08-أبريل-2020

داخل أحد المشاتل الزراعية في بلدة سنجل شمال رام الله، تسأل سيدةٌ صاحب المشتل: "في عندك ورد ثم السمكة؟"، يتلفت إلى اليمين واليسار، وحوله عددٌ من الزبائن، ثم يقول: "بس اصبري شوي يا أختي أسلك الزباين".

مشهد زيارة المشاتل الزراعية صار مشابهًا لتسوق المواطنين داخل محلات السوبر ماركت هذه الأيام

مشهد زيارة المشاتل الزراعية صار مشابهًا لتسوق المواطنين داخل محلات السوبر ماركت هذه الأيام، ما يجعلك تتوقف عند ظاهرة جديدة.

اقرأ/ي أيضًا: خضار يمكنكم زراعتها في حديقة المنزل ولا تحتاج لعناية

بعض الزبائن اشتروا من ذات المشتل بذورًا وأشتالاً لخضروات، والبعض اشتروا أشتال ورد زينة، وآخرون طلبوا أشتال زعتر وميرامية، فيما اكتفى أحدهم بشراء شجرة ليمون، وقد بدا غير مبالٍ بمصيرها.

القاسم المشترك بين هؤلاء جميعهم، أنهم ليسوا مزارعين متخصصين، بل يبحثون عن ملاذ مفيد لقضاء ساعات الحجر المنزلي الطويلة.

يقول خالد عواشرة، صاحب المشتل، إن إقبال المواطنين على شراء الأشتال والبذور زاد بشكل كبير هذه الأيام، بعد أن كانت تجف داخل الصناديق في الماضي قبل أن تباع.

توجه الترا فلسطين عبر السوشال ميديا بسؤال إلى الجمهور، هل تقومون بالزراعة هذه الأيام؟ ولماذا؟.

أستاذ اللغة العربية نعمان علوان، رد على السؤال قائلاً: "أنا لأول مرة أقلب التربة بالفأس، وكنت في الماضي أحضر عاملاً"، موضحًا، أنه زرع زعتر وميرامية، والأسبوع القادم سوف يزرع كافة الخضروات. وأضاف، أنه يزرع "لاستغلال وقت الفراغ، والمساهمة في مصروف المنزل".

الزينة والاكتفاء الذاتي أهم أسباب الإقبال على زراعة حدائق المنازل هذه الأيام

إبراهيم فقهاء، تاجر أدوات كهربائية، دفعه التوقف عن العمل هذه الأيام إلى زراعة عدة أصناف، لكنه أضاف بطرافة، "إذا عدنا للعمل قريبًا، لا أضمن لك من سيقطف المنتوج".

اقرأ/ي أيضًا: "فؤادي يا برتقال".. عن بيارات جنين القديمة

من بين من أجابوا على السؤال، مدير مركز القدس للمساعدة القانونية عصام العاروري، حيث علق قائلاً: "أسكن المدينة في شقة، لكنني زرعت أشتال الزينة، فهي تعطي رونقًا وتبعث على التفاؤل".

ميس حنون، ربة منزل وابنة مدينة، أكدت هي الأخرى أنها لا تمتلك حديقة منزلية، لكنها ستزرع أشتالاً منوعة على الشرفة.

مبادرات مجتمعية

لا يقتصر الاهتمام بالحدائق المنزلية هذه الأيام على الأفراد، بل امتد الأمر إلى مبادرات مجتمعية تطوعية.

يقول أستاذ اللغة العربية فايق عويس، إنهم طلبوا 10 آلاف شتلة خضار لتوزيعها في بلدة دير دبوان، ما يتيح للناس زراعتها حول بيوتهم وفي حدائقهم، موضحًا أنهم أحضروا أشتال البندورة والخيار والخس والفلفل والباذنجان.

مبادرات مجتمعية طوعية لزراعة حدائق المنازل في ظل أزمة كورونا

أما عن السبب، فهو، كما يقول، "ليس فقط لسد الحاجة مستقبلاً، ولكن للتسلية والنشاط والعودة إلى الأرض وللراحة النفسية".

سلوى حماد، منسقة الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء، نقلت لنا المشهد في قريتها فرخة قضاء سلفيت، قائلة: "فرخة كلها بتزرع هالأيام، الشباب عملوا مبادرة وأخذوا تمويل من مركز القدس، أحضروا بذور 7 أنواع وأشتال، و3 أنواع ووزعوها على 200 بيت في البلد، والكل عم يزرع حدائقه المنزلية".

مبادرات رسمية لتوزيع مليون شتلة

وبالعودة إلى طقوس الفلاحة في بلدة سنجل، أعلن رئيس بلدية سنجل معتز طوافشة عن تنظيم حملة مجتمعية لتوزيع الأشتال والبذور لزراعة الأراضي المهددة بالمصادرة.

وأكد طوافشة، أن الهدف من الحملة هو إشغال المواطنين بما هو مفيد، وأيضًا لحماية أراضي منطقة "الرفيد" المهددة بالمصادرة من قبل المستوطنين.

بلدة سنجل وغيرها من القرى استفادت من الأشتال التي وزعتها المؤسسات الرسمية والأهلية المتخصصة بالزراعة في فلسطين.

وبيّن المهندس عامر غانم من الإغاثة الزراعية، أن وزارة الزراعة والإغاثة الزراعية وعددًا من المؤسسات ستوزع مليون شتلة خضار على المواطنين هذه الأيام.

وقال غانم، إن الإغاثة الزراعية سوف توزع من ضمن المليون شتلة حوالي 300 ألف شتلة على سبع محافظات في 70 موقعًا ريفيًا، وسوف تستفيد منها 2900 أسرة بمعدل 100 شتلة لكل أسرة، وهو ما يكفي لزراعة حديقة منزلية.

وأشار إلى أن الهدف من الحملة هذه الأيام، "تعزيز الأمن الغذائي"، موضحًا أن الإغاثة الزراعية أطلقت حملة "احنا معكم" في ظل حالة الطوارئ التي تشهدها الأراضي الفلسطينية هذه الأيام.


اقرأ/ي أيضًا: 

تل.. امبراطورية التين الفلسطيني

انثروا البذور تحصدوا خضارًا في كل مكان