30-نوفمبر-2017

"لقد امتلك تأثيراً هائلاً، وكان ضالعاً في كثير من الأحداث في إسرائيل، رغم أنه لم يسكن فيها، ولم يمتلك حزباً سياسياً". هذه الحقيقة كانت جزءاً مما ورد في كتاب إسرائيلي صدر مؤخراً، كشف في 476 صفحة عن أسرار الدور الذي قام به الحاخام ملوفافيتش في صناعة القرار في إسرائيل، على المستويين السياسي والعسكري، رغم أنه كان يسكن في نيويورك، ولا يملك حزباً سياسياً، بل اعتمد على حركة "حباد" العالمية التي يقودها، وتملك فروعاً في إسرائيل.

والاسم الحقيقي للحاخام هو مناحيم منديل شنياورسون، إلا أنه كان يحمل لقب "حاخام ملوفافيتش" بصفته قائد حركة "حباد" اليهودية الحريدية التي أسسها شنياءور زلمان  فى روسيا البيضاء، فى قرية لوبافيتش أواخر القرن الثامن عشر. لاحقاً، انتقلت قيادة "حباد" إلى الولايات المتحدة للإقامة في نيويورك، ويقدر أتباعها بـ130 ألف شخص، منهم 30 ألف شخص يسكنون في حي بروكلين في نيوريورك ، بينما ينتشر 100 ألف فى أنحاء العالم.

كتاب إسرائيلي يكشف عن "تأثير هائل" لحاخام يهودي في صناعة القرارات داخل المستويين السياسي والعسكري في إسرائيل، رغم أنه كان يسكن في نيويورك

وتبلغ ميزانية المنظمة نحو 100 مليون دولار، وهي بذلك من أغنى المنظمات اليهودية فى العالم، ولها نفوذ كبير فى التيار الدينىي، خاصة فى إسرائيل والولايات المتحدة، واسمها "حباد" مشتق من الأحرف الأولى لثلاث كلمات عبرية: "حوخماه وبيناه وداعت"، وتعني الحكمة والفهم والمعرفة.

اقرأ/ي أيضاً: فيديو | تعليمات رابين: اكسروا عظام الفلسطينيين

أحد المشاركين في تأليف كتاب "لحظة الحقيقة" الذي كشف أسرار دور الحاخام، قال إن كافة رؤساء حكومات الاحتلال الإسرائيلي زاروا الحاخام، وكذلك فعل وزراء الأمن، كما أنه لا يوجد ضابط رفيع في جيش الاحتلال لم يستشره.

ويعرض الكتاب مراسلات أثناء حرب حزيران؛ طلب فيها اللواء أهارون يريف رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان"، المشورة من الحاخام ملوفافيتش حول عمليات محددة، وحول ما يتوجب فعله "خلف خطوط العدو".

ويكشف الكتاب، أن رئيس حكومة الاحتلال مناحيم بغين، استهل زيارته الأولى إلى واشنطن بعد انتخابه بالاجتماع مع الحاخام، وأن رؤساء الوزراء إسحاق رابين وشمعون بيريز وإسحاق شامير، عقدوا مع  الحاخام إياه حوارات معمقة حول قضاية استراتيجية وأمنية، وأن أرائيل شارون أعرب عن استغرابه من التحليل العميق للحاخام في الشوؤن العسكرية، مثل خط بارليف، وتهديد الصواريخ الروسية في مصر.

كما تضمن الكتاب وثائق كشفت أن الحاخام تواصل مع رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية "أمان" أهارون يريف، عبر رسائل مشفرة، ناقش معه فيها عمليات سرية للجيش، والجهود الاستخبارية الإسرائيلية المتعلقة بالعلاقات مع المتمردين الأكراد في العراق.

وأدار الحاخام، من مقر إقامته في نيويورك، اتصالات مع القادة الإسرائيليين على المستويات السياسية والعسكرية والاستخبارية، وكان مطلعاً على النقاشات السرية، كما قدم إجابات لـ"التساؤلات الوجودية التي تواجه إسرائيل".

ويكشف الكتاب أيضاً عن علاقات عميقة ربطت الحاخام ملوفافيتش برئيس حكومة الاحتلال الحالي نتنياهو، ورئيس جهاز "الشاباك" الأسبق يعقوب بيري، والسكرتير الأسبق لحكومة الاحتلال إلياكيم روبنشتاين، ويوسي تشخنوفر رئيس بعثة وزارة جيش الاحتلال في الولايات المتحدة الأمريكية.

كان للحاخام ملوفافيتش علاقات وثيقة مع نتنياهو الذي يقتبس أقواله في خطاباته، ورجال الحاخام شاركوا في تمويل حملة الأخير نتنياهو خلال التسعينات

ويقول بيري، في مقابلة أجراها معه مؤلفو الكتاب، "بعد أن عينت لشغل منصب رئيس الشاباك زرت نيويورك، لم يكن اسمي معلناً، لكن جاء إلي رجال الحاخام ملوفافيتش وقالوا لي نحن نعلم انه تم تعينك رئيسا للشاباك، ونعرف هويتك وتعال لزيارة الحاخام، وخلال نقاشي مع الحاخام تنبأ لي بما سوف يحدث فيما يتعلق بنمو قوة الإرهاب الإسلامي" وفق وصفه.

اقرأ/ي أيضاً: لماذا أنشأت إسرائيل تلفزيونها؟

وفي العام 1970، طلب ملوفافيتش من شارون عدم ترك الجيش، إذ كان الأخير قد قرر ذلك حينها، كما أشار على الرئيس زلمان شاراز بعدم الترشح لفترة رئاسية ثالثة.

ويتضمن الكتاب مقابلة مع نتنياهو، يتحدث فيها عن التأثير الجوهري للقاءاته مع الحاخام ملوفافتيش في تحديد مواقفه السياسية، وأن أحاديثه مع الحاخام ترافقه حتى الآن، بل إن أحد مؤلفي الكتاب أشار إلى أن نتنياهو يقتبس مقولات الحاخام في خطابته، تحديداً خطاباته أمام الهيئة العامة للأمم المتحدة.

ويكشف الكتاب أيضاً عن أن الحاخام طلب من أنصاره من قادة الأحزاب الحريدية العمل من أجل منع بيريز من تشكيل ائتلاف حكومي، لأنه لم يكن يثق به، ما فتح الطريق أمام اسحاق شامير لتشكيل الحكومة، وقد كان الأخير محل ثقة الحاخام.

توفي الحاخام ملوفافيتش عام 1994، لكن تأثيره ظل مستمراً بعد وفاته، بحسب أحد مؤلفي الكتاب، إذ حدد أنصاره نتائج الانتخابات العامة في إسرائيل عام 1996، عندما تجندت حركة "حباد" لصالح نتنياهو، تحت شعار "نتنياهو جيد لليهود"، هذا إضافة إلى مشاركة الحركة في تمويل الحملة الدعائية لنتنياهو، في آخر أسبوعين منها خلال تسعينات القرن المنصرم.


اقرأ/ي أيضاً: 

زئيفي.. صياد الفلسطينيين بالمروحية ومغتصب المجندات

أسرار المخابرات الإسرائيلية في كتاب.. ماذا جاء فيه؟

كيف تجسس الإسرائيليون علينا في المقاهي؟