24-يونيو-2022
مخاوف من انهيار الأنروا (رويترز)

مخاوف من انهيار الأونروا (رويترز)

حذر المفوض المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينين (أونروا) فيليب لازاريني، من إمكانية انهيار الوكالة نتيجة الأزمة المالية التي تعاني منها منذ سنوات، مشيرًا إلى استنفاذ قدرة الوكالة على الاستجابة الداخلية لنقص التمويل. جاء حديثه خلال مؤتمر عقدته الأونروا في مقر الأمم المتحدة في نيويورك من أجل جمع التبرعات للوكالة.

حذر المفوض المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينين (أونروا) فيليب لازاريني، من إمكانية انهيار الوكالة نتيجة الأزمة المالية التي تعاني منها

وأشار لازاريني إلى أنه على مدار العقد الماضي، أصبح من الصعب على الأونروا الوفاء بالمهمات الواجبة عليها، نتيجة نقص التمويل من المانحين الرئيسيين والإقليميين، مشيرًا إلى أن ذلك ساهم في عجز في ميزانية الوكالة يقدر بحوالي 100 مليون دولار أمريكي. في الوقت نفسه، ساهم عدم القدرة بالتنبؤ في الأموال التي تصل للأونروا في عجزٍ بعملها، في ظل ازدياد حاجة اللاجئين الفلسطينيين للخدمات وازدياد تكلفتها.

وقال المفوض العام للوكالة، إن الأونروا فوضت عند تأسيسها بتقديم خدمات تشبه التي تقدمها حكومات، لكنها لا تمتلك الموارد المالية للحكومات وتعتمد بشكلٍ شبه كامل على التبرعات، ورغم ذلك تمكنت من إدارة نقص التمويل. لكنها الآن استنفذت الاحتياطيات المالية، وبدأت في إجراءات تقشف مما يؤثر على جودة الخدمات المقدمة.

وضرب لازاريني مثالًا على ذلك، مبيّنًا أن الفصول الدراسية تستوعب حوالي 50 طفلًا، وأن الدوام المدرسي تحول إلى فترتين، وأن الطبيب لا يستطيع أن يقضي أكثر من 3 دقائق مع كل مريض. موضحًا أن الوكالة تمتلك 28 ألف موظف، معظمهم معلمون وممرضون وأطباء ومهندسون وعمال خدمات من اللاجئين الفلسطينيين.

وقدمت الأونروا ميزانيةً تغطي تعليم أكثر من نصف مليون طالب وطالبة، وتقدم الرعاية الصحية الأولية لما يقارب مليوني مريض وشبكة أمان اجتماعي لما يزيد عن 400 ألف لاجئ فلسطيني من الأشد فقرًا، وتحتاج الوكالة إلى 817 مليون دولار من أجل تغطية هذه الخدمات. وطالبت الوكالة بالحصول على المبلغ كاملًا، بالإضافة إلى انتظام التبرعات والحصول على تمويل واضح لسنوات، من أجل زيادة القدرة على التنبؤ المالي.

كما عبر لازاريني عن خوف اللاجئين من أن يتخلى عنهم المجتمع الدولي، باعتبار أن الأونروا هي الركيزة الأخيرة الدائمة لالتزام المجتمع الدولي بحقهم في حياة كريمة وحقهم في حل عادل ودائم، مشيرًا إلى أن ضعف الوكالة يحصل في غياب حل سياسي للصراع. واستعرض لازاريني أوضاع اللاجئين الفلسطينيين، لافتًا النظر إلى أن تقليصات الأونروا تأتي في ظل ظروف سياسية واقتصادية وأمنية صعبة في الضفة الغربية وشرق القدس، مع ارتفاع حالات نزع الملكية والعنف وانعدام الأمن.

عرج لازاريني على أوضاع اللاجئين في سوريا، موضحًا أن الاحتياجات الإنسانية تبلغ أعلى مستوياتها منذ 12 عامًا

كما أن غزة تكافح من أجل التعافي من آثار الحرب في العام الماضي، ورغم أن هناك تقدمًا على مستوى إعادة تأهيل وإعادة بناء المنازل المتضررة من القصف، إلّا أن هناك عملية ستسغرق وقتًا أطول وهي الحالة النفسية والاجتماعية للفلسطينيين في غزة، خاصةً الأطفال، مشيرًا إلى أن طفلةً تبلغ من العمر 12 عامًا في قطاع غزة عاشت 4 حروب، ومنذ بداية حياتها تعيش تحت الحصار.

كما عرج لازاريني على أوضاع اللاجئين في سوريا، موضحًا أن الاحتياجات الإنسانية تبلغ أعلى مستوياتها منذ 12 عامًا، ومتحدثًا عن عودة اللاجئين الفلسطينيين للسكن في منازلهم المهدمة وفوق الأنقاض نتيجة عدم قدرتهم على تحمل تكاليف إيجار المنازل. أما في لبنان، فقد بين أن البلد نفسه يعاني من انهيار اقتصادي وارتفاع حاد في أسعار الوقود والغذاء والسلع الأساسية، قائلًا إن معظم اللاجئين الشباب يفكرون في خيار واحد وهو مغادرة البلد بأي ثمن حتى لو كان الثمن فقدانهم حياتهم.

وفي الأردن، أشار المسؤول الأممي إلى أن البيئة التي يعيشون فيها أفضل من البلدان السابقة، لكن احتياجاتهم تزداد عقب انتشار فيروس كورونا وصعوبة الوضع الاقتصادي. مبينًا أن أن الحرب في أوكرانيا ساهمت في ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكلٍ ملحوظ، وهو ما ساهم في ضرب الأمان الاقتصادي للاجئين الفلسطينيين. ويأتي ذلك مع ارتفاع معدلات الفقر بين اللاجئين الفلسطينيين لتصل إلى أكثر من 80% في مناطق عمل الوكالة، مشيرًا إلى أن هناك لاجئين يعيشون على وجبة واحدة في اليوم.

يتكامل ما سبق مع الوضع المالي الهش للوكالة بحسب وصف لازاريني، الذي قال إن تكلفة سلة الأغذية التي تقدمها الوكالة ارتفعت أكثر من 40% في قطاع غزة مقارنةً مع العام الماضي. مما تسبب في فجوة مالية تبلغ 72 مليون دولار. فيما تحتاج الأونروا بشكلٍ عاجل إلى 48 مليون دولار للحفاظ على المساعدات الغذائية والنقدية الطارئة للاجئين الفلسطينيين في سوريا ولبنان والأردن.

يدرك لازاريني أن تحديات الأونروا لا تحدث في فراغ، مشيرًا إلى تحول الأولويات الجيوسياسية والديناميكيات الإقليمية

ويدرك لازاريني أن تحديات الأونروا لا تحدث في فراغ، مشيرًا إلى تحول الأولويات الجيوسياسية والديناميكيات الإقليمية، وظهور أزمات إنسانية جديدة، مما تسبب في تقليل أولوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. داعيًا المانحين لتقديم الدعم للوكالة وتجنب أزمة إنسانية جديدة في عالم يشهد ما يكفي من الألم والبؤس، ويعاني الأزمات من أوكرانيا إلى أفغانستان والقرن الأفريقي.