28-ديسمبر-2019

تُقلب غدير الكالوتي، زوجة الأسير حمزة الكالوتي من القدس صورًا التُقطت لها مع زوجها خلال اعتقاله وتُحاول الثبات، لكنّ عيونها امتلأت بالدموع خلال تأملها صورًا وذكريات هي بمثابة دواء يصبّر روحها على غيابه وبعده عنها.

الأسير حمزة الكالوتي (49 سنة) اعتقل بعد خمس سنواتٍ من زواجه بغدير، وحكم عليه بالسجن المؤبد ستَّ مرات بتهمة الانتماء لكتائب القسام ومسؤوليته عن تنفيذ هجماتٍ ضد أهداف إسرائيلية أوقعت قتلى وجرحى بين الجنود والمستوطنين.

الأسير حمزة الكالوتي من القدس أتمَّ تعليمه الثانوي والعالي في السجون، وصار الآن مشرفًا على تعليم الأسرى في كافة المراحل الدراسية

19 سنة مضت على اعتقال حمزة، ومازالت غدير تزداد تعلقًا به، تزوره وتهاتفه وتعيش حبها عن بعدٍ والأمل يسكن قلبها بأنّ حريته قريبة، ولذلك قررت مساعدته في إتمام دراسته حيث لم يكن قد أنهى دراسته الثانوية قبل اعتقاله.

تقول غدير: ”زوجي بحب الصحافة وكان نفسه يتعلم، تعلم وحقق حلمه وأنا ساعدته برسالة الماجستير والدكتوراه، قدر يطلعهم من السجن وأنا طبعتهم وسلّمتهم".

حاز الكالوتي على شهادة الثانوية العامة داخل السجن وأكمل الدبلوم ودراسته الجامعية فحاز على درجة البكالوريوس في الإعلام، ثم الماجستير والدكتوراة في الإعلام أيضًا من الجامعة الأمريكية العالمية، إضافة إلى البكالورويس في التاريخ من جامعة الأقصى.

وخلال اعتقاله أُصيب الكالوتي بـ"الفتاق" لـ6 سنواتٍ دون أن يحصل على علاج، فلجأ للإضراب عن الطعام حتى أُجريت له عملية جراحية. يُعاني الكالوتي أيضًا من أمراض الضغط والالتهاب الحاد في المفاصل وحساسية الربيع التي تطورت إلى أزمة دائمة.

والكالوتي الآن مشرفٌ على تعليم عشرات الأسرى داخل السجون في كافة المراحل الدراسية.

علي دعنا، أسيرٌ آخر من القدس أتمَّ دراسته العليا في سجون الاحتلال رغم أنه يعاني مرضًا مجهولاً لم يشخصه الأطباء حتى اليوم ويتسبب له بآلام شديدة، حيث حصل خلف القضبان على درجة البكالوريوس في العلم السياسية والماجستير المهني في إدارة الأعمال، كما حصل على شهادات موثقة بدورات مختلفة داخل السجون.

الأسير علي دعنا من القدس أتمَّ دراسته العليا في سجون الاحتلال رغم أنه يعاني مرضًا مجهولاً لم يشخصه الأطباء حتى اليوم ويتسبب له بآلام شديدة

تقول والدة علي: "ابني من 6 سنين مريض ما بنعرف مرضه، ما بقي دكتور بالسجن ما شافه، وضعه صعب في عنده اشي بالمعدة ومرَّت السنين ولسا مش عارفين شو مرضه".

هذا الاعتقال ليس الأول لدعنا في حياته، بل إن تكرر اعتقاله حال دون إتمامه دراسته حتى اعتقاله الحالي في عام 2003 عندما اعتُقل من منزله في حي رأس العامود، حيث حُكم عليه بالسجن 20 سنة لاتهامه بالمساعدة في تنفيذ عملية في مدينة يافا أدت لمقتل مستوطن وإصابة آخر.

اقرأ/ي أيضًا: مقالب الأسرى: نعبر عن إنسانيتنا

وكان علي أصيب قبل سنوات بأوجاع في منطقة البطن وخروج دماء ومخاط في البراز، لكن إدارة سجون الاحتلال امتنعت عن علاجه، ثم بعد انتزاعه قرارًا بإدخال طبيب فلسطيني لمعاينته، فوجئ بنقله إلى سجن آخر لعرقلة تنفيذ القرار.

توجهت عائلة دعنا إلى مؤسسة يوسف الصديق لرعاية الأسير فتمكنت من لقائه ومعاينته، لكن إدارة سجون الاحتلال لم تقدم العلاج الذي وصفه طبيب المؤسسة. إضافة لذلك، يعاني دعنا انزلاقًا في العامود الفقري وآلامًا في الغضروف وشقيقة في الرأس، لكن كل هذه الظروف لم توقف حياته العلمية.

ولا يقتصر تعليم الأسرى على إتمام الدراسة الثانوية والجامعية والدراسات العليا، فهم يتلقون دورات توعوية وثقيفية وعلمية وسياسية داخل سجون الاحتلال من خلال مؤسسات فلسطينية وعربية.

وكان حق التعليم في السابق متاحًا عبر الجامعة العبرية المفتوحة بشروط معينة، لكن بعد أسر الجندي جلعاد شاليط في غزة عام 2006، أصدرت سلطات الاحتلال قرارًا بحرمان الأسرى من التعلم في الجامعات الإسرائيلية. ومايزال حق التعليم ورقة ضغط تستخدمها إدارة سجون الاحتلال في صراعها مع الأسرى.

يُبين رئيس لجنة أهالي أسرى القدس أمجد أبو عصب، أن الأسرى يبتكرون دائمًا وسائل وطرقًا للتعلم داخل السجون، حيث يوجد داخل كل قسم لجنة علمية مسؤولة عن تعليم الاسرى، وهذه اللجنة تتكون من ثلاثة أسرى أو أربعة حاصلين على شهاداتٍ عليا، ومهمتها الإشراف على شؤون التعليم والتواصل مع الجامعات الفلسطينية لتقديم امتحانات الأسرى وإلقاء المحاضرات.

لجنة من ثلاثة أسرى حاصلين على شهادات عليا تشرف على شؤون التعليم في السجون، وأهل الأسير حلقة وصل مع الجامعات

ويتابع الأسير تعليمه من خلال عائلته التي تزوده بمعلومات ومراجع أثناء الزيارات، بينما يُرسل الأسرى الأبحاث إلى الأهل من خلال الأسرى الذين ينهون أحكامهم فينقلونها بعد الإفراج عنهم لعائلات الأسرى لتسليمها إلى الجامعة، أو من خلال المحامين.

ويُضيف أبو عصب، "اليوم التعليم شيء أساسي للأسرى، فمثلاً في سجن هداريم يشرف الأسير مروان البرغوثي على عدد كبير من الأسرى الطلاب الذين حصلوا على شهادة الماجستير في العلوم السياسية والقانون الدولي".

ويتابع، "الاحتلال يتعمد دائمًا وضع عراقيل أمام الأسير وحجبه عن كل شيء إنساني وعلمي وحياتي، ولكن الأسير يخوض معركة التحدي ويشعر بطعم الانتصار والنّجاح من خلال إكمال علمه بالدراسات العليا، وهو بإمكانياته البسيطة وإرادته الكبيرة استطاع كسر ظلم السجان، فالأسير يحاول أنْ يستثمر وقته بصورة إيجابية من خلال وضع برنامج تعليمي وتثقيفي وترفيهي داخل السجون، سواء كان بالحصول على شهادات أو دورات، أو حتى تعلم القرآن الكريم وختم السند، وهو مايسجل إنجازًا كبيرًا للحركة الأسيرة الفلسطينية".

شهادات حصل عليها أسرى خلال اعتقالهم.


اقرأ/ي أيضًا: 

رياضات الأسرى: الأثقال من الملح وحبة بسكويت للفائز

أسيرة جديدة في السجن: هكذا تستقبلها الأسيرات

صور | هدايا الأسيرات: فيض حُب وأمل حرية