03-أكتوبر-2022
توضيحية

صورة توضيحية | غيتي ايميجز

الترا فلسطين | فريق التحرير

أتاحت وسائل إعلام إسرائيلية المجال خلال الأيام الماضية أمام عدد من الضباط الكبار السابقين لتفنيد مزاعم قادة الاستيطان بضرورة تنفيذ جيش الاحتلال اجتياحًا للضفة الغربية، على غرار اجتياح "السور الواقي" الذي نفذه خلال الانتفاضة الثانية.

أبرز المتحدثين عبر أكثر من وسيلة إعلامية في هذا الاتجاه كان اللواء احتياط تمير هايمان، مدير معهد دراسات الأمن القومي، والرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية "أمان". وكان من بين هذه الجهات، القناة 12، التي نشرت مقالاً حمل عنوان "الضرر يفوق النفع: لا مبرر لاجتياح المدن مجددًا".

رأى هايمان أن اجتياحًا كبيرًا للضفة سيؤدي لتصاعد الانتقادات الدولية والداخلية التي تقوض شرعية العمل، وتعيد القضية الفلسطينية إلى سلم اهتمامات الرأي العام الدولي

وقال هايمان، إن تنفيذ عملية عسكرية واسعة النطاق في الضفة "ليست مسألة ملحة"، باعتبار أن الواقع السائد حاليًا لا يشبه الواقع الذي دفع لشن عملية السور الواقي.

ورأى أن تنفيذ اجتياح موسع لمدن الضفة يجب أن يحقق هدفين، الأول تدمير قدرات المجموعات الفلسطينية واعتقال أو قتل من يخططون لتنفيذ عمليات، بينما الثاني هو توفير حرية النشاط العملياتي للجيش؛ الذي يتيح تنفيذ عمليات متواصلة، مبينًا أن هذين الهدفان متحققان بالفعل حاليًا.

واعتبر أن اجتياحًا كبيرًا للضفة قد يكون له ثمن استراتيجي ذو شقين، الأول تصاعد الانتقادات الدولية والداخلية التي تقوض "شرعية العمل" -وفق وصفه- وتعيد القضية الفلسطينية إلى سلم اهتمامات الرأي العام الدولي، منوهًا أن اجتياح "السور الواقي" جاء بعد سقوط مئات القتلى الإسرائيليين، ومن هنا اكتسب "شرعيته" آنذاك.

أما الشق الثاني من الثمن الذي قد تفعه "إسرائيل"، وفقًا لهايمن، فهو إلحاق ضرر جسيم بالأجهزة الأمنية الفلسطينية، "لأنهم قد يتحركون ضدنا، وحتى إذا ألقوا أسلحتهم فسيتم اعتبارهم خونة، وسينشق الكثير منهم بأسلحتهم وينضمون إلى القتال".

واستعرض هايمن مجموعة من العوامل التي تدفع للامتناع عن تنفيذ اجتياح كبير للضفة. وأولها أن التنظيمات في الضفة حاليًا تخضع لرقابة استخبارية حثيثة، ويتم استهدافها بشكل متواصل وفي كل ليلة، وفي بعض الأحيان ليس فقط في الليل.

ثانيًا، الواقع الجيوسياسي غير مستقر، "فنحن في خضم صراع عالمي يصنف دول العالم في معسكرات (المعسكر الديمقراطي الغربي مقابل المعسكر الشرقي الاستبدادي). لحسن الحظ، القضية الفلسطينية ليست جزءًا من النقاش والتوتر، ويجب أن لا نضيفها إلى الوعاء" وفق قول هايمن.

أشار هايمن إلى أن الاجتياح إن حدث سيمنع عمل الأجهزة الأمنية الفلسطينية ووجودها على الأرض، وهذا الوجود يضمن بقاء حكم السلطة الفلسطينية، مؤكدًا أن بقاء السلطة يمثل مصلحة إسرائيلية بالنسبة لليسار واليمين

ثالثًا، أشار هايمن إلى أن الاجتياح إن حدث سيمنع عمل الأجهزة الأمنية الفلسطينية ووجودها على الأرض، وهذا الوجود يضمن بقاء حكم السلطة الفلسطينية، مؤكدًا أن بقاء حكم السلطة "يمثل مصلحة إسرائيلية بالنسبة لليسار واليمين. فاليسار يراه بنية تحتية لدولة فلسطينية مستقبلية، بينما اليمين يرى فيه حكمًا ذاتيًا يمنع قيام دولة ثنائية القومية".

وأعرب هايمن عن اعتقاده أن الاجتياح قد يؤدي لانضمام الفصائل في قطاع غزة إلى المواجهة، وبالتالي اندلاع "جولة عنف بلا قيمية استراتيجية، لن تغير شيئًا في الوضع الحالي".

من جانبه، يُعلق الصحافي المتخصص في الشأن العبري أنس أبو عرقوب أن مثل هذه الحملة من قامت بها وسائل إعلام إسرائيلية قبل شن عدوان "بزوغ الفجر" في شهر آب/أغسطس على قطاع غزة، مبينًا أنه في ذلك الحين أجريت مقابلات مشابهة مع قادة سابقين في جيش الاحتلال، أبرزهم رونين ملنيس.

قبل عدوان بزوغ الفجر قامت وسائل إعلام إسرائيلية بمثل هذه الحملة، وكان محورها يدور حول نفي وجود عدوان في الأفق، ثم تبين أن ذلك كان جزءًا من عملية التمويه

وأوضح أبو عرقوب، أن محور الحملة في ذلك الحين كان يدور حول نفي وجود عدوان يلوح في الأفق ضد قطاع غزة، وأن حركة الجهاد الإسلامي حققت نصرًا معنويًا دون أن تطلق أي رصاصة، بعد فرض إغلاق على المستوطنات المقامة بمحاذاة قطاع غزة.

وأضاف: "تبين لاحقًا أن هذه التصريحات والتحليلات كانت جزءًا من عملية التمويه"، مشددًا أنه لا يجب اعتبار الحملة الحالية لنفي الحاجة إلى اجتياح الضفة أمرًا ذو مصداقية، "بل قد تكون ضمن مجهود التمويه، فهم في النهاية ضباط احتياط" حسب قوله.

وكانت أحدث الدعوات لـ"عملية سور واقي ثانية" قد جاءت من رئيس مجلس المستوطنات في شمال الضفة يوسي دغان، بعد عملية إطلاق النار التي استهدفت موقعًا عسكريًا يوم الأحد قرب مستوطنة "ايتمار"، وأسفرت عن إصابة جندي، بالتزامن مع مسيرة للمستوطنين احتجاجًا على عملية إطلاق نار وقعت قبل ساعات.