26-سبتمبر-2024
العقيدة الأمنية الإسرائيلية ونتنياهو.jpg

(Getty)

تناول مقال منشور على صحيفة "هآرتس"، سلوك رئيس الوزراء الإسرائيلي، في الحرب الطويلة على قطاع غزة، والممتدة إلى لبنان، بناءً على قراءة تقارن بين العقيدة الأمنية الكلاسيكية والطروحات الجديدة عن العقيدة الأمنية الإسرائيلية، وما عرف باسم "وثيقة عميدور".

وقال الصحفي الإسرائيلي سامي بيرتز: "من الممكن جدًا أن تستمر المرحلة الجديدة التي بدأت هذا الأسبوع في القتال مع حزب الله في لبنان لفترة طويلة، وسط تصعيد تدريجي وتوسع في مناطق الهجوم. ومنذ تأسيس الدولة، اتبعت إسرائيل مبدأ ديفيد بن غوريون في الحروب القصيرة. وفي عام 2019، نشر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق عضو الكنيست غادي آيزنكوت وغابي سيبوني تحليلًا سياسيًا لهذه الاستراتيجية الدفاعية، تحت عنوان ’المبادئ التوجيهية لاستراتيجية الأمن القومي لإسرائيل’".

وأضاف في مقاله المنشور على صحيفة "هآرتس": "لقد كتبوا أن تقليص مدة القتال أمر ضروري ’للحد من الضرر الذي قد يلحق بالجمهور والبنية الأساسية للبلاد’، فضلًا عن الاقتصاد. لقد كانت هذه الاستراتيجية هي التي وجهت كل حروب إسرائيل، ولكننا الآن وجدنا أنفسنا في حرب استمرت عامًا كاملًا دون نهاية في الأفق، وفي ظل خوف ملموس من أن يستمر التصعيد على الحدود الشمالية لفترة طويلة وربما يشتد".

ترى تقديرات بأن وثيقة عميدور، صارت الموجه لسلوك نتنياهو في الحرب

واستمر في القول: إن "حكومة نتنياهو تتصرف على نحو يتناقض مع العقيدة الأمنية التقليدية لإسرائيل، ولكن من الممكن أن تكون تطبق نسخة محدثة كتبها اللواء (احتياط) يعقوب عميدرور، مستشار الأمن القومي السابق ومن بين الجنرالات المتقاعدين الأقرب إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. في ورقة بيضاء صدرت عام 2021، قدم عميدرور عقيدة مختلفة يمكن أن تلمح إلى ما يمكن أن نتوقعه".

وجاء لدى عميدور: "في الماضي، كان الافتراض الشائع هو أن إسرائيل يجب أن تخوض حروبًا قصيرة لتجنب إلحاق الضرر باقتصادها وتسريح احتياطياتها بسرعة. ويجب إعادة النظر في هذا الافتراض".

ويضيف: "اليوم، أصبحت إسرائيل الطرف الأقوى في مواجهة أمثال حماس وحزب الله. فهي تتمتع بعمق لوجستي ويمكنها دعم أو حتى تصعيد المواجهة العسكرية. وقد تؤدي جولات طويلة من الأعمال العدائية إلى إطالة أمد الهجمات على الجبهة الداخلية الإسرائيلية. ولكن في ظل الظروف الحالية، فإن هذا هو الوضع المفضل لإسرائيل، حيث يمنح الجيش الإسرائيلي الوقت لتدمير قدرات العدو والبنية الأساسية بشكل منهجي".

واستمر عميدور في القول: "لكن هذا التحول العقائدي يزيد من أهمية تطوير أنظمة دفاعية قوية للجبهة الداخلية، والحاجة إلى الحد بشكل حاسم من قدرة ’العدو’ على إطلاق الصواريخ والقذائف. ولا ينبغي أن يُقرأ هذا باعتباره دعوة إلى ’الاستنزاف المتبادل’، بل استخدام مزايا إسرائيل لتسهيل تدمير أصول العدو والبنية الأساسية، حتى لو أدت الحملة الأطول إلى زيادة التهديد للجبهة الداخلية".

وقال بيرتز: إن "الجبهة الداخلية تتعرض الآن للهجوم، وخاصة على الجبهة الشمالية، والتي امتدت هذا الأسبوع جنوبًا لتشمل حيفا وطبريا". وفي وثيقته، وصف عميدرور تل أبيب بأنها "خط أحمر"، بالقول: "إن "مركز الثقل الإسرائيلي يتركز في مساحة جغرافية ضيقة، في غوش دان حول تل أبيب، على مقربة شديدة من حدود إسرائيل القديمة/ الخط الأخضر. إن تل أبيب لا تبعد سوى عشرة أميال عن الخط الأخضر، و45 ميلًا عن حدود نهر الأردن، و25 ميلًا عن قطاع غزة".

وواصل النقل عن وثيقة عميدور، مفصلًا "إن مركز الثقل هذا بالنسبة للجيش الإسرائيلي والمجتمع المدني الإسرائيلي ينطبق أيضًا على المؤسسات الرئيسية للاقتصاد الإسرائيلي، والتي تتخذ من تل أبيب مقرًا لها. وبالتالي فإن إبعاد ’العدو’ عن منطقة تل أبيب الكبرى والدفاع عنها ضد الهجوم أمر حيوي وحاسم لقدرة إسرائيل على البقاء والعمل خلال أي سيناريو حربي".

وقال بيرتز: "حتى الآن هذا هو بالضبط ما نشهده، ومن الممكن أن المرحلة التالية قد وصفها عميدرور بالفعل عندما يتعلق الأمر بمسألة الحلول الاستراتيجية والدبلوماسية، لذلك في هذه الحالة لا ينبغي أن نتوقع أي شيء".

وأضاف: "في الماضي، أكدت إسرائيل على واجب الجيش في ’إنتاج’ الظروف في ساحة المعركة التي من شأنها أن تمكن المستوى السياسي من الحصول على نتيجة جديدة وأفضل على طاولة المفاوضات. وفي كثير من الحالات، لم يعد هذا الأمر صالحًا. وفي عالم اليوم المعقد الذي يتنافس فيه الجنود ورجال الدولة، لا تؤدي ’النتائج العسكرية’ بالضرورة إلى النتائج الدبلوماسية المرغوبة. وكثيرًا ما لا يكون هناك ’مكمل دبلوماسي’ آخر أو منفصل في الحسبان لأن أي إطار دبلوماسي دولي لا يستطيع فرض نتيجة على الأطراف التي ترفض قبول الشرعية ذاتها للمفاوضات".

كما كتب عميدرور "هذا يجعل من المهم للغاية الحفاظ على الحوار بين المستويات العسكرية والسياسية، حتى يفهم الجنود ما يرغب رجال الدولة في تحقيقه".

وختم بيرتز بالقول: "إذا كانت هذه هي عقيدة نتنياهو في الأمن القومي، فإن المعنى واضح: حرب طويلة تتعرض فيها الجبهة الداخلية للقصف وتعاني من دون أي اتفاق دبلوماسي أو استراتيجي في الأفق، وهذا يعني انخفاضًا حادًا في مستوى ونوعية المعيشة. الحد الأدنى المطلوب من رئيس الوزراء الإسرائيلي هو إبلاغ الأمة بأن هذا هو ما ينتظرنا".