13-أكتوبر-2015

تظاهرة شرق رام الله (Getty)

كثيرًا ما يبدو لنا، أنّ القيادة السياسيّة للعرب في الداخل الفلسطيني المُحتلّ، والمُتمثّلة بلجنة المُتابعة بكافّة مركّباتها، غير واعية لوتيرة دوران الكرة الأرضيّة حولَ نفسها. فيُخيّلُ لنا، أنّه لو دارت الكرة الأرضيّة بعُشر وتيرتها الحاليّة، فرُبما قد تتمكّن لجنة المُتابعة من مواكبة الأحداث، والردّ بالوقت المُناسب على ما يجري في الساحة الفلسطينيّة.

يجب أن يكون الإضراب نقطة الانطلاق للتصدّي لجرائم الاحتلال ومخطّطاته، وإعادة تعريف معاني التحرّر التي أعطبها عهد أوسلو 

لقد أدّى تثاقُل وتلكّؤ المُتابعة، إلى الحاجة لظهور حراكات شبابيّة فعّالة ومُبدعة، تُحوّل الغضب الشعبيّ لفعلٍ سياسيٍّ مؤثّرٍ. وسرعان ما ازدادت ثقة الشباب الفلسطينيّ في الداخل بنفسه، وبقدرته على صُنع التغيير، وخصوصًا بعد الدور الأساس للشباب بتجميد مُخطّط "برافر" الاقتلاعيّ.
 
لا غرابة بأنّ مُعظم المُظاهرات ومُحاولات التصعيد في الداخل في الأيّام الأخيرة، حدثت بمبادراتٍ شبابيّة، سارعت لمُباركتها لاحقًا بعض الأحزاب، بغيابِ تحرّكٍ جدّيٍ من قبل المُتابعة، إلّا ما دعت لهُ من بابِ رفعِ العتب، واقتصر فقط على الدعوة (لمن استطاع إليه سبيلا)، دون بذل جُهدٍ يُذكر في التنظيم والحشد.
 
لأسبابٍ كثيرة، فإنّ تسارع الأحداث فلسطينيًا يتعلّق بالأساس بالتطوّرات في القدس والضفّة وغزّة، وقد يؤدّي ارتفاع عدد الشُهداء، إلى تسارع الأحداث أكثر وأكثر بشكل غير مُتوقّع. وهذا يثير العديد من الأسئلة، عن مدى قُدرة القيادة السياسيّة مواكبة الأحداث وتوجيه غضب الشارع.
 
الحراك الشعبيّ في الشارع مُتقدّم كثيرًا عن لجنة المُتابعة، ولحُسن الحظّ، الوتيرة الحاليّة لتسارع الأحداث تُحافظ على بُعد "معقول" ومقدور عليه بين المُتابعة والشارع، لكن لا أحد يستطيع أن يضمن بقاء الوضع القائم على ما هو. ففي حال اشتدّ القمع الإسرائيليّ وتصاعدت الهبّة الشعبيّة، وهو مُرتقب، وبقي حال المُتابعة على ما هو، فقد تقودنا المُتابعة للخلف، وتُحبط الخطوة الأولى التي قام بها الشباب الفلسطيني، الخروج إلى الشارع، ويَسهل حينها الاستفراد بمن "تمرّد" وانتفض، أو أن تتسّع الفجوة بين الشارع والقيادة، ما قد يضعنا أمام مخاطر كثيرة في ظلّ ما يمارسه الاحتلال من قمعٍ وترهيبٍ، والذي قد يتصاعد أكثر مع تطوّر الأحداث.
 
إعلان الإضراب العامّ يوم الثلاثاء هو الخطوة الصحيحة في الوقت المُناسب، ويجب أن يكون البداية ونقطة الانطلاق للتصدّي الحقيقيّ لجرائم الاحتلال ومخطّطاته، وإعادة تعريف معاني التحرّر والعدالة، التي أعطبها عهد أوسلو.. وبغير ذلك، نكون قد تعثّرنا بأنفسنا مرّةً أخرى، لكن الكرة الأرضيّة، حينها، لن تنتظر أحدًا.

اقرأ/ي أيضًا:

في الخصوصية الفلسطينية

انتفاضات الفلسطينيين بين الوعي الفطري والتاريخي