24-سبتمبر-2022
gettyimages

gettyimages

أقر الكنيست الإسرائيلي في عام 2014 قانونًا ينص على رفع نسبة الحسم في انتخابات الكنيست من 2% إلى 3.25%، في مقترح بادر إليه زعيم حزب "يسرائيل بيتنو" أفيغدور ليبرمان، وكان يتطلع من ورائه إلى تقليص المقاعد التي حصلت عليها الأحزاب العربية في الكنيست. في حين، اعتبرت منظمات حقوقية عدة وخبراء أن القانون يستهدف إقصاء الأحزاب العربية من المشهد البرلماني، وهو الأمر الذي فرض عليها، تشكيل القائمة المشتركة من أجل التمكن من اجتياز نسبة الحسم ودخول الكنيست. واستبعد ليبرمان أن تجتمع الأحزاب العربية في قائمة واحدة، من خلال التنوع الفكري والايديولوجي للأحزاب العربية، أي كيف  كيف سيجتمع الشيوعي والإسلامي والقومي، وراهن لبيرمان في لقاءٍ تلفزيوني على أن رفع نسبة الحسم ستخرج حزب التجمع من الكنيست.

جهاز المخابرات الاسرائيلية "الشاباك"، تدخل في الكنيست سعيًا منه لمنع تشريع قانون رفع نسبة الحسم، خشيةً من اتحاد الأحزاب العربية

خلف كواليس تلك المرحلة تكشف صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية، أن جهاز المخابرات الاسرائيلية "الشاباك"، تدخل في الكنيست سعيًا منه لمنع تشريع قانون رفع نسبة الحسم، خشيةً من اتحاد الأحزاب العربية، باعتبار أن ذلك وصفةً لتعزيز "التطرف القومي". وعن ذلك كتب المحلل السياسي الشهير في "إسرائيل" عميت سيغال: "الشاباك، لا يُكثر التدخل في تشريعات الكنيست – تدخل عادةً في ملفات تتعلق بالأسرى الفلسطينيين مثلًا-، ولم يقدم تقريبًا أي رأي يتعلق بالتشريعات. لكن في عام 2014، توجه قادة الجهاز الى رؤساء الأحزاب الصهيونية في الكنيست وحثوهم على الامتناع عن رفع نسبة الحسم إلى أربعة مقاعد". ويضيف، "أريه درعي زعيم حركة شاس كان يدعم رفع نسبة الحسم لتصفية خصمه إيلي يشاي الذي قرر خوض الانتخابات منفردًا، وليبرمان الذي كان يريد تعزيز الاستقرار السياسي للنظام السياسي، نجح في رفع نسبة الحسم. لكن الشاباك كان قلقًا من سيناريو تحقق في النهاية، وهو اتحاد يجمع الأحزاب العربية في قائمة واحدة".

وبحسب سيغال فإن التخوف الأكبر كان نتيجة الاعتقاد بإن وحدة الأحزاب العربية سوف تدفع باتجاه ما وصف بـ"التطرف القومي" بدلًا من التمركز في الوسط. وعند العمل سن القانون، وخلال جلسات محادثات مغلقة نقل عن رئيس المعارضة الإسرائيلية آنذاك والرئيس الإسرائيلي الحالي يتسحاك هرتسوغ، تحذيرًا طرحه حول نية الائتلاف الحكومي رفع نسبة الحسم في الكنيست، مشيرًا إلى أن ذلك يساهم بتشكيل حزب فلسطيني داخل الكنيست. يعقب سيغال، "بعد مرور كل هذا الوقت من الصعب الحسم هل كان الشاباك وهرتسوغ محقين، ومن الجهة الأخرى القائمة المشتركة مالت نحو التطرف، حتى قام منصور عباس بتفكيكها سعيًا للانضمام إلى الائتلاف الحكومي الصهيوني".

والمفارقة حالياً،  أن هناك مخاوف لدى "قادة المنظومة الأمنية الإسرائيلية" وهذا مصطلح مطاط يستخدمه الإعلام العبري، ويتسع لقادة الجيش و"الشاباك" معاً، من تفكك القائمة العربية، واستخدام المصطلح الفضفاض، أي قادة المنظومة الأمنية، يأتي للتخيف من ردة فعل محتملة من الإسرائيليين الليبراليين الذين يعارضون تدخل الجيش والمخابرات في الحياة السياسية الداخلية.

وفي مقال عميت سيغال الأسبوعي الأخير، تطرق إلى تفكك القائمة المشتركة، قائلًا: "الآن قادة كبار في المنظومة الأمنية يخشون مجددًا، وهذه المرة من سيناريو معاكس: في نهاية الانتخابات الحالية، وبسبب الانقسام الخبيث بين عودة وعباس وأبو شحادة، فإن الأقلية العربية داخل اسرائيل ستتنازل عن التمثيل في الكنيست، الأمر الذي سيضاعف بشكل درامتيكي انعزالهم عن الدولة ولجوئهم إلى العنف، وأحداث حارس الأسوار (هبة أيار) وضعت علاقات اليهود والعرب في اختبار هو الأصعب منذ أحداث تشرين الأول/ أكتوبر في مطلع الانتفاضة الثانية، وربما منذ الحكم العسكري، الذي فُرض على الفلسطينيين داخل الخط الأخضر بعد النكبة، والتيار الانفصالي من العرب أصابه الضعف عبر صناديق الاقتراع لكنه عزز قوته في الشارع. بالامكان الاشتباه بأن هذا هو هدف حزب التجمع من خوض الانتخابات الكنيست، تفجير كل الجسور بين العرب داخل إسرائيل والسلطة الصهيونية، وسقوط عودة والطيبي وعباس تحت نسبة الحسم ليست خسارة بل هي الهدف الرئيسي"، بحسب مقال سيغال.

الأهم، مما كشفه سيغال عبر "يديعوت أحرنوت" هو ما بين السطور في مقاله، ثمة مسلمات في عقل "الشاباك" (جهاز المناعة في إسرائيل) بالإمكان افتراضها بسهولة، أولها: الفلسطينيون داخل الخط الأخضر الذي فرضت عليهم المواطنة الإسرائيلية قسرًا بعد النكبة، وهم يشكلون خطرًا سواء شاركوا في الحياة السياسية بالترشيح والانتخاب، وسواء كانوا مجتمعين أو متفرقين، وحتى في حال قاطعوا صناديق الاقتراع، فإنهم خطر بكل الأحوال، لكن الأخطر من ذلك كله، هو أن "الشاباك" وقادة الأحزاب الإسرائيلية، خلال حواراتهم خلف الكواليس وبخلاف المعلن، فإنهم يرون في العرب سواء كانوا داخل الكنيست أم خارجها "قضية أمنية"، ويتم التعامل معهم والتفكير بهم على هذا الأساس.