مقابلات

حوار | نائب نقيب الصحفيين لـ"الترا فلسطين": الاحتلال فشل في تحييد صحفيي غزة

7 أكتوبر 2025
نائب نقيب الصحفيين لـ"الترا فلسطين": الاحتلال فشل في تحييد صحفيي غزة
نائب نقيب الصحفيين، تحسين الأسطل
أحلام حماد
أحلام حماد

قال نائب نقيب الصحفيين الفلسطينيين تحسين الأسطل، إن الصحفي الفلسطيني في قطاع غزة دفع ثمنًا باهظًا، لكنه لم يغادر الميدان، ولم يُلقِ القلم والكاميرا، "بل حافظ على صموده على جبهة الحقيقة، يلاحق جرائم الاحتلال التي لم يسلم هو وأسرته منها".

تحسين الأسطل: عدد الشهداء الصحفيين في غزة خلال عامي الحرب يفوق ما أسفرت عنه مجتمعة الحربان العالميتان الأولى والثانية، وحرب فيتنام، وحرب أفغانستان، وحرب العراق

حاور "الترا فلسطين" تحسين الأسطل في الذكرى الثانية لإطلاق إسرائيل حرب الإبادة على قطاع غزة، حيث أكد أن عدد الشهداء الصحفيين في غزة خلال عامي الحرب يفوق ما أسفرت عنه مجتمعة الحربان العالميتان الأولى والثانية، وحرب فيتنام، وحرب أفغانستان، وحرب العراق.

فيما يلي نص حوار "الترا فلسطين" مع الأسطل، النازح في خيمة بمنطقة المواصي غرب مدينة خانيونس، بعدما تعرض منزله للتدمير الكلي، إضافةً إلى منازل أشقائه وشقيقاته، واعتقال شقيقه ضابط الإسعاف أنيس الأسطل.


  • كيف تقيم عمل الصحفيين الفلسطينيين خلال عامي الحرب؟

لقد قدم الصحفي الفلسطيني نموذجًا مشرفًا وشجاعًا ومهنيًا، ونجح في أن ينقل بكل جرأة أحداثًا صعبة للغاية، رغم كل الظروف التي تعرض لها على المستوى الإنساني والمهني، وقام بواجبه المهني والوطني والأخلاقي منذ اللحظة الأولى للحرب ولا يزال صامدًا في الميدان.

أراد الاحتلال أن يخلق تعتيمًا إعلاميًا، وأن يجعل من قطاع غزة صندوقًا أسود، ليرتكب جرائم الإبادة الجماعية والمجازر المروعة بحق الأطفال والنساء، وتدمير البنى التحتية والمنازل السكنية، وذلك كله في سياق حربه الخبيثة. ورغم الإمكانيات الهائلة التي يملكها الاحتلال، إلا أنه وجد الصحفي الفلسطيني في غزة سدًا منيعًا أمام تمرير ذلك.

كل الصحفيين تعرضوا لعمليات التهجير القسري، وحسب بيانات نقابة الصحفيين الفلسطينيين وما هو موثّق لدينا، فإن أكثر من 1070 صحفيًا وصحفية خاضوا تجارب النزوح القسري لأكثر من مرة، سواء فرادى أو مع أسرهم وعائلاتهم، وأقلهم خمس مرات من مكان إلى آخر.

إن تجارب النزوح قاسية للغاية، ولا يتخيلها عقل، أن ينزح الصحفي مع أسرته، ويكون مهددًا، وفي ذات الوقت مطلوب منه أداء رسالته وحماية أسرته وتأمين متطلبات الحياة الأساسية لها، ومع ذلك ظلت صورة غزة حاضرة.

  • وفق توثيق نقابة الصحفيين، كم عدد الشهداء من الصحفيات والصحفيين؟

حتى صبيحة يوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، كان عدد أعضاء النقابة المسجلين يُقدّر بـ1200 صحفية وصحفي، استُشهد منهم 252، ومن بينهم 34 صحفية شهيدة، ونحو 500 جريح، أُصيب بعضهم بحالات بتر وإعاقة تعوقهم عن استكمال رسالتهم الصحفية.

  • هناك صحفيون استُهدفوا مع أسرهم، ألهذا الحد كانت رسالتهم مزعجة للاحتلال؟

أكثر من 30 صحفيًا وصحفية استُهدفوا مع أسرهم وعائلاتهم، وجزء منهم شُطب تمامًا من السجل المدني، مثل الصحفية الشهيدة هبة العبادلة التي استُشهدت مع ما يقارب 53 فردًا من عائلتها. وهناك نحو 233 من أفراد أسر وعائلات الصحفيين من الدرجة الأولى استُشهدوا خلال عمليات استهداف إسرائيلية متعمدة.

وهذا ما دفع قرابة 300 صحفي وصحفية إلى مغادرة قطاع غزة خلال الحرب بحثًا عن أمانٍ لهم ولأسرهم، وهم من المتميزين الذين فقدتهم غزة وفقدت مساهمتهم في تغطية تداعيات الحرب. ولابد من الإشارة هنا إلى أن هؤلاء لم يغادروا ترفًا وإنما اضطرارًا تحت التهديد والمخاطر المحدقة بهم وبعائلاتهم.

  • ماذا عن تدمير منازل الصحفيين؟

الأكثر إيلامًا للصحفيين هو تدمير منازلهم. وتشير أرقامنا إلى أن 870 منزلًا لصحفيين وصحفيات دُمّرت كليًا، والباقي لحقت به أضرار بليغة ولم يعد صالحًا للسكن.

نتحدث عن 90% من منازل الصحفيين دُمّرت كليًا وتحولت إلى أكوام من الركام، وبذلك يفقد الصحفي عنصر الأمان والاستقرار له ولأسرته، ويكون عرضة دائمة للتشريد المستمر، ويوضع أمام خيارات صعبة، منها وأخطرها خيار التهجير، الذي يجب التصدي له ومنعه، والحفاظ على بقاء الغزيين في غزة، ومنهم الصحفيون الذين كانوا سفراء فوق العادة للحق الفلسطيني.

  • كذلك لم تسلم المكاتب والمؤسسات الإعلامية من الاستهداف والتدمير. هل من توضيح بلغة الأرقام؟

نعم، لقد تكبدنا خسائر مهنية فادحة من الناحية المادية، والفاقد في المعدات والأدوات والأجهزة المتعلقة بالعمل الصحفي صعب تعويضه؛ لأن الاحتلال يمنع إدخالها.

لقد دمرت قوات الاحتلال ما نسبته 100% من المكاتب الصحفية والمؤسسات الإعلامية ومقار الإذاعات والفضائيات والوكالات الإعلامية العربية والدولية، بما فيها المقر الرئيسي لنقابة الصحفيين، وتتركز أغلبية هذه المقار في مدينة غزة.

أكثر من 150 مكتبًا ومقرًا لمؤسسات إعلامية محلية وعربية ودولية، بما فيها من محتويات متعلقة بالأرشيف والأثاث وأجهزة البث، تعرضت للتدمير الكلي، وهذا التدمير أثّر بشكل خطير على عمل وسائل الإعلام المحلية، وأخرج عن الخدمة تمامًا 23 إذاعة محلية تنشط في قطاع غزة، وتوقفت الصحف الورقية في غزة عن الطباعة والتوزيع.

  • لماذا برأيك هذا الاستهداف المكثف والممنهج للصحفي الفلسطيني وممتلكاته الخاصة والمهنية؟

هذا سؤال مهم، ويكشف طبيعة هذه الحرب أو جزءًا أساسيًا منها، وهي حرب الرواية. الاحتلال يعلم أنه يرتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وهذا ما أكدته الأمم المتحدة وهيئات ودول وصحفيون دوليون، وتُسنده مجريات الأحداث على الأرض، حيث لا يتوقف الاحتلال عن ارتكاب جرائم القتل والتهجير والتجويع والمنع من العلاج، والحصار ومنع الإمدادات الإنسانية بما فيها الأدوية.

وفي السياق، يمنع الاحتلال 38 مؤسسة دولية إنسانية من حرية العمل في غزة، ويمارس تضييقًا وقيودًا تحد من قدرتها على أداء عملها، وأبرزها وكالة "الأونروا".

لقد أراد الاحتلال أن يُحيّد الصحفي الفلسطيني بقتله واستهدافه، والصحفي الأجنبي بمنعه من الوصول إلى غزة لتغطية الحرب وكشف الحقائق. وفي هذا الصدد، يتكشف جزء آخر من الجريمة بحق الصحفيين، وهو منع الصحفيين الأجانب من تغطية الحرب، حيث منع الاحتلال 3300 صحفي أجنبي من الدخول إلى غزة.

يريد الاحتلال من وراء القتل والمنع أن يعزل غزة عن العالم الخارجي، وأن يرتكب جرائمه بعيدًا عن أعين الرأي العام العالمي.

  • ماذا فعلتم كنقابة صحفيين على صعيد كشف ما يتعرض له الصحفي في غزة، وماذا يمكنكم أن تفعلوا لمنع تهجيره وإفراغ غزة من الصحفيين؟

مع اللحظات الأولى لاندلاع الحرب، واستنادًا إلى التجارب السابقة لنا، تيقّنا من أن هذه الحرب ستكون غير مسبوقة، وأن الصحفيين سيكونون أحد أهدافها الرئيسية المباشرة.

وتداعينا في نقابة الصحفيين إلى اجتماعات طارئة ومتواصلة مع الاتحاد الدولي للصحفيين، وقام نقيب الصحفيين بنحو 30 زيارة خارجية، وعقد عشرات اللقاءات مع مسؤولين عرب ودوليين، من أجل وضعهم في صورة الواقع الخطير الذي يعمل به الصحفي في غزة. وكان نتاج هذا الجهد مواقف واضحة وداعمة من المنظمات الدولية والعربية، والمساهمة في تحريك الشوارع في المدن والعواصم الغربية، وحركة تضامن واسعة من صحفيين حول العالم.

وفي المقابل، وعلى أرض الميدان، كنا كأمانة عامة ومجلس إداري نتابع لحظة بلحظة مع الصحفيين والصحفيات من أجل تلمّس احتياجاتهم، وتوفير ما يمكننا توفيره لهم لمساعدتهم على مواصلة عملهم. وأنشأنا ثلاثة مراكز تضامن إعلامي في خان يونس ودير البلح وغزة، لتوفير الكهرباء والإنترنت من أجل تمكين الصحفيين من مواصلة عملهم، حيث عمد الاحتلال منذ اليوم الأول للحرب إلى قطع إمدادات الكهرباء والوقود، فضلًا عن تدني خدمات الاتصالات والإنترنت بفعل القصف والتجريف.

كما قدمت النقابة على مدار عامي الحرب، بالتعاون مع 13 مؤسسة شريكة، مساعدات مالية وعينية وإغاثية وصحية وإيواءً للصحفيين والصحفيات، وآخرهم النازحون من مدينة غزة الذين أُجبروا على مغادرتها نحو مناطق جنوب القطاع ووسطه، على وقع العملية العسكرية الإسرائيلية الموسعة في المدينة.

الكلمات المفتاحية

قيادي في حماس لـ "الترا فلسطين": تواصلنا مع روسيا والصين والجزائر لإحباط المشروع الأميركي في مجلس الأمن

قيادي في حماس لـ "الترا فلسطين": تواصلنا مع روسيا والصين والجزائر لإحباط المشروع الأميركي في مجلس الأمن

قال القيادي في حماس وليد كيلاني، لـ"الترا فلسطين"، إن الحركة أجرت اتصالات عديدة في الأيام الماضية، خاصة مع روسيا والصين والجزائر، للضغط بهدف إحباط المشروع الأميركي في مجلس الأمن


الأونروا لـ"الترا فلسطين": الوضع في غزة ما زال كارثيًا وما يدخل من مساعدات نقطة في بحر

الأونروا لـ"الترا فلسطين": الوضع في غزة ما زال كارثيًا وما يدخل من مساعدات نقطة في بحر

أوضح عدنان أبو حسنة أن كمية المساعدات التي دخلت منذ وقف إطلاق النار زادت نسبيًا، لكنها لا تمثل سوى نقطةٍ في بحر الاحتياجات


خاص | علي بركة: مضطرون لملء الفراغ الحكومي في غزة وننتظر دعوة مصرية لحوار فصائلي

خاص | علي بركة: مضطرون لملء الفراغ الحكومي في غزة وننتظر دعوة مصرية لحوار فصائلي

القيادي في حماس علي بركة لـ"الترا فلسطين": نحن في مرحلة انتقالية في قطاع غزة، مضطرون أن نملأ الفراغ حتى يتم تشكيل إدارة جديدة مستقلة.


حوار | المرصد الأورومتوسطي: ما يجري في غزة إبادة ممنهجة وسط عجز دولي وغطاء أميركي

حوار | المرصد الأورومتوسطي: ما يجري في غزة إبادة ممنهجة وسط عجز دولي وغطاء أميركي

ليما بسطامي: إسرائيل تواصل ارتكاب الجرائم ذاتها بلا عوائق، والضحايا ما زالوا يُقتلون ويُهجّرون ويُحرمون من أبسط مقومات الحياة، فيما تبقى المنظومة الدولية أسيرة عجزها البنيوي وإرادة القوى المهيمنة

مدارس غزة.. عودة مرتجفة للتعليم بين الركام والنازحين ومقاعد بلا أصحاب
تقارير

مدارس غزة.. عودة مرتجفة للتعليم بين الركام والنازحين ومقاعد بلا أصحاب

لم يكن المشهد الذي رافق استئناف العملية التعليمية في غزة يشبه أي عودة مدرسية شهدها القطاع من قبل

قيادي في حماس لـ "الترا فلسطين": تواصلنا مع روسيا والصين والجزائر لإحباط المشروع الأميركي في مجلس الأمن
مقابلات

قيادي في حماس لـ "الترا فلسطين": تواصلنا مع روسيا والصين والجزائر لإحباط المشروع الأميركي في مجلس الأمن

قال القيادي في حماس وليد كيلاني، لـ"الترا فلسطين"، إن الحركة أجرت اتصالات عديدة في الأيام الماضية، خاصة مع روسيا والصين والجزائر، للضغط بهدف إحباط المشروع الأميركي في مجلس الأمن


مركز غزة: مليوني فلسطيني بالقطاع يعيشون كارثة إنسانية تتفاقم يوميًا مع اقتراب الشتاء
أخبار

الإعلام الحكومي: 288 ألف أسرة بغزة لا تملك أبسط مقومات الحياة

قطاع غزة يحتاج 300,000 خيمة وبيت متنقل لتأمين الحد الأساسي للسكن الإنساني.

عن رواتب الأسرى.. بيان للرئاسة الفلسطينية يكرر التأكيد على دور "مؤسسة تمكين"
أخبار

عن رواتب الأسرى.. بيان للرئاسة الفلسطينية يكرر التأكيد على دور "مؤسسة تمكين"

في 10 شباط/فبراير، قرر الرئيس الفلسطيني محمود عباس نقل صلاحية صرف رواتب أسر الشهداء والأسرى إلى مؤسسة "تمكين"، تحت عنوان "إصلاح النظام المالي" واستعادة المساعدات الدولية المعلّقة

الأكثر قراءة

1
تقارير

اغتصاب وتعذيب جنسي.. محرّرو غزة يروون لـ"الترا فلسطين" فظائع السجون


2
تقارير

الجبهة الديمقراطية لـ"الترا فلسطين": مصر عرضت على الفصائل خطّة من 5 بنود وهذه تفاصيلها


3
تقارير

داخل صندوق أسود: هكذا تُدار الدبلوماسية الفلسطينية


4
تقارير

خاص | الترا فلسطين يحصل على نصّ وثيقة الخطوات التنفيذية لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة


5
راصد

توني بلير.. سيرة إداري للإيجار