28-أكتوبر-2018

يقول هاورد هوكس – أهم مخرجي هوليوود – أن "الفليم الجيد هو ثلاثة مشاهد جيدة ولا مشهد سيء". تحت مظلة هذا التعريف سنجد هناك العديد من المآخذ التي يمكن أن تحسب على أفلام جائزة طائر الشمس في برنامجها الأول، في شهر تشرين الأول/أكتوبر في المسرح البلدي – دار بلدية رام الله، حيث عرضت سبعة أفلام روائية قصيرة، خمسة منها من إنتاج فلسطيني، وفلمان من إنتاج أردني وكندي لعامي 2017\2018.

هذه الجائزة، حاز عليها في النهاية فلم "تمزق" للمخرجة ياسمينا كراجة، بالمناصفة مع الفلم الروائي الطويل تشريح الحب للمخرج رياض دعيس.

قراءة سريعة في سبعة أفلام روائية قصيرة عُرضت في جائزة طائر الشمس على المسرح البلدي في رام الله في تشرين الأول 2018

فيلم ولادة صورة

من إخراج وإنتاج فراس خوري ومدته 9 دقائق زمنية. وهو يصور مشاهد للطفل رازي حين يحكي له والده قصة "الوحش".

قد تكون لقصة "الوحش" أبعاد أخرى، وقد تكون مشاهدة طفلٍ يتتبع صوت والده الذي يحكي له أحداثًا مثيرة أمرًا نرغب بمشاهدته في يومياتنا، ولكن لا أعتقد أن كل هذا يكفي لتشكيل فكرة "روائية" كافية لصنع فيلم من 9 دقائق. لم يختزل الفيلم أي شعور داخلي، ولم يكن الإخراج بارعًا بما يكفي ليعطي بعدًا ثالثًا لهذه المشاهد، الفيلم كان أشبه بفيديو نصوره في حياتنا اليومية مع بعض التحسينات على الأداء الصوتي.

فيلم العبور

من إخراج أمين نايفة وإنتاج مي عودة ومدته 11 دقيقة زمنية. يصور الفليم قصة ثلاثة أخوة فلسطينيين يرغبون بزيارة جدهم المريض في الداخل المحتل، ولكن التصاريح لم تكن كافية لإدخالهم مما اضطر الأخ الأكبر للادعاء بأن الجد مات ليتمنكوا من الدخول.

إن المعاناة التي يعيشها الفلسطيني في كل شأن من شؤون حياته اليومية، وتكون حقّا مشروعًا وسهلاً لأيّ شخص يعيش في بلد غير محتل، شيء من المهم جدًا التطرق له بالكثير من الإنتاج السينمائي الفلسطيني، بل إن فكرة الفليم التي تدور حول تشويه تفاصيل حياتنا بأكاذيب غير لائقةٍ للحصول على حقنا المشروع في العبور نحو بلادنا؛ هي انعكاسٌ للفعل الاضطراري الذي يقدم عليه الفلسطيني جل حياته كرد فعلٍ على سياسة الاحتلال، لتصبح حياة الفلسطيني مجموعة من ردود الأفعال الاضطرارية على زمانٍ ومكان لم يعد ملكه.

رغم رسالة الفيلم الجيدة، إلا أن الفيلم يعاني من فقرٍ في معايير الجودة السنيمائية، فقد كان من الممكن أن يكون السيناريو أكثر إتقانًا وواقعية، لكنه كان مبالغًا فيه ومفتعلاً في كثير من المواضع، كما كان التمثيل مفتعلاً بشكل كبير في أغلب مشاهد الفيلم.

فيلم تمزق

من إخراج ياسمينا كراجة وإنتاج دافيد فيندلاي وياسمينا كراجة. مدة الفيلم 18 دقيقة، وهو يصور مقطعًا من حياةٍ يوميةٍ لأربعة مراهقين سوريين ناجين من الحرب ويعيشون في كندا.

الفيلم ناضجٌ بحيث ينقل لك صورة معاناة السوري الممزق بين حياةٍ جديدةٍ وحربٍ قديمةٍ ما زالت تبتلع بقية أقربائه، ورغم كل ذلك لا يزال الطفل طفلًا في محاولته الدائمة في البحث عن الحياة والمتعة، إلا أن منغصات الشعور بغربة البلد واللغة والمكان، والخوف الدائم من عقاب دولة ليست وطنهم، كل ذلك كان في صور مكتملةٍ ومتقنةٍ يُشاد بها لكراجة.

الفيل الأبيض

من إخراج وإنتاج شروق حرب. مدة الفيلم 12 دقيقة، تركّب شروق حرب فيه بورتريه لمراهقة فلسطينية في سنوات التسعين، تعكس رؤيتها السياسية من خلال سيناريو على شكل رسالةٍ لحبيب متوفى، كان يدور بينها وبينه نقاشٌ على كثيرٍ من الأمور المتعلقة بإسرائيل وفلسطين. يعكس الفيلم خيبة الأمل للشباب الفلسطيني بعد أوسلو وكيف اختصرت شروق حرب كل المسألة على لسان المراهقة: "صارت أوسلو عشان أبو عمار يركب طيارة هيلوكابتر من غزة للضفة". كما تعكس الفتاة حالتها من الضياع والتذويب الذي يحدث حتى جيلنا الحالي بين الثقافتين الفلسطينية والإسرائيلية. فيلم الفيل الأبيض كان تحفة فنية مختزلة، فيه من الإبداع ما يرشحه فعلًا لنيل جائزة طائر الشمس بكل جدارة.

أمبيناس

من إخراج وسام الجعفري وإنتاج سائد أنضوني. مدة الفيلم 15 دقيقة، وهو يعكس الصعوبات اليومية التي تواجه الفلسطيني الفنان حين يرغب بأن يمارس فنه مثله مثل أي شخص بالعالم، إلا أن الظروف المعيشية التي فرضها علينا الاحتلال كالعيش في مخيمٍ ضيقٍ يضج بالأصوات في كل مكان، يحول دون قدرة الموسيقي على تسجيل موسيقى نقية ومعزولة عن كل ذلك. كان سيناريو الفيلم جيدًا وذو روحٍ خفيفة ومقربة، إلا أن التمثيل في مجمله كان رديئًا ومفتعلاً بصورة صارخة، فكرة الفليم لطيفة، لكن لا أعتقد أنها تكفي لصناعة فيلم.

سارا

من إخراج وإنتاج ميسون الخالد. مدة الفيلم 5 دقائق، وهو يصور حياة فتاة شابة تهوى الرسم، وتحاول رؤية المحيط بشكل مختلف.

الفيلم قد يأتي ويذهب أمام عينك دون أن يترك أي انطباع، لا سيئًا ولا جيدًا، إنه عادي أو أقل من عادي، ينطوي على فكرة قديمة وباتت مهترئة في السنيمات العالمية والحوارات اليومية في كون "الفنان مختلف"، أو أنه علينا جميعًا أن نكون "مختلفين" في رؤية الواقع.

فيلم فكرة ثانية

من إخراج بلال الخطيب. مدة الفيلم 18 دقيقة، ويحكي مخرجه قصة فاضل ونجيبة عن طريق تصوُّر كاتبٍ يقوم بكتابتهما. فاضل ونجيبة مختلفان عن باقي أهالي القرية بالتفكير الدائم بالأشياء العادية والمتوقعة عن طريق "فكرة ثانية".

إن "فكرة" الفيلم كفكرة جيدة تمامًا، لكني انتظرت تلك "الفكرة الثانية" حقًا بأن تكون شيئًا مختلفًا أو غير متوقع في سيناريو الفيلم، ولم تكن كذلك بالفعل. يحمل الفيلم العديد من الكلاشيهات الملاكة في تركيب "شخصية" المختلف فكريّا، غير المنسجم مع مجتمعه وقريته. هناك درامية عالية في عرض رسالة الفيلم لا أعتقد أن المشاهد في أيامنا هذه يحتاجها.


اقرأ/ي أيضًا:

الفلسطينيون على "Netflix"

فيلم "واجب".. طوفان من القصص الفلسطينية

8 أفلام أجنبيه تناولت القضية الفلسطينية