29-يوليو-2021

صورة توضيحية: حارس سجن إسرائيلي يراقب أسرى فلسطينيين | gettyimages

الترا فلسطين | ترجمة فريق التحرير

كشفت دراسة تأريخية توثيقية قيام سلطات الاحتلال بإبعاد أسرى إداريين فلسطينيين لا يشكلون خطرًا على الاحتلال، ودون محاكمة أو إجراءات قضائية، وحتى دون التنسيق مع السلطات الأردنية أو إبلاغ الصليب الأحمر، في عملية أطلق عليها اسم "نزيل المشفى"، وتم الكشف عنها من قبل جمعية "عيكفوت" الإسرائيلية، الخميس 29 تموز/يوليو.

تم تزويد كل منهم بقبعة ودينار أردني واحد، ثم طُلب منهم التوجه إلى الحدود الأردنية وعدم العودة وإلا سيتم إطلاق الرصاص عليهم

وبحسب التلخيص الذي نشرته "عيكفوت"، فإن الدراسة تكشف أنه في شهر حزيران/يونيو 1970 شرعت إدارة سجون الاحتلال بتجميع أسرى فلسطينيين ضمن مجموعات بعد نقلهم من سجون عديدة في بئر السبع، ومن هناك نُقِلت المجموعات بوتيرة كل أسبوعين أو ثلاثة لنقطة مقفرة في وادى عربه، حيث تم تزويد كل منهم بقبعة ودينار أردني واحد، ثم طُلب منهم التوجه إلى الحدود الأردنية وعدم العودة مطلقًا، وإلا سيتم إطلاق الرصاص عليهم.

اقرأ/ي أيضًا: كتاب إسرائيلي يوثق النهب اليهودي لأملاك العرب إبان النكبة

وأوضحت الدراسة، أن أكثر من 800 فلسطيني تم إبعادهم بهذه الطريقة على مدار عامين، وقد ظلت عملية الإبعاد القسري هذه مخفية عن الجمهور الإسرائيلي، رغم انقضاء 50 سنة عليها.

وبعد شهرين من انطلاق عمليات الإبعاد القسري، طلب مدير عام وزارة الخارجية موشي ساسون من ممثل الوزارة في الضفة الغربية يهوشوع الموغ، فحص إمكانية توسيع نطاق هذه العملية، وقد فحص الأخير، بدوره، الأمر مع العقيد شلومو غازيت -الذي أصبح لاحقًا منسق أعمال حكومة الاحتلال- وتم تلخيص وثيقة سرية حول ما توصلت إليه جهوده الهادفة لتوسيع نطاق العملية حسب الطلب.

أكثر من 800 فلسطيني تم إبعادهم بهذه الطريقة على مدار عامين، وقد ظلت عملية الإبعاد القسري هذه مخفية عن الجمهور الإسرائيلي

حتى تلك اللحظة، كان 106 أسرى إداريين قد تم إبعادهم على 11 دفعة إلى الضفة الشرقية جنوب البحر الميت، وتم اختيارهم على أساس أن يكونوا قضوا عامين في السجن بناءً على أمر اعتقال إداري، لكن النية كانت توسيع نطاق الإبعاد ليشمل من مكثوا سنة واحدة في السجن.

اقرأ/ي أيضًا: تحقيق إسرائيلي يكشف تفاصيل مرعبة إبان النكبة

تؤكد جمعية "عيكفوت"، أن الأسرى المبعدين لم يشكلوا خطرًا أمنيًا على الإسرائيليين، وأغلبهم كانوا أسرى إداريين، ولم يتم إخضاعهم للمحاكمة، بل تم اعتقالهم بسبب الاشتباه بتنفيذهم مخالفات "خفيفة نسبيًا"، مثل الانتماء لتنظيمات معادية أو تقديم خدمات لهذه التنظيمات، مشددًا أنه لم يكن بين الأسرى المبعدين قسريًا أشخاصٌ أدينوا بتنفيذ عمليات.

وبحسب ألموغ، مندوب وزارة الخارجية المكلف بدراسة الملف، فإنه نصح بتوسيع نطاق عملية "نزيل المشفى" ولكن بهدوء وفق ما حدث حتى تلك اللحظة، وليس عبر مجموعات كبيرة كما كان مقترحًا، بحيث يتم انتقاء مجموعة تتراوح بين 10 إلى 15 في كل دفعة إبعاد، "لتجنب اتهامنا بتنفيذ عمليات إبعاد جماعية" وفق تبريره.

الأسرى المبعدين لم يشكلوا خطرًا أمنيًا على الإسرائيليين، وأغلبهم كانوا أسرى إداريين، ولم يتم إخضاعهم للمحاكمة

واستعرضت "عيكفوت" في دراستها ملف الأسير محمود سعيد خليل شاهين، وهو أسير إداري سنة 1968 بتهمة إيواء ضابط معادي. جاء في الملف، أن الأسير شاهين كان صلبًا في التحقيق ولم يعترف، ليتم الإفراج عنه في شهر كانون ثاني/يناير 1969، لكن في سنة 1971 أعاد الاحتلال اعتقاله بتهمة إيواء مقاومين في بستان.

اقرأ/ي أيضًا: سفاح كفر قاسم يكشف أخطر أسباب المجزرة

مرة أخرى، أنكر شاهين التهم المنسوبة له، إلا أن المخابرات الإسرائيلية زعمت -كما جاء في الملف- أنها تعتقد بأنها لو أفرجت عنه فسيعود لمزاولة نشاطه ضد الاحتلال.

وتقتبس "عيكفوت" شهادة أدلت بها محامية إسرائيلية، قالت فيها: "عمليات الإبعاد مستمرة وهي تثير الغضب الألم. أمهات أسيرين إداريين من القدس كانتا تقصدان مكتبي بشكل دائم، نجلاهما في سن 17 سنة؛ لكنهما رغم صغر سنهما كانا يساعدان عائلتيهما في تحصيل الرزق".

وأضافت المحامية في شهادتها، أن الأسيرين كانا معتقلان منذ عدة شهور لأسباب غير معلومة، ثم طردهما عبر وادي عربه إلى الضفة الشرقية حتى دون علم عائلتيهما.

يُذكر أن جمعية "عيكفوت" الإسرائيلية متخصصة بدراسة الأرشيف الإسرائيلي، ضمن محاولة لقراءة أحداث الصراع من زاوية الوثائق الأرشيفية للاحتلال.


اقرأ/ي أيضًا: 

الشهيدان أبو جامع: رحمتهما أفضت بهما إلى الموت