انتشرت صور لعدد من المعتقلين الفلسطينيين في سوريا الذين كانوا في عداد المفقودين لسنوات طويلة، وذلك مع سقوط النظام السوري، ووصول فصائل المعارضة إلى السجون وتحرير من فيها.
ولعدة سنوات ظلّ مصيرهم في معتقلات النظام السوري مجهولًا، ولم تتمكن عائلاتهم من الوصول إلى أي معلومة تؤكد إن "كانوا على قيد الحياة أو أموات، أو في أيّ سجن يقبعون".
3 معتقلين فلسطينيين من محافظة جنين شمال الضفة الغربية، تحرروا بالأمس من سجني صيدنايا وعدرا في الساعات الأولى لسقوط النظام
وخلال سعي العائلات لمعرفة مصيرهم، فقد وقعوا ضحية ابتزاز لمحامين موالين أو ضباط في الجيش السوري، طلبوا منهم آلاف الدولارات لقاء معلومات تكشف مصيرهم.
3 معتقلين فلسطينيين من محافظة جنين شمال الضفة الغربية، تحرروا بالأمس من سجني صيدنايا وعدرا في الساعات الأولى لسقوط النظام، وتمكنوا من التواصل مع عائلاتهم في قرى وبلدات جنين لأول مرة وهم خارج المعتقل.
ضابط سوري ابتز عائلة معتقل من اليامون
ويروي وليد فريحات من بلدة اليامون بمحافظة جنين، إن والده إبراهيم فريحات، 70 عامًا، كان يعمل سائق مركبة أجرة بين عمان ودمشق، وعندما بدأت أحداث الثورة السورية عام 2011 اختفى بشكل مفاجئ ولم ترد إليهم أيّ معلومات عنه، وحينما استفسروا لدى الركاب ومكتب التاكسي لديهم في عمان وسوريا ولكن دون جدوى.
في تلك الفترة كانت الناس تختفي فجأة، ولم تتمكن العائلات من الوصول إلى أي معلومات عنها، بحسب ما يروي وليد، ما اضطرهم للتوجه إلى الحكومات الأردنية والسورية، ولكن دون جدوى.
يتابع فريحات في حوار مع "الترا فلسطين"، أن عدة أشخاص من سوريا تواصلوا معهم من وطلبوا أموال تتراوح من 200 دولار إلى ألف دولار لجمع معلومات عن والدهم، ثم تواصل معهم ضابط سوري في عام 2016 ودفعوا له في البداية 300 دولار وأحضر معلومات ورسالة منه، وأكد أنه على قيد الحياة.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحدث، حيث تواصل معهم الضابط مجددًا، وطلب مبالغ أكبر من أجل المساعدة في معلومات أكثر أو نقله من سجن إلى آخر، لكنهم رفضوا، حتى تواصل معهم الوالد مجددًا عبر الصليب الأحمر، مؤكدًا لهم أنه في سجن صيدنايا.
بعد تلك الفترة، أصبح يتواصل معهم والدهم عبر الاتصال من هاتف السجن، وكان يرفض إعطاء أيّ تفاصيل عن وضعه، وفقط يقول "الحمد لله أنا بخير والله يديم بشار".
تجدد الأمل لدى عائلة فريحات مع تقدم الثوار حتى تمكنوا من تحرير المعتقلين في سجن صيدنايا
وأردف وليد، أنهم كانوا يرسلون إليه شهريًا 120 دينارًا من عمان إلى سوريا؛ ولأنه مسجون بدون تهمة أو محاكمة كان من الأصل أن يفرج عنه قبل عامين وظلّ ينتظر الفرج حتى يوم أمس.
أما عن اللحظات الأولى للإفراج عنه، يقول وليد، إنهم مع تطور الأحداث قبل أسبوع تجدد لديهم الأمل، حتى تمكّن الثوار من فتح سجن صيدنايا بالأمس وخرج من المعتقل، ثم أخذه أصدقاء له من أيام الاعتقال إلى درعا وتحدث مكالمة فيديو مع أعمامه في عمان، وتجري العائلة الآن ترتيبات لنقله عبر الحدود إلى الأردن.
لمدة 20 عامًا بقي مصيره مجهولًا
اعتقل بشار علي يحيى، 60 عامًا، من قرية العرقة في جنين عام 1985 عند دخوله سوريا، وظلّ معتقلًا حتى يوم أمس. ويروي شقيقه مهند يحيى لحظات الإفراج عنه قائلًا، إنه تحرر من سجن عدرا المركزي في دمشق فجر الأحد مع سقوط النظام، وكان لديه معارف في سوريا من السجناء، وبعد تحرره تمكّن من الوصول إليهم ومن هناك اتصل على شقيقه الموجود في الأردن.
وأضاف "طلع الساعة الثالثة الفجر، توجه إلى دوما في سوريا وبعدها انتقل إلى دمشق، ومن ثم توجه إلى درعا حتى يتمكن من الوصول إلى الأردن، وحاليًا هو في درعا بانتظار تسهيل وصوله إلى الأردن، وحتى الآن لم يتحدث عن أيً تفاصيل وما يزال يبدو خائفًا ومرتبكًا".
أما عن اعتقاله، يروي يحيى لـ "الترا فلسطين"، أنه توجه في عام 1985 عندما كان بعمر 20 عامًا إلى سوريا بصورة غير شرعية أي تهريب، وهناك جرى اعتقاله من قبل النظام السوري وزج في السجن.
ولمدة 20 عامًا، لم ترد إلى عائلته أيّ معلومة حول مصيره، وفقط كانت تعلم باعتقاله لدى النظام. وبعد تواصل مع عدة جهات تمكّنت العائلة في عام 2005 من معرفة أنه في سجن صيدنايا، واستطاعت عبر واسطة أن تزوره بعد ذلك التاريخ عدة مرات، وفق رواية شقيقه.
يقول يحيى، إن والده توفي قبل أن يعرف أي شيء عن بشار، أما أمه فقد توفيت هي الأخرى بعدما تمكّنت من زيارته، لكنها ظلّت تترقب لحظة الإفراج عنه.
ويتابع مهند يحيى، أنه في آخر فترة نُقل شقيقه إلى سجن عدرا المركزي، وكان يتواصل معهم عبر الهاتف مرة واحدة في الشهر.
وحول تفاصيل ترتيبات نقله إلى الأردن أو فلسطين، وقال مهند، إنهم تواصلوا مع السفارة الفلسطينية في سوريا، وطلبوا منا أن يتوجه إليهم وبأنهم سيقومون بإعداد جواز سفر مؤقت له من أجل تسهيل وصوله إلى الأردن.
فلسطيني اتهمته مخابرات النظام بالتجسس على مواقع إيرانية
ركان محمود، 38 عامًا، من بلدة صانور قضاء جنين، متزوج ولديه 3 أولاد، وكان يعمل في داخل الخط الأخضر، وبين الفينة والأخرى يسافر إلى بلد جديد كنوع من السياحة، حتى اعتقل في سجون النظام السوري في حزيران/يونيو العام الماضي.
يقول شقيقه رشيد محمود، "كنا نتابع ونترقب هذه الدقيقة للإفراج عنه من سجون النظام السوري، وكنا نتابع الأخبار أولًا بأول منذ أسبوع، مع اقتحام الثوار للسجون بشكل متتالي، وننظر بفارغ الصبر وصولهم إلى سجن العدرا الذي يوجد فيه".
وأضاف شقيقه في حوار مع "الترا فلسطين"، أنه بعد وصول الثوار إلى سجن عدرا المركزي في العاصمة دمشق، تحرر من المعتقل عند الساعة 4 فجرًا، وتوجه مع أحد المعتقلين المفرج عنهم إلى منزله في دمشق، ومن هناك تواصل معهم صورة وصوت.
وبيّن أن شقيقه محمد توجه إلى الأردن كي يستقبله، فهو لا يملك ولا أيّ ورقة واحدة ثبوتية، وتترقب العائلة لحظة تمكّنه من الوصول إلى الأردن.
أما عن تفاصيل اعتقاله، يقول رشيد، إن ركان كان يعمل في الأراضي المحتلة عام 1948، وكان يحب السفر للسياحة، حيث سبق وسافر إلى شرم الشيخ ولبنان والأردن وسوريا، وفي المرة الثانية عندما توجه مجددًّا إلى سوريا في 26 حزيران/يونيو 2023، داهمت المخابرات الجوية الفندق الذي يوجد فيه، وتبين لهم بأن معه هوية ممغنطة وشريحة إسرائيلية وجواز سفر فلسطيني وآخر أردني وهذا أمر طبيعي لشخص يعمل في الداخل.
وأضاف "جرى التحقيق معه بتهمة التجسس على مواقع لحزب الله وإيران، وهو أمر لا يوجد له أي حقيقة، وثبت لاحقًا بأنه بريء".
ولمدة 3 أشهر انقطع الاتصال بين ركان وعائلته ولم تعرف عنه أي معلومة، حتى تبين لهم بأنه معتقل وتحت التعذيب في سجن فرع فلسطين لدى مخابرات النظام السوري.
وثقت مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا، اعتقال 3085 فلسطينيًا في سجون النظام السوري من عام 2011، بينهم 127 امرأة و45 طفلًا، وغالبية المعتقلين جرى اعتقالهم بين عامي 2011 و2014
وتابع شقيقه "كان في البداية في سجن فرع فلسطين 235 التابع للمخابرات، ومن ثم نُقل إلى سجن العدرا واستمر فيه لمدة شهر، وتمكن شقيقي في ذلك الوقت من زيارته في هذا السجن، ومن ثم نُقل مجددًا إلى فرع فلسطين ولمدة عام كامل".
ووفق شهادة شقيق ركان، فقد وقعت العائلة فريسة للجشع والنصب من المحامين والوسطاء من الأردن وسوريا بنحو ربع مليون شيقل على وعودات للإفراج عنه أو ترتيب أيّ زيارة أو نقله من سجن إلى آخر.
بدوره، أكد منسّق مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا محمود زغموت، لـ "الترا فلسطين"، الإفراج عن عشرات المعتقلين الفلسطينيين من سجون النظام السوري، غالبيتهم من اللاجئين الفلسطينيين، بعد سقوط النظام السوري وفرار رئيسه بشار الأسد.
ووثقت مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا، اعتقال 3085 فلسطينيًا في سجون النظام السوري من عام 2011، بينهم 127 امرأة و45 طفلًا، وغالبية المعتقلين جرى اعتقالهم بين عامي 2011 و2014.