09-يناير-2022

Getty

رغم توقّف العمليات العسكرية الإسرائيلية المباشرة ضد قطاع غزة، إلا أن حربًا خفية من نوع آخر تدور رحاها بين الأجهزة الأمنية وبين تجار المخدرات والاحتلال الإسرائيلي، مسرحها الرئيس بوابات المعابر التي تربط قطاع غزة بالداخل الفلسطيني.

 "حرب" بين الأجهزة الأمنية وبين تجار المخدرات والاحتلال الإسرائيلي، مسرحها بوابات المعابر التي تربط غزة بالداخل الفلسطيني 

وخلال أقلّ من شهر ضبطت الأجهزة الأمنية في قطاع غزة ثلاث شحنات مخدرات، تم إخفاؤها داخل حاويات بضائع قادمة من داخل الخط الأخضر، قيمة إحداها ربع مليون دولار، فيما تصل قيمة باقي الشحنات عن 750 مليون شيقل.

حملة قويّة

ووفقًا لأحمد الشاعر مدير دائرة المعابر في مكافحة المخدرات، فإن قطاع غزة يتعرّض لحملة قوية وصعبة تهدف لإغراقه بالمخدرات في ظل انعدام الإمكانيات الحديثة لدى أجهزة الأمن للكشف عنها عبر المعابر.

وأوضح الشاعر في حديث لـ "الترا فلسطين" أن الاحتلال يمنع مرور الأجهزة الخاصة بالكشف عن المخدرات إلى قطاع غزة، لأنه معني بإغراق القطاع بالمواد المخدرة، واصفًا "حرب المخدرات" بالأسوأ من المواجهة العسكرية، لأنها تستهدف جيل الشباب الذي يمثل عماد المجتمع الفلسطيني.

  يتصل قطاع غزة بـ "إسرائيل" بمعبرين رئيسيين يجري من خلالهما تهريب المخدرات، وخلال أقلّ من شهر ضبطت الأجهزة الأمنية 3 شحنات مخدرات

ويتصل قطاع غزة بـ "إسرائيل" بمعبرين رئيسيين، الأوّل معبر كرم أبو سالم التجاري جنوب قطاع غزة ويسمح فيه بحركة الشاحنات، والثاني معبر بيت حانون/ إيرز شمال القطاع والمخصص لحركة الأفراد فقط.

وأوضح الشاعر أن جميع البضائع التي تم ضبط مواد مخدرة بداخلها مؤخرًا كانت قادمة من الداخل الفلسطينيّ، متسائلًا: لماذا ينجح الاحتلال في ضبط أي مواد قد تستخدمها المقاومة قبل مرورها إلى قطاع غزة، دون ضبط المخدرات.

ولفت إلى أن الاحتلال الإسرائيلي باستطاعته ضبط أي شحنة مواد مخدّرة قبل دخولها قطاع غزة، وذلك بالنظر إلى امتلاكه أدوات حديثة جدًا للكشف عنها.

تفتيش يدوي وكلاب بوليسية

وعن الأدوات المستخدمة للكشف عن المخدرات عبر المعابر، قال الشاعر إنهم يعملون بطريقة التفتيش اليدوي في حال وجود إشارات اشتباه خاصة في البضاعة التي يتوقع إخفاء المخدرات بداخلها، وكذلك عبر استخدام الكلاب البوليسية المدرّبة، وأحيانًا عبر توفّر معلومات مسبقة من قبل المصادر البشرية.

 حذر الشاعر المسافرين من حمل شنط وأغراض لأشخاص لا يعرفونهم، مشيرًا إلى أنه تبين احتواء بعض تلك الأغراض على مواد مخدرة 

ولفت إلى أنه في ظل عدم توفّر الإمكانيات للكشف عن المخدرات، يلجأ المهربون إلى استحداث وسائل وأساليب الجديدة، لافتًا إلى أنّ آخر محاولتين لتهريب المخدرات جرى خلالهما إخفاء المخدرات داخل قطع غيار سيارات، وداخل صبّابات القهوة، فيما جرى اكتشاف الأولى عبر التفتيش الاعتيادي، والثانية تمكنت الكلاب البوليسية من اكتشافها.

وأشار إلى أن الأجهزة الحكومية في قطاع غزة حاولت توفير الأجهزة الخاصة بالفحص، عبر التواصل مع بعض الدول والمنظمات لكن الاحتلال الإسرائيليّ كان عائقًا أمام جميع المحاولات.

المنافذ الحدودية

من جانب آخر بين مدير إدارة مكافحة المخدرات بالشرطة العقيد أحمد القدرة أن جهودهم تتركّز بشكل أساسي على المنافذ الحدودية لمنع تهريب المخدرات الى داخل القطاع، مشيرًا إلى مجموعة من التحديات التي تواجههم أبرزها عدم وجود أجهزة فحص خاصة.

ونفى القدرة تورط أي تاجر أو شركة نقل في قطاع غزة بتهريب المخدرات، منوهًا إلى أن المهربين يلجأون إلى التغرير ببعض الأشخاص ذوي الأوضاع الصعبة، عبر تحويل البضاعة التي يتم إخفاء المخدرات بداخلها، وفي حال نجحت البضاعة في المرور إلى القطاع يتم منح هؤلاء الأشخاص البضاعة مجانًا مقابل تسليم المخدرات لطرف ثالث مرتبط بالطرف الأوّل.

ولفت القدرة إلى أن هذه الآلية تضع عائقًا أمام الجهة القانونية للوصول للطرف الذي من المقرر أن يستلم المخدرات داخل القطاع، مستدركًا: في الآونة الأخيرة سمحنا لبعض الشحنات بالمرور تحت الرقابة الأمنية إلى داخل القطاع، وقد تمكنا من ضبط الشخص المسؤول عن استلام المخدرات.

ودعا القدرة التجار وأصحاب شركات النقل إلى الانتباه، والحذر من استغلال البعض بضاعتهم لدس المخدرات بداخلها، داعيًا إياهم إلى التبليغ عن أي مادة تثير الشكوك، أو عن أي تجار لا يعرفه مسبقًا طلب منه شحن بضاعة، مشددًا على أنه سيتلقى معاملة قانونية عالية جدًا.

ولفت إلى أن آخر كمية مخدرات تم ضبطها، لم يكن لدى شركة النقل أو التاجر أي معلومات عنها، وعندما تم ضبطها تعاون التاجر في قطاع غزة بشكل كبير مع الشرطة إلى أن تم الوصول إلى الشخص المسؤول عن استلام المخدرات داخل القطاع.

وأعرب عن أمله في توفير الأجهزة والإمكانيات التقنية اللازمة للكشف عن المخدرات، مشيرًا إلى أن ذلك من شأنه زيادة عمليات الضبط والحد من انتشار المخدرات داخل قطاع غزة.

وفي إطار ملاحقة المروجين، أعلن القضاء العسكري في قطاع غزة في 9 تشرين ثان/ نوفمبر الماضي إصدار أحكام بالإعدام على ثلاثة فلسطينيين، أُدين أحدهم بتهمة تجارة المخدرات.

كما أصدرت المحكمة العسكرية 11 حُكمًا بحق تجار مخدرات ومتخابرين مع الاحتلال بالسجن ما بين 4 إلى 15 سنة، وحُكمًا واحدًا بالسجن المؤبد، وآخر بالأشغال الشاقة المؤبدة.

وأكدت هيئة القضاء العسكري أن "الأحكام الصادرة استوفت الإجراءات القانونية كافة، وأنها منحت المحكومين جميع الضمانات القضائية".


اقرأ/ي أيضًا:

"المالية": بيان نقابة الأطباء غير دقيق