16-مايو-2018

صورة من مواجهات مليونية العودة في غزة - (gettyimages)

وصلت مسيرات العودة الكبرى بعد ثمانية أسابيع من انطلاقها إلى تاريخ 15 أيار/مايو الموعود سابقًا كذروةٍ لهذه المسيرات، وقد حاولت "إسرائيل" بارتكاب مجزرة "يوم العبور" ردعها وجعله اليوم الأخير لها، لكن أمام نتائج ملموسة لهذه المسيرات على الأرض؛ وأخرى أكثر أهمية لم تتحقق بعد، ستتواصل المسيرات دون موعد محدد، وفق ما أكدته لنا قيادات الفصائل التي دعمت هذه المسيرات.

"المسيرات لن تتوقف وستستمر حتى ما بعد يوم النكسة في 5 حزيران/يونيو المقبل وصولًا لتحقيق مطالبها"، أما الأنباء الإسرائيلية عن أن مصر أهانت رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية؛ وأجبرته على وقف المسيرات فهي "أكاذيب"، بل إن "مصر احترمت هنية وأكدت دعمها للمسيرات بطابعها السلمي" وفق ما أكد لنا القيادي في الحركة إسماعيل رضوان.

حركة حماس: مصر أكدت دعمها لمسيرات العودة بطابعها السلمي، والأنباء عن إهانة هنية كاذبة

ينفي رضوان في حديثه لـ الترا فلسطين المزاعم الإسرائيلية بتعرض رئيس المكتب السياسي للحركة للإهانة من مصر، وينفى أيضًا أن تكون قد طلبت وقف المسيرات. يقول: "هذه أكاذيب، بل أزد على نفي هذا أن هنية تعرض لقمة الاحترام بدءًا بنقله بطائرة خاصة ومرورًا بطبيعة المباحثات الإيجابية مع مصر التي أكدت خلالها مصر دعمها للشعب الفلسطيني، وأيضًا أكدت أنها ستخفف من الحصار والأعباء المثقلة على قطاع غزة".

اقرأ/ي أيضًا: عندما وقف "أهل العز" في طابور الخبز

ويزيد القيادي بالحركة، "مصر أكدت لهنية والوفد دعمها لمسيرات العودة الكبرى بطابعها السلمي الحالي، وكان موقفها واضحًا بأنها ترفض الجرائم الاسرائيلية التي تُرتكب بحق أهل غزة وتدعم حقوقهم المشروعة".

وأضاف، "توافد المئات من أبناء الشعب الفلسطيني مساء الثلاثاء إلى المخيمات بحضور كل القيادات الفلسطينية وعلى رأسها إسماعيل هنية واجتيازهم السلك الفاصل هو بحد ذاتها رسالة للاحتلال باستمرار هذه المسيرات".

واعتبر رضوان أن الاحتلال "يعيش حالة هزيمة نفسية، بعد أن ظنّ بارتكابه للمجزرة الأخيرة أنها ستكون صدمة ورادعة للشعب الفلسطيني بغزة، فلما رأى توافد العشرات مساء الثلاثاء أصيب بهذه الهزيمة"، مؤكدًا أن الاحتلال سيرى استمرار المسيرات على الأرض وصولًا لـ5 حزيران، "وإن لم تتحقق أهدافها برفع الحصار وتحقيق حق العودة وطمس صفقة القرن والمشاريع التصفوية للقضية، فسيستمر هذا الحراك بكل قوانا إلى ما بعده".

وأكدت القوى الوطنية والإسلامية في اجتماع عقدته الأربعاء 16/أيار، في مخيم العودة شرق غزة على استمرار هذه المسيرات "دون تراجع"، ودعت الشعب الفلسطيني للمشاركة في جمعة "الوفاء للشهداء والجرحى".

القيادي في الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة أحمد المدلل، يقول لـ الترا فلسطين، إنه "رغم التضحيات التي قدمها أبناء الشعب الفلسطيني، فإن المسيرات مستمرة ولن نرفع الراية البيضاء، وستحافظ على سلميتها حتى يرى العالم كله والمجتمع المدني إجرام الاحتلال ويتحرك ضد جرائمه لتطبيق حقوق الشعب الفلسطيني وعلى رأسه حق العودة اللاجئين".

أهداف هذه المسيرات لا تتحقق في يوم وليلة، والمدلل يشير هنا إلى أن لها "أهداف مرحلية تتمثل في كسر الحصار عن غزة، وإعادة القضية الفلسطينية لتكون حاضرة في الأروقة الدولية بعد أن كادت تختفي فيها"، ويشدد على أن المسيرة استطاعت إعادة هذا الحضور وشكلت في ذكرى النكبة "وخزة ضمير للعالم".

قيادة مسيرات العودة: المسيرات ستتواصل بذات الوتيرة، وقد بدأت تحقيق أهدافها المرحلية

"ومن المهم في الأهداف المرحلية لهذه المسيرات أن يتوقف العالم عن الكيل بمكيالين تجاه القضية الفلسطينية، وأن يعي أن هناك احتلال يحاصر ويقتل وينتهك ويدنس وهناك ضحية هي الشعب الفلسطيني الذي يدافع عن حقوقه التي كفلتها القوانين الدولية"، يقول المدلل.

اقرأ/ي أيضًا: "صورة لشهيد مجهول الهوية"

ولم تستجب إسرائيل، ولا المجتمع الدولي حتى الآن للمطالب المباشرة لمسيرة العودة، باتخاذ قرارات على الأرض تكفل حق العودة أو تكسر الحصار عن غزة. يعزو المدلل هذا إلى أن "الإرادة الدولية مسلوبة بسبب الهيمنة الأمريكية على القرارات الدولية"، ولذلك يقول: "نحن ندرك ضعف هذه الأنظمة ولكننا نعوّل على الشعوب التي يجب أن تتحمل مسؤوليتها في وقف الظلم الحاصل للشعب الفلسطيني".

كما يعوّل القائمون على مسيرات العودة على الأمم المتحدة، بوجوب التحرك لوقف سلب الأرض والمقدسات المنتهكة، وأن عليها أن تأخذ دورها في خلاص الشعب الفلسطيني من الاحتلال.

إلى أين تمضى مسيرات العودة في الأيام المقبلة إذن؟ يُجيب المدلل بأن المسيرات ستستمر بذات الوتيرة، "وسنكون على موعد مع يوم تاريخي هو الخامس من حزيران - ذكرى النكسة - وسيكون العالم على موعد مع أيام جُمعة عالمية مثل يوم القدس العالمي خلال الشهر المقبل".

عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية طلال أبو ظريفة، التقى في حديثه لـ الترا فلسطين مع ما ذهب إليه المدلل في أن مسيرات العودة منذ أن انطلقت كانت لها أهداف "آنية وأخرى استراتيجية". يقول: "الأهداف الآنية تتمثل في كسر الحصار ومواجهة الإجراءات الأمريكية بعد قرار الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي، ونقل السفارة للقدس المحتلة، وهي التي ستستمر المسيرات من أجلها خلال الأيام القادمة".

وينفي القيادي في حركة الجهاد الإسلامي خضر حبيب لـ الترا فلسطين أن يكون هناك قرار بوقف المسيرات، ويشير إلى أنها انطلقت بعد إعلان ترامب بشأن القدس، وما تبعه من قرارات لمحاولة فرض ما تسمى بصفقة القرن على الشعب الفلسطيني.

وهددت "اسرائيل" بالعودة إلى سياسة الاغتيالات بحق قادة حركة حماس في حال لم تتوقف هذه المسيرات، وهو ما اعتبره حبيب "تهديدًا قديمًا لا ينطلي على أبناء الشعب الفلسطيني ولن يوقف المسيرات".

الجهاد الإسلامي: لا نستعجل نتائج مسيرات العودة، والاغتيالات إن حدثت ستزيد وتيرة المسيرات

واستدرك، "نحن لا نستعجل النتائج، والحصار سيُكسر، والقضية الفلسطينية ستكون في صدارة القضايا على مستوى العالم، والاغتيالات وإن حدثت فلن توقف المسيرة بل ستزيد وتيرتها".

اقرأ/ي أيضًا: ما هي ألعاب الفلسطينيين قبل النكبة؟

ويؤكد عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية رباح مهنا لـ الترا فلسطين أن هناك إجماعًا لدى كافة الأحزاب والفصائل الفلسطينية بعدم وقف هذه المسيرات "التي تعتبر أكبر تشكيل شعبي فلسطيني في مواجهة الاحتلال" وفق وصفه.

ويعتبر أن الحديث عن توقف المسيرات "هراء"، مبينًا أن ما حدث مؤخرًا من الحديث عن تفكيك الخيام "هو خلل تعمل الفصائل بالتنسيق مع الهيئة الوطنية العليا للمسيرات على معالجته". وأضاف، "الاحتشاد إلى المخيمات عاد بعد هذا الخلل بساعات".

ويعلّق مهنا على تهديدات الاحتلال بإعادة سياسة الاغتيالات قائلاً إن إسرائيل جربتها سابقًا، وهي مستمرة منذ عام 1960، وقتلت خلالها عشرات القيادات في الداخل والخارج، "إلا أنها لم تأت بنتيجة، ولم ولن توقف معركة الحرية والكرامة".

الجبهة الشعبية: الأحاديث عن تفكيك مخيمات العودة؛ خلل فني نعالجه، والاغتيالات لن تأت بنتيجة

من الناحية القانونية، فإن مسيرات العودة الكبرى حق مشروع كفلته كل القوانين الدولية، وهو وجهٌ من أوجه الكفاح الذي أقره الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948، وحق التظاهر السلمي الذي كفله القانون الدولي عام 1974 في المادة 3236 لاسترداد الحقوق المشروعة، "لذلك فإن موقعها واستمرارها من صلب ما أجازه القانون الدولي" وهو ما أكد عليه الخبير في القانون الدولي حنا عيسى.

ويُبين عيسى لـ الترا فلسطين أن المسيرات الفلسطينية تُطالب بتطبيق قرارات دولية وضعها مجلس الأمن الدولي، ومنها القرار 194؛ الذي نص في الفقرة 11 منه على هذا الحق بالتحديد، والمادة 513 لسنة 1952 التي تؤكد على هذا الحق، بالإضافة إلى القرار 237، الذي يطالب أيضًا بعودة اللاجئين الذين نزحوا من أراضيهم عام 1967.

ويرى عيسى أن وجود إسرائيل مطعون به حتى تنفيذ القرارين 181 و194 المرتبطين بحق العودة، معتبرًا أن ارتقاء شهداء في مسيرة سلمية بمساندة الولايات الأمريكية هو دليل على أن إسرائيل لا تريد وجود الشعب الفلسطيني لا بحرب ولا بسلم. ولذلك يرى أن على الشعب الفلسطيني استخدام كل الوسائل لاسترداد حقوقه.

ويشير عيسى إلى أن الردود الدولية التي جاءت إلى جانب الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة بعد انطلاق مسيرات العودة؛ تُعد بحد ذاتها نتيجة مهمة من نتائجها، وجميعها يصب في صالح القضية الفلسطينية، مؤكدًا على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار بهذه النتيجة.


اقرأ/ي أيضًا:

كيف تكوّنت مخيمات اللجوء في غزة؟

غزة: قصّة قتلٍ معلن

هذا الحب لاجئٌ من يافا