11-يوليو-2018

"لقد جئنا بالأسئلة حول ما يحدث في الأراضي المحتلة والرغبة بالتفاعل مع وجهات النظر المختلفة، ولكن ما أصبح واضحًا على مدار عشرة أيام من هذه الرحلة هو أن Birthright لا ترغب في التفاعل بصدق مع أسئلتنا. من الواضح أن الشباب اليهود الذين لديهم أسئلة حاسمة حول إسرائيل غير مرحب بهم هنا". هذا ما قالته الفتاة قبل مغادرة الحافلة، وقبل أن يقوم مرشد الجولة بمقاطعتها.

مع كل ما تقدمه التكنولوجيا من تطورات، بات تجميل إسرائيل مهمة أصعب وأكثر تعقيدًا

لقد انقلب السحر على الساحر إذًا، فالرحلات "التعليمية" التي تنظمها مؤسسة “birthright” للشباب اليهودي في الولايات المتحدة، وفي 67 دولة حول العالم، لزيارة "إسرائيل" سنويًا، لم تبنِ الانتماء والحب لـ"الوطن اليهودي" دائمًا كما كانت المؤسسة تتمنى، بل تحولت أحيانًا إلى  فرصة للكثير من هؤلاء  الشباب ليروا المشهد كاملاً، وللتمكن من التعرف عن قرب على هؤلاء "الإرهابيين القتلة الذين يعكرون صفو الحياة في أكثر بلاد الشرق الأوسط  ديمقراطية".. الفلسطينيين.

خمس فتيات انسحبن من الجولة التي نظمتها المؤسسة في مدينتي بيت لحم والخليل احتجاجًا على تزييف الحقائق المتعلقة بالاحتلال الاسرائيلي، وانضممن بالمقابل لجولة تنظمها جماعة "كسر الصمت" التي أسسها جنود سابقون في جيش دولة الاحتلال، وتعمل على رصد الانتهاكات والجرائم الاسرائيلية بحق الفلسطينيين.

 قد نعتقد أن مشهدًا كهذا كان كافيًا لإحراج باقي المشاركين، أو على الأقل إصابتهم بالفضول للتعرف على رواية الطرف الآخر للقصة، ولكن يبدو أن إحراج إسرائيل ومؤيدي سياستها ليس بالمهمة السهلة، بل إن شابًا  هاجم إحدى الفتيات المنسحبات "صوفي لاسوف" واعترض على انسحبها قائلاً: "اذهبي إلى فلسطين إذًا حيث ستُقتلين وتغتصبين".

في 29 حزيران/يوينو، نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية خبر إطلاق حركة “If Not Now” المناهضة للاحتلال حملة جديدة تستهدف الرحلات المجانية التي تنظمها مؤسسة  “Birthright”، وقد أطلقت على حملتها “Not Just a Trip” مشككة في صحة ما يدعيه منظمو الرحلات بأنها مجرد رحلات تعليمية. بالنسبة للنشطاء الإسرائيليين المناهضين للاحتلال، فإن هذه الحملات تعتمد على تزيف الحقائق، وتصادر حق المشاركين بالوصول  إلى المعلومات، ففي تشرين ثاني/نوفمبر، نشرت الصحيفة ذاتها خبرًا مفاده أن قسم التعليم في "Birthright" أصدر تعليمات إلى مزودي الرحلات التابعين لهم بالتوقف عن عقد لقاءات مع "العرب"، والتركيز على إجراء اللقاءات مع الجنود الإسرائيليين.

مع كل ما تقدمه التكنولوجيا من تطورات، بات تجميل إسرائيل مهمة أصعب وأكثر تعقيدًا، فكل فيديو من الأراضي المحتلة يمكنه أن يشوش على الإسرائيليين صورتهم التي يعملون بذكاء وجد على نقلها إلى العالم. بل وباتت الجهود الهائلة التي تبذلها المؤسسات اليهودية حول العالم، والأموال التي تغدقها لتلميع صورة دولة الاحتلال، ثغرةً يمكن من خلالها ليهود أوروبا وأمريكا المُضللين باسم يهوديتهم، أو باسم وهم الديمقراطية الإسرائيلية الدخول إلى عالم من الحقائق التي تختلف عن ما تقدمه لهم وسائل الإعلام، وعن ما اعتادوا أن يتلقوه من محيطهم اليهودي، عالم يلمسونه عن قرب من خلال الرحلات المجانية التي تقدمها هذه المؤسسات، والتي لولا مجانيتها لما تمكن الكثير من هؤلاء الشباب من السفر إلى "اسرائيل" ورؤية مسرح الجريمة بأم عينهم


اقرأ/ي أيضًا:

لقمة العيش تأكلنا

انتبه أمامك "ذكريات إسرائيلية تجرح"

عندما يكون الإعجاب مليئًا بالكراهية