24-سبتمبر-2018

تواجه إسرائيل جهودًا إعلامية قوية يبذلها نشطاء في الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، تهدف لعزلها ومقاطعتها وسحب الاستثمارات منها، وتقديمها للعالم كنظام فصل عنصري. وهي مقابل ذلك تبذل جهودًا مضادة بالإمكان تقسيمها إلى عدة أقسام، أهمها جهود رسمية، وأخرى غير رسمية تعتمد على مبادرات تطوعية.

الدعاية الإسرائيلية الرسمية تُدار من قبل وزارة الخارجية، ووزارة الشتات (يهود العالم)، ووزارة السياحة، ومكتب رئيس الحكومة، ومكتب المتحدث باسم الجيش، ووزارة الشؤون الاستراتيجية. هذا إضافة إلى الجهود الدعائية الطوعية التي يقودها وينفذها نشطاء إسرائيليون ويهود من الولايات المتحدة الأمريكية، تحديدًا المسيحيون الأنجليكانيون، وهم أكبر مجموعة دينية مؤيدة لإسرائيل في الولايات المتحدة الأمريكية.

ملكات جمال، وأشخاص عرب، وسوشال ميديا، في خدمة الدعاية الإسرائيلية المضادة لحركة مقاطعة إسرائيل

وتستخدم إسرائيل في جهودها الدعائية الرسمية، وتلك التي تنفذها جمعياتٌ ونشطاءُ لإثبات مصداقتيها - أحيانًا - متحدثين فلسطينين وعرب. مثلاً قادة المستوطنين في الضفة الغربية، اصطحبوا معهم الى مؤتمر عقده اللوبي المؤيد لهم في برلمان الاتحاد الأوروبي عدة أشخاص فلسطينيين زعموا أمام الحضور أن الاستيطان يسهم في إيجاد حياة أفضل للفلسطينيين في الضفة الغربية.

اقرأ/ي أيضًا: المستوطنة الفاضلة.. دعاية إسرائيلية بلسان فلسطيني

لا تعمل الجهود الرسمية والتطوعية الإسرائيلية بانفصال، وإنما بتقاسم أدوارٍ وبانسجامٍ تامٍ فيما يتعلق بالأولويات، إذ تركزت غالبية الجهود الإسرائيلية على ساحة الولايات المتحدة، بعد أن أظهرت الدراسات أن نشاط الحركات المناهضة للعنصرية التي تستهدف إسرائيل تتصاعد باضطراد هناك، خصوصًا في الجامعات، حيث يتعلم قادة المستقبل ليس في أمريكا فقط، وإنما في العالم بأسره.

وفي هذا السياق، حققت هذه الجهود إنجازًا ضخمًا تعتقد إسرائيل أنه "قبة حديدية مضادة لـBDS"، تمثل بقرار حكومي أمريكي ينص على أنّ اليهود ليسوا مجرّد دين فحسب، بل أيضًا فئة عرقية، وبالتالي فإن أي أعمال ضد اليهود أو إسرائيل سيتم تصنيفها على أنّها أعمال مناهضة للسامية يعاقب القانون الأمريكي من يقترفها.

القرار الأمريكي آنف الذكر أصدرته وزارة التعليم الأمريكية، وهو يستهدف تحديدًا شل نشاطات "منظمة طلبة جامعات من أجل العدل في فلسطين" وتجريم أعمالها التي تنفذها بشكل متواصل كجهود إعلامية وتوعوية تعتبرها منظمة "صهيونيي أمريكا" تحريضًا على إسرائيل.

ومن أدوات الدعاية الرسمية والتطوعية الإسرائيلية وسائل التواصل الاجتماعي التي عبرها تُنشر رسائل أُعدت بعنايةٍ باللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية، ويتم إعداد تلك المواد الدعائية من قبل منظمة متخصصة هي "NGO Monitor"، توفر وجبة شبه يومية من المواد الدعائية لقوائم بريدية تضم أسماء طلبة جامعيين إسرائيليين وأنصارهم في الجامعات الأمريكية والغربية.

الوجبات الدعائية تواكب الأحداث والتطورات على الدوام. مثلاً مؤخرًا قصف جيش الاحتلال قطاع غزة فقتل طفلين. بالتوازي مع ذلك أرسل "NGO Monitor"  للنشطاء مقطع فيديو يُظهر شخصية قيادية في إحدى الفصائل الفلسطينية تزعم أن غزة باتت تمتلك قدرات تؤهلها على تصدير الصواريخ التي تصعنها حركته.

كما أعدت صحيفة "يديعوت أحرنوت"، بالتعاون مع وزارة الشؤون الاستراتيجية، موقعًا إلكترونيًا يحمل عنوان "IL4"، قالت إنه متخصص لمحاربة حركة مقاطعة إسرائيل، وهو يواكب الأحداث بمواد دعائية بلغاتٍ عديدةٍ تترواح بين الفيديوهات ورسوم الكاركاتير والأغاني والانفوغرافيك. مثلاً، قُبيل إلغاء الدعم الأمريكي لوكالة الغوث، نشر الموقع بعدة لغات فيديوهات للقاءاتٍ أجراها صحافيون إسرائيليون مع طلبة مدارس فلسطينيين أطلقوا خلالها تصريحات معادية لـ إسرائيل والغرب،  وادعى أن هولاء الطلبة يدرسون في مدارس الوكالة.

ولاتقتصر الجهود الدعائية  الإسرائيلية - ذات التكلفة الرخيصة نسبيًا - على طلبة الجامعات والمتهمين بالقضايا السياسية، وإنما تنصب أيضًا على فئاتٍ ليس لها اهتمام بالشؤون السياسية. في سياق التحريض على قطاع غزة، استضافت إسرائيل 10 ملكات جمال أمريكيات سابقات يتابعهن ملايين المعجبين على مواقع التواصل. وخلال الزيارة التي امتدت لأيام استمعن لما قيل إنها "معاناة الأمهات الإسرائيليات في غلاف غزة بسبب الصورايخ التي يطلقها الفلسطينيون"، وبعد ذلك نشرت ملكات الجمال صورًا وتصريحات على حساباتهن تتبنى بشكل كامل الرواية الإسرائيلية.


 اقرأ/ي أيضًا:

دماء "الهنود الحمر" من أجل غسل ذنوب إسرائيل

إيليت "غوبلز" شاكيد.. البروباغندا مستمرة!

علماء آثار يتساءلون عن حقيقة علمانية إسرائيل