31-يوليو-2019

المزارع عماد الصالح يؤكّد جودة البطيخ الفلسطيني

قريبًا من أرضه تحاصره بسطات البطيخ الإسرائيلي على طول شارع جنين الناصرة، أقلها تحوي نصف طن أو أكثر بينما تراوح زراعته مكانها دون قطاف، وربما تظل كذلك ويضيع منتجه لهذا العام هباءً كما سابقه، وقد يحالفه الحظ فيبيع بضاعته بتكلفتها أو بربح يسير ليسد عجزًا بات يتراكم عليه سنويًا.

       حرب تدور رحاها على الأرض، وفي أسواق الخضار والفواكه بالضفة الغربية؛ المزارعون الفلسطينيون يقاتلون لتسويق بطيخهم في مواجهة البطيخ الإسرائيلي     

يعيش المزارع عماد الصالح المعاناة بشكل شبه يومي، فمنتجه من البطيخ يراوح مكانه في الأرض ولا يجد من يلبي النداء من التجار ويشتري منه أو المزارعين أمثاله ممن تكدّست بضاعتهم فوق بعضها.

اقرأ/ي أيضًا: بطيخ فلسطين.. فاكهة وتسلية وأكثر

في سهل مرج ابن عامر بمدينة جنين شمال الضفة الغربية يواظب الصالح على زراعة أرضه هناك منذ نحو أربعة عقود، وجدنا الرجل يقلّب ثمار البطيخ خاصته والخوف يعلو محياه من عدم بيعها، إذ بدا على كثير منها علامات التلف.

للسنة الخامسة على التوالي يواصل الرجل زراعة البطيخ، هذا العام أقدم على زراعة 50 دونمًا (الدونم= ألف متر مربع) مستبشرًا خيرًا بمحصول جيّد وهو ما كان حسب قوله، لكن المعضلة تجسّدت بالتسويق، حيث غزا البطيخ الإسرائيلي الأسواق الفلسطينية التي تغيب عنها "الحماية" من الجهات المسؤولة لا سيما وزارة الزراعة، يقول الصالح.

تصوير عاطف دغلس (الترا فلسطين) 

من يتحمل المسؤولية؟

يتابع حديثه لـ "الترا فلسطين" بينما ينشغل بتفقد بقية المحصول ويقول: إن دونم البطيخ يُكلف نحو ألف دولار أميركي بين زراعة وريّ وتسميد وغيره من التكاليف، وهو إذا ما بيع يدر دخلًا بحدود 600 دولار في أفضل أحواله "لكن ومع الانتشار الكثيف للبطيخ الإسرائيلي سيترتب علينا العمل بخسارة، والأفضل أن يبقى الموسم بأرضه ولا يُقطف، فلا أريد مضاعفة تعبي وخسارتي". 

ولا يرى الرجل أي خطوات "جادة" من الجهات المسؤولة لحمايته وضبط وتنظيم دخول المنتج الإسرائيلي للسوق الفلسطيني لا سيما خلال فترة إثمار نظيره الفلسطيني، وبالتالي دعم المزارع وثباته بأرضه، خاصة وأن هذه الأرض باتت تضيق شيئًا فشيئًا بفعل التسارع بالبناء والببيع.

يحاول المزارعون إعادة صيت زراعة البطيخ رغم المعيقات | صورة عاطف دغلس (الترا فلسطين) 

وتكمّن المعضلة التي يواجهها عماد الصالح وغيره من المزارعين الفلسطينيين في التفاوت الزماني، وكميّة المنتج الإسرائيلي، فالمزراع الإسرائيلي يبدأ زراعة البطيخ في أواخر شهر ديسمبر/كانون أول بالمناطق الصحراوية جنوب البلاد، ثم يتدرج بزراعته في المناطق الشمالية "وبهذه الطريقة يبقى منتجه حاضرًا طوال الموسم".

اقرأ/ي أيضًا: كيف اجتمعت مصر وإسرائيل ضد بطيخ جنين؟

يقول الصالح إن الفلسطينيين استعادوا زراعة البطيخ في السنوات القليلة الماضية بشكل كبير وكثّفوا إنتاجهم، وهم بذلك يحاولون إعادة المجد للبطيخ الفلسطيني الذي كان يغزو الأسواق العربية في ثمانينيات القرن الماضي، ويضيف "ما نواجهه اليوم عاشه المزارعون بتلك الفترة حين تخلوا عن زراعته".

صورة عاطف دغلس (الترا فلسطين)

ويزرع الفلسطينيون بمناطق بمدينة أريحا وبالأغوار الشمالية وبمدينة جنين نحو 1700 آلاف دونم من البطيخ والتي تنتج قرابة ثمانية آلاف طن وهي تشكل من 20-25% (ربع) استهلاك الفلسطينيين بالضفة.

حرب البطيخ

وقلة المنتج هذه هي كلمة السر بالنسبة للتجار الذين يرفضون شراء البطيخ الفلسطيني حسب الصالح، فهم يتذرعون بأن التاجر الإسرائيلي يوفّر لهم المنتج طوال الموسم وليس لفترة محدودة كما يفعل المزارع الفلسطيني "ولا علاقة للجودة بالموضوع، فمنتجنا أفضل" يضيف الصالح.

لكن ثمة شيء غير دقيق في تذمر المزارع الفلسطيني من بقاء البطيخ في الأرض برأي صلاح البابا مدير عام الإرشاد والتربية الريفية بوزارة الزراعة، فيقول لـ"الترا فلسطين" إنه لا يسمح بدخول أي منتج إسرائيلي يتزامن إثماره وطرحه مع نظيره الفلسطيني حماية للمزارع الفلسطيني وتشجيعًا له".

ويضيف البابا "في شهر يونيو/حزيران تبلغ عظمة إنتاج البطيخ الفلسطيني وتنتهي بنهايته تقريبًا، وأن غزارة الإنتاج تأتي من المناطق الغورية، لكن حاجة السوق تبقى أكبر".

صورة عاطف دغلس (الترا فلسطين) 

اقرأ/ي أيضًا: السلطة الفلسطينية.. فشلت حتى في زراعة البطيخ

ويتفق طارق أبو لبن مدير عام التسويق بوزارة الزراعة مع البابا في أن حاجة السوق المحلي تبقى المتحكّم الأول، وأن المنتج الفلسطيني محمي ما دام يلبي الحاجة لكن المنتج الفلسطيني لم يغط أكثر من 25% من 70% مما يستهلكه، ويقول: سبق وأن اشتعلت "حرب البطيخ" قبل سنوات قليلة حيث منع دخول البطيخ الإسرائيلي حماية للمنتج الفلسطيني.

ويقول إنهم يقفون على مسافة واحدة بين المنتج والمستهلك حفاظًا على معطيات الأمن الغذائي وتوفر المنتجات للمستهلكين على غرار ما يتم حماية المزارع، مؤكدًا أن اعتقاد المزارع أن حدود الطلب على البطيخ هي أسواق الخضار في الشمال غير صحيح، فهو يبدأ من الجنوب وينتهي بالشمال، وبين هذا وذاك يقل الطلب.

كما أن غالبية المزارعين آثر أن يوفّر منتجه بشهر رمضان، حيث يكون الطلب بأعلى مستوياته، والسوق يستوعب برمضان أكثر مما يورد إليه لأن نمط الاستهلاك يتغير.

بطيخ غزة

وفي غزة يبدو أن المعادلة تسير بعكس الاتجاه، فالقطاع يتوقع أن ينتج هذا العام حسب أحمد الدباغ مسؤول التسويق والمعابر بوزارة الزراعة بغزة 30 ألف طن من البطيخ زرعت لتشكل اكتفاء ذاتيًا للقطاع بعد أن تم تقليص المساحة المزروعة هذا العام عن سابقه من السنوات.

ويقول الدباغ في السنوات السابقة كان لدينا أمل بأن تسمح "إسرائيل" بتوريد البطيخ لمحافظات الضفة الغربية لكن ذلك لم يحدث منذ أكثر من عشر سنوات.

صورة عاطف دغلس (الترا فلسطين) 

وطالب المسؤولون بالضفة وغزة بضرورة فتح المعابر ليتسنى للبطيخ الغزاوي الوصول إلى أسواق الضفة الغربية وبالتالي تخفيف الاعتماد على المنتج الإسرائيلي.

وحده الأمل فقط هو عماد المزارعين الفلسطينيين في الإصرار على الاستمرار بزراعة البطيخ، وهم يعدون بأن يضاعفون إنتاجهم منه رغم كل ما يحدث للوصول للاكتفاء الذاتي. 

 البطيخ الإسرائيلي يغزو الأسواق المحلية الفلسطينية

اقرأ/ي أيضًا: 

الزبيب الفلسطيني.. ما تبقّى لكم من حلوى

كم من الفاكهة يحتاج جسمك يوميًا؟

5 أطعمة تمنحك سمرة طبيعية هذا الصيف