25-أغسطس-2019

ليست مصادفة أن تعلن "إسرائيل" مسؤوليّتها عن غاراتها التي تستهدف المليشيات الإيرانية في سوريا بالتوازي مع نجاح جيش النظام السوري في استعادة معظم المناطق التي خسرها منذ اندلاع المواجهات المسلحة، والسقوط الوشيك لكبرى معاقل المعارضة المسلحة، وهذا لا يسقط أي تفسيرات أخرى مطروحة.

     كل ذلك كان تحت سمع وبصر "إسرائيل"، لا بل بتشجيع منها كما زعم رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية الخارجية السابق تامير باردو    

في اللحظة التي بات فيها النظام السوري آيلًا للسقوط بدأت المليشيات الإيرانية بالتدفّق إلى سوريا لإنقاذ الأسد لدوافع كثيرة، وكل ذلك كان تحت سمع وبصر "إسرائيل"، لا بل بتشجيع منها كما زعم رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية الخارجية السابق تامير باردو خلال محاضرة ألقاها أمام معهد الأمن القومي الإسرائيلي نهاية العام الماضي.

كان التقييم السائد منذ اندلاع الثورة السورية في دوائر اتخاذ القرار في "إسرائيل"، أنّ سقوط النظام السوري يعني دخول البلاد في دوامة الحروب الأهليّة، وأن جغرافية البلاد ستتقاسمها عشرات التنظيمات المتناحرة، وأن المعارضة لن تستطيع ملئ الفراغ بعد غياب الأسد وتأدية الدور الذي لعبه النظام في حماية المستوطنات الإسرائيلية بالجولان، في ظل احتمال أن تسعى تنظيمات مسلحة لشراء شرعية عبر استهداف مستوطنات الجولان، كل هذا وغيره جعل من نظام آل الأسد الخيار المفضّل إسرائيليًا، فتمّ التغاضي عن تعاظم التواجد الإيراني الذي وفّر مددًا بشريًا وتسليحيًا كان نظام الأسد في أمسّ الحاجة إليه في لحظات كاد يفقد فيها توازنه.

ومنذ بداية التدفق الإيراني إلى سوريا كانت مسارات نقل المقاتلين والسلاح معلومة لـ "إسرائيل" ولم تلجأ للاعتبارات آنفة الذكر لوأد الحلم الإيراني في مهده، مفسحة المجال لاستنزافه، ومن أجل تحقيق غاية أخرى متعلقة بالوعي لدى قطاع واسع من الجمهور العربي الذي كان قبل ذلك لا يرى في إيران عدوًا طائفيًا.

استراتيجيًا بالنسبة لمنظّري الحرب الإسرائيليين، فإنّ التواجد الإيراني المرغوب في سوريا انتهى بطيّ صفحة الخطر الذي كان يشكّله تواجد المسلحين على النظام، ولم يتبق منه سوى ما يشكل خطرًا، لذلك سيتم إقناع إيران بالتدريج عبر الغارات أنّ "إسرائيل" لن تسمح لها بتعزيز تواجدها في سوريا.


اقرأ/ي أيضًا:

معارك ريفي إدلب واللاذقية.. تصعيد مستمر

فتح معبر القنيطرة.. ترجمة نظرية إسرائيل عن "الأسد المفيد"

ملف الجولان يمهّد لاحتمالات "صيف ساخن"