28-نوفمبر-2020

Getty

الترا فلسطين | فريق التحرير

أصدر "مركز الزيتونة" ملخّصًا مكثّفًا ومترجمًا لكتاب "الإخوة الأعداء، إسرائيل وممالك الخليج"، في محاولة لتقديم  فهم أفضل للعلاقات الآخذة بالتطور بين "إسرائيل" ودول الخليج، ولا سيما مع السعودية والإمارات والبحرين، ليس فقط كتحالفات رسمية، ولكن كمظهر عام من مظاهر نظام أمني ضمني. 

والكتاب في أصله الإنجليزي "Fraternal Enemies: Israel and the Gulf Monarchies" من تأليف كلايف جونز Clive Jones ويويل جوزانسكي Yoel Guzansky، صادر في لندن 2019، ويقع في 224 صفحة، ويقول مركز الزيتون إن من شأن هذه الترجمة التي تأتي وسط موجة الإعلان عن اتفاقات التطبيع، ستساعد الباحثين والمتابعين لشؤون المنطقة على فهم خلفيات العلاقة ومآلاتها.

غلاف الكاتب الصادر بالإنجليزية في 2019

وجاء في الترجمة المكثفة للكتاب أن هذه التحالفات تأتي كمظهر عام من مظاهر نظام أمني ضمني (غير معلن) Tacit Security Regime، يسمح باستكشاف وتحليل تطور العلاقات بين هذه الدول مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذه العلاقات في مثل هذه الأحوال نادرًا ما تكون قائمة على اتفاقيات مكتوبة، أو يكون بين أطرافها أي قيم معيارية مشتركة، خصوصًا مع وجود اعتبارات أيديولجية لدى الطرفين تمنع قيامها على أسس دبلوماسية أكثر رسمية. 

فعلى سبيل المثال، فإنه بغض النظر عن مدى إخلاص أنظمة الخليج للقضية الفلسطينية في الحقيقة، فإن رمزية فلسطين في الشارع العربي، ورفض اليمين الإسرائيلي قبول تقديم تنازلات في الضفة الغربية بما في ذلك شرقي القدس، يضعان قيودًا على تقديم تصورات أكثر انفتاحًا ومرونة وشمولًا حول الأمن الجماعي للأطراف المعنية. وبالتالي، فإن فهم العلاقات الخليجية الإسرائيلية من خلال منظور الأنظمة الأمنية الضمنية له فائدة واضحة: فهو يسمح بالتعاون الأمني بين الجهات المعنية (لا سيما بخصوص إيران) ولكن دون المساومة على المواقف السياسية الحسّاسة التي قد تؤدي إلى تأجيج معارضة داخلية.

وتظهر ترجمة الكتاب سياقًا تاريخيًا للعلاقات بين "إسرائيل" ودول الخليج بدءًا من مبادرة الملك فهد التي تبلورت فيما بعد لما يعرف بالمبادرة العربية، لينتقل للحديث بالتفصيل عن العلاقات مع كل من عمان وقطر والبحرين والإمارات العربية المتحدة والسعودية.

     كيف تستثمر "إسرائيل" في التغيّرات الحاصلة في الشرق الأوسط لصالحها، من خلال محاولة بلورة اصطفافات جديدة في الشرق الأوسط    

وتلخص الترجمة كيف تستثمر "إسرائيل" في التغيّرات الحاصلة في الشرق الأوسط لصالحها وذلك من خلال محاولة بلورة اصطفافات جديدة في الشرق الأوسط مبنية على على مواجهة إيران والإسلام السياسي معًا. كما تحاول "إسرائيل" من خلال هذه الاصطفافات الوصول إلى تسوية على أساس مبادرة سعودية جديدة تقوم على أنقاض المبادرة العربية وتحقق لها مكاسب أكبر.

ويبين الكتاب كيف أنه في سبيل ذلك، غضّت "إسرائيل" الطرف عن صفقات الأسلحة الأمريكية للدول العربية ولا سيما اتفاقية "123" التي وقعتها الولايات المتحدة مع الإمارات والتي تهدف لنقل التكنولوجيا النووية إلى أبوظبي لبناء أول مفاعل نووي لها. 

ورغم أن "إسرائيل" لطالما اعتبرت أن تطوير أي قدرة نووية من قبل أي دولة عربية يمثل تحديًا أمنيًا لها، إذ كانت ترى فيه جزءًا لا يتجزأ من مشروع إنشاء برنامج أسلحة نووية، إلا أن الموقف الإسرائيلي من هذه الاتفاقية شكّل إشارة واضحة على أن الحسابات الإقليمية الإسرائيلية قد تغيّرت، حيث كان ملفتًا غياب أي جهد لحشد معارضة للصفقة في أروقة الكونغرس. 

ويخلص الباحثان إلى أن موقف نتنياهو الداعم ضمنيًا للسعودية ولولي العهد محمد بن سلمان بشكل خاص بعد حادثة اغتيال جمال خاشقجي، وسكوته عن صفقات الأسلحة التي وقعت بين إدارة ترامب والسعودية، ربما يكونا من أهم الأسباب التي مهدت لقبول السعودية بما يسمى بـ "صفقة القرن".

ومن ناحية أخرى، توضح ترجمة الكتاب معلومات مكثفة عن استثمار "إسرائيل" في القوة التكنولوجية الناعمة، وخصوصًا الاستثمارات التكنولوجية الأمنية في الإمارات والتعاون العلمي مع عمان في مجال أبحاث الري وتحلية مياه البحر.

وتنقل الترجمة خلاصة رأي الكاتبين في أن النظام الأمني الضمني الذي تبلور بين هؤلاء الخصوم السابقين، يمكن أن يصبح نموذجًا لفهم التحولات في التحالفات وأنظمة الأمن الإقليمية على نطاق أوسع قد يمتد إلى كل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وما وراءهما.


اقرأ/ي أيضًا: 

سياسات عربية: عن سنوات الانقسام والحصار والنار في غزة