بعد عامين ونصف من حرمانه من زيارة والدته له، ومشاهدته حتى من خلف ألواح الزجاج السميكة، ارتقى الأسير الشهيد أحمد بدر أبو علي، نتيجة سياسة الإهمال الطبي، في ذات اليوم الذي رحلت فيه والدته.
الأسير أحمد أبو علي من يطا.. أبٌ لثمانية أبناء، والأخ الوحيد لـ8 شقيقات.. وكان على موعد مع الحرية بعد عامين، ارتقى بعد أن فقد والده ووالدته في سجنه
وأعلن صباح الجمعة، عن ارتقاء الشهيد الأسير أحمد أبو علي (46 عامًا)، في مستشفى (سوروكا) الإسرائيليّ ببئر السبع، بعد نقله إليه من سجن النقب.
وينحدر الشهيد أبو علي من بلدة يطا جنوب الخليل، وهو والد لثمانية أبناء -خمسة أولاد وثلاثة بنات- أكبرهم سنًا لم يتجاوز 23 عامًا، وكان يعمل في جهاز المخابرات الفلسطينية قبل اعتقاله عام 2012.
ويقول مراد أبو علي نجل الشهيد، لـ "الترا فلسطين" إن والده استشهد في ذات الفترة التي توفيت فيها والدته العام الماضي، والتي حرمها الاحتلال من زيارته مدة عامين ونصف قبل استشهاده.
ويضيف: كانت جدتي لا تستطيع الحركة في الأونة الأخيرة، وكانت زيارتها لوالدي تتطلّب نقلها بواسطة سيارة إسعاف، إلا أن الطلبات المتكررة للتنسيق للزيارة كان يتم رفضها من قبل الاحتلال، وكان والدي متلهف لزيارتها له لكن كل المحاولات باءت بفشل، وبعد وفاتها أصيب بانتكاسة وحالة من الحزن لازمته إلى حين ارتقائه.
وبين مراد أن والده اعتقل عام 2012 بعد 4 سنوات من المطاردة، واتهمه الاحتلال بالمشاركة في عملية مقاومة، وقد أمضى عشر سنوات حتى الآن من 12 سنة هي مجموع سنوات حكمه.
ويشير إلى أن والده لم يكن يعاني من أعراض صحية سوى السكري، ولكنه أصيب بعد وفاة والده وهو داخل السجن بالضغط وضعف في عضلة القلب.
الأسير الشهيد أبو علي كان وحيد والديه من الذكور، إلى جانب 8 شقيقات، وعند اعتقاله كان أبناؤه ما يزالون أطفالًا، الأمر كان له تأثير سلبي كبير عليه طوال فترة سجنه.
وبحسب ابنه، فإنه لم يكن يتلقى العلاج اللازم والمناسب لمرضه، وكان الاحتلال يعطيه أدوية مسكنة فقط ويعيده إلى القسم، وعندما طلب تزويده بالأدوية الخاصة من طرفنا رفض الاحتلال ذلك بزعم أنه هذا من اختصاص إدارة السجن.
وتفاقمت الحالة الصحية للأسير أحمد أبو علي مؤخرًا، فكان يصاب بضيق التنفس والإرهاق، وفي آخر زيارة لزوجته له، بتاريخ 14 يناير/ كانون ثان، جاء إلى الزيارة وهو يمشي على عكازين بمساعدة من الأسرى.
وذكر نجل الشهيد أن والده مكث ما يزيد عن نصف ساعة يوم استشهاده وهو في حالة غيبوبة، قبل أن يبدأ الأسرى بالصراخ والتكبير طلبًا لإحضار طبيب لتقديم المساعدة له، وكان قبلها في وضع صحي صعب إلا أن الاحتلال كان يرفض خروجه من القسم إلى المستشفى والبقاء لتلقي الرعاية الصحية اللازمة.
وأعرب مراد عن أمله في أن تفرج قوات الاحتلال عن جثمان والده، لتشييعه ودفنه بالطريقة التي تليق به، معربًا عن مخاوفه من استمرار احتجاز جثمانه كما جرى مع العديد من الأسرى الشهداء.
وكشف نادي الأسير اليوم السبت، تفاصيل عن آخر اللحظات في حياة الشهيد أبو علي، مشيرًا أنه وبعد أن تناول وجبة العشاء، توجه نحو السرير "البرش" حيث يقبع في قسم 10، وهو أحد أقسام الخيام في سجن (النقب)، بعدها طلب من أحد الأسرى مساعدته، بعد أن شعر بالتعب، قبل أن يدخل في حالة من فقدان الوعي.
وبين النادي أن الأسرى بدأوا بالتكبير والصراخ، إلى أنّ أحضرت الإدارة ممرضًا بعد نص ساعة، وجرى بعدها نقله عبر سيارة إسعاف إلى مستشفى (سوروكا) التي أعلن فيها عن استشهاده.
وخلال نقله إلى المستشفى أحضرت إدارة السّجون وحدات خاصة ما تعرف بوحدات (كيتر)، استعدادًا لأي مواجهة مع الأسرى، وفق نادي الأسير.
وتشكّل عمليات المماطلة المتعمدة التي تُنفذها إدارة السّجون بحقّ الأسرى المرضى، الأداة الأبرز في قتلهم ببطء، خاصّة أن هذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها أسير مريض للمماطلة، بل تكرر ذلك مئات المرات مع أسرى مرضى، وأسرى ارتقوا في السّجون، وذكّر نادي الأسير بقضية الأسير سامي العمور الذي ارتقى عام 2021، حيث انتظر 14 ساعة في"المعبار" قبل نقله إلى المستشفى في حينه، ولاحقًا استشهد في مستشفى (سوروكا).
وبيّن نادي الأسير أنّه ورغم أن سجن (النقب) من السّجون المركزية، حيث يقبع فيه نحو 1300 أسير، وفيه عشرات المرضى بينهم من يعانون أمراضًا مزمنة، إلا أنّ إدارة السجون لا توفّر أي طبيب مختص، هذا عدا عن الأدوات الممنهجة التي تستخدمها إدارة السّجون (لقتل الأسرى)، وهناك مئات الشهادات لأسرى مرضى، تعكس ممارسة الإدارة لهذه الجريمة المستمرة.
وبحسب نادي الأسير فإن جريمة الإهمال الطبيّ كانت السبب المركزي لمعظم الأسرى الذين ارتقوا داخل السجون، ومن بين 235 شهيدًا ارتقوا منذ عام 1967، هناك 75 أسيرًا ارتقوا نتيجة الإهمال الطبيّ.
وباستشهاد الأسير أحمد أبو علي واستمرار احتجاز جثمانه، فإن الاحتلال يحتجز جثامين 13 شهيدًا أسيرًا.
ويقبع في سجون الاحتلال ما لا يقل عن 4780 أسيرًا ومعتقلًا، بينهم 29 أسيرة، و160 طفلًا، و914 معتقلًا إداريًا.