06-أكتوبر-2022
Getty

getty

الترا فلسطين | ترجمة فريق التحرير

نشرت صحيفة "ذا ماركر" الاقتصادية العبرية تحقيقًا مطوّلًا بعنوان: "الطريق الالتفافي لأمير السايبر الإسرائيلي"، ويلاحق شركة سايبر إسرائيلية، تنتشر فروعها في عدة دولة من العالم، وتصعد بشكلٍ سريع في الآونة الأخيرة، ويمتلكها ضابط سابق في الجيش، وتعمل على جمع المعلومات بشكلٍ غير قانوني وتنشط في مجال المراقبة والمتابعة، كما أن من أبرز زبائنها دول عربية وإسلامية.

شركة سايبر إسرائيلية، يمتلكها ضابط سابق في الجيش، وتعمل على جمع المعلومات بشكلٍ غير قانوني وتنشط في مجال المراقبة والمتابعة، وأبرز زبائنها دول عربية وإسلامية

وكتبت الصحيفة في مستهل تحقيقها: "في شهر حزيران/ يونيو 2019، قام ثلاثة موظفين بشركة سايبر إسرائيلية بتركيب هوائيات ونقاط وصول إلى شبكة Wi-Fi في مطار هيرمس الدولي بمدينة لارنكا القبرصية. وعلى مدار 6 أشهر، وصلت المعلومات المستخرجة من الأجهزة المتصلة بالشبكة إلى خادم في مكاتب شركة تسمى WiSpear، هذه هي قصة الشركة السيبرانية التي تزدهر على الرغم من القيود التي تفرضها "إسرائيل". والإسرائيليون يشكلون نسبةً كبيرةً من السياح في الجزيرة. وفيما يمر مئات الآلاف منهم عبرها سنويًا، دخل ما يقرب من 300 ألف إسرائيلي إلى الجزيرة في عام 2019 وحده".

الشركة موضوع هذا التحقيق وهي شركة WiSpear، فهي تنتمي إلى مجموعة ديليان، وهي شركة سايبر هجومي، وتقدم خدمات المراقبة والقرصنة عبر شبكات Wi-Fi
الشركة موضوع هذا التحقيق هي شركة WiSpear، وتنتمي إلى مجموعة ديليان، وهي شركة سايبر هجومي، وتقدم خدمات المراقبة والقرصنة عبر Wi-Fi

وأضافت الصحيفة "قد ينزعج أيّ من القراء الذين ينتمون إلى هذه المجموعة من نتائج تحقيق الشرطة الذي أجري هناك، والذي اقتحم خلاله ضباط الشرطة مكاتب مجموعة شركات مرتبطة بشركة WiSpear المملوكة لإسرائيليين. وهي شركة قام موظفوها في حزيران/ يونيو 2019 بتركيب ثلاث مجموعات من الهوائيات ونقاط الوصول إلى شبكة Wi-Fi في المطار. واستخرجت الهوائيات المعلومات من الشبكة وأرسلتها إلى الخادم الرئيس الموجود في مكاتب الشركة، ووفقًا للحكم الصادر عن المحكمة القبرصية في الدعوى الجنائية التي فُتحت ضدها. لكنها لم تصل بعيدًا وفي النهاية تم تغريم الشركة بـ 26 ألف يورو فقط". 

وهذا يعني أنه لأكثر من 6 أشهر في عام 2019، استخرجت شركة WiSpear وبشكل عشوائي معلومات التعريف الشخصية للأجهزة الالكترونية للمواطنين، رغم أنه يفترض أنها محمية بموجب قوانين الخصوصية لكل من قبرص والاتحاد الأوروبي، وعلى هذا النحو فإن أي شخص اتصل بشبكة الإنترنت المجانية في المطار يمكن أن يكون ضحيةً للشركة وسرقة بياناته".

وأشارت الصحيفة: "على الرغم من أن المحكمة قضت بأن المعلومات لم يتم إساءة استخدامها ولم يتضرر أحد، لكن من أجل فهم هوية الشركة وما وراء هذا الحادث، يتعيّن علينا الذهاب إلى اليونان، وتحديدًا حي إيلنكو في ضواحي أثينا، حيث مكاتب الشركة الأم WiSpear لشركة Intelxa". تصف الصحيفة المشهد "ليس ثمة شيء مميز في الباب الأبيض بجوار متجر أديداس، والذي يقع في مبنى تجاري غير مميز وليس بعيدًا عن مطار أثينا القديم، في منطقة تعج بالمكاتب والمتاجر".

ورغم أن المصادر التي تواصلت معها الصحيفة وكانت تعمل داخل مكاتب Intelxa في أثينا، قد تحدثت عن شركة كبيرة ووصفتها بالمجمع الكبير المكون من خمسة طوابق، وهي نوع من مدرسة للعلوم الاستخبارية التي تعتمد على الذكاء الصناعي. ويتضمن المبنى، الذي تم استئجاره في كانون أول/ ديسمبر 2020، سكن وقاعة تدريب وأنظمة تجريبية. وفي أحد الطوابق، تم تخصيص مناطق للصلاة للطواقم من الدول الإسلامية مثل بنغلاديش، الذين يخضعون للتدريب ويرافقهم العاملون في Intelaxa.

وتمضي الصحيفة قائلةً: "وحتى قبل بضعة أشهر إذا اتصل أحدهم بجهاز الاتصال الداخلي سيجيبون بالعبرية. ولكن عندما طرقنا الباب قبل أسابيع قليلة، لم يعد يجيب الأشخاص الذين يقفون خلف الكاميرات الأمنية. لقد تركوا المكاتب خلال الصيف، وأرسلوا الموظفين للعمل من المنزل، بما في ذلك أولئك الموظفين من إسرائيل ونقلوا أنشطتهم إلى مكان آخر في العاصمة اليونانية".

لأكثر من 6 أشهر في عام 2019، استخرجت شركة WiSpear وبشكل عشوائي معلومات التعريف الشخصية للأجهزة الالكترونية للمواطنين
لأكثر من 6 أشهر، استخرجت شركة WiSpear وبشكل عشوائي معلومات التعريف الشخصية لأجهزة إلكترونية

ليست هذه هي المرة الأولى التي تضطر فيها Intelxa إلى التخلي عن مكاتبها. هذه الشركة، التي تتكون من عدة شركات تابعة، يديرها ضابط استخبارات إسرائيلي وقائد الوحدة 81 السابق تال ديليان، الذي يحمل الجنسية الإسرائيلية إلى جانب جنسية دولة مالطا. ومع ذلك، فإن الشركة السايبر التي يديرها مسجلة في العديد من البلدان وفي العديد من الاتحادات الصناعية. وحتى عام 2019، كان لا يزال يعمل انطلاقًا من قبرص، حيث كان يدير "تحالف Intelxa" الذي عرّفه باسم Star Alliance وهي مجموعة شركات السايبر الاستخبارية الهجومية الإلكترونية والرقمية.

أما الشركة موضوع هذا التحقيق وهي شركة WiSpear، فهي تنتمي إلى مجموعة ديليان، وهي شركة سايبر هجومي، وتقدم خدمات المراقبة والقرصنة عبر شبكات Wi-Fi؛ كما تمتلك شركة Cytrox، التي يخترق منتجها التجسسي -Pertod- الهواتف الذكية ويعتبر أكبر منافس لبرنامج NSO Pegasus، بالإضافة إلى نظام اختراق آخر يتم تسويقه من قبل شركة Paragon الإسرائيلية.

في حين أن أنشطة NSO و Paragon و Verint وغيرها من الشركات السيبرانية الإسرائيلية الهجومية تخضع لإشراف وزارة الجيش الإسرائيلية، فإن Intellexa وبحسب ما تقوله مصادر في قطاع صناعة السايبر الإسرائيلي لا تخضع لمثل هذا الإشراف. وهذا يسمح لها بتقديم خدمات يحظر على الشركات الإسرائيلية العاملة في هذا المجال تقديمها، خوفًا من تسريب معلومات حساسة، والقيام بأعمال تجارية مع دول يُحظر على الإسرائيليين حاليًا العمل معها لأسباب أمنية وعلاقات خارجية.

شركة Intelxa تعمل بطريقة لا تخضع لأي قوانين تنظم علمها 

ويشير التحقيق إلى أن قانون الرقابة الإسرائيلية ينطبق على الصادرات الأمنية، وعلى أي إسرائيلي يعمل في مجال قد يتضمن معلومات أمنية سرية أو تقنيات تأسست في "إسرائيل". وعمليًا، القانون مطبّق فقط على الشركات الإسرائيلية المقيمة في "إسرائيل". وفي هذا السياق تقول الصحيفة عن تطور عمل ديليان "بينما تقوم شركات مثل NSO بتسريح العمال، وإغلاق شركات أخرى بسبب تشديد الإجراءات الإسرائيلية الرقابية، يقوم ديليان بتوسيع إمبراطوريته بمقرّات جديدة ويطرح في الأسواق منتجات حديثة ويوظف طواقم جديدة".

وكشف معدو التحقيق، نقلًا عن شخص مطلع على عمل صناعة السايبر الهجومي الإسرائيلية أن "شركة Intelxa تعمل بطريقة لا تخضع لأي قوانين تنظم علمها. لذلك، يمكنهم توقيع صفقات جيدة في المجالات التي لا توافق عليها اللوائح الإسرائيلية مؤخرًا. وإذا كانت شركة NSO المثيرة للجدل عالميًا، لاعبًا ذا أخلاق إشكالية، لكنها على الأقل فعلت كل شيء بشكل قانوني ومنسق مع الدولة، لكن الوضع في حالة Intelxa أكثر خطورة"، بحسب ما جاء في الصحيفة.

هذا ولا تعتبر Intelexa والشركات التابعة لها شركات إسرائيلية على الرغم من أن مالكيها وجزء كبير من كبار موظفيها هم من الإسرائيليين الذين يعيشون في "إسرائيل". وذلك لكونه تم تسجيل شبكة الشركات في أماكن مثل أيرلندا والمجر ومقدونيا الشمالية وفرنسا وجزر فيرجن. وتزعم مصادر في صناعة السايبر الإسرائيلية أن الشركة لديها فروع في إندونيسيا ودبي وباريس وبالطبع تل أبيب. وظاهريًا، يبدو أن مركز نشاط الشركة في العامين الماضيين كان في اليونان، وربما لا يزال ديليان يعيش في قبرص. لكن المهم أن شركات ديليان فوق حدود الرقابة الإسرائيلية.

خفّضت "إسرائيل" في العام الماضي قائمة البلدان التي يُسمح ببيع تقنيات إلكترونية سرية إليها بشكلٍ كبير 

والإفلات من الرقابة الرسمية التابعة لوزارة الجيش هو التحدي الأكبر في هذه الصناعة، ووفقًا لمصادر في صناعة السايبر الهجومي الإسرائيلي فقد خفّضت "إسرائيل" في العام الماضي قائمة البلدان التي يُسمح ببيع تقنيات إلكترونية سرية إليها بشكلٍ كبير، بحيث تضم القائمة الجديدة 37 دولة فقط. وتشمل القائمة، التي تعتبر سرًا حساسًا، الدول الغربية بما في ذلك اليونان.

الإفلات من الرقابة الرسمية التابعة لوزارة الجيش هو التحدي الأكبر في هذه الصناعة
الإفلات من الرقابة الرسمية التابعة لوزارة الجيش هو التحدي الأكبر في هذه الصناعة

وبحسب الصحيفة فقد شددت "إسرائيل" الرقابة على المعاملات السيبرانية الهجومية ردًا على الضغط الأمريكي، بعد نشر تحقيقات عن تطبيق بيغاسوس التابع لشركة NSO وسلسلة التحقيقات الصحفية التي كشفت عن إساءة استخدام التجسس الإسرائيلي ضد دبلوماسيين أمريكيين في إفريقيا، والنتيجة أن الشركات الإسرائيلية تدعي اليوم أن من الصعب عليها إبرام الصفقات حتى مع الدول الغربية.

في الوقت نفسه، تزعم مصادر من قطاع السايبر الهجومي الإسرائيلي، أن قائمة عملاء ديليان وشركته نمت بمساعدة وسطاء إسرائيليين، تلتقط الصفقات التي يرفض قسم الرقابة بوزارة الجيش الموافقة عليها للشركات الإسرائيلية. وقد ذكروا أن شركته حصلت على صفقة مع دولة أفريقية وأخرى آسيوية بعد أن رفض قسم مراقبة الصادرات الدفاعية في دولة الاحتلال منح التفويض لشركة Nemesis للتوقيع عليها، رغم أنها دخلت في مفاوضات لمدة عامين، كما أن فشل الصفقة تسبب بإغلاقها.

يوضح مسؤول تنفيذي في قطاع صناعة السايبر: "أوروبا وأمريكا أسواق ليست كبيرة بما يكفي لدعم الصناعة السيبرانية، مشيرًا إلى أن شركة NSO تعمل بجد في أوروبا وتواجه صعوبة في البقاء لأنه لا توجد صفقات جديدة، ووزارة الجيش لا توافق على كل الصفقات". وبحسب الصحيفة فإن المستفيد من ذلك الصين وروسيا وشركة ديليان.

وقالت مصادر مطلعة على أنشطة الشركة المملوكة للضابط السابق في جيش الاحتلال ديليان أنه بالإضافة إلى العمل مع الدول التي يُسمح للشركات الإسرائيلية بالعمل معها أو التي تم التصريح لها في الماضي، مثل غانا والمكسيك وكولومبيا واليونان، فإن شركاته أبرمت صفقات مع السعودية وسلطنة عُمان وماليزيا وإندونيسيا وسريلانكا وهذه جزء من الدول التي لم تحصل الشركات الإلكترونية الإسرائيلية معها على إذن للتوقيع على صفقات جديدة.

بحسب تقرير لصحيفة "يديعوت أحرونوت" نُشر الأسبوع الماضي، أجرت الشركة أيضًا اتصالات مع أوكرانيا والسودان. ووفقًا لمصادر في مطلعة نقلت عنها الصحيفة، يُزعم أن الشركة عملت أيضًا مع مصر وعُمان وغانا وتركيا التي لا يسمح ببيع هذه المنتجات لها بحسب تعليمات الرقابة على الصادرات العسكرية الإسرائيلية.

وبحسب التقرير، قاد ديليان الوحدة 81 في جيش الاحتلال، وكانت الوحدة عاملة على مواكبة التطورات التكنولوجية، وبعد تقاعده من جيش الاحتلال الإسرائيلي، بدأ ديليان بالعمل في القطاع التجاري. وكان أحد نجاحاته هو شركة Circles الإلكترونية، التي قدمت خدمات التتبع الإلكتروني، وتم تسجيلها في البداية في قبرص بهدف تجاوز الإشراف الإسرائيلي، قبل أن يبيع الشركة إلى صندوق الاستثمار الأمريكي الذي كان يمتلك شركة NSO، فيما حصل ديليان على أكثر من 20 مليون دولار لقاء تنازله عن حقوقه في الشركة الناشئة.