22-سبتمبر-2019

الترا فلسطين | فريق التحرير

كشفت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" عن "إجراءاتٍ غير قانونية" تخللت عملية اختطاف المواطن محمود رشاد الحملاوي ثم توقيفه في مركز الإصلاح والتأهيل في بيتونيا غرب رام الله، حتى وفاته بتاريخ 27 آذار/مارس 2019، وهو ما أوردته الهيئة في تقرير استقصائي حول هذه القضية نشرته اليوم.

وأوضحت الهيئة في تقريرها أن طبيبًا شارك بالنيابة عنها وعن العائلة في تشريح جثمان الحملاوي، وأنها استمعت إلى شهود عيان على حادثة اختطافه من بيته، وشهود كانوا معه في مركز إصلاح وتأهيل بيتونيا في الأيام التي سبقت وفاته، وفي لحظة وفاته، علاوة على سماع شهادة أطباء وممرضين وضباط في الشرطة على اطّلاع بهذه الحالة.

ديوان المظالم: ضابط في الأمن الوقائي وآخرون اختطفوا محمود الحملاوي واعتدوا عليه وسلموه للشرطة

وخلُص التقرير الاستقصائئ إلى عدة "إجراءات غير قانونية" في عملية اختطاف الحملاوي ثم توقيفه حتى وفاته، ويُمكن تلخيصها في النقاط التالية:

*  اختطاف الحملاوي والاعتداء عليه من قبل أشخاص تصرفوا خارج إطار القانون، ومن ضمنهم ضابط في جهاز الأمن الوقائي، الذي قال إن الضابط تصرف بصفته الشخصية والعائلية، ولم يكن مكلفًا من قبل الجهاز باعتقال المواطن.

* تسلم جهاز الشرطة المواطن من الأشخاص الذين اختطفوه دون اتخاذ أي إجراء بحقهم، رغم علمه أنه تم الاعتداء عليه أثناء اختطافه. تقول الهيئة: "هذا يضع علامات استفهام على مدى قانونية احتجاز المواطن من قبل الشرطة حال استلامه، وأيضًا يؤشر إلى وجود تساهل من قبل الشرطة في التعامل مع المواطنين الذين أخذوا القانون بيدهم".

* الشرطة والنيابة لم تحركا أي إجراء رغم أن المواطن الحملاوي ذكر للشرطة أنه تعرض للاعتداء أثناء عملية اختطافه.

ديوان المظالم: الشرطة والنيابة لم تحركا أي إجراء رغم أن الحملاوي ذكر تعرضه للاعتداء أثناء خطفه

وتطرق تقرير الهيئة إلى تقصيرٍ حدث في تقديم العلاج للحملاوي ومحاولة إنقاذ حياته، وهو ما أكدته نتائج التشريح التي أوردها التقرير، ويمكن تلخيصها في النقاط التالية:

* قصور في تقديم العلاج اللازم للنزيل، فالسائل الصديدي بهذه الكمية 1,3-2 لتر، يحتاج إلى وقت حتى يتكون وما يرافقه من أعراض وآلام عانى منها المتوفى وتتمثل في ارتفاع درجات الحرارة، وثقل وآلام في الصدر، مع ضيق في التنفس، وضعف عام في الجسم، وهذا إن لم يعالج في مركز طبي مناسب يؤدي إلى قصور في التنفس، ويتضاعف الأمر لقصور في جميع أعضاء الجسم، ومن ثم حدوث الوفاة. 

* وصول السائل الصديدي لهذه الكمية يحتاج من 4-6 أسابيع كي يتكون، ولكن في ظروف استثنائية من الممكن أن تتجمع هذه الكمية من السائل الصديدي في وقت أقل من ذلك كالتعرض لظروف اعتقال صعبة، تضعف من استجابة الجسم للالتهابات، وتسرع في تكوُّن السائل الصديدي.

* آثار الضرب على الجسم لا تؤدي إلى الوفاة، لأنها سطحية، ولا يوجد أي نزف داخلي على إثرها. وكان يُفترض تقديم العلاج للمواطن في مؤسسة طبية.

* الالتهاب وعلاماته كانت واضحة جدًا وسهلة الاكتشاف، ولم يتم التعامل معها بشكل صحيح على ما يبدو.

نتائج التشريح: الالتهاب وعلاماته كانت واضحة جدًا على محمود الحملاوي وسهلة الاكتشاف، ولم يتم التعامل معها بشكل صحيح

* سبب وفاة المواطن كما أظهرت نتائج التشريح يعود إلى الصدمة الإنتانية الناجمة عن الدبيلة البلورية (Septic check due plural empyema).

وبيّن التقرير أن حالة المواطن الحملاوي أظهرت وجود نقصٍ في عدد الأطباء لدى الخدمات الطبية العسكرية، إذ لم يحضر الطبيب إلا عند الساعة التاسعة والنصف صباحًا لحظة محاولة الإنعاش.

وتحدث التقرير أيضًا عن "ضعف المأسسة وغياب تبادل المعلومات والتقارير الطبية بين وزارة الصحة والخدمات الطبية العسكرية"، وهو ما يؤكده عدم وصول الخدمات الطبية العسكرية أي نتائج للفحوصات التي أجريت في مجمع فلسطين الطبي، إضافة لعدم إطلاع الخدمات على أي تقارير طبية أو إجراءات طبية جرت للمريض.

وأشار إلى غياب الملفات الطبية الموحدة، وتقديم معلومات غير كافية وغير دقيقة وغير مكتملة في التقرير الطبي حول ما حدث مع  الحملاوي.

ديوان المظالم أوصى بتعويض عائلة محمود الحملاوي ماليًا واتخاذ ما يلزم من إجراءات للإنصاف وجبر الضرر

وقدم التقرير عدة توصياتٍ إلى وزارة الصحة والنيابة العسكرية والخدمات الطبية العسكرية والنيابة المدنية وجهاز الشرطة، وهي كما يلي:

* وزارة الصحة

- تشكيل لجنة تحقيق حول الإجراءات التي اتّخذت مع المواطن في مجمع فلسطين الطبي، ومدى انسجامها مع البروتوكولات والأعراف الطبية المرعية والمعتمدة.

- إيجاد وسائل عملية لتبادل المعلومات في الملفات الطبية للنزلاء الذين يتم عرضهم على عيادات ومستشفيات وزارة الصحة مع الخدمات الطبية العسكرية، حتى يكون التشخيص صحيحًا، ويمكن البناء عليه لحماية حياة وصحة النزلاء.

- إصدار تقارير طبية واضحة تبين حالة المريض والأدوية التي صرفت له وصور الأشعة والعمليات التي أجريت له، وكافة الإجراءات التي قام بها الطبيب أو المستشفى.

* النيابة العسكرية

- التحقيق مع الأشخاص العسكريين الذين شاركوا في عملية الاعتداء على المواطن الحملاوي، واختطافه، وتسليمه إلى الشرطة يوم 13آذار/مارس 2019، وإحالة من يثبت تورطه إلى المحاكمة.

* الخدمات الطبية العسكرية

- أهمية توفير الكوادر الطبية الكافية من أطباء وممرضين للعمل على مدار الساعة في مراكز الإصلاح والتأهيل. وفي حال تحويل أي نزيل إلى أي مركز طبي خارج السجن، يجب أن تتم متابعة الإجراءات الطبية المتخذة بحقه، وطلب وجود تقرير طبي مفصل قبل إعادته إلى السجن.

* النيابة المدنية

- اتّخاذ المقتضى القانوني بحق الأشخاص الذين قاموا بالاعتداء على المواطن الحملاوي، واختطافه، وتسليمه للشرطة.

*الشرطة

- اتباع الإجراءات القانونية السليمة عند القبض على أي مواطن.

- فتح تحقيق ومساءلة ومحاسبة أفراد الشرطة الذين استلموا المواطن الحملاوي من أشخاص مدنيين، وعدم قيامهم بأي إجراء قانوني بحق من قام بالاعتداء عليه بالضرب.

- تشكيل لجنة طبية وطنية لمراجعة الرعاية الصحية في مراكز الإصلاح والتأهيل، وأيضاً في مراكز الاحتجاز بشكل عام، بما في ذلك النظارات.

وأوصت الهيئة المستقلة، بأن تنظر الجهات المختصة في الحكومة الفلسطينية في تعوض عائلة الحملاوي ماليًا، "واتخاذ ما يلزم من أي إجراءات أخرى للإنصاف وجبر الضرر الذي لحق بالعائلة".


اقرأ/ي أيضًا: 

وثائق | هل نفذ الأمن إعدامات ميدانية في نابلس؟

"ديوان المظالم": يجب إعادة تصويب دائرة الطب الشرعي وجعلها مستقلة

ديوان المظالم: انتهاكات للحق في الحرية والأمن الشخصي في غزة