلها

وأفادت ميعاري أن القضايا الـ14 التي تم التوافق حولها في حوارات العام الدراسي الماضي كانت "عادية ويجب أن لا تكون مطالبات نقابية"، في حين أن القضايا المركزية التي هي جزءٌ من النزاع الحالي لم يتم حلها.

وأضافت، أن إدارة الجامعة "لم تعترف بالحقوق التي تطالب بها النقابة"، بل دعت للعودة إلى الحوار حول ذات القضايا التي تم التحاور حولها، مشددة أن النقابة تستشير فريقًا من المحامين قبل اتخاذ أي خطوة.

ويخوض ثمانية موظفين من أعضاء الهيئة الإدارية لنقابة العاملين إضرابًا عن الطعام، "وقد تعرضت إحدى الزميلات اليوم لحالة تعب، إلا أن المعنويات عالية والوضع جيد" وفقًا لميعاري.