16-أكتوبر-2016

ظُهر يوم الخميس (29 أيلول/سبتمبر) الماضي، لاحق رئيس بلدية زعترة الواقعة شرق بيت لحم، شاحنات إسرائيلية دخلت حدود بلدته وتوجّهت لمنطقة وادي المستوصف، لتفريغ 36 برميلًا تحوي مواد زيتية غريبة، على شارع غير معبّد. الحادثة قد تكون يتمية في ذات القرية، لكنّها ليست كذلك على نطاق الضفة الغربيّة.

فمشاهد شاحنات تحمل لوحات تسجيل إسرائيلية، تلقي حمولتها من النفايات المريبة في المناطق الفلسطينية، بات يتكرر كثيرًا، تُلقي الشاحنات ما في جعبتها من نفايات، وتعود أدراجها إلى المناطق الإسرائيلية، مُخلّفة وراءها مواد سامة ومسرطنة، وملوثة للمياه والتربة، ومهددة للصحة البشرية.

من يعمل على استيراد النفايات الخطرة إلى الأراضي الفلسطينية يلاقي عقوبة تصل السجن المؤبد مع الأشغال الشاقة، بحسب قانون البيئة الفلسطيني

سلطة جودة البيئة، قالت في حينه إنّها ضبطت بالتعاون مع الضابطة الجمركية شاحنات تحمل نفايات سائلة، هي عبارة عن مادة هلامية لزجة، وألوانها أسود، وأصفر، وأخضر، مشيرة إلى أنّها نقلتها للفحص، وحجزت الشاحنات وحققت مع سائقيها.

نفايات إسرائيلية تم ضبطها في قرية زعترة قضاء بيت لحم
شاحنات نفايات إسرائيلة تم ضبطها في قرية زعترة قضاء بيت لحم

"البراميل كانت تخرج منها رائحة كريهة جدًا، وأخبرتني سلطة البيئة أنّها مواد كيماوية زيتية خطيرة"، يقول رشيد لـ "الترا فلسطين"، لكنّ سلطة جودة البيئة ما زالت تقول إن المواد تخضع للفحص في مختبرات وزارة الصحة، ولم تُعرف نتيجتها بعد.

اقرأ/ي أيضًا: احتلال مجاني؟ لا بل رابح

قرية زعترة، البعيدة عن مدينة بيت لحم، مسافة 12 كيلومترًا، تقع ضمن مناطق السيطرة الفلسطينية، وتخلو البلدة من أي مكب للنفايات سواء كان خاصًا أو عامًا، حسب رئيس البلدية. ويقول الأهالي إنّها المرّة الأولى التي تحدث فيها مثل هذه الحادثة، في قريتهم.

أهالي القرية تساورهم الشكوك بوجود عمليات دفن لنفايات إسرائيلية، ومخاوفهم نابعة من كون مكان إلقاء النفايات السائلة مجهولة المصدر، لا يبعد أكثر من 300 متر عن أحد الأحياء السكنيّة.

ويقول رشيد، إنّه وبحسب التحقيقات التي اطّلع عليها، فإن الشاحنات التي وصلت القرية كانت قادمة من مدينة العفولة في الداخل الفلسطيني المحتلّ، وادعى سائقوها أنهم يجهلون محتواها، وتم إطلاق سراحهم بعد التحقيق معهم لساعات، وإعادة الشاحنات المشبوهة بمحتوياتها إلى الجهة التي قدمت منها. متسائلًا في الوقت ذاته عن سبب التخلص من هذه النفايات في قريته، رغم أن الشاحنات التي حضرت من العفولة مرّت بالكثير من المناطق قبلها؟

حالة من بين حالات كثيرة تم ضبطها مؤخّرًا في الضفة الغربية

نائب رئيس سلطة جودة البيئة جميل مطور قال لـ "الترا فلسطين" إنّ هذه حالة من بين حالات أخرى تم ضبطها مؤخّرًا في الضفة الغربية، وتحديدًا في مناطق بيت أمر وحلحول شمال الخليل، وقلقيلية وطولكرم، ولكل حالة خصوصية مختلفة، لكنّها تجتمع في أنّها مواد خطرة.

وكانت سلطة جودة البيئة أعلنت في نهاية شهر أيلول/سبتمبر الماضي، أنها أعادت مشاحنة إسرائيلية محملة بنفايات مهرّبة، تحوي مخلفات البلاستيك، والنايلون، ومشاتيح الخشب، قادمة من المنطقة الصناعية الإسرائيلية "جيشوري" المقامة على أراضي غرب طولكرم، إلى إسرائيل، بعد أن كانت على وشك دخول مدينة قلقيلية.

اقرأ/ي أيضًا: العمل الأهلي الفلسطيني.. كرة في ملعب التمويل

ويتهم المطور إسرائيل بخرق اتفاقية بازل لـ "النفايات الخطرة" من خلال إدخالها هذه النفايات إلى مناطق السلطة الفلسطينية، رغم أنها عضو في الاتفاقية التي تنصّ على أنّه "يحق للدولة التي تصل أراضيها أي نفايات خطيرة من دول مجاورة إعادتها إليها". وانضمّت فلسطين إلى اتفاقية بازل عام 2015، التي أقرت كاتفاقية دولية وأصبحت نافذة عام 1992.

ويتضمّن المحلق الخاص باتفاقية أوسلو التي وقعتها منظمة التحرير مع إسرائيل، نصًا خاصًا حول قضية النفايات وتهريبها، وجاء فيه "كل طرف سيعمل على اتخاذ التدابير اللازمة لضمان عدم إلحاق أضرار بيئية بالمناطق التي يسيطر عليها الطرف الثاني، وكل طرف سيعمل على اعتماد المعايير البيئية المعترف بها دوليًا فيما يخص درجة الملوثات المنبعثة إلى البيئة ودرجة معالجة النفايات الصلبة والمياه العادمة، وكيفية استخدام ونقل وتخزين النفايات الخطرة"، وهو ما لا تلتزم به "إسرائيل".

جهاز الإحصاء المركزي قدّر كميات نفايات المستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية بحوالي 176 طن سنويًا

وفي ظلّ غياب أرقام فلسطينية واضحة ومحددة، حول عمليات التهريب التي تجري كونها "عملية مفتوحة" إلا أن جهاز الإحصاء المركزي قدّر كميات نفايات المستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية بحوالي 176 طن سنويًا، دون توضيح طبيعة هذه النفايات إن كانت منزلية أم صلبة خطرة.

نفايات إسرائيلية تم ضبطها في الضفة الغربية

ويرى نائب رئيس سلطة جودة البيئة أن محاولات التهريب الإسرائيلية تجري بعلم جيش الاحتلال، وتنفّذها شركات خاصة أو سماسرة، للتخلص من هذه النفايات بدل معالجتها بسبب التكاليف المادية العالية، ثم إنّ التخلص منها في مناطق الضفة أقل كلفة.. "فليعالجوا نفاياتهم في محطاتهم، بلدنا مش مكب نفايات"، كاشفًا أن سلطة جودة البيئة ضبطت في وقت سابق مواد سامة ومسرطنة وملوثة للمياه والتربة، وتهدد الصحة البشرية.

وتتذرّع سلطة البيئة بأن عدد مفتيشها محدود، الأمر الذي لا يمكّنها من ملاحقة محاولات التهريب. وتشير إلى أنّها تعمل على إعداد المحاضر والنماذج الخاصة باتفاقية بازل، لتسليم شكوى رسمية إلى سكرتير الاتفاقية لمتابعة الخروقات الإسرائيلية.

وأشار تقرير قدّمته سلطة جودة البيئة إلى المقرر الخاص لحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطيني مكارم ويبسون العام الماضي، إلى أن "إسرائيل" مازالت تواصل عمليات التهريب بطرق مختلفة إلى أراضي الضفة، ويوجد بالضفة 34 مكبًا إسرائيليًا للتخلص من النفايات دون الفصل بينها سواء العادية أو الخطرة.

وينصُّ قانون البيئة الفلسطيني في مادته رقم (13)، على أنّ كل من يعمل على استيراد النفايات الخطرة إلى الأراضي الفلسطينية يلاقي عقوبة تصل إلى السجن المؤبد مع الأشغال الشاقة.

نفايات إسرائيلية تم ضبطها في الضفة الغربية

 

نفايات إسرائيلية تم ضبطها في الضفة الغربية

 

اقرأ/ي أيضًا: 

مستوطنات جنين.. هل هذا ما سنفعله بعد التحرير؟

فلسطين.. احتلال عيد الميلاد أيضًا

"طريق الثوار خضرا".. تطويع الجبال الفلسطينية

دلالات: