17-ديسمبر-2019

خارج جدار الفصل العنصري، بين رام الله والقدس، تمتلئ العمارات السكنية العشوائية بعشرات آلاف الفلسطينيين من أهل القدس الذين لجأوا إلى كفر عقب وسميراميس للحفاظ على هوياتهم التي تتيح لهم الإقامة في مدينتهم، حيث تتبع المنطقة لبلدية الاحتلال في القدس.

قُبالة هذه المنطقة العشوائية المكتظة ستُقيم بلدية الاحتلال حيًّا استيطانيًا جديدًا منظمًا وبأحدث طراز لتوسيع مستوطنة "عطروت"

قُبالة هذه المنطقة العشوائية المكتظة بالأبنية والسيارات، والمعدومة الخدمات، ستُقيم بلدية الاحتلال ذاتها حيًّا استيطانيًا جديدًا منظمًا وبأحدث طراز لتوسيع مستوطنة "عطروت" المقامة شمال القدس، سيضم 11 ألف وحدة استيطانية.

هنا، لا يجد الطفل مهدي (14 سنة) مساحة يلعب بها سوى شرفة منزله المطلة على جدار الفصل العنصري، ومن خلفه أراضي مطار قلنديا المهجور. والدته، مثل غيرها، تخاف من تبعات هذا الحي التي أقلها خطورة أن لا يُبقي لهم الاستيطان متنفسًا، تقول: "تخيل لما تيجي مستوطنة كاملة مقابلك، كيف سيكون الوضع عليك وعلى أولادك؟".

وأشارت إلى أن سلطات الاحتلال كانت قد أصدرت أوامر بهدم عشرات المنازل في المنطقة، ثم ألغتها مؤخرًا، لكن الآن تسود مخاوف من تجديد أوامر الهدم هذه مع النشاط الاستيطاني المرتقب، هذا عدا عن الإزعاج والفوضى التي ستُسببها أعمال البناء والحفر والجرافات.

اصطحبنا الطفل مهدي إلى فوق عمارتهم السكنية لنقارب المشهد، وعند النظر إلى الجهة الغربية من مطار قلنديا، رأينا قرية قلنديا البلد خارج الجدار.

تأسس مطار قلنديا عام 1920 وكان يسمى بمطار القدس، وظل يسير الرحلات الجوية خارج فلسطين حتى وقع تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي عام 1967، ثم تحول إلى مطار داخلي إسرائيلي لكنه توقف مع بداية الانتفاضة الثانية عام 2000، فصار مهجورًا.

يقول رئيس المجلس القروي رأفت عوض الله، إن مساحة أراضي المطار تُقارب 600 دونم، وهي ضمن أراضي قرية قلنديا، وتُصنف أنها أملاك دولة.

600 دونم هي مساحة أراضي قرية قلنديا لم يبق لأهل البلد منها إلا 64 دونمًا بسبب الاستيطان والجدار

وأوضح عوض الله، أن مساحة قرية قلنديا الإجمالية تبلغ حوالي 4 آلاف دونم، لم يتبقَّ منها بسبب الاستيطان وإقامة الجدار إلا نحو 800 دونم، وهي تنقسم إلى ثلاثة أقسام، الأول يتبع لبلدية الاحتلال، والثاني يُصنف بأنه منطقة "ج" وفق اتفاق أوسلو، ويمنع الاحتلال البناء فيهما بالكامل.

اقرأ/ي أيضًا: صور وفيديو | نكبة واد الحمص: هنا باقون

أما الجزء الثالث ومساحته 64 دونمًا فيُصنف بأنه مناطق "ب"، ويضم المدرسة ومبنى المجلس القروي والمقبرة والبلدة القديمة، وبالتالي لا توجد أية مساحة للبناء في قرية قلنديا.

وأعرب عوض الله عن تخوفه من أن يواصل الزحف الاستيطاني على أراضي مطار قلنديا توسعه حتى يؤدي لتهجير أهالي قلنديا.

رئيس لجنة الدفاع عن أراضي القدس سليمان شقيرات يرى في هذا المخطط جزءًا من سياسة الاستيطان الإسرائيلي التي تنفذ في القدس، وأنها عملية متواصلة تهدف إلى زيادة عدد المستوطنين لخلق تغيير ديموغرافي وتهويد وأسرلة القدس.

وقال شقيرات، إن الاستيطان يشكل خطرًا على الأرض والإنسان، وإن هناك سياسة إسرائيلية لطرد أبناء القدس تنفذ على مراحل، وآخر هذه المراحل هو سحب هويات من يعيشون منهم خارج الجدار الفاصل، وبالتالي خفض نسبة الفلسطينيين في القدس من 38% إلى 12%، موضحًا أن هذا يتم عبر بإخراج الناس خارج القدس، وضم المستوطنات المحيطة بالقدس.

بدوره يقول مدير قسم الخرائط في بيت الشرق خليل التفكجي، إن الاستيطان في أراضي مطار قلنديا ما يزال في طور التخطيط، وإن هناك ثلاث أهداف رئيسية إسرائيلية له.

يهدف الاستيطان في مطار قلنديا إلى قلب الواقع الديمغرافي في القدس بإحلال الإسرائيليين تزامنًا مع إقصاء الفلسطينيين

الهدف الأول الذي ذكره التفكجي يتوافق مع ما تقدم به شقيرات، فالحي الاستيطاني المنوي إقامته سوف يتألف من 11 ألف وحدة سكنية، وبالتالي إسكان حوالي 50 ألف إسرائيلي، وهي قضية ديموغرافية لقلب الموازين في القدس لصالح الإسرائيليين، من خلال إخراج أبنائها وإحلال الإسرائيليين بدلاً منهم.

أما الهدف الثاني، وفق التفكجي، فهو ربط المستوطنات الواقعة خارج حدود بلدية الاحتلال في القدس مع المستوطنات المقامة داخل حدودها عبر الأنفاق، حيث توجد في منطقة الجنوب الشرقي من مدينة البيرة مستوطناتٌ سوف يتم ربطها مع منطقة المطار عبر الأنفاق، وما يتم الآن من توسيع لمنطقة حاجز قلنديا هو جزءٌ من هذا المشروع.

وبيّن أن الهدف الثالث هو إنهاء أي شيء يتعلق بمطار محتمل للدولة الفلسطينية، عبر إقامة مستوطنة على مدرج المطار، وحتى لو لم يُقم الحي الاستيطاني، فقد غضت "إسرائيل" الطرف عن البناء العالي في كفر عقب رغم أنه ممنوع في مناطق المطارات، مؤكدًا أن السماح بالبناء العالي في كفر عقب هدفه إنهاء فرصة إقامة مطار فلسطيني في المنطقة.

يُذكر أن 150 ألف فلسطيني يسكنون في كفر عقب وسميراميس ومخيم شعفاط ومخيم عناتا، وجميعها تقع في الضفة الغربية (خارج الجدار) لكنها تتبع لبلدية الاحتلال في القدس، وينتقل الفلسطينيون إليها بسبب القيود المشددة التي تفرضها البلدية على تراخيص البناء داخل المدينة، وفي حال انتقال أبناء القدس للسكن خارج حدود البلدية فإن الاحتلال يحرمهم من التأمين الصحي وهوياتهم الشخصية الخاصة بهم كمقيمين في القدس.


اقرأ/ي أيضًا: 

قلنديا رايح جاي: يوميات أهل القدس في قالب كوميدي

تحذير: قروض مشبوهة لتسريب عقارات القدس

موظفون سابقون في الشاباك يديرون شؤون القدس