22-مايو-2023
Getty Images

صورة تعبيرية - getty

الترا فلسطين | فريق التحرير

كشف الائتلاف من أجل المساءلة والنزاهة - "أمان" عن حصوله على "نسخة" لمشروع قانون الحق في الحصول على المعلومات 2023 يتم تداولها حاليًا داخل أروقة مجلس الوزراء، تمهيدًا لإقرارها، "مُصممة لخدمة الحكومة"، وتجعل من القانون "أداة بيد الحكومة لمنع حرية التعبير"، خلافًا للنسخة التي جرى إعدادها على مدار سنوات.

أمان: النسخة الحالية المتداولة بخصوص مشروع قانون الحق في الحصول على المعلومات، "مُصممة لخدمة الحكومة" و"منع حرية التعبير" 

واتّهم "أمان" مجلس الوزراء بالمماطلة، والاستمرار في "إخفاء الحقائق" بعدم إدراج مشروع قانون "حق الوصول إلى المعلومات"، المُعدّ منذ سنوات من قبل منظمات المجتمع المدني وهيئة مكافحة الفساد، بموجب قرارٍ من الحكومة عام 2013.

وأوضح ائتلاف "أمان" في تقريره السنوي الخامس عشر "واقع النزاهة ومكافحة الفساد في فلسطين 2022"، أن الحكومة مستمرة في سياستها القائمة على إخفاء الحقائق التي تعرف أنّها مخالفة لأحكام القانون، أو القانون الأساسي، وتماطل في إنجاز القانون خوفًا من المساءلة المجتمعية.

وقال إن هذه المماطلة زادت من فجوة الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة والمسؤولين والعاملين فيها، وعززت امتناع الحكومة ومسؤولي المؤسسات العامة عن نشر الحقائق، أو تأخّرهم في تفسير بعض الأحداث، أو تقديم تفسيرات متضاربة بشأن العديد من القضايا التي شغلت الرأي العام خلال عام 2022، ومنها الامتيازات التي حصل عليها الوزراء إضافة إلى رواتبهم، أو تحويل أموال العمال الفلسطينيين داخل الخط الأخضر إلى البنوك، أو التطورات في ملف الغاز والاتفاقيات المتعلقة بمكبّ زهرة الفنجان، أو التعيينات في المراكز العليا، أو تشريعات مثل فرض شيقل إضافي على فواتير الاتصالات الثابتة والخلوية.

"مشروع قانون صُمِّم لخدمة الحكومة"

وأضاف "الائتلاف" في رسالة وجهها للصحفيين، وصلت "الترا فلسطين"، أنه من خلال مراجعة سريعة "يمكن لمس مستوى التراجع الكبير بين هذه المسودة وتلك التي تم التوصّل لإجماع حولها عام 2018 ما بين مؤسسات المجتمع المدني ومجلس الوزراء وهيئة مكافحة الفساد".

واعتبر أن القانون بنسخته الحالية "مُصمم لخدمة الحكومة"، لا سيما الأمانة العامة والأمين العام لمجلس الوزراء، وهو "أداة بيد الحكومة لمنع حرية التعبير".

وأشار إلى أن نقطة الخلاف الرئيسة كانت تتمثل في وجود جسم مستقل لإدارة وتنظيم الحصول على المعلومات العامة. وبيّن أن النسخة الحالية لمشروع القانون يفترض أن يتم تقوم على إنشاء هيئة أو جهة مختصة مستقلة ماليًا وإداريًا يرأسها شخص مشهود له بالأمانة والاستقلالية تراقب مدى التزام الحكومة بحق المواطنين في الحصول على المعلومات.

ائتلاف أمان: مسودة قانون الحق في الحصول على المعلومات بنسخته الحالية تعد إساءة لفلسطين 

وأوضح أن هذه النسخة من مسودة القانون أناطت بهذه المهمة لموظف دائرة في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، يتبع للأمين العام لمجلس الوزراء، على نحو يتعارض مع كافة النسخ السابقة التي كان هناك توافق مجتمعي ورسمي حولها، وخصوصًا من "هيئة مكافحة الفساد" و"ديوان الرقابة المالية والإدارية".

وأعرب عن أسفه لأن "مسودة القانون تعد إساءة لفلسطين"، فهي مخالفة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، والعهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية، خصوصًا وأنها تضمنت العديد من الاستثناءات التي تحدّ من الحق في حرية الرأي والتعبير، وتجعل من حجم المعلومات القاعدة العامة بينما الوصول للمعلومات الاستثناء.  

وشدد ائتلاف "أمان" على أنه لا يمكن إقرار قانون للحق بالحصول على المعلومات دون وجود نظام موحّد للسجلات العامة. ودعا لتوحيد الجهود لمنع إقرار هذه المسودة بشكلها الحالي، وقال إن مؤسسات المجتمع المدني ستقوم بإعداد مسودة موقف من أجل قانون يضمن للمواطنين كافة الحق في الوصول الى المعلومات العامة بسهولة ويُسر.

"خطوة للوراء"

من جانبه أكد المختص في الشأن القضائي ماجد العاروري في حديث لـ "الترا فلسطين" أن النسخة التي تسرّبت من اجتماعات مجلس الوزراء بشأن مسودة إقرار قانون الحق في الحصول على المعلومات يسجل عليها عدة نقاط، أولها أنها كانت تتم بسرية للغاية، ويبدو من الملاحظات التي تم تداولها بأن المجلس كان يرفض أن يشارك فيها المجتمع، ويتعامل معها بمنتهى السرية والشخصية مع الجهات التي عرضها عليهم للتداول في مقدمتهم الوزراء. 

ماجد العاروري: الحكومة تسير باتجاه تقنين حظر الحصول على المعلومات، وقد اختارت أن تستجيب لبعض التدابير الحامية للحقوق والحريات الالتزامات "من حيث الشكل، وأن تخرجها من مضمونها" 

وأوضح العاروري أن هذه النسخة تأتي استجابة من أجل إقرار التزامات قطعتها فلسطين على نفسها، لأجل إقرار بعض التدابير الحامية للحقوق والحريات، لذا اختارت الحكومة أن تستجيب لهذه الالتزامات "من حيث الشكل وأن تخرجها من مضمونها".

وتابع أن أي قراءة مبسّطة لهذا القرار بقانون من شأنها أن تكتشف بأن الحكومة تسير باتجاه تقنين حظر الحصول على المعلومات، مبينًا أن الغالبية الأكبر من هذه المواد صارت بهذا الاتجاه وليس لضمان الحق في الحصول على المعلومة.

الأخطر، من وجهة نظر المختص في الشأن القضائي ماجد العاروري أن مجلس الوزراء حاول أن يجعل المفوضية المسؤولة عن ضمان ممارسة حق الحصول على المعلومات، إدارة تابعة للأمانة العامة لمجلس الوزراء تتبع للأمين العام للمجلس، وليس مفوضيّة خاصة. وهو ما يعني إناطة المهمة بأحد الموظفين الحكوميين، وهذا فيه نوع من التسخيف لفكرة الحق في الحصول على المعلومات، ومحاولة إدخالها في جانب تعزيز النفوذ الشخصي لأشخاص على حساب آخرين في مؤسسة الحكم. 

العاروري: إقرار مثل هذا القانون لا يفي إطلاقًا بالحق في الحصول على المعلومات ولا يشكل خطوة إلى الأمام، بل سيكون عائقًا 

وشدد العاروري على أن القانون لا يأتي لمنح الحق للناس في الحصول على المعلومات الذي هو حق لهم، بل لتنظيم هذا الحق وتوفير آليات تسهّل على الناس ذلك، مبينًا أن كل من يحاول منع هذه المعلومات من الممكن أن يكون عرضة للملاحقة.

وأشار إلى أن وجهة نظر قطاعات واسعة من المهتمين بالحريات، يرون في المسودة المطروحة تراجعًا، وخطوة للوراء، ولا تمثل إطلاقًا استجابة من فلسطين بقدر ما هو إقرار لحظر تشريع قانون الحصول على المعلومات.