05-ديسمبر-2024
جرائم الإبادة الجماعية في غزة

أعلنت منظمة العفو الدولية، صباح يوم الخميس، أن بحوثها وجدت أدلة وافية تثبت أن "إسرائيل" قد ارتكبت، وما تزال ترتكب، جريمة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.

تحدَّثت منظمة العفو الدولية عن 15 غارة جوية أسفرت عن استشهاد 334 مدنيًا، بينهم 141 طفلاً، ولم تعثر على أي أدلة تُثبت أن أيًا من هذه الغارات كانت موجهة لهدف عسكري. وهذه الحالات لا تمثل سوى غيض من فيض

وأجرت منظمة العفو الدولية، في تحقيقها، مقابلات مع 212 شخصًا، من بينهم ضحايا وشهود فلسطينيون وأفراد من السلطات المحلية في قطاع غزّة وعاملون في مجال الرعاية الصحية، كما أجرت أبحاثًا ميدانية وتحليلًا لمجموعة واسعة من الأدلة المرئية والرقمية، بما فيها صور الأقمار الصناعية. وحللت منظمة العفو أيضًا تصريحات كبار المسؤولين الحكوميين الإسرائيليين والمسؤولين العسكريين، والهيئات الرسمية الإسرائيلية.

وأشارت إلى أن القانون الدولي يُقر أن ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية ليس مرهونًا بنجاح الجاني في مسعاه لتدمير الجماعة التي تحظى بالحماية، سواء كليًا أم جزئيًا؛ بل يكفي ارتكاب الأفعال المحظورة بقصد تدمير الجماعة بصفتها هذه.

وأكدت منظمة العفو الدولية، في تقريرها، أن أفعال "إسرائيل" أدت إلى دفع سكان قطاع غزّة إلى شفا الانهيار، وأسفرت في كثير من الأحيان عن إبادة عائلات متعددة الأجيال بأكملها، ودمار لم يسبق له مثيل في أي صراع آخر في القرن الحادي والعشرين.

ووثق التقرير ثلاثة أنماط متزامنة، فاقمت الآثار المدمرة لبعضها البعض بصفة متكررة، وهي: تخريب وتدمير مرافق البنية التحتية الداعمة للحياة، وغيرها من الأعيان التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة، والاستخدام المتكرر لأوامر الإخلاء الجماعي الواسعة النطاق، والتعسفية، والمبهمة بهدف التهجير القسري لجميع سكان قطاع غزّة تقريبًا، وحرمانهم من الخدمات الأساسية، والمساعدات الإنسانية، وغيرها من الإمدادات اللازمة لإنقاذ الحياة، وعرقلة إيصالها إلى القطاع وبداخله.

وتحدَّثت منظمة العفو الدولية عن 15 غارة جوية بين 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 و20 نيسان/أبريل 2024، أسفرت عن استشهاد 334 مدنيًا، بينهم 141 طفلاً، مبينة أنها لم تعثر على أي أدلة على أن أيًا من هذه الغارات كانت موجهة لهدف عسكري.

وأكدت، أن هذه الحالات لا تمثل سوى غيض من فيض تلك الغارات الجوية الإسرائيلية، لكنها تشير إلى نمط أوسع من الهجمات المباشرة المتكررة على المدنيين والأعيان المدنية أو الهجمات العشوائية المتعمدة.

وشدَّدت منظمة العفو أن هذه الهجمات نُفِّذَت بأساليب يراد بها إيقاع عدد كبير جدًا من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين.

وأفادت المنظمة، أن "إسرائيل" فرضت ظروفًا معيشية في القطاع خلقت مزيجًا من سوء التغذية والجوع، والمرض، وساقت الفلسطينيين إلى موت بطيء ومتعمد. وأخضعت المئات من الفلسطينيين للاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة.

وأضافت، أن بعض الأفعال التي شملها التقرير، عند النظر إليها بمعزل عن غيرها، فإنها تمثل انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني أو القانون الدولي لحقوق الإنسان. ولكن عند النظر إلى "الحملة العسكرية" في مجملها "يتجلى قصد الإبادة الجماعية باعتباره الاستنتاج المنطقي الوحيد".

واطَّلعت منظمة العفو الدولية على 102 من التصريحات التي أدلى بها مسؤولون في حكومة الاحتلال والجيش، خلال الفترة بين 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 و30 حزيران/يونيو 2024، وكانت تجرد الفلسطينيين من إنسانيتهم، أو تحض على ارتكاب أفعال الإبادة الجماعية أو غيرها من الجرائم ضدهم أو تسوق مبررات لها.

وتابعت، أن 22 من هذه التصريحات الصادرة عن كبار المسؤولين حول إدارة الهجوم العسكري تدعو إلى ارتكاب أفعال الإبادة الجماعية أو تبررها، مما يقدم دليلًا مباشرًا على قصد الإبادة الجماعية.

كما أظهر محتوى سمعيٌ ومرئيٌ تحققت منه منظمة العفو الدولية، أن لغة الإبادة الجماعية تكررت على ألسنة الجنود الإسرائيليين في الميدان، الذين ظهروا وهم يطالبون بـ"محو" غزة، أو جعلها أرضًا خرابًا غير صالحة للعيش، ويحتفلون ويهللون لتدمير منازل الفلسطينيين، ومساجدهم، ومدارسهم، وجامعاتهم.

وأكدت منظمة العفو الدولية أن ادعاءات جيش الاحتلال بأن حركة حماس تستولي على المساعدات، وأن مقاتليها يختبئون بين المدنيين، هي "ادعاءات عديمة المصداقية"، مشيرة إلى أن وجود مقاتلي حماس بالقرب من منطقة مكتظة بالسكان أو داخلها لا يعفي "إسرائيل" من التزاماتها التي تستوجب اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لدرء الأخطار عن المدنيين وتجنيبهم الهجمات العشوائية أو غير المتناسبة.

وقالت العفو الدولية، إنها لم تعثر على أي دليل على أن تحويل وجهة المساعدات كان سببًا للقيود المفرطة والمتعمدة التي فرضتها "إسرائيل" على إيصال المساعدات الإنسانية المنقذة للأرواح.

وأشارت إلى أن "إسرائيل" أتيحت لها الفرصة مرة تلو الأخرى لتحسين الأوضاع الإنسانية في قطاع غزّة، ولكنها ظلت ترفض مرارًا وتكرارًا على مدى أكثر من عام اتخاذ خطوات تقع بشكل واضح ضمن سلطتها، مثل فتح نقاط العبور الكافية إلى القطاع، أو رفع القيود الصارمة عمّا يمكن إدخاله إلى القطاع، أو عرقلتها لإيصال المساعدات داخل القطاع في الوقت الذي ظلت فيه الأوضاع تزداد سوءًا على سوء.

وأضافت، أن الظروف السائدة في غزة سرعان ما أصبحت غير صالحة للحياة البشرية، إلا "إسرائيل" رفضت النظر في أي تدابير من شأنها أن توفر الحماية للمدنيين المهجّرين، وتكفل تلبية احتياجاتهم الأساسية، مما يُظهر أن أفعالها كانت متعمدة.

وعلقت أنياس كالامار، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، قائلة إن التقرير "يُثبت بوضوح أنها ارتكبت أفعالًا تحظرها اتفاقية منع الإبادة الجماعية، بقصد خاص ومحدد، وهو تدمير الفلسطينيين في قطاع غزّة".

وأضافت أنياس كالامار، أن "إسرائيل" ظلَّت على مدار شهور تعامل الفلسطينيين وكأنهم فئة دون البشر لا يستحقون حقوقًا إنسانية ولا كرامة، وأظهرت أنَّ قصدها هو تدميرهم المادي.

منظمة العفو الدولية: يجب أن تكون نتائجنا الدامغة بمثابة صيحة تنبيه للمجتمع الدولي، أن هذه إبادة جماعية، ولا بد أن تتوقف الآن

وتابعت: "يجب أن تكون نتائجنا الدامغة بمثابة صيحة تنبيه للمجتمع الدولي، أن هذه إبادة جماعية، ولا بد أن تتوقف الآن".

وأكدت، أن الدول التي تواصل توريد الأسلحة لـ"إسرائيل" تخل بالتزامها بمنع الإبادة الجماعية، وأنها عرضة لأن تصبح متواطئة في الإبادة الجماعية.

ودعت كالامار، الدول جميعها التي تمتلك نفوذًا على "إسرائيل"، خاصة أهم الدول التي تزودها بالأسلحة مثل الولايات المتحدة الأميركية وألمانيا، والدول الأخرى الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، إلى "التحرك فورًا والضغط من أجل إنهاء الفظائع التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين".