10-ديسمبر-2019

قادت الصدفة، الفنان مجاهد خلّاف، لتحويل بقعة من الكلور تكونت على قميصه إلى فن معاصر، ربط خلاله مادة الكلور بجدار الفصل العنصري، محاولاً التعبير عن الفكرة "بطريقة غير تقليدية، وبعيدًا عن الرسومات والألوان التي يمتلئ بها الجدار الفاصل" ويراها "مزعجة لأنها تمنحه طابعًا جماليًا".

قادت الصدفة، الفنان مجاهد خلّاف، لتحويل بقعة من الكلور تكونت على قميصه إلى فن معاصر، ربط خلاله مادة الكلور بجدار الفصل العنصري

من هنا وُلِد مشروع "في الكلور" للفنان خلاف في عام 2014، عندما كان يمرُّ أسبوعيًا من جدار الفصل العنصري عند حاجز قلنديا، فيفكر بطريقةٍ يزيل بها الرسومات والألوان الجميلة عن الجدار التي "كانت توحي للمارين بأن جدار الفصل شيءٌ جميل، بدلاً من رفضه" كما يقول في حديث لـ الترا فلسطين.

لم يكن خلّاف قد وصل إلى الحل لهذه الرسومات عندما أتلف الكلور قيمصًا أسود جديدًا لخلاف أثناء تنظيفه للأواني، فكانت الصدفة التي جعلته يبدأ مشروعه الفني الجديد باستخدام مادة الكلور في الرسم بدلاً من استخدامها في التنظيف، أو في إنتاج الغازات السامة والأسلحة المستخدمة في القمع والحروب.

كانت الرسمة الأولى بدءًا من تلك البقعة، إذ رسم منها جذع شجرة وأغصانًا وبينها وجه إنسان يصرخ.

"مادة الكلور وأعوادٌ قطنية ومسمار وبرغي ونكاشة أسنان، كانت عدتي للرسم في البداية. أما اللوحات والأقمشة التي استخدمتها فكانت الأسود، لأنني أردت أن يكون لي هوية خاصة مختلفة عن الفنانين الذين يلجأون عادة إلى الأبيض" قال خلاف شارحًا هويته الفنية.

مادة الكلور وأعوادٌ قطنية ومسمار وبرغي ونكاشة أسنان كانت هي عدة مجاهد خلاف للرسم في البداية

أتلف خلاف عدة قمصان سوداء في البداية قبل أن يُصبح قادرًا على التحكم بمادة الكلور، وكانت بداية أعماله الفنية في مشروع "في الكلور" برسم ستّ لوحاتٍ عنوانها جدار الفصل العنصري، وفي كل لوحة كان يرسمُ الجدارَ من زاوية مختلفة، إلا أن اللوحات تشاركت في فكرة رفض الجدار.

إلى جانب اللوحات، قرر مجاهد الرسم بالكلور على القمصان وتسويقها وبيعها، وكان يستخدم قماش "الكانفس" المصنوع من القطن الطبيعي، ويتحكم بدرجة اللون من خلال تركيز الكلور وتخفيفه بالماء، فينتج عنه ألوان الذهبي والحنطي والبرونزي والنحاسي.

بدأ مشروع "في الكلور" بالانتشار في المدن الفلسطينية، وبيعت القمصان في الأسواق، وأصبح المهتمون بإرسال طلباتٍ لخلَّاف طالبين منه الرسم والتخطيط على قمصان وستائر وكراسي.

شارك خلَّاف في مهرجان أسبوع التراث الفلسطيني في بيرزيت، وكان لـ"في الكلور" زاوية له يتردد عليها زوار المهرجان، ولفتت لوحات وقمصان خلاف الأجانب، فتعرفوا عليه وطلبوا منه السفر لألمانيا والمشاركة في معرض حول الديكتاتورية، ليكون بوابته نحو العالمية.

في ألمانيا، رسم مجاهد خلّاف جدارية من 18 مترًا، وأعماله بالكلور انتشرت في 53 دولة

في ألمانيا، شارك خلَّاف بجدارية من 18 مترًا، كانت عبارة عن كرسي غير ثابت مصنوع من قائمتين خشبيتين، وهناك أتاح له مشروع "في الكلور" منحة لدراسة الماجستير، عندما شاهد بروفيسوران عمله الفني وأثار دهشتهما، فدرس الفنون في جامعة بالنرويج.

وبيّن خلّاف، أنه عمل في متحفٍ بالنرويج أثناء إقامته فيها، وحازت أعماله "في الكلور" إثر ذلك انتشارًا في 53 دولة عبر العالم، وأصبحت تباع عبر متاجر إلكترونية، ثم بعد عودته لفلسطين في عام 2018، صار يشتري الأقمشة ويصممها في مصنع ويرسم عليها، واستخدم "الديجيتال ميديا" في التصاميم.

يحتاج خلّاف ما يقارب ثلاثة أسابع لرسم لوحة فنية من الكلور، في حين يحتاج إلى 15 دقيقة للرسم على القميص، أما عدد اللوحات التي رسمها منذ بداية مشروع "في الكلور" فيتراوح بين 20-30 لوحة، إضافة إلى آلاف القمصان، هذا عدا عن مشاركته في تسعة معارض محلية ودولية، وهو الآن يعمل في دار الكلمة الجامعية للفنون والثقافة.

لم يكن فن "في الكلور" الوحيد الذي يمارسه مجاهد، فإلى جانب ذلك أتقن فن ترميم الفسيفساء، والنحت، لكن مشروع "في الكلور" كان البوابة التي دخل منها إلى العالمية، فالمشروع بالنسبة له بلا حدود وآفاقه مفتوحة، وهو يعتبر الفن "مشاركة المعرفة".


اقرأ/ي أيضًا: 

عندما يصبح الطفل البدوي فنانًا

بالتجسيم.. نورا جردانة تفضي لـ"شيكيم" بسرها

مقارنات تأملية.. معرض للفنون في غزة

دلالات: