خاص | علي بركة: مضطرون لملء الفراغ الحكومي في غزة وننتظر دعوة مصرية لحوار فصائلي

تترقّب الفصائل الفلسطينية عقد لقاءٍ قريبٍ من خلال دعوةٍ مصرية لبحث ملفات إدارة قطاع غزة. فيما تظلّ الأنظار متجهةً نحو المرحلة الثانية من المفاوضات، المرتقَب أن تشمل قضية "نزع سلاح الفصائل في غزة" التي تصرّ حركة حماس على رفضها. ويستمرّ سريان اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيّز التنفيذ في العاشر من الشهر الجاري بعد اتفاقٍ وُقّع في مدينة شرم الشيخ المصرية عقب مفاوضاتٍ غير مباشرة بين حماس والاحتلال الإسرائيلي، رغم تسجيل خروقاتٍ إسرائيليةٍ متفرّقة تهدّد استقرار المرحلة الأولى من الاتفاق، أبرزها قتلُ أكثر من 34 فلسطينيًا.

وحول كلّ هذه التفاصيل، أجرى موقع "الترا فلسطين" حوارًا مع عضو القيادة السياسية ورئيس دائرة العلاقات الوطنية لحركة حماس في الخارج، علي بركة.

القيادي في حماس علي بركة لـ"الترا فلسطين": نحن مع لجنةٍ مستقلةٍ فلسطينية تدير قطاع غزة مؤقتًا إلى حين إجراء انتخابات فلسطينية لانتخاب مجلس تشريعي جديد ورئيس جديد للسلطة الفلسطينية وتشكيل حكومةٍ واحدة للضفّة والقطاع

• كيف تراقبون تنفيذ الاحتلال لبنود الاتفاق لوقف إطلاق النار؟

العدوّ لا يؤمن جانبه، وهو عادةً يخرق كلَّ اتفاقٍ يُبرم، وكما جرى في اتفاق 17 كانون الثاني/يناير من هذا العام، فقد انقلب على الاتفاق وشنّ هجومًا واسعًا في 18 آذار/مارس الماضي استهدف فيه المدنيين وأركان الحكومة في غزة وقيادة الحركة.

الآن، العدوّ لا يلتزم بالاتفاق مئة بالمئة، ويستهدف المدنيين وارتقَى أكثر من 30 شهيدًا، وهذا كلّه برسم الدول الضامنة والوسطاء (قطر، مصر، تركيا، الولايات المتحدة الأميركية). نحن على تواصلٍ معهم ونبلّغهم بهذه الخروقات. من طرفنا نحن ملتزمون بما وقعنا عليه في شرم الشيخ.

• ما أبرز الخروقات التي رصدتها حماس؟

إغلاق معبر رفح حتى اليوم؛ مضى أسبوعٌ منذ العاشر من الشهر الجاري، حين أعلن العدوّ التزامه بوقف إطلاق النار، ومع ذلك لم يُفتح المعبر كما نصّ الاتفاق بعد 72 ساعة، وهذا أهمّ خرقٍ مهمّ جدًا؛ لأنه يعني استمرار الحصار على غزة.

كذلك منع دخول المعدات لرفع الأنقاض، خصوصًا الفرق التركية التي كانت ستأتي لمساعدتنا في البحث عن جثامين الأسرى الإسرائيليين، وكذلك رفع الأنقاض من أجل البحث عن أكثر من 10 آلاف مفقودٍ فلسطيني تحت الركام.

بالإضافة إلى إطلاق الرصاص واستهداف الفلسطينيين العائدين إلى منازلهم شرق مدينة غزة في حيّ الزيتون والشجاعية وشرق خانيونس؛ فالعدوّ بدل أن يحذّر الناس يقتلهم، وهذه من الخروقات الجوهرية.

وكذلك، بحسب ما ذكرت وسائل الإعلام، فقد سلّم الاحتلال الصليب الأحمر جثثًا فلسطينية وهم مكبّلو الأيدي ومعصوبو الأعين، ومنهم من رُبطت الأسلاك على رقبته، ما يعني وجود تعذيبٍ واضح، وهناك تعذيب حتى الموت. لينظر العالم كيف عاملت المقاومة الأسرى الإسرائيليين، وحرصت على حياتهم وأمّنت لهم الطعام والغذاء، بينما الأسرى الفلسطينيون يجوعون وينكل بهم؛ وهذا كلّه يؤكّد أن الاحتلال عدوّ مجرم وإرهابي وعنصري.

اقرأ/ي: خاص | الترا فلسطين يحصل على نصّ وثيقة الخطوات التنفيذية لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة

• هل حماس أخلّت بالاتفاق، كما يدّعي الاحتلال لأنها لم تسلّم جميع الجثامين الإسرائيلية حتى اللحظة؟

أبلغنا الوسطاء في شرم الشيخ قبل الإعلان عن وقف إطلاق النار أننا لا نستطيع الالتزام بمهل زمنية فيما يخصّ الجثامين؛ لأن غزة معظمها مدمر، وبعض الجثامين بين الأنقاض في المنازل التي دمرها الاحتلال الإسرائيلي، ونحن بحاجة إلى معدات ثقيلة وجرافات وحفّارات وفرق إنقاذ.

لذلك، نطالب الوسطاء بمساعدة الحكومة في غزة ووزارة الداخلية والدفاع المدني للعثور على جثامين الأسرى الإسرائيليين، وكذلك المفقودين الفلسطينيين الذين لا يسأل عنهم أحد. العالم يسأل فقط عن الجثامين الإسرائيلية، بينما هناك أكثر من 10 آلاف مفقود فلسطيني لا أحد يسأل عنهم، وهنا للمفارقة يظهر كم أن العالم فيه نفاقٌ للكيان الإسرائيلي.

• بخصوص إدارة قطاع غزة من قبل لجنة "تكنوقراط" تديرها مستقلون بدلًا من الحكومة التي ترأسها حماس، هل هناك تقدم في هذا الملف؟

نحن أمس في البيان الذي صدر من الحركة طالبنا الوسطاء بالمباشرة إلى دعوة الفصائل الفلسطينية إلى الحوار الوطني من أجل تشكيل لجنة إدارية من الشخصيات الفلسطينية المستقلة لكي تباشر عملها في إدارة الأوضاع بقطاع غزة والإشراف على الإعمار. الموضوع ليس عند حركة حماس، بل عند الوسطاء، ونحن ننتظر الدعوة منهم.

نحن في مرحلة انتقالية في قطاع غزة، مضطرون أن نملأ الفراغ حتى يتم تشكيل إدارة جديدة مستقلة.

• هل قدّمت حماس سابقًا أو لديها نية لتقديم أسماء مقترحة تكون داخل اللجنة التي ستدير قطاع غزة خلال اللقاء مع الفصائل؟

لقد سلّمنا مجموعةَ أسماءٍ مع حركة الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية والتيار الإصلاحي الديمقراطي لحركة فتح منذ أشهر. جرت حوارات في القاهرة، وحضرت حركة فتح، وطلب الجانب المصري أسماء لتشكيل هذه اللجنة. نحن وثلاثة فصائل سلَّمنا 40 اسمًا وأبلغنا الجانب المصري أننا موافقون على أي اسمٍ من هؤلاء الأربعين، والجانب المصري قال إنه سيختار 15 اسمًا وطبعًا سيتم التشاور مع فتح بهذا الخصوص.

لقد قمنا بما هو مطلوب منا، والآن المطلوب من الجانب المصري والوسطاء أن يتواصلوا مع السلطة الفلسطينية وحركة فتح من أجل عقد حوارات بالقاهرة حتى ننجز تشكيل اللجنة المستقلة لإسناد غزة، وبغض النظر عن اسمها، قلنا سابقًا إننا ملتزمون باتفاق بكين الذي وقعناه مع الفصائل في 23 يوليو/تموز العام الماضي، وإذا لم نستطع تشكيل حكومة توافق وطني حسب اتفاق بكين، نحن ملتزمون بتشكيل لجنة إسناد مجتمعي في قطاع غزة من شخصيات مستقلة برعاية مصرية، لذلك نحن ننتظر دعوةً من الجانب المصري لعقد حوارٍ حتى نتمم إنجاز الهيئة المستقلة لإدارة القطاع.

اقرأ/ي: فلسطين 2024 | مراجعة سياسية.. جمود وانتظار في عام الإبادة

• بصراحة، هل تقبل حماس الوصاية والإشراف الدولي على قطاع غزة واللجنة التي ستديرها؟

مرفوض، بلا مجاملة. نحن نرفض أيّ وصاية دولية على الشعب الفلسطيني، لأن شعبنا الفلسطيني لن يقبل أن يعود إلى الانتداب البريطاني مجددًا، ولا أن نعود مئة سنة إلى الوراء. 

نحن مع لجنةٍ مستقلةٍ فلسطينية تدير قطاع غزة مؤقتًا إلى حين إجراء انتخابات فلسطينية لانتخاب مجلس تشريعي جديد ورئيس جديد للسلطة الفلسطينية وتشكيل حكومةٍ واحدة للضفّة والقطاع.

اقرأ/ي: توني بلير.. سيرة إداري للإيجار

• تعرّضت حماس لإداناتٍ واضحةٍ من حركة فتح وفصائل موالية لها في منظمة التحرير ومن الرئاسة حول الإعدامات التي تنفّذها حماس في غزة، كيف تنظرون إلى هذه الإدانات؟

نحن نستغربها، أين كان هؤلاء حين كان العملاء واللصوص يسرقون قوافل المساعدات التي كانت تدخل إلى غزة ويحرمون الناس من الطعام والأطفال من الحليب، وكانوا يقتلون حتى الذين يبحثون عن الطحين ويسرقونه منهم ويقتلونهم. هؤلاء العملاء كانوا يتعاونون مع الاحتلال لإسقاط غزة تحت الاحتلال ويغدرون بالمقاومين، وقاموا بتسليم مقاومين للاحتلال، وكذلك يزوّدون الاحتلال بمعلوماتٍ لقصف عوائل أبناء المقاومة.

مؤخرًا، بعد وقف إطلاق النار، قتلوا الصحفي صالح الجعفراوي، وقتلوا نجل عضو المكتب السياسي في حماس باسم نعيم، ونجل القيادي في كتائب القسام الشهيد عماد عقل. هؤلاء مجرمون. ونحن نحيّي موقف الفصائل والعشائر في قطاع غزة الذين أيّدوا خطوات وزارة الداخلية في غزة، لأن شعبنا يريد أن يعاقب هؤلاء اللصوص والعملاء الذين يعملون على إسقاط الجبهة الداخلية أمام العدو. نحن نقول إن وزارة الداخلية تقوم بواجباتها في إعدام هؤلاء، وهذا مطلب شعبي.

ربما البعض يتعاملون مع بعض هؤلاء العملاء، وربما البعض كان يزوّدهم بالمال والمعلومات، وينسّق مع الاحتلال لإسقاط القطاع بيد الاحتلال.

• هل هناك تواصل بينكم وبين حركة فتح لعقد لقاءات وطنية مشتركة؟

أيادينا ممتدةٌ للحوار الفلسطيني الشامل بما فيه مع حركة فتح، وننتظر من الجانب المصري توجيه دعوة للحوار. هناك تواصل بيننا وبين أعضاء في اللجنة المركزية لحركة فتح.

لكن حماس وجّهت دعوةً رسميةً إلى قيادة حركة فتح، وطلبنا لقاءً ثنائيًا لبحث مجمل الوضع الفلسطيني قبل أن يأتي الوقت لعقد اللقاء الوطني الشامل، وكان ذلك قبل أكثر من شهر، ولم يردّوا على الدعوة حتى الآن.

ما زلنا نقول أيدينا ممدودة، ونجلس مع كل الفلسطينيين لمناقشة وضع قطاع غزة والقضية الفلسطينية التي هي أكبر من كل الفصائل، ومطلوب من الجميع التعاون لتحقيق أهداف ومصالح الشعب الفلسطيني.

• الرئيس الأميركي دونالد ترامب والإسرائيليون يقولون إن المرحلة القادمة مرتبطة بنزع سلاح الفصائل.. ما موقفكم من ذلك؟

الإسرائيلي عدوٌ محتل، وقد أعلن منذ بداية الحرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 أنه يريد نزع سلاح المقاومة وإخراج حماس من غزة واستعادة الأسرى بالقوة، وهذه أهداف الاحتلال فشلت جميعها، ولم يستطع بالقوة نزع سلاح المقاومة؛ فهل نعطيه هذا السلاح بالمفاوضات! لن نستطيع منع رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، من حلم نزع السلاح هذا؛ شأنه الخاص أن يحلم. لكن المقاومة نتيجة الاحتلال الذي يشكّل لنا مشكلة في فلسطين، وليست المقاومة من تشكّل المشكلة.

ونقول له فشرت يا نتنياهو. عندما ينتهي الاحتلال، تنتهي المقاومة. المقاومة رد فعل على الاحتلال، وهي حق مشروع للشعب الفلسطيني كفلته الشرائع السماوية والقوانين الدولية.

أما الرئيس الأميركي، ترامب، كل يومٍ لديه تصريح، ولا نستطيع مجاراته في كل تصريحاته، ويوميًا يعقد مؤتمرًا صحفيًا، وأحيانًا تكون تصريحاته متناقضة. وقبل أيام قال إنه موافق على أن تنتشر حماس في غزة وتلاحق اللصوص وتضبط الأمن، وأمس قال كلامًا آخر، لأنه يتأثر بالموقف الإسرائيلي.

لكننا نقول إن السلاح الفلسطيني شأن فلسطيني داخلي، واللجنة المعنية بإدارة غزة شأن فلسطيني داخلي، وهذه الأمور تُبحث في الحوار الوطني الفلسطيني.

• أخيرًا.. هل هناك موعد معلن أو محدّد بخصوص بدء المرحلة الثانية من المفاوضات؟

لم نُبلّغ بأي موعد. طالبنا الوسطاء أن يدعو الفصائل لحوارٍ وطني من أجل تشكيل لجنة إدارة غزة؛ لأن المرحلة الثانية تشمل تشكيل لجنةٍ لإدارة قطاع غزة. ننتظر الوسطاء لتوجيه هذه الدعوة، وحتى الآن لا يوجد أي موعد أو دعوة.