إسبانيا تقرر وقف إنتاج صاروخ "سبايك" الإسرائيلي.. صفعة لحظية أم تحوّل استراتيجي؟
4 يونيو 2025
أثار قرار وزارة الدفاع الإسبانية وقف إنتاج صواريخ "سبايك" الإسرائيلية موجة تساؤلات بشأن دوافعه وأبعاده، في ظل تصاعد التوترات السياسية بين مدريد وتل أبيب بسبب الحرب على غزة. هل يشكل هذا القرار صفعةً سياسية منفردة تعبر عن رفض مؤقت، أم هو مؤشر على تحول استراتيجي في العلاقة العسكرية بين أوروبا و"إسرائيل"؟ وما هي خلفيات القرار، وأبعاده، وتأثيره المحتمل على مستقبل التعاون العسكري بين الطرفين؟
ما يبدو جليًا هو أن الضغوط السياسية والاجتماعية الداخلية، إلى جانب تحولات الرأي العام الأوروبي، تُعيد رسم خرائط التعاون العسكري بشكل قد يعيد تشكيل موازين القوى في المنطقة خلال السنوات المقبلة.
عادت صواريخ "سبايك" الإسرائيلية متعددة المهام إلى مركز الجدل الأوروبي، ليس فقط كمنظومة قتالية متطورة؛ بل كرمز للرفض السياسي المتزايد في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة. وفي قلب هذا الجدل، أعلنت وزارة الدفاع الإسبانية قرارًا غير مسبوق بسحب ترخيص إنتاج هذه الصواريخ على أراضيها، ما شكّل نقطة تحول بارزة في العلاقة العسكرية بين مدريد وتل أبيب.
ولفهم أهمية هذا القرار، لا بد من تسليط الضوء أولًا على عائلة صواريخ "سبايك" التي تُعد إحدى أبرز الأدوات القتالية المتقدمة في ترسانة الصناعات العسكرية الإسرائيلية. تنتمي صواريخ "سبايك" (أو "دوربان" بالعبرية) إلى الجيل الثالث من الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات، وتعتمد على مبدأ "أطلق وانسَ"، الذي يسمح للجندي بإطلاق الصاروخ وتركه يحدد مساره تلقائيًا نحو الهدف دون الحاجة لتوجيه يدوي لاحق. وهو ما يمكّن الجيش من تنفيذ ضربات دقيقة من مسافات بعيدة دون تعريض الجنود للمواجهة المباشرة.
وتنتج هذه الصواريخ شركة رافائيل للأنظمة القتالية المتقدمة، التي أسست ذراعًا صناعية في ألمانيا تحت اسم يورو-سبايك لتسويق وإنتاج النظام في أوروبا. وتضم عائلة "سبايك" خمسة أنواع مختلفة: Mini Spike، وSR، وMR، وLR، وER، كلٌّ منها مصمم لمهام محددة بناءً على المدى والمنصة المستخدمة، سواء كانت محمولة على الكتف أو مثبتة على عربات أو مروحيات.
تجهز جميع النسخ برأس حربي مزدوج (تاندم) مخصص لتفجير الدروع التفاعلية والاختراق العميق للتصفيح الرئيسي. ويعتمد نظام التوجيه على مستشعرات كهروبصرية تشمل كاميرا CCD للنهار ومستشعرًا حراريًا بالأشعة تحت الحمراء، ما يضمن أداءً عاليًا في النهار والليل. كما يمكن للجندي تحديث الهدف أثناء الطيران عبر قناة ألياف بصرية، في وضعية تعرف بـ"أطلق وحدّث".
أما النسخة المصغرة Mini-Spike، فتُعد الأخف وزنًا (12 كجم)، وتستخدم لاستهداف الأفراد والمركبات الخفيفة بدقة عالية ضمن مدى يتراوح بين 200 و1500 متر، مع إمكانية التوجيه اليدوي أو التلقائي، ما يجعلها مناسبة للاشتباكات في المناطق الحضرية.
ورغم هذه الإمكانات القتالية، أعلنت وزارة الدفاع الإسبانية مؤخرًا سحب ترخيص شركة رافائيل لإنتاج هذه الصواريخ داخل البلاد، مع تأكيد عزمها البحث عن بدائل غير إسرائيلية. ويأتي هذا القرار وسط تنامي الضغوط الداخلية والخارجية المطالبة بفرض حظر شامل على التعاون العسكري مع "إسرائيل" بسبب الحرب المستمرة على قطاع غزة.
وذكرت صحيفة "إل باييس"، أن إسبانيا أبرمت منذ بداية الحرب 46 صفقة عسكرية مع شركات إسرائيلية بقيمة إجمالية تقارب مليار يورو، من بينها عقد بقيمة 237.5 مليون يورو لمنظومة "سبايك"، وعقد آخر بقيمة 576 مليون يورو لمنظومة إطلاق الصواريخ المتعددة SILAM. ومع بقاء عشرة من هذه العقود -بقيمة إجمالية تبلغ 817 مليون يورو- دون تنفيذ، تصاعدت ضغوط منظمات المجتمع المدني لإلغائها.
بدأت هذه الضغوط تؤتي ثمارها؛ إذ أُلغيت صفقة لتوريد ذخيرة 9 ملم للحرس المدني الإسباني من شركة IMI الإسرائيلية، بضغط من حزب "سومار" اليساري، وشملت إلغاء صفقة لتوريد 5 ملايين رصاصة. هذه الخطوة أثارت غضب وزارة الخارجية الإسرائيلية، التي وصفتها بأنها "تضحية بأمن إسبانيا من أجل اعتبارات سياسية"، واعتبرتها "انحيازًا ضد الدولة اليهودية".
يأتي ذلك في وقت كانت فيه العلاقات العسكرية بين البلدين تتجه نحو التوسع؛ إذ حصلت شركة رافائيل العام الماضي على عقد بقيمة 207 ملايين يورو لتزويد المقاتلات الإسبانية بأنظمة ليزر، كما حصلت شركة إلبيت الإسرائيلية على عقود تتجاوز قيمتها 581 مليون يورو لصيانة أنظمة الاتصالات وتوريد أنظمة جديدة.
لم يكن الموقف الإسباني استثناءً؛ إذ دعت مفوضة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس إلى وقف فوري للعمليات العسكرية في غزة، ووصفت الوضع هناك بأنه "لا يُحتمل"، مشيرة إلى أن "الرد الإسرائيلي تجاوز ما هو ضروري".
وفي إيطاليا، دعا وزير الخارجية علنًا إلى وقف الحرب، بينما طالب نواب في الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني بفرض حظر على تصدير الأسلحة لـ"إسرائيل". وفي مؤشر إضافي على التراجع الأوروبي، أعلنت بريطانيا مؤخرًا تجميد مفاوضات اتفاقية التجارة مع تل أبيب.
أما وزارة الدفاع الإسبانية، فقد أعلنت رسميًا تجميد صفقة ضخمة بقيمة 285 مليون يورو، تشمل توريد 168 منصة إطلاق و1,680 صاروخًا من طراز Spike LR2 لصالح الجيش الإسباني وسلاح البحرية، في إطار جهود تقليل الاعتماد على التكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية. تم توقيع الصفقة في أكتوبر 2023 مع شركة PAP Tecnos، الفرع الإسباني التابع لشركة رافائيل، وتضمنت خدمات دعم وصيانة لوجستية.
وتشير التقديرات إلى أن شركتي رايثيون ولوكهيد مارتن الأمريكيتين هما الأوفر حظًا لتأمين البديل، خاصة من خلال توريد صواريخ جافلين الأميركية.
ترافقت هذه التطورات مع إجراءات تصعيدية أخرى؛ أبرزها إلغاء صفقة ذخيرة من شركة IMI الإسرائيلية بقيمة 6.6 مليون يورو، وصفقة أخرى لتوريد ذخيرة بقيمة 15.3 مليون يورو، ما يعكس توجهًا واضحًا لإسبانيا نحو تنويع مصادر تسليحها وتقليل الاعتماد على الأسلحة الإسرائيلية.
يبقى السؤال الأهم المطروح حاليًا في "إسرائيل": هل يمثل قرار إسبانيا مجرد رد فعل سياسي مؤقت على الحرب في غزة، أم بداية لتحول استراتيجي أوسع في أوروبا تجاه التعاون العسكري مع "إسرائيل"؟ ما يبدو جليًا هو أن الضغوط السياسية والاجتماعية الداخلية، إلى جانب تحولات الرأي العام الأوروبي، تُعيد رسم خرائط التعاون العسكري بشكل قد يعيد تشكيل موازين القوى في المنطقة خلال السنوات المقبلة.
الكلمات المفتاحية

الأمهات في يومهن الأول بعد الحرب
من سيقنع الأمهات اللواتي اعتدن ضجّة البيت، واتساخ الأواني، وتكدّس الملابس في سلال الغسيل، ومنع التجوّل فترة الامتحانات، وصوت المنبّهات في الصباح من كل غرفة، أنه لم يعد هناك أحد؟

واشنطن تساهم بـ70% من المجهود الحربي الإسرائيلي.. هل تمتلك كامل السيطرة؟
"إسرائيل" ليست قوة عسكرية مستقلة بذاتها، بل هي في جوهرها مشروع تمويل استراتيجي أميركي يمنح واشنطن قدرة فعلية على التأثير في السياسة الدفاعية والاستراتيجية الإسرائيلية.

البلادة النفسيّة واللامبالاة الجماعيّة: محاولة فهم تجاهل قطاع غزّة.. «الضحيّة المقدّسة»
الصمت المتزايد والتبلد النفسي المستمر يدعوان إلى مراجعة جذرية لكيفية تعاملنا مع قضايا حقوق الإنسان، ويدعواننا للعودة إلى جوهر القيم الإنسانية التي تُعلي من شأن الحياة وتحترم كرامة الإنسان

اعتداءات المستوطنين في الطيبة: بؤرة استيطانية وحرمان من الأرض ومحاولات حرق كنيسة الخضر
قال راعي كنيسة المسيح الفادي للاتين، بشار فواضلة، لـ"الترا فلسطين"، إن الاعتداءات على الطيبة "قديمة جديدة"

اشتباكات في غزة.. إصابات في صفوف جيش الاحتلال واستهداف مكثف لآليات الاحتلال
شنّ سلاح الجو الإسرائيلي غارات على نحو 90 غارةً في أنحاء القطاع

أطفال غزة يعانون بسبب "بدائل الحفاضات" أيضًا
أسعار الحفاضات ارتفعت إلى 10 شواكل على الأقل للواحدة منها، ولذلك اضطرت الأمهات لاستخدام أكياس من النايلون وقطع قماش بدل الحفاظات

السفير الأميركي في تل أبيب يزور قرية الطيبة بعد تصاعد هجمات المستوطنين
في الطيبة، أضرم المستوطنون النار مؤخرًا في مقبرة خارج كنيسة الخضر التي يعود تاريخها إلى القرن الخامس