01-مايو-2018

اعتاد معلّقون رياضيون الإشادة بصمود الشعب الفلسطيني أثناء مباريات عربية وعالمية لكرة القدم، لكنّ أحد هؤلاء المعلقين، يسجّل الدعم الأكبر خلال المباريات، وعلى حساباته في مواقع التواصل، فيحظى باحترام خاص لدى الفلسطينيين.

المعلق الجزائري حفيظ دراجي، من الأسماء اللامعة في تعليق مباريات كرة القدم على شاشة "بي ان سبورت"، وقبل ذلك على الجزيرة الرياضية، بالنسبة للفلسطينيين هو نجم موقعة ليفربول الإنجليزي ضد مانشستر سيتي الإنجليزي، خلال الدور ربع النهائي من دوري الأبطال الأوروبي، عندما افتتح اللقاء بتحية المحاصرين في قطاع غزة، والمتظاهرين المشاركين في مسيرات العودة.

في ضوء ذلك أجرى موقع الترا فلسطين حوارًا مع حفيظ دراجي: 

- كيف كان مشوار حفيظ دراجي حتى وصل إلى "بي ان سبورت"؟

مشوار طويل شاق وممتع بدأ سنة 1988 بعدما تخرجت من جامعة الجزائر - معهد علوم الإعلام والاتصال. كنت محظوظًا جدًا بدخولي التلفزيون الجزائري - مباشرة بعد تخرجي - كمعلق ومذيع تلفزيوني، قدمت برامج رياضية وسياسية وثقافية، تدرجت في مناصب المسؤولية من مدير للقسم الرياضي، ثم مديرًا للأخبار، ونائبًا للمدير العام، إلى أن غادرت التلفزيون الجزائري، إلى الجزيرة الرياضية في حزيران/يونيو 2008 كمعلق ومذيع أيضًا. سبق لي أن كنت متعاونًا مع الإذاعة الجزائرية، وكتبت وأكتب في عديد المواقع والصحف الجزائرية والعربية.

المعلق حفيظ دراجي: فلسطين هي الجزائر لكل الفلسطينيين (..) كبرنا على مبدأ الوقوف معها ظالمة أو مظلومة

- حفيظ دراجي من الأسماء اللامعة في التعليق على مباريات كرة القدم، وله شعبية كبيرة في فلسطين، لأنه من أكثر المعلقين تضامنًا مع الشعب الفلسطيني، ماذا تعني له فلسطين منذ كان طفلاً ولغاية الآن؟

لن أبالغ لو قلت لك بأن فلسطين هي الجزائر بالنسبة لكل الجزائريين؛ منذ وعينا على هذه الدنيا، ومنذ أدركنا بأن شعبنا الفلسطيني يعاني الاحتلال الذي عانى منه الشعب الجزائري لمدة 132 سنة. كبرنا في الجزائر على مبدأ الوقوف مع فلسطين ظالمة أو مظلومة. فلسطين كانت ومازلت موجودة إلى اليوم في المقررات التربوية في المدارس الجزائرية، لذلك لم يتغير موقفنا الرسمي ولا الشعبي من دعم شعبنا لاستعادة حقوقه المشروعة وبناء دولته المستقلة.

- بشكل عام نرتبط كبلدان عربية في الثقافة والدم واللغة والكثير من العادات والتقاليد، لكن يربط الشعب الجزائري والفلسطيني أكثر هذه الروابط. كيف يمكن أن تصف العلاقة؟

مثلما لايمكن وصف علاقة الآباء بأبنائهم، وعلاقة أبناء العائلة الواحدة ببعضهم البعض، لا يمكنك أن تحصر أو تصف علاقة الجزائريين بالفلسطينيين، وبكل القضايا العادلة في العالم، بحكم معاناة شعبنا الطويلة أيضًا مع المستعمر الفرنسي. لك فقط أن تستعيد صور مدرجات ملعب 5 جويلية بالعاصمة منذ سنتين عندما لعب المنتخب الجزائري أمام نظيره الفلسطيني. لك أيضًا أن تستعيد شريط مشاركة منتخبنا في مونديال البرازيل والأعلام الفلسطينية التي كانت ترفعها جماهيرنا في ملاعب البرازيل.

- ما هو شعورك عندما تشاهد علم الجزائر حاضرًا في مسيرات العودة الكبرى؟ أو خلال تصدي الشبان في المواجهات مع الاحتلال؟

طبعًا أشعر بالكثير من الفخر والاعتزاز خاصة وأنه العلم الوحيد الذي يرفعه الفلسطينيون إلى جانب علمهم.

- خلال تعليقك على مباراة ليفربول ومانشستر سيتي في إياب دور الثمانية لدوري أبطال أوروبا، بدأت بتحية صمود غزة وسكانها في معاناتهم مع انقطاع الكهرباء والحصار وأحداث مسيرات العودة على الحدود. ماذا دفعك لذلك خصوصاً في هذه المباراة المهمة والحساسة ويشاهدها الملايين؟

كما تعلم أنا على اطلاع مستمر بما يحدث في الأراضي الفلسطينية، وعلى تواصل مع الكثير من الشباب الفلسطيني الذين يعشقون الكرة ويحبذون متابعة الأحداث الكبرى، فذكرني أحد المتابعين بمعاناتكم وقررت أن أذكر ذلك في المباراة المذكورة.

- غزة اشتعلت مع هذه التحية والمقدمة، ورفعوا صور حفيظ دراجي على حدود غزة بالقرب من خيام العودة. ماذا تقول عن هذا المشهد؟

مشهد أكثر من رائع تفاعل معه أيضًا كل الجزائريين، وزادني فخرًا واعتزازًا وإصرارًا على ضرورة الاستمرار في القيام بواجبنا تجاهكم حتى استعادة حقوقكم المشروعة، هذا الأمر يشجع أيضًا بقية الإعلاميين والشرفاء على مواصلة الدعم لأبناء شعبنا الفلسطيني بكل الطرق والوسائل الممكنة.

لا يجب أن ننسى أيضًا فضل قنوات "بي ان سبورتس" التي لم تجد مانعًا في إبداء دعمنا ومساندتنا ومواقفنا تجاه قضايا الأمة، هذا أيضًا يجب تثمينه رغم أننا مجرد قناة رياضية. يجب أن تعلموا بأنكم أنتم تشجعوننا على مساندتكم والقيام بواجبنا معكم. أنتم مصدر فخرنا وإلهامنا، وأنتم تمثلون ما تبقى لنا من كرامة وشرف لأنكم تدافعون عن حقكم عبر الأجيال رغم التضييق حتى من جهات عربية.

- هناك من يعتقد أنه لا يجب إدخال القضية الفلسطينية بالرياضة. كيف ترى ذلك؟

بالعكس السياسة لوحدها لم تعد تجدي نفعًا، ويجب علينا أن نستعمل كل الوسائل وفي كل المجالات لدمكم، سواء كانت رياضية ثقافية أو علمية لبتليغ رسالة شعب عظيم حقوقه مهضومة وأراضيه مغتصبة. والمعلق أو المذيع هو إعلامي يجب أن يتفاعل مع شؤون بلده وأمته، ويحمل رسالة ويدافع عن الحق والمبدأ، وإلا لا يمكن أن نصفه ضمن خانة الإعلاميين.

حفيظ دراجي: يجب استخدام جميع المنصات بما فيها الرياضة لتبليغ رسالة الشعب الفلسطيني

- كيف تنظر لدعم الإعلام العربي لحق العودة؟ وما هو الواجب على كل عربي ومعلق رياضي تجاه حق العودة الفلسطيني الذي يتم تفعيله وبقوة على حدود قطاع غزة؟

أعتقد بأن الإعلام العربي مقصر مثلما قصرت الأنظمة العربية، والأمانة والمسؤولية التاريخية والمهنية تقتضي منا أن نقوم بواجبنا على الأقل تجاه شعبنا الفلسطيني مهما كلفنا ذلك. يجب علينا استغلال كل الوسائل والطرق لإسماع أصواتكم والضغط على الأسرة الدولية والمنظمات والرأي العام الدولي. ما نقوم به يجب أن يدخل في إطار الواجب وليس الفضل، ولا يجب أن يتوقف على المناسبات. صحيح أنتم الوقود الذي يحركنا لكن لا يجب أن نتوقف عن التحرك في كل الاتجاهات وباستمرار.

- كيف شاهدت التحرك العربي منذ إعلان ترامب القدس عاصمة لـ"دولة إسرائيل" ولغاية اللحظة؟ وما هو الواجب اللازم للتصدي لهذا القرار بنظرك كإعلامي؟

التحرك الرسمي كان محتشمًا ومخيبًا أحيانًا، لكن التحرك الشعبي كان في المستوى، لذلك لا يجب الاعتماد كثيرًا على بعض الأنظمة العربية التي باعت القضية وباعت ضمائرها، ويجب الاعتماد على النفس وعلى اللوبيات الفلسطينية والعربية الموجودة في الدول الكبرى لكي تقوم بواجبها مع الجمعيات والمنظمات الدولية، ومواصلة الاعتماد على أبناء شعبنا في الداخل لمواصلة الصمود والتحرك من أجل إسماع صوتهم ورفض قرارات ترامب وغير ترامب.

- على صعيد الرياضة الفلسطينية. كيف تنظر لها خلال آخر عامين؟ وما هي المحاذير التي يجب تجنبها لاستمرار التطور؟

- الرياضة الفلسطينية عندها دور يجب أن تلعبه أيضًا في المحافل الدولية، مثل الدور الذي لعبه فريق جبهة التحرير الجزائري لكرة القدم الذي تشكل أثناء حرب التحرير من كبار اللاعبين المحترفين في أوروبا الذين حملوا القضية الجزائرية لكل بقاع العالم، رغم غياب وسائل الإعلام، ووسائط التواصل الاجتماعي الموجودة اليوم. مالم نقدر عليه سياسيًا وثقافيًا وعسكريًا قد نصل إليه من خلال الرياضيين والمنتخبات الفلسطينية لأنهم يصلون إلى وسائل الإعلام والرأي العام الدولي أكثر مما يصله الساسة.

- أخيرًا، ربما تكون النهاية قليلاً مؤلمة لأن فلسطين تشهد أسوأ ظروف لها متمثلة بالحصار والاستيطان والتهويد، وليس آخرًا صفقة ترامب، ماذا تقول لهذا الشعب وهو أمام هذه المأساة؟

أقول له بأن الشعب الجزائري أثناء فترة الاحتلال الفرنسي التي دامت 132 سنة تعرض أيضًا لكل أشكال المسخ والقتل والتشريد، لكنه صمد وقاوم وجاهد، وخاض ثورة تحريرية دامت 7 سنوات ونصف، ضد واحدة من أكبر القوى في العالم آنذاك، لذلك يجب الاستمرار في الكفاح ضد التهويد والاستيطان وضد كل الصفقات المشبوهة التي تدعمها للأسف بعض الأنظمة العربية التي تريد التخلص من القضية الفلسطينية ومجاملة إسرائيل والولايات المتحدة، دون أن تدرك بأن كفاح الشعب الفلسطيني يأتي في صالح الأمة العربية، لأن تصفية القضية سيقود إسرائيل إلى مزيد من الطمع في أراضي عربية أخرى تتجاوز الضفة الغربية وقطاع غزة، وتؤدي إلى مزيد من التنازلات.


اقرأ/ي أيضًا:

حضور قوي للقدس في ميادين الرياضة

ملاعب غزة.. شغب يلتهم المتعة ويُفسد التنافس

صور | باسل قطامش.. "كروسوفت" فلسطيني إلى العالمية