18-أبريل-2019

لم يكن مستغربًا تفوق زعيم حزب "الليكود" بنيامين نتياهو على خصمه بيني غانتس زعيم ائتلاف "أزرق أبيض" في الانتخابات، فالأخير وشركاؤه من رؤساء الأركان والضباط السابقين وحليفهم يائير لابيد رئيس حزب "هناك مستقبل" لم يفلحوا في طرح بديلٍ لنتنياهو سواءً في المجال السياسي أو الاقتصادي أو في علاقة الدين بالدولة، بل أن أداء غانتس خلال المعركة الانتخابية أفقده الكثير من رصيده، ولكن تحليل نتائج الانتخابات يظهر ثلاث ملاحظاتٍ جوهريةٍ ستكون لها تداعيات مستقبلية بالغة الأهمية.

قادة تحالف "أزرق أبيض" فشلوا في طرح بديلٍ لنتنياهو سياسيًا واقتصاديًا وفي علاقة الدين بالدولة

الملاحظة الأولى: في ما يتعلق بدلالات السلوك الانتخابي للفلسطينيين داخل الخط الأخضر، فقد شهد التصويت انخفاضًا بشكل عامٍ بالتوازي مع ارتفاع التصويت للأحزاب الصهيونية، إذ تجاوزت هذه النسبة 29.7%، أي أن أكثر من 123 ألف شخص صوتوا لصالح الأحزاب الصهونية، وهذه النسبة سجلت ارتفاعًا تدريجيًا منذ انتخابات عام 2003 عندما بلغت حوالي 17%، ثم ارتفعت النسبة في انتخابات 2006 إلى 26.2%، لكنها تراجعت إلى 16.1% في انتخابات 2009، ثم عاودت الارتفاع قليلاً في انتخابات 2013 لتصل إلى 17.8%.

والخلاصة من هذه المعطيات التي يجب التأمل فيها ودراسة أسبابها ومستقبلها تأتي تحت سؤال أين ستصل هذه الظاهرة خلال السنوات أو العقود المقبلة؟ فمنحى زيادة ثقة الفلسطينين بالأحزاب الصهيونية في ازديادٍ مُطضرد.

اقرأ/ي أيضًا: عرب صوتوا لنتنياهو وليبرمان وأنقذوا "ميرتس"

الملاحظة الثانية: أحزاب التيار الصهيونية الدينية المتطرفة تراجــــــع تمثيلها بخلاف التوقعات، بعد أن كان زعيم حزب "البيت اليهودي" سابقًا نفتالي بينت يُعلن عن عن تطلعاته بوصول تياره لسدة الحكم، لكن نتائج الانتخابات أظهرت أن الحزب الجديد الذي شكله بينت بعد انشقاقه عن "البيت اليهودي" لم يتجاوز نسبة الحسم ليظل خارج الكنيست، فيما حصل ائتلاف أحزاب اليمين المكون من تحالف تيار الصهيونية الدينية وحركة "كاهنا" العنصرية على خمسة مقاعد فقط.

تيار الصهيونية الدينية فقد حصرية طروحاته المتطرفة وهذا أفقده دعم كثيرٍ من الإسرائيليين

يعود نفور المصوت الإسرائيلي العادي من تيار الصهيونية الدينية إلى سببين هامين أولهما أن التيار فقد حصرية طروحاته المتطرفة تجاه الملف الفلسطيني والتعهد بضم الضفة الغربية ومنع إقامة دولة فلسطينية بعد تبنى حزب "الليكود" لهذه الطروحات، وثانيهما دعوات تيار الصهيونية الدينية لإحداث تغييراتٍ جوهريةٍ في بُنية المجتمع والدولة تُخل بالتوزان القائم بين الدين والدولة لصالح الدين، خصوصًا في شؤون التعليم والمحكمة العليا وقضايا أخرى داخلية كثيرة أثارت قلق الجمهور العلماني المحافظ دينيًا.

الملاحظة الثالثة: السلوك الانتخابي للمجتمع الإسرائيلي يُظهر أنه يُصوت لصالح المعسكرات، والكفة الراجحة لمعسكر اليمين، وضمان النجاح بالنسبة لزعماء أحزاب اليمين هو إظهار الولاء لشخص نتنياهو رغم الملفات الجنائية التي تلاحقه، وهذا يعني أن إسرائيل ستظل غارقة في ولعها بنتنياهو، وأن ساعة الخلاص منه -التي ينتظرها البعض خارج إسرائيل- لن تحين إلا بإدانته بالتهم الموجهة ضده وفرض عقوبة سجن طويلة ضده، أو مرضه أو موته.


اقرأ/ي أيضًا: 

زعماء عرب باركوا فوز نتنياهو

4 محاور تشغل إعلام إسرائيل بعد الانتخابات

صفقة نتنياهو: الحصانة مقابل السيادة على الضفة