16-مارس-2019

أنصار حماس في مظاهرة مضادة لاحتجاجات حراك بدنا نعيش في جباليا - المصدر: صدى الإخبارية

ثلاثة أيام مرّت، ولاتزال احتجاجات حراك "بدنا نعيش" متواصلة في قطاع غزة، فيما تواصل أجهزة الأمن التابعة لحركة حماس استخدام العنف في قمع هؤلاء المحتجين، وقد أوقع ذلك عشرات المصابين، إضافة لاعتقالاتٍ طالت أغلبها شبانًا من عائلات محددة.

عائلة البحيصي في مخيم دير البلح، كانت في مواجهة مع الأجهزة الأمنية يوم أمس الجمعة، أُصيب على إثرها العشرات من أبناء العائلة بينهم أطفال ونساء وكبار في السن، وفق ما نشرت الصحافية إسراء البحيصي التي قالت إن والدها (58 عامًا) كُسِرت يده أثناء دفاعه عن مختار عائلتهم السبعيني، مضيفة أن شبان العائلة تعرضوا لـ"تعذيب جماعي".

عشرات المصابين والمعتقلين في الأيام الثلاثة الأولى من حراك "بدنا نعيش" في غزة، أغلبهم من عائلات محددة

كما تحدثت مصادرُ في عائلة أبو سمرة في دير البلح عن تعرضها للاعتداء واعتقال بعض أبنائها، وهو ما أفادت به عائلة أبو دلال في مخيم النصيرات أيضًا، وعائلة حلس في حي الشجاعية.

يقول مصدرٌ من عائلة البحيصي لـ الترا فلسطين، إن بين أبنائها من ينتمون لحركة فتح، ومن يعملون في أجهزة الأمن التابعة لحماس، "لكن ما تعرضنا له بشكل جماعي مهين جدًا. بداية الأحداث كانت تدخلاتٌ من رجال العائلة لحماية الشبان الذين يتعرضون لضربٍ من الأجهزة الأمنية".

وأكد البحيصي مشاركة شبانٍ من العائلة في الاحتجاجات، وهم كما وصفهم "عاطلون عن العمل، فاقدون للأمل كحال شبانٍ كُثُر في مخيم دير البلح"، مبينًا أنهم "يُطالبون بحقوقهم لا إزالة حركة حماس من الحكم"، وعند قمعهم خرجت نساءٌ من العائلة "لحماية أبنائهن" فتعرضن لـ"شتائم مهينة" وفق قوله.

وتابع، "هذا ذنبٌ ارتكبته الأجهزة الأمنية التابعة لحماس لن تغفره العائلة، حتى لو جاءت الأمم المتحدة للتوصل لحل مع العائلة".

وأفادت الصحفية إسراء البحيصي بأن 40 شخصًا من أبناء العائلة لازالوا معتقلين منذ يوم أمس "في مكان مجهول"، ونشرت أسماءهم على حسابها الشخصي في موقع التواصل "فيسبوك".

حملة الاعتقالات هذه بدأت بعد "شجار" بين مؤيدين لحركة حماس وأبناء عائلة البحيصي في دير البلح يوم أمس (الجمعة)، وفق ما أعلمنا به محمد البحيصي، مبينًا أن الشجار استمرَّ لساعتين دون تدخل الشرطة، قبل أن تصل الشرطة و"تعتدي بالضرب على أبناء العائلة، بينما ألقى أنصارها الحجارة على أبناء العائلة الذين يقفون على النوافذ" كما قال.

وأضاف البحيصي لـ الترا فلسطين، أن مسلحون بدأوا عند الساعة السابعة مساءً بحملة اعتقالات من داخل المنازل، "فتوجهنا لموقع اسمه موقع 17 وبدأ تكسيرنا بأشد أنواع الضرب".

عائلة البحيصي: عناصر الأمن اعتدوا على نسائنا وأطفالنا وأنصار حماس رشقوا أبناءنا على نوافذ منازلهم بالحجارة

تتحدث عائلة البحيصي عن عشرات المصابين، ونشر شبانٌ من العائلة صورًا للمصابين على أسرة المستشفيات، إلا أن وزارة الصحة لم تنشر أي إحصائياتٍ أو معلومات حول عدد المصابين منذ بدء الأحداث في غزة.

في وسائل التواصل الاجتماعي وتحديدًا "فيسبوك"، تدور معركةٌ رديفةٌ لتلك التي تدور في الميدان بين أنصار حركة حماس من جهة، ومؤيدين للحراك وآخرين من خارج الحراك أعلنوا رفضهم استخدام القمع من جهة أخرى. يتهم أنصار حماس أشخاصًا محددين -يقيمون خارج قطاع غزة- بالوقوف خلف الحراك، بعد أن أداروا في شهر كانون ثاني/يناير 2017 حراكًا للمطالبة بحل أزمة الكهرباء.

واليوم السبت، خرجت مظاهرات ضد الرئيس محمود عباس وإجراءات السلطة في شارع الجلاء شمالي غزة، ومخيم الشاطئ غربي المدينة، وعلى مفرق الشجاعية شرقًا، وكذلك في مخيم النصيرات، وعلى دوار النجمة وسط مدينة رفح، وفي بني سهيلا، وشارع البحر في خانيونس.

هذه المظاهرات بدأت يوم السبت وفق الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم"، وأدت إلى اعتداءات على حراك "بدنا نعيش" شاركت فيها أجهزة الأمن وأشخاص بالزي المدني.

ويوم الخميس، قال المتحدث باسم جهاز الشرطة الفلسطيني في غزة أيمن البطنيجي، إن الشرطة تعاملت مع المتظاهرين "لضبط النظام فقط"، وعلّق على منشوراتٍ في "فيسبوك" قائلاً إنه لا يوجد أشخاصٌ يديرون الحراك للجلوس معهم، فرد عليه معلقون بأن مطالب الحراك واضحة ومحددة.

وفي وقت سابق، قال مصدرٌ أمني لـ الترا فلسطين إن شخصًا كان يسكن في قطاع غزة وانتقل مؤخرًا إلى الضفة هو من يدير الحراك من رام الله، والمقصود هنا هو محمد التلولي الذي ورد اسمه في منشورات على السوشال ميديا أيضًا. وأضاف المصدر، "خلال التحقيق والتوعية للشبان تأكدنا بأن آدمن الصحفة (المسؤولين عنها) تواصلوا مع عدد من الشبان الذين تفاعلوا أو علقوا على الإعلان، وعرضوا عليهم مغرياتٍ عبر الخاص لتحريك الشارع لجهة وأهداف ليس لها علاقة بالإجماع الوطني".

ويُشير أنصار حماس إلى تصريحاتٍ لقياداتٍ في حركة فتح وناطقين باسمها باعتبارها دليلاً أن الحراك مدعومٌ من حركة فتح لأهداف سياسية. ومن أبرز هذه التصريحات ما قاله الناطق باسم الحركة أسامة القواسمي بأن "رسالتنا لأبطالنا الميامين الثائرين على الميليشيات في غزة أن الطريق إلى القدس يبدأ من الثورة على الاستبداد، وأننا في حركة فتح نقف معكم تماما وسنبقى دائمًا الأوفياء الأوفياء".

يُضاف إلى ذلك التغطية الخاصة التي يتابعها تلفزيون فلسطين منذ بدء الأحداث، وكذلك الخبر الرئيسي في صحيفة الحياة الجديدة الصادرة صباح السبت، تحت عنوان "برا يا حماس برا".

تغطية تلفزيون فلسطين وتصريحات قيادات فتحاوية رأتها حماس دليلاً على دعمها لحراك "بدنا نعيش" لأسباب سياسية

أما الحراك، فقد أكد في بياناته منذ البداية أنه "مطلبي معيشي وغير مسيس"، ولم يستثنِ في انتقاده السلطة الفلسطينية وإجراءاتها ضد قطاع غزة، ومنها قطع الرواتب.

هذه التغطية لا تلقى القبول لدى كثيرين من "نشطاء" الحراك، ومؤيدين له عبروا عن آرائهم على "السوشال ميديا"، وهو ما تحدث عنه بلغة حادة الشاب محمد لافي الذي قال أنصار حماس إنه واحدٌ ممن يديرون الحراك من الخارج.

سمير (28 عامًا) من "نشطاء" الحراك في مخيم جباليا، خريج علوم مصرفية من جامعة القدس المفتوحة، وعاطل عن العمل منذ 5 سنوات، قال لـ الترا فلسطين إنه "يشعر بالحسرة" عندما يرى سياسيًا يتبنى "قضيته"، مضيفًا، "أين الأحزاب اليسارية التي تُناصر الجائع والثائر والفقير؟ بيان على السوشال ميديا لا يكفي. فتح ليس لها دخل في حراكنا، لا نريد أحزابًا فهي السبب في جوعنا على أرض الواقع".

"نشطاء" في حراك "بدنا نعيش" رفضوا تصريحات فتحاوية بخصوص الحراك

أحمد شابٌ عاطل عن العمل من مخيم النصيرات، وأحد المشاركين في الحراك، قال إن "الإعلام الفلسطيني الذي صدَّعنا بأصواته عن الانتهاكات الإسرائيلية ومسيرات العودة يجب أن يكون صوتًا للفلسطينيين أيضًا عندما يطالبون بحقوقهم. لا نريد فتح ولا حماس ولا الجهاد ولا أحزاب اليسار، قضيتنا أننا شعبٌ جائعٌ، أطعمونا ثم ننتقل لمرحلة الوطن والتحرير".

ثلاثة أيام مضت منذ بداية الحراك والقمع، لكن لا توجد صورٌ على وكالات عالمية توثق ما يحدث. وفي أول أيام الحراك، تعرضت الناشطة الإعلامية نور النجار للاعتقال، وكذلك الصحافي أسامة الكحلوت، والناشط الإعلامي أحمد سهود، ومدير عام تلفزيون فلسطين في قطاع غزة رأفت القدرة مساء السبت، كما أكد "ديوان المظالم" مصادرة عشرات الهواتف الذكية التي تعود لأشخاص تواجدوا في المظاهرات.

وتعرض مدير مكتب "ديوان المظالم" جميل سرحان والمسؤول عن دائرة الشكاوى في غزة بكر التركماني للاعتقال، وإثر ذلك قالت الهيئة إنها تُعيد النظر في عملها في مكتب قطاع غزة.

واحتجزت أجهزة الأمن اليوم موظفين في مؤسسات حقوقية بغزة لساعتين، قبل أن تُفرج عنهم دون تعريضهم لأي إساءة وفق مركز "الميزان" لحقوق الإنسان. والموظفون الذين تم احتجازهم هم: المحامي في "الميزان" سمير المناعمة، وزميله الباحث في المركز خالد أبو اسبيتان، إضافة للباحثة الميدانية في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان صابرين الطرطور، والباحث الميداني في مؤسسة الضمير فادي أبو غنيمة.


اقرأ/ي أيضًا: 

5 نقاط على هامش حراك "بدنا نعيش"

من أين جاءت هذه الكتلة المطلبية في غزة؟

من أين لكم كل هذه الكراهية؟