27-أكتوبر-2021

صورة توضيحية - gettyimages

الترا فلسطين | فريق التحرير

تواصل السلطة الفلسطينية قطع رواتب عشرات الأسرى الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، استجابة لضغوطات أمريكية وأوروبية، ما يُشكل عبئًا عليهم وعلى عائلاتهم، كونهم يصرفون جزءًا من هذه الرواتب في توفير احتياجاتهم الشخصية بما فيها الطعام داخل السجون، بينما يسدُّ جزءٌ آخر منها احتياجات عائلاتهم في ظل غيابهم كمعيلين لهم.

أسرى مقطوعة رواتبهم سيخوضون إضرابًا عن الطعام، أحدهم (رامي النجار) بدأ بالفعل وأضرب عن الماء

وحصل الترا فلسطين على معلومات حصرية، تؤكد نية الأسرى المقطوعة رواتبهم خوض إضراب مفتوح عن الطعام، كخطوة تصعيدية في ظل امتناع الرئيس محمود عباس عن الاستجابة لهم، بعدما وجهوا له وللعديد من المسؤولين في السلطة رسائل طلبوا فيها إعادة صرف رواتبهم.

اقرأ/ي أيضًا: مسرحيون وكتاب تخرجوا من أكاديمية السجون

وعلم الترا فلسطين، أن من الأسير رامي إبراهيم نعيم النجار من قطاع غزة، والمعتقل منذ عام 2015، شرع بإضراب عن الطعام، تطوَّر، مساء الثلاثاء، إلى إضراب عن الماء أيضًا، للمطالبة بإعادة صرف راتبه، بينما نقلته إدارة سجون الاحتلال إلى العزل الانفرادي وسحبت منه جميع مقتنياته باستثناء الفراش الذي ينام عليه في العزل.

وجاء في رسالة للنجار وصلت الترا فلسطين: "ما دفعني لأرسل هذه السطور من رحم المعاناة لأنه طفح الكيل ولم يعد أمامي إلا ما أقدمت عليه من إضراب عن الطعام، فقط ساءني وما زال حتى هذه اللحظات التعدي على حقي وحق أهلي ليسلب منا الحياة الكريمة التي عشناها إلا طالبين حياة كريمة، واليوم أفتقدها ولا أعلم أيدرك المسؤولين هذا أم لا، وليتهم يشعرون".

وأضاف في رسالته: "ماذا تبقى للأسير إن انقطعت به أساليب بحياة كريمة، لا أطلب الكثير، احفظوا كرامتي وكرامة أهلي ولا تجعلونا متسولين، نحن الأسرى شرف.. ورأس الحربة لحفاظ كرامتكم، فلا تهدروها من أجل مصالح ضيقة وحسابات رخيصة".

ومن المقرر أن تبدأ حملة واسعة تشارك فيها كافة الفصائل الفلسطينية، تطالب بإعادة رواتب الأسرى، حسب ما قالته نور اسليم، منسقة اللجنة الإعلامية لحملة الأسرى المقطوعة رواتبهم.

من المقرر أن تبدأ حملة واسعة تشارك فيها كافة الفصائل الفلسطينية، تطالب بإعادة رواتب الأسرى

وأكدت اسليم لـ الترا فلسطين، أن الحملة ستكون وطنية حقوقية متعددة الأدوات والمهام ما بين إلكتروني ووجاهي وميداني ينظمها أهالي الأسرى المقطوعة رواتبهم من قبل السلطة الفلسطينية، بمشاركة هيئات مختصة في شؤون الأسرى، ومؤسسات حقوقية وقانونية، وكذلك نشطاء ومناصرين من كافة أطياف الشعب الفلسطيني".

اقرأ/ي أيضًا: رياضات الأسرى: الأثقال من الملح وحبة بسكويت لمن يفوز

وأفادت اسليم بتوجيه خطاب من الحملة إلى الرئيس عباس من خلال مؤسسة حقوقية للمطالبة بإرجاع رواتب الأسرى، مبينة أن عضو اللجنة المركزية جبريل الرجوب ورئيس هيئة شؤون الأسرى قدري أبو بكر أكدا لهم أن الرئيس تسلم الرسالة.

وأضافت، "تهدف الحملة لإعلاء صوت الأسرى وذوي الأسرى المقطوعة رواتبهم في ضوء ما يتعرضون له من ظلم واجحاف متمثل بتجاوز وخرق واضح للأنظمة والقوانين الوطنية الفلسطينية التي تكفل للأسير وذويه الحق في الحياة الكريمة التي حرمه منها الاحتلال الإسرائيلي".

والدة الأسير عمر العبد اضطرت لبيع قطعة الأرض التي تملكها لتبعث له مصاريف تغطي احتياجاته داخل السجن

والدة الأسير عمر العبد من قرية كوبر في رام الله، منفذ عملية حلميش، اضطرت لبيع قطعة الأرض التي تملكها لتبعث له مصاريف تغطي احتياجاته داخل السجن، وتصرف من خلالها عليها وعلى والده المريض في الكبد.

وتقول أم الأسير عمر، إنها ما زالت تسعى جاهدة لإعادة راتب نجلها، حتى يتسنى لهم تأسيس مسكن أو "مصلحة" تكون جاهزة عندما يخرج من السجن، مؤكدة أنها تواصلت مع قيادات في السلطة الفلسطينية من أجل الأمر، لكن أحدا لم يستجب.

الحال ذاته بالنسبة للأسير خليل جبارين من يطا، الذي التقت عائلته مع رئيس هيئة شؤون الأسرى قدري أبو بكر للمطالبة بحق نجلها في راتب شهري، فأجاب، وفق ما أفادنا به والده، أن الموضوع صعبٌ لأن الشخص الذي قُتِل في عملية باسل يحمل الجنسية الأمريكية، وهناك تخوفٌ من وقف الدعم الأمريكي للسلطة في حال علم الأمريكيون بصرف راتب لجبارين.

عائلة خليل جبارين: قدري أبو بكر أبلغنا أن قطع الرواتب سببه أن القتيل في العملية يحمل الجنسية الأمريكية

وقال جبارين، إن أبوبكر أكد لهم أن مشكلة باسل هي ذاتها مشكلة الأسير عمر العبد، مضيفًا،  "وعدونا بحل قريب، ودائمًا بوعدونا بس احنا عارفين إنها حجج واهية وكاذبة".

اقرأ/ي أيضًا: هدايا الأسيرات: فيض حب وأمل حرية

وأشار إلى أن العائلة طلبت من هيئة شؤون الأسرى ورقة تثبت أن من الصعب حصول باسل على راتب، لكن الهيئة رفضت وأجابت "نحن لم نقل لكم أنكم لن تحصلوا على راتب، بل قلنا إنه حاليًا من الصعب أن تحصلوا على راتب".

القصة ذاتها تكررت مع 63 أسيرًا من قطاع غزة، معظمهم من حركة حماس، إذا قال ممثل الأسرى المقطوعة رواتبهم لـ الترا فلسطين، إن رواتب أسرى قطاع غزة مقطوعة منذ بداية عام 2019، ومنذ ذلك الحين يُراسلون مسؤولين في السلطة على أمل حل المشكلة.

63 أسيرًا من قطاع غزة، معظمهم من حركة حماس، تم تخفيض رواتبهم في 2018 ثم قطعها في 2019

ويؤكد الأسير -الذي طلب عدم كشف اسمه لأسباب أمنية- أن مسؤولين في السلطة وعدوا بحل الموضوع ولكن لغاية الآن لا توجد نتيجة، مبينًا أن قطع رواتبهم تم بالتدريج، فمنذ عام 2018 تسلم هؤلاء الأسرى نصف الراتب، ثم انقطع تمامًا في بداية العام الذي يليه.

اقرأ/ي أيضًا: مقالب الأسرى: نعبر عن إنسانيتنا

وأشار إلى أن الأسيرة السابقة نسرين أبو كميل، التي تم الإفراج عنها الأسبوع الماضي بعد 6 سنوات في سجون الاحتلال، هي إحدى أسرى قطاع غزة المقطوعة رواتبهم.

الأسير حسن سلامة من خان يونس، معتقلٌ منذ عام 1996 ومحكوم بالسجن 48 مؤبدًا، قطعت السلطة راتبه أيضًا الذي كان جزءٌ منه يذهب لعلاج والدته المسنة، وجزءٌ آخر يصرفه على نفسه داخل السجن.

يقول شقيقه أكرم، وهو أسيرٌ سابق أيضًا، إن غفران زامل -خطيبة حسن من نابلس- رفعت دعوى للمطالبة بإعادة صرف راتبه، ولكن بعد ثمانية شهور من المداولات والتأجيل قالت المحكمة العليا في رام الله إن القضية سياسية خارج اختصاصها.

قالت المحكمة العليا إن قطع راتب الأسير حسن سلامة قضية سياسية وخارج اختصاصها

وأكد، أن جميع الأسرى الذين تم تحريرهم في صفقة "وفاء الأحرار" ولا ينتمون إلى فصائل منظمة التحرير تم قطع رواتبهم، ثم بعد ذلك امتد القطع ليشمل رواتب أسرى داخل السجون.

والحال ليس أفضل بالنسبة لعائلة الأسيرين فهمي وصلاح أبو صلاح من غزة، فبعد قطع راتبهم تم إغلاق حسابيهما في البنك الإسلامي الفلسطيني، ثم رفع البنك قضية في المحكمة ضد العائلة لعجزها عن سداد قيمة معاملة قاما بها لبناء منزل لنجليهما لحين الإفراج عنهما.

وأوضحت أبو صلاح، أنها لم تترك وزوجها أي وسيلة لإرجاع راتب فهمي وصلاح لكن دون نتيجة.

يؤكد رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدري أبو بكر وجود الكثير من الأسرى المقطوعة رواتبهم في سجون الاحتلال (حوالي 150 أسير)، ولكن تم حل مشكلة عدد كبير منهم.

أبو بكر: تحرك من جانب الهيئة، ونحن على اتصال مباشر مع "جميع القيادات الفلسطينية"

وأوضح، أن 60 أسيرًا مقطوعة رواتبهم "لا تنطبق عليهم الشروط"، فهيئة الأسرى لا تصرف رواتب إلا للأسرى الأمنيين (المعتقلين في قضايا ليست جنائية).

وأضاف: "بعثت لنا حركة الجهاد الإسلامي حوالي 30  اسمًا تم صرف رواتبهم جميعًا"، نافيًا أن يكون الأمر له علاقة بانتماء الأسير إلى فصيل معين. وقال: "من المفترض أن لا يخضع الأسرى داخل السجون لأي معيار، ولكن مثل هذه الأمور قد تحدث بالعادة".

وأكد أبو بكر وجود تحرك من جانب الهيئة، وأنها على اتصال مباشر مع "جميع القيادات الفلسطينية"؛ وعلى رأسهم الرئيس عباس، متوقعًا أن يُعاد صرف الرواتب في القريب العاجل.


اقرأ/ي أيضًا: 

حلاق في سجن مجدو

عن رمضان داخل السجون