21-مارس-2018

صورة من طائرات الاحتلال للمفاعل النووي في دير الزور - (Getty)

بعد 10 سنوات من غارة كبيرة على محافظة دير الزور السورية، أعلنت إسرائيل لأول مرة أنها هي من نفذ الغارات، واستهدفت بها مفاعلاً نوويًا كانت تطوّره سوريا سرًا آنذاك، مؤكدة بذلك الشكوك التي كانت تدور حول وقوفها خلف الغارات منذ ذلك الحين، لكنها ظلت تمتنع عن التعليق عليها طوال السنوات السابقة.

وكشف موقع "واللا" العبري أمس الثلاثاء، عن أن إسرائيل ستكشف اليوم تفاصيل هجوم كبير نفذته قبل سنوات، وظل الحديث عنه محظورًا، مضيفًا أن هذا الحدث أثار اهتمام العالم، وهو ما سيحدث مرة أخرى عند الكشف عنه. لكن الموقع قام بحذف الخبر بعد وقت قصير من نشره، قبل أن يتم الكشف بالفعل عن التفاصيل وسط اهتمام إعلامي كبير في إسرائيل منذ ساعات الصباح.

إسرائيل تكشف لأول مرة عن وثائق سرية تؤكد تدميرها مفاعلاً نوويًا سوريًا في دير الزور قبل 10 سنوات

ونفذت إسرائيل غارة جوية على منطقة الكُبر في محافظة دير الزور، ليل الخامس إلى السادس من شهر أيلول/سبتمبر 2007، وقد استهدفت الغارة منشأة صحراوية قالت الولايات المتحدة لاحقًا إنها كانت تضم مفاعلاً نوويًا يبنيه النظام السوري سرًا بمساعدة من كوريا الشمالية، وهو ما نفته دمشق، مؤكدة أن المنشأة المستهدفة ليست سوى قاعدة عسكرية مهجورة.

اقرأ/ي أيضًا: فيديو | ملياردير إسرائيلي التقى بشار الأسد

ومع أن كل أصابع الاتهام أشارت إلى وقوف إسرائيل خلف تلك الغارة، إلا أنها المرة الاولى التي تعلن فيها دولة الاحتلال صراحة مسؤوليتها عن تدمير المنشأة السورية.

وأتى هذا الاعتراف بعد رفع سلطات الاحتلال السرية عن مواد متعلقة بالغارة، وقد رفض متحدث عسكري إسرائيلي الرد على سؤال حول سبب رفع السرية عن هذه الوثائق في هذا التوقيت بالذات، وإن كان الهدف من ورائه توجيه تحذير لإيران بسبب أنشطتها في سوريا.

وتشمل المواد المنشورة صورًا من القصف، وشريط فيديو لقائد العملية في حينه، الجنرال غادي آيزنكوت، يكشف فيه تفاصيل حول الهجوم وصورًا لبيانات سرية عن الموقع جمعتها استخبارات جيش الاحتلال.

وقال جيش الاحتلال في بيانه، إن المفاعل النووي كان في مراحل التطوير، وقريبًا من الاكتمال، مضيفًا أن الغارة نجحت في إزالة تهديد وجودي ناشئ لإسرائيل والمنطقة بأكملها من القدرات النووية السورية.

ومع أن اعتراف إسرائيل بمسؤوليتها عن الضربة الجوية ليس مفاجئًا، كون واشنطن قالت في عام 2008 إن إسرائيل هي من نفذت الغارة بالفعل، إلا أن المواد التي رفعت عنها السرية الأربعاء توفر تفاصيل جديدة عن الغارة التي أطلقت عليها اسم "عملية البستان" ونفذت بفائق السرية.

وبحسب الوثائق الإسرائيلية، فقد بدأت العملية ليل 5 أيلول/سبتمبر عند الساعة العاشرة والنصف، حيث أغارت 4 طائرات أف-16 و4 طائرات أف-15 على الموقع، ثم عادت بعد أربع ساعات، أي في تمام الساعة الثانية والنصف فجرًا.

تدمير المفاعل النووي السوري استغرق أربع ساعات. كانت إسرائيل تخشى اندلاع حرب بعدها لكن ذلك لم يحدث

ويُظهر شريط فيديو نشره جيش الاحتلال، لقطات مشوشة لمبنى يتم تحديده هدفًا للغارة قبل أن يتم قصفه وتدميره. يقول آيزنكوت، الذي كان قائدًا لـ"الجبهة الشمالية" في جيش الاحتلال، ومسؤولاً عن الهجوم، إنه خلال الاجتماع الذي عقده مع ضباطه لإطلاعهم على العملية قبل تنفيذها بقليل، أبلغهم أن سيكون هناك هجوم كبير خلال الساعات الـ24 أو الـ48 المقبلة، وهناك احتمال ضئيل بأن يؤدي إلى حرب.

وأضاف، "بالنسبة إلي، الاحتمال الضئيل يعني 15 أو 20 في المائة، وهذه نسبة مرتفعة".

اقرأ/ي أيضًا: هل تضرب إسرائيل رأس الأخطبوط بدلاً من أذرعه؟

ويكشف إيهود أولمرت، رئيس وزراء الاحتلال في حينها، أنه اتخذ قراره بشكل سريع بعد وصول معلومات عن المفاعل النووي الذي يبعد مسافة 450 كم من إسرائيل، مضيفًا أن 2500 إسرائيليًا شاركوا في الهجوم، وهم مسؤولون وجنود وطيارون ورجال استخبارات، وقد تم إلزامهم بالتوقيع على الحفاظ على السرية وعدم تسريب أي معلومات.

وأكد أولمرت أنه اتخذ القرار الصحيح في هذا الشأن، رغم أن الخطوة كانت تعرض إسرائيل لخطر الحرب، وقال: "لو كنت مخطئا لكنت تعرضت للطرد بالسياط في وقت مبكر من صباح ذلك الغد".

إيهود باراك، وزير جيش الاحتلال آنذاك، قال إن التخطيط لتدمير المفاعل سبق تعيينه وزيرًا لجيش الاحتلال، لكنه كان في المنصب عند تنفيذ الهجوم، مضيفًا أن الأمر كان خطيرًا لكنه "يتعلق بمصير إسرائيل".

أما رئيس أركان جيش الاحتلال حينها، غابي أشكنازي، فقال إنه كان يأمل أن لا تستيقظ إسرائيل عند الساعة الثالثة فجرًا على وقع أصوات صافرات الإنذار، مؤكدًا في الوقت ذاته أن إسرائيل "كانت مستعدة للحرب، وإلحاق الهزيمة بعدوّها" وفق قوله.

وأشارت صحيفة "هآرتس" إلى أن أولمرت نفذ الهجوم لتحقيق نجاح بعد خروجه من حرب فاشلة في لبنان، وقد تم الأمر دون مساعدة أمريكية، بل إنه أدى لخلافات بين الطرفين، قبل أن يطلب جورج بوش، الرئيس الأمريكي حينها، أن تُترك إسرائيل لتفعل ما تراه مناسبًا.


اقرأ/ي أيضًا:

مصر تلعب في سوريا لصالح إسرائيل.. ماذا يحدث؟

إسرائيل تبوح بسر سفينة "كارين A"

فيديو | راعي الأغنام الجاسوس.. كيف أرسله الموساد للموت؟