13-أكتوبر-2018

تشهد المصانع والمنشآت الاقتصادية في الضفة الغربية "ثورة صناعية" تتمثل في توجهها نحو أتمتة آلياتها والاعتماد على روبوتات في خطوط الإنتاج، بتكلفةٍ تصل لملايين الدولارات. ومما لاشك فيه أن عملية التطور هذه جزءٌ من التطور الطبيعي لأي استثمار، لكن، هل يُهدد إدخال هذه الآلات مستقبل الأيدي العاملة في المصانع؟ وهل نتّجه نحو تصاعدٍ في نسبة البطالة بالضفة الغربية؟ الترا فلسطين يبحث عن إجابات هذه الأسئلة بطرحها على أصحاب الشأن.

خالد البكري مدير العلاقات العامة والإعلام في شركة المصنوعات الورقية "الحصان الأبيض"، قال إن شركته تتجه نحو التكنولوجيا الحديثة للحصول على منتجٍ عالي الجودة ضمن المواصفات والمقاييس الدولية، قادرٍ على المنافسة في الأسواق الخارجية، خاصة أن المصنع يدخل مرحلة الوصول لأسواق الخليج والمغرب العربي، "وبالتالي فإن الحاجة مُلحةٌ لتطوير آليات المصنع".

تتوقع المصانع الفلسطينية أن تمنحها الآلات الحديثة منتجات ضمن المقاييس الدولية، تجعلها قادرة على المنافسة في الأسواق الخارجية

وأضاف البكري، أن المطلوب في هذه المرحلة أيدي عاملة متعلمة ومؤهلة علميًا وتقنيًا لتشغيل هذه الآليات الحديثة، وبالتالي فإن توجه المصنع هو الإبقاء على العاملين الحاليين بعد تطوير مهاراتهم، ورفد المصنع بآخرين تقنيين يحملون شهاداتٍ جامعيةٍ في تخصصاتٍ تقنية، "لأن الآليات المستخدمة في المصنع حاليًا هي آليات محوسبة ألمانية يتم التحكم بها من الشركات المصنعة. فالمصنع يسعى للتحول من العمل الموسمي إلى العمل طوال العام".

اقرأ/ي أيضًا: الطاقة البديلة.. استثمار ناجح ولكن..

يذكر أن شركة المصنوعات الورقية تغطي حوالي 80% من حاجة السوق الفلسطيني من الدفاتر المدرسية والجامعية.

شركة "الرويال" للصناعات البلاستيكية، تُنتج ألفي صنفٍ حاليًا، وتُشغّل 600 عاملٍ. يُبيّن المدير العام للمصنع عماد الرجوب أن التطور التكنولوجي في مصنعه يقوم على آلات سهلة التعلم، ويمكن لأي عاملٍ تشغيلها مهما كانت مؤهلاته العلمية، ولذلك فإن عددًا - لم يُحدده بدقة - من العاملين في المصنع لا يحملون شهادة ثانوية عامة.

ويوضح الرجوب أن المصنع طوّر الآليات الحالية واستحدث أخرى بهدف الحصول على إنتاجية عالية بأقل الأخطاء، بعيدًا عن الأخطاء البشري، وفي محاولة لتعويض نقص الأيدي العاملة الفلسطينية الناتج عن توجهها للعمل داخل الخط الأخضر لأن الرواتب هناك أعلى من المدفوعة في الضفة الغربية.

ويشير إلى أن المصنع يحتاج حاليًا إلى 150 عاملاً لكنه يواجه صعوبة في العثور عليهم، "لأن غالبية الشباب يفضلون العمل بيومية 400 شيقل على الأقل، وهو ما لا يستطيع مصنع الرويال دفعه، نظرًا لارتفاع المصاريف التشغيليلة وتكاليف الإنتاج في المنشآت الصناعية الفلسطينية" كما يقول.

الاعتماد على الماكنات الحديثة في العمل أكثر أمنًا وأقل ضررًا من حيث إصابات العمل

ونوّه الرجوب إلى أن الاعتماد على الماكنات الحديثة في العمل أكثر أمنًا وأقل ضررًا من حيث إصابات العمل.

اقرأ/ي أيضًا: ثالوث التدمير لم يُبقِ رجال أعمال في غزة

يُؤكد مستشار تطوير الأعمال إسماعيل الشريف، على ما قاله الرجوب، بأن انفتاح السوق الإسرائيلي على العمال الفلسطينيين مؤخرًا أنتج نقصًا في الأيدي العاملة، "في حين أن القطاع الخاص يحتاج إلى عُمَّالٍ مهنيين أكثر من الأكاديميين، فالخريج الأكاديمي يرفض العمل على خط إنتاج وإنما ينتظر الحصول على وظيفة ضمن تخصصه"، كما يقول، ما يُعلل - وفق اعتقاده - توجه المصانع نحو أتمتة آلاتها لسد النقص في الأيدي العاملة من خلال هذه الآلات.

ورأى الشريف أن على الحكومة وضع سياسة مبنيّة على أساسٍ دقيق، والإنفاق على التعليم التقني بشكل أكبر لتخريج مؤهلين للعمل ضمن هذا التطور.

ويُبيّن الشريف، أن أصحاب الأعمال يعتقدون أن قانون العمل الفلسطيني والقضاء يقفان إلى جانب العامل، "لذلك فإن تقليل الأيدي العاملة أو الاكتفاء بما هو موجود سيخفف من الأعباء المالية المترتبة. ففي حسبة بسيطة يمكن أن يقوم بها بعض أرباب العمل، سيتبين أن تشغيل 10 عمال لمدة 20 سنة ومنحهم نهاية الخدمة، يمكن أن تكون تكلفته أعلى من الاستثمار في آلة حديثة أو روبوت ذو إنتاجية عالية وبأخطاء أقل".

المصانع التي حدّثت آلياتها وجدت أنها تمنحها توفيرًا في مصاريف العمال مقابل إنتاجية أعلى وأخطاء أقل

ويؤكد أن المصانع التي حدّثت آلياتها وأتمتتها ضمن خططها الاستراتيجية بعيدة المدى؛ درست جيدًا الجدوى الاقتصادية من عملية التطوير، ووجدت أنها ستعود عليها بإنتاجية ذات جودة عالية مع توفير الوقت والجهد، وستمنحها القدرة على المنافسة محليًا وفي السوق الإسرائيلي، وحتى في الأسواق العربية والعالمية بعد أن أصبحت كثيرٌ من هذه الأسواق تفتح أبوابها أمامها.

وأمام هذا الواقع الجديد، كيف يُمكن حماية حقوق العمال؟ وهل لما يحدث صلة بقانون الضمان الاجتماعي الذي يُنتظر أن يدخل حيّز التنفيذ مطلع تشرين الثاني/نوفمبر المقبل؟ يُجيب البكري بالتأكيد على الحاجة لهيئة عمالية ومحاكم عمالية تنظر في قضايا العمال، من أجل تطبيق قانون العمل، مبينًا أن العلاقة بين العامل وأرباب العمل لا تعتمد على التوثيق من خلال عقود العمل التي تُحدد الإجازات والحقوق والواجبات، "وهذا يُسبب المشكلة بين الطرفين".

فيما أشار الشريف إلى أن قانون الضمان الاجتماعي سيُجنب أرباب العمل تكاليف نهاية الخدمة والفصل التعسفي، "وهذه النقطة لصالح أرباب العمل، حتى لو ترتب عليهم المساهمة بالضمان، فهم سيدفعون استحقاقاتهم المالية بالتقسيط، وفي ذات الوقت تفادي الفصل التعسفي وما يترتب عليه من التزامات مالية، وكذلك تغير مفهوم أرباب العمل نحو جني أموالٍ يعتبرونها  أرباحًا، وفي نهاية المطاف سيدفعونها مقابل أتعاب للعمال".

يُذكر أن تقريرًا أصدره جهاز الأحصاء المركزي في يوم الشباب العالمي (12 آب/أغسطس) من العام الجاري، أكد أن معدل البطالة للأفراد في المرحلة العمرية من 15 - 29 سنة بلغت عام 2017 في الضفة الغربية 27.2%.


اقرأ/ي أيضًا:

الضفة: محلات إلكترونية تسرق زبائنها

التكييش يغزو الاسواق مسببا خسائر فادحة

ملايين الدولارات خسائر غزة بخداع الربح على الانترنت