20-يناير-2025
أسيرات صفقة التبادل

أسيرات محررات يلوحن بشارة النصر بعد الإفراج عنهن | تصوير: وهاج بني مفلح

استقبلت عائلاتٌ فلسطينية في الضفة الغربية بناتهن الأسيرات بعد فترات متفاوتة في الاعتقال، منع خلالها الاحتلال الزيارات العائلية، كما فرضت قيودٌ مشددةٌ على زيارات المحامين لهن، لتُحجب بذلك تفاصيل اعتداءات مروعة تعرضت لها الأسيرات على مدار شهور، واستمرَّت حتى اللحظات الأخيرة قبل الإفراج عنهن.

"لحظة الوصول لسجن عوفر أُخْرِجْنَا من البوسطة لساحة عوفر بطريقة إذلالية، وجزء كبير من الأسيرات سقط عنهن الحجاب خلال شدهن من رؤوسهن وإجبارهن على السير وهن منحنيات الظهر، ثم ألقونا على الحصى"

رولا حسنين، صحفيةٌ وأم، تعرضت للاعتقال قبل 10 شهور واستعادت حريتها فجر الإثنين، أوضحت لـ "الترا فلسطين"، أنها والأسيرات علمن من أحد المحامين يوم الخميس الماضي، أنه تم التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، لكن تكرار الحديث خلال الأشهر الماضية عن تقدم في المفاوضات ثم فشلها، جعل ترقُّبهن لتنفيذ الاتفاق محاطًا بالقلق.

رولا حسنين
الصحفية رولا حسنين

وقالت رولا حسنين: "يوم الأحد كان لدينا اعتقادٌ أن الصفقة تمت، وانتظرنا حدوث أي إجراءات أو تنقلات حتى الساعة 11 ظهرًا، لكن لم يحدث ذلك، فشعرنا بالإحباط مرة أخرى". قبل أن تعود إحدى الأسيرات من جلسة في المحكمة، وتنقل إليهن خبر الصفقة، إلا أن إدارة سجن الدامون أغلقت القسم، وقالت لهن إن الصفقة تمت بالفعل، ولكن موعد الإفراج عنهن بعد عدة أسابيع.

لاحقًا، أجبرت إدارة السجن الأسيرات على ارتداء لباس "الشاباص"، والمحجبات منهن على ارتداء "لباس الصلاة"، ثم شرعوا بالنداء على أسماء الأسيرات اللواتي سيُفْرَج عنهن، وهنا علمت الأسيرات أن الإفراج لن يشمل الجميع، وبالفعل، بقي في الأسر 10 أسيرات، وهن: 3 أسيرات من القدس وداخل الخط الأخضر، و3 أسيرات من غزة، و4 أسيرات من الضفة.

وتضيف رولا حسنين: "طلعنا اثنين اثنين للتفتيش، و80 في المئة منا خضعوا للتفتيش العاري والمهين، وصادروا الملابس منا، وأعطونا ملابس الشاباص".

وأوضحت، أن الاحتلال نقلهن إلى سجن عوفر، و"لحظة الوصول هناك أُخْرِجْنَا من البوسطة لساحة عوفر بطريقة إذلالية، وجزء كبير من الأسيرات سقط عنهن الحجاب خلال شدهن من رؤوسهن وإجبارهن على السير وهن منحنيات الظهر، ثم ألقونا على الحصى، وجلسنا 3 ساعات على الحصى وأمامنا شاشة عرض تعرض فيديو بأن حماس لم تنتصر، وأنها دمرت شعب غزة، وأنهم اغتالوا العاروري والسنوار وهنية وما إلى ذلك، وأجبرونا على مشاهدة الفيديو 3 ساعات".

وقالت رولا حسنين: "وزعونا على ضباط المناطق، كل أسيرة قابلت الضابط المسؤول عن منطقتها، وسلَّمونا ورقة استدعاء بعد أسبوع أو أسبوعين، ثم وضعونا في زنازين، وبحدود الساعة 1:30 فجرًا سلمونا للصليب الأحمر، الذي لم يسمح له بالتحرك إلا بعد نصف ساعة".

من جانبها، أكدت الأسيرة المحررة لانا فوالحة، من بلدة سنجل شمال رام الله، هي الأخرى أن إدارة السجون تعمدت إذلال الأسيرات واللعب بأعصابهن يوم الإفراج، مشيرة إلى أن الأسيرات لم يكن لديهن أي علم بصفقة التبادل، وعندما بدأت بإجراءات الإفراج عنهن دفعت بقوات كبيرة إلى القسم، وبدأوا ينادون على بعض الأسماء، ويتجاهلون أسماءً أخرى بشكل متعمد، والتوجه إلى غرفة أخرى على الترتيب، ثم العودة للغرفة السابقة ونداء أسيرات أخريات.

لانا فوالحة
الأسيرة المحررة لانا فوالحة

وأوضحت لانا فوالحة، أن جنود الاحتلال قاموا بتقييد الأسيرات من أقدامهن وأيديهن وجرّهن إلى سيارة البوسطة، واستغرقت الطريق من سجن الدامون إلى سجن عوفر 3 ساعات، ثم في سجن عوفر "تم إذلالنا واقتيادنا بطريقة مهينة، لدرجة سقوط الحجاب عن رؤوس الأسيرات المحجبات خلال جرهن".

هذا الإذلال لم يكن انتقاميًا لاضطرار الاحتلال الإفراج عن الأسيرات في صفقة قوبلت بانتقادات حادة، بل كان استمرارًا لنهج انتقامي ومهين بدأ منذ شهور بحقهن، وتلخصه رولا حسنين، قائلة: "الظروف مأساوية، لدرجة أنهم لم يعطونا قصاصات أظافر، ما جعلنا نقص أظافرنا بأسنانا، كما منعوا عنَّا مشط الشعر، وكان مدير السجن يرد علينا في كل مرة نطلب فيها الحصول على مشط بأن أولادهم في أنفاق غزة لا يوجد لديهم مشط، ما دفعنا لاستخدام الشوكة البلاستيكية في مشط الشعر".

وأكدت رولا حسنين، أن الأسيرات يخضعن للتفتيش العاري في أثناء تفتيش قوات الاحتلال للغرف، وهناك من تعرضن للضرب والتعرية الكاملة والسحل إلى الساحة، وقد كان هذا التنكيل بهدف تخويف بقية الأسيرات.

بينما توضح لانا فوالحة، أن كميات الأكل التي قُدّمت لهن قليلة جدًا، كما أن عملية التفتيش والعدد تنفذ في أوقات مختلفة لحرمانهن من الراحة والنوم، وفي كثير من الأحيان في ساعات الليل.

وأشارت لانا في حديثها لـ"الترا فلسطين"، أن حافلات الأسرى مكثت وقتًا طويلًا بالانتظار في معتقل عوفر، قبيل تنفيذ الأسرى، مشيرةً إلى أنه لم يكن هناك أي تبليغ لهن بحدوث "خلل في قوائم الأسرى"، معتبرةً أن ما حصل محاولة "أخيرة" من مصلحة السجون الإسرائيلية لـ"التنغيص على الأسيرات".

أسيرة: "منعوا عنا حتى قصاصات الأظافر ومشط الشعر، وكان مدير السجن يرد علينا في كل مرة نطلب فيها الحصول على مشط بأن أولادهم في أنفاق غزة لا يوجد لديهم مشط"

وفي سؤالنا لهما عن حالهما الآن بعد الإفراج، أجابت لانا فوالحة أن "شعور الحرية لا يقدر بثمن، وهو غال جدًا". بينما أجابت رولا حسنين بأن اللحظة الأجمل كانت لقاؤها بطفلتها إيلياء، التي كانت بعمر 9 أشهر فقط عندما تم اعتقال والدتها، والآن بعد 10 شهور في الاعتقال، تكون رولا قد غابت عن طفلتها أكثر مما عاشت معها بعد ولادتها.

وتضيف رولا: "في أول 3 شهور فقدت القدرة على تذكر ملامح ابنتي. وكنت أخاف أنها لن تتقبلني عند تحرري رغم أنها تشاهد صوري، وكان لدي خوف من تغير شكلي عليها. لحظة لقائي بها لا يمكن التعبير عنها، فقد كنت بحاجة إليها أكثر مما هي بحاجة إلي؛ لأن الأسر والبعد دمار على الأم أكثر من الطفلة نفسها".

وتابعت: "دائمًا كنت أنام في السجن، وأنا أحضن الوسادة، ولا أضع رأسي عليها حتى أشعر أنني أحضن ابنتي".