حوار | المحرر محمد أبو ربيعة: واجهت التهديد والتحريض من عناصر أمن بعد دعوتي للوحدة الوطنية
27 سبتمبر 2025
أجرى موقع "الترا فلسطين"، مقابلة خاصة مع الأسير المحرر المُبعد إلى مصر، محمد نايفة أبو ربيعة، كشف فيها عن تعرضه وزملاء آخرين من المحررين إلى حملة تحريض وتشويه من قبل "عناصر في جهاز أمني" على خلفية بيان دعا إلى الوحدة الوطنية، صدر عن "اللجنة العليا لأسرى حركة فتح المبعدين".
وفي سياق الحوار، طالب المحرر محمد أبو ربيعة، المقرب من الأسير مروان البرغوثي وأحد مؤسسي جناح فتح العسكري "كتائب شهداء الأقصى"، بضرورة عدم التنازل عن إجراء صفقة تبادل أسرى كونها السبيل الوحيد للإفراج عن أصحاب الأحكام المؤبدة، وألّا يتم الضغط على المقاومة لتقديم تنازلات في ذلك، كما طالب بحقهم في الانخراط في الأطر التنظيمية، وتحسين ظروف إبعادهم.
محمد أبو ربيعة: كنا خمسة أسرى من فتح، وآخر من الجبهة الشعبية سننتقل إلى تركيا، وفوجئنا بأن الاستبعاد جاء بحجة رفض السلطات التركية لأسمائنا. وما حصل هو توصل قيادة السلطة مع تركيا إلى الاتفاق بعدم استقبالنا، تحت مبرر وجود تخوف وهاجس من أن يشكل وجودنا حالة معينة.
ويقول أبو ربيعة، الذي تحرر في الخامس عشر من شباط/فبراير الماضي، إنه نشر على صفحته الشخصية في موقع "فيسبوك"، قبل نحو أسبوع بيانًا فيه دعوة صريحة إلى الوحدة الوطنية، ومفاده أن "لا فصيل يُلغي فصيلًا آخر (...) ولا أحد يستطيع إلغاء حركة فتح كما لا يُلغي حركة حماس".
لكن المنشور عرّض أبو ربيعة لتحريض وشتم وإساءة من جهة يعرفها، حسب قوله. ويتابع أنه تواصل خلال اليومين الماضيين مع قيادات الأجهزة الأمنية التي عبّرت عن رفضها لذلك، ووعدت بأنها "ستحاسب من قام بهذا التحريض". ويقول: "حرّض علينا عناصر في الأجهزة الأمنية، ونحاول التحقق مما إذا كان الهجوم قرارًا مؤسسيًا أم عملًا فرديًا"، مؤكدًا أن ما تعرّضوا له من سبٍّ وتشويه لا يحترم واقعهم أو تاريخهم، وأنه من المستغرب السماح بالإساءة لهم.
ومن بين الإساءات التي وُجِّهت إليهم "الاتهام بتلقي أموال من حماس"، ويرد أبو ربيعة مستهجنًا: "منذ خروجنا من السجن، ووجودنا في فندق رينيسانس بالقاهرة، تُدفع نفقات الفندق من قِبل حركة حماس وتتحمل تكاليف وجودنا فيه حتى اليوم. وحركة فتح والأجهزة الأمنية على علم بذلك، وهذه حقيقة لا نخجل من قولها ولا يعيبنا ذكرها".
"هناك تقصير تجاهنا"
ويشير أبو ربيعة إلى وعود قادمة من حركة فتح لتوفير شقق للأسرى المحررين المتزوجين، وأنهم في وقت سابق تلقوا تغطيات علاجية من قبل المفوضية المالية بالحركة التي يديرها عضو المركزية محمد اشتية. مضيفًا أنهم يشعرون بالخجل عند المطالبة بمثل هذه الأمور في ظل ما يعيشه أهل قطاع غزة. ويستدرك: "ولا نزيف الحقائق، نعم، هناك تقصير من قبل السلطة تجاهنا. ولم نتحدث سابقًا في الإعلام عن الموضوع استحياءً مما يجري في غزة، لأنها همّنا الوحيد".
ويصف أبو ربيعة ما حصل بحقه وبحق الأسرى المحررين بـ"الوقاحة"، متسائلًا: "أنا مؤسس في كتائب شهداء الأقصى، وأسير محرر، وضابط سابق في جهاز المخابرات، وقد تعرّضت لمعاملة وقحة بهذا الشكل؛ فكيف سيكون حال غيري؟ نحن أمام مشكلة حقيقية".
ويهدف التحريض، بحسب أبو ربيعة، إلى "إسكات كل صوت يدعو إلى الوحدة الوطنية أو يذكر اسم حماس في سياق الوحدة". ويضيف: "لا ننفي أن حماس خصم سياسي، وأن هناك اختلافًا في وجهات النظر، لكن الظرف الراهن لا يسمح بالهجوم على حماس، ولا يجوز تحميلها مسؤولية ما يجري في غزة أو التعامل معها كعدو، وهم عملوا على تحريرنا". ويتابع: "أعلم أنني سأدفع ثمن ما أقول الآن، وأنا مستعد لذلك".
الوحدة ولقاءات حماس
ويكشف أبو ربيعة أنه "قبل يوم من محاولة الاغتيال الفاشلة في قطر لقادة حماس، في التاسع من الشهر الجاري، كان وفد من حماس يرأسه مسؤول ملف الأسرى وإقليم الضفة زاهر جبارين قد اجتمع في القاهرة مع أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل الرجوب". ويوضح أن ترتيبات كانت جارية لعقد لقاء أوسع لاحقًا، غير أن ما جرى في قطر عطّل هذا المسار.
ويشير إلى أنهم حاولوا في مراحل سابقة تقديم مبادرات لتقريب وجهات النظر بين فتح وحماس، موضحًا أنهم التقوا قيادة الحركة ونقلوا ملاحظاتها إلى عدد من أعضاء اللجنة المركزية لفتح، لكن الأمور كانت تتعقد بشكل مفاجئ ولا تسير في اتجاهها الصحيح، وفق تعبيره.
ويشدد أبو ربيعة على الوحدة الوطنية وضرورة الابتعاد عن المناكفات الفصائلية، قائلًا: "نأمل من حماس أن تتفهم بعض الظروف التي تمر بها القيادة (...) نحن بحاجة إلى ترتيب برنامجنا الوطني بما ينسجم مع الواقع المحيط". ويشير إلى أنه أبلغ قيادات من حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية بأنه لا يجوز مهاجمة فتح بسبب تصريحات شخص أو شخصين، لكنه لفت إلى أنه لم يسمع إلا تصريحات وطنية من قيادات الصف الأول لهذه الفصائل.
ملف الإبعاد إلى تركيا
ولم يحظ أبو ربيعة بفرصة الإبعاد إلى خارج مصر حتى اللحظة. وكان "الترا فلسطين" في 2 أيار/مايو الماضي قد كشف عن ضغوط نفذتها قيادة فتح والسلطة والأجهزة الأمنية لمنع إبعاد عدد من أسرى الحركة إلى تركيا، خشية تطوير علاقاتهم مع قيادة حماس والأسرى المحسوبين عليها.
وفي السياق، يقول أبو ربيعة: "كنا خمسة أسرى من فتح، وآخر من الجبهة الشعبية سننتقل إلى تركيا، وفوجئنا بأن الاستبعاد جاء بحجة رفض السلطات التركية لأسمائنا". ومع ذلك، يؤكد أنه تم التوصل من قيادة السلطة مع تركيا إلى الاتفاق بعدم استقبالهم، تحت مبرر وجود تخوف وهاجس من أن يشكل وجودهم "حالة معينة".
ويضيف: "السلطة استبدلت أسماءنا بأربعة آخرين تم نقلهم إلى تركيا، وما جرى كان تخريبًا متعمدًا ضدنا ولدينا معلومات دقيقة بذلك، ولم يعترف أحد بدواعي عدم نقلنا إلى تركيا". والأسرى الذين لم يُبعدوا هم: محمد أبو ربيعة، ومنصور شريم، وأحمد البرغوثي، ورائد عبد الجليل، وأسامة الأشقر، بالإضافة إلى رائد الشافعي من الجبهة الشعبية.
وعن سبب عدم الإبعاد الذي علم به "الترا فلسطين"، والمتمثل في قرب المحررين من "تيار الأسير البرغوثي"، يقول أبو ربيعة متسائلًا: "هل مروان البرغوثي طارئ على الحركة؟ هو عضو اللجنة المركزية منتخب في المؤتمر السابع بأعلى الأصوات، وليس عيبًا تقدير الأسير مروان. وأستغرب أن البعض من الفتحاويين يستفز عند ذكر اسمه ويصيبه هستيريا، لأن مروان ليس من داعش، بل هو رافعة للحركة وقيادي فيها".
"فتح بحاجة إلى المؤتمر الثامن"
ويصف أبو ربيعة بعض عناصر حركة فتح بـ"الطارئين" على الحركة الذين اخترقوا منظومتها وأساءوا لها عندما شتموا المقاومة. ويشير إلى أن الأمر الأشد خطورة هو التضييق على بعض نشطاء فتح في الضفة الغربية، ممن يتواصلون مع المبعدين في مصر، حيث تم اعتقال أحدهم والتحقيق معه.
ولذا، يرى أبو ربيعة أن حركة فتح بحاجة ماسة اليوم إلى عقد مؤتمرها الثامن الذي تجدد فيه دماء قادتها. مضيفًا: "نحن نتعامل على أن الرئيس محمود عباس هو رئيس الحركة، وأعضاء اللجنة المركزية هم المسؤولون عنا إلى حين عقد المؤتمر الثامن". ويطالب قيادة فتح بإجراء مراجعة شاملة لأوضاع الأسرى المحررين.
ويعتبر أبو ربيعة أن بعض أعضاء حركة فتح يتوجسون من المحررين في مصر خشية منافستهم داخل الأطر التنظيمية، ويقول: "بعد 24 عامًا في الأسر، من حقنا أن نكون في أطر فتح ونمارس دورنا بفاعلية. نحن لسنا طارئين على الحركة". ويضيف: "نحن نعاني من ترهل قيادي يستوجب ضبط الحالة في فتح. ومن يظن أننا سنترك فتح فهو مخطئ، نحن باقون ولن نستجدي أحدًا في حقوقنا التنظيمية والوظيفية، لأننا دفعنا رأس المال من دمائنا".
ويرفض أبو ربيعة وصفهم بـ"يعيشون في فندق"، معتبرًا أن هذه العبارة "شوّهت صورتنا وتاريخنا". ويقول: "صحيح أن الفندق يوفر المبيت والطعام والشراب، لكن العيش فيه ثمانية أشهر متواصلة أمر غير مريح ولا مستقر. في بعض الأيام نبقى داخله ثلاثة أو أربعة أيام بفعل إجراءات مصرية تُتخذ لأسباب أمنية حفاظًا علينا". وفوق ذلك، يزاود البعض علينا، رغم أنني حتى اللحظة "لم ألتقِ بأي من أفراد عائلتي"، مضيفًا: "نحن لا نطلب مركبات، ولا عمارات، ولا دولارات، نطالب بحياة كريمة فقط".
"لا أحد سيتحرر بلا صفقة"
ويتوقف عند ملف الأسرى المحكومين بالمؤبد، محذرًا: "هناك أسرى منذ ثلاثين عامًا يتساءلون عن سبب تأخر الصفقة. لا يجوز أن يُفرج عن أسير إسرائيلي واحد دون مقابل فلسطينيين. نحن نُقدّر أهل غزة ونضع أحذيتهم على رؤوسنا، لكن مئات الأسرى لن يغادروا إلا عبر صفقة تبادل. الجميع يعلم، من الرئيس عباس إلى اللجنة المركزية، أن الأسرى لن يتحرروا إلا عبر اختطاف جنود؛ فإسرائيل لا تفرج عن أحد بحسن نية".
محمد أبو ربيعة: بعض أعضاء حركة فتح يتوجسون من المحررين في مصر خشية منافستهم داخل الأطر التنظيمية، ولكن بعد 24 عامًا في الأسر، من حقنا أن نكون في أطر فتح ونمارس دورنا بفاعلية
ويحذر من الضغط على المقاومة لتقديم تنازلات، مشددًا على أن أي تنازل يعني بقاء المئات خلف القضبان: "ندرك الظروف القاسية في غزة، لكن لا أحد سيتحرر بلا صفقة". ويضيف أن قيادة الحركة الأسيرة، قبل الحرب على غزة بأشهر، راسلت قائد حماس في غزة يحيى السنوار سابقًا، قائلةً إنهم لا يمكن تركهم وحدهم ويجب الإفراج عنهم بصفقة أسرى.
ويختم بالقول إن الأسرى المحررين في الصفقة الأخيرة، لم يترددوا في شكر المقاومة علنًا: "رأى البعض أن رسالتنا لم تكن موفقة، لكننا نؤكد أن ما قلناه في الحافلة بعد التحرر هو ذاته اليوم. ليس غريبًا أن نشكر المقاومة؛ فأنا مقاوم، ومن يسيء إليها يسيء إليّ، ولو شتمها أحد فإنه يشتمني لأنني على نهج المقاومة وجزء منها".
الكلمات المفتاحية

قيادي في حماس لـ "الترا فلسطين": تواصلنا مع روسيا والصين والجزائر لإحباط المشروع الأميركي في مجلس الأمن
قال القيادي في حماس وليد كيلاني، لـ"الترا فلسطين"، إن الحركة أجرت اتصالات عديدة في الأيام الماضية، خاصة مع روسيا والصين والجزائر، للضغط بهدف إحباط المشروع الأميركي في مجلس الأمن

الأونروا لـ"الترا فلسطين": الوضع في غزة ما زال كارثيًا وما يدخل من مساعدات نقطة في بحر
أوضح عدنان أبو حسنة أن كمية المساعدات التي دخلت منذ وقف إطلاق النار زادت نسبيًا، لكنها لا تمثل سوى نقطةٍ في بحر الاحتياجات

خاص | علي بركة: مضطرون لملء الفراغ الحكومي في غزة وننتظر دعوة مصرية لحوار فصائلي
القيادي في حماس علي بركة لـ"الترا فلسطين": نحن في مرحلة انتقالية في قطاع غزة، مضطرون أن نملأ الفراغ حتى يتم تشكيل إدارة جديدة مستقلة.

مدارس غزة.. عودة مرتجفة للتعليم بين الركام والنازحين ومقاعد بلا أصحاب
لم يكن المشهد الذي رافق استئناف العملية التعليمية في غزة يشبه أي عودة مدرسية شهدها القطاع من قبل

قيادي في حماس لـ "الترا فلسطين": تواصلنا مع روسيا والصين والجزائر لإحباط المشروع الأميركي في مجلس الأمن
قال القيادي في حماس وليد كيلاني، لـ"الترا فلسطين"، إن الحركة أجرت اتصالات عديدة في الأيام الماضية، خاصة مع روسيا والصين والجزائر، للضغط بهدف إحباط المشروع الأميركي في مجلس الأمن

الإعلام الحكومي: 288 ألف أسرة بغزة لا تملك أبسط مقومات الحياة
قطاع غزة يحتاج 300,000 خيمة وبيت متنقل لتأمين الحد الأساسي للسكن الإنساني.

عن رواتب الأسرى.. بيان للرئاسة الفلسطينية يكرر التأكيد على دور "مؤسسة تمكين"
في 10 شباط/فبراير، قرر الرئيس الفلسطيني محمود عباس نقل صلاحية صرف رواتب أسر الشهداء والأسرى إلى مؤسسة "تمكين"، تحت عنوان "إصلاح النظام المالي" واستعادة المساعدات الدولية المعلّقة

