14-يوليو-2018

مركز الوفاء لرعاية المسنين

يعاني 44 مسنًا تجاوزت أعمارهم 60 عامًا، من نقص حاد في الرعاية التي تُقدمها لهم دار المسنين الوحيدة في قطاع غزة، ويعيشون حالة خوف من إغلاق الدار التي ينزلون فيها، نتيجة الأزمة الاقتصادية التي ألمّت بها مؤخرًا، على ضوء عدم التزام بعض المتبرعين والمؤسسات الشريكة بتقديم الدعم المطلوب لها، وهي تعتمد بصورة أساسيّة على الأموال من الجهات المانحة، دون وجود مصدر تمويل رسمي له.

تأسس مركز الوفاء لرعاية المسنين في عام 1980، كأحد برامج جمعية الوفاء الخيريّة، وهو مركز أهلي خيري غير ربحي، ويعتبر الدار الوحيدة لإيواء ورعاية المسنين في قطاع غزة، ويقدم خدماته للمسنين مجانًا مدى الحياة.

مركز الوفاء، هو الدار الوحيدة لرعاية المسنين في غزة، ويعاني أزمة اقتصادية متفاقمة منذ نهاية عام 2017

بدأت ملامح أزمة اقتصادية تظهر في مركز الوفاء للمسنين نهاية عام 2017، ثم اشتدّت مطلع شباط/فبراير الماضي. وفي هذا السياق حاور الترا فلسطين، المدير التنفيذي للمركز بسمان العشي، الذي أوضح أن بداية الأزمة تمثلت في تقليص أعداد الأدويّة الواردة للمركز، وكميات الوقود المستخدم للطهي والإنارة في حال انقطاع التيار الكهربائي.

اقرأ/ي أيضًا: غزة: أطفال يلعبون.. وأطفال في خدمتهم

توجه القائمون على المركز بعدها مباشرة لوضع خطة بديلة تقوم على تقليص المصاريف التشغيليّة للعاملين، فوصلت نسبة اقتطاع الرواتب من 30% - 50%. ويبرر العشي هذا الاقتطاع بأن "الخصم كان الأداة الوحيدة للتغلب على نسبة العجز في الخدمات، لأن المسنين لا معيل لهم، وحالتهم الصحيّة حرجة جدًا لا تسمح بتركهم بلا مأوى".

ووفق العشي، فقد تم أيضًا تقليص الجلسات المخصصة للعلاج الطبيعي؛ إلى أربع جلسات أسبوعيّة فقط من أصل سبع جلسات كانت تقدم قبل الأزمة. هذا إضافة لتقليص عدد مرات تغيير الملابس الداخليّة و"الحفاضات" للنزلاء، من خمس مرات يوميًا إلى ثلاث مرات فقط، وكذلك إيقاف جلسات الترفيه والدعم النفسي كاملةً، نتيجة الديون المستحقة على المركز للأطباء النفسيين منذ بداية الأزمة.

وامتدت الإجراءات التقشفية لتطال وجبات الطعام المقدمة للنزلاء، وكذلك الأدوية، وهي خطوة لم تستطع إدارة المركز الاستمرار بها، بسبب حاجة أجسام المسنين الهزيلة للتغذيّة الجيدة، والحصول على أدويتهم باستمرار وضمن المواعيد المحددة لها، لاسيّما أن معظم النزلاء يعانون من الجلطات والأمراض المزمنة مثل الضغط والسكر، وفق الإدارة.

وبالعودة لـ العشي، فهو يؤكد أن الدار لم تعد الآن قادرة على استقبال أي نزيل جديد بعد أن أضحى مصير المركز مجهولاً. "لا نعلم أين سنذهب بهؤلاء المسنين في حال اشتدت الأزمة التي قد تؤدي إلى إغلاق المركز وتسريح النزلاء. الشريحة الأكبر منهم ليس لهم أبناء في غزة".

لم تعد دار المسنين الوحيدة في غزة قادرة على استقبال المزيد من النزلاء، ولا تعلم أين ستذهب بالنزلاء الحاليين لو أغلقت أبوابها

السبعينيّة فاطمة بارود، واحدة من نزلاء مركز الوفاء لرعاية المسنين، تعاني من حالة اكتئاب نفسي حاد، لعدم زيارة الأخصائيين النفسيين لها منذ مدة تجاوزت الخمسة أشهر، بعد أن اعتادت على الحديث معهم بشكل يومي، إلا أنها وبسبب هذه الأزمة لم تتلقَّ أي جلسة.

اقرأ/ي أيضًا: عرسان في غزة من شهر العسل لقضبان السجون

المسنة بارود مضى على وجودها في المركز تسع سنوات، وتخشى أن ينتهي بها المطاف - إن تم إغلاق المركز - على قارعة الطريق، بعد أن كانت قد لجأت إلى المركز بعد وفاة زوجها مباشرة.

تصل نسبة المسنين في المجتمع الفلسطيني إلى نحو %4.4 من مجمل السكان، ونسبة كبيرة منهم يصنفون ضمن الفئات المهمشة والفقيرة والتي تقدر بحوالي 55%، ويشكلون نحو ثلث القضايا الاجتماعيّة لدى وزارة الشؤون الاجتماعيّة، 65% منهم يعانون من أمراض مزمنة، وفق ما أفادنا به وكيل وزارة التنمية الاجتماعية بغزة يوسف إبراهيم.

ولا تقدم الوزارة دعمًا خاصًا لدار الوفاء، لكن إبراهيم يُبين أن المسنين - بشكل عام - يستفيدون من رزمة مساعدات صحيّة واجتماعية تقدمها الحكومة ضمن إطار البرنامج الوطني للحمايّة الاجتماعيّة، كالمساعدات الطارئة والنقدية والتأمين الصحي، فضلاً عن بعض الخدمات الإيوائية التي تشرف عليها الوزارة.

وبحسب المسح الوطني حول العنف في المجتمع الفلسطيني لعام 2016، فإن 7.4% من كبار السن (فوق  65 عامًا) تعرضوا لأحد أشكال العنف من قبل أحد افراد الأسرة. واستنادًا لأشكال العنف التي تم قياسها في استمارة المسح، تبيّن أن الإهمال الصحي أكثر أشكال العنف الذي يتعرض له كبار السن، تليه الإساءة النفسيّة.

وحسب تقرير أصدره المرصد "الأورومتوسطي" لحقوق الإنسان (مقره جنيف) بتاريخ 31 كانون الثاني/يناير للعام2018 ، فإنه على مدار 12 سنة مضت، تسبب حصار غزة بأزمات إنسانية متكررة نتيجة لتقييد حركة السكان ونقص الأدوية والمعدات الطبية وقلة الوقود، إضافة إلى القيود المفروضة على دخول مواد البناء الأساسية".

وحتى نهاية 2017، بلغت نسبة البطالة في قطاع غزة حوالي 43.6%، فيما ارتفعت معدلات الفقر المدقع لدى عائلات قطاع غزة إلى 65%، وتجاوزت نسبة انعدام الأمن الغذائي 72%، بحسب تقرير المرصد؛ الذي أكد أيضًا أن الأوضاع الإنسانيّة في قطاع غزة تشهد تدهورًا متسارعًا غير مسبوق، يهدد بكارثة خلال أشهر معدودة.


اقرأ/ي أيضًا:

عندما تنتهك "مساعدات إنسانية" حقوق الإنسان

محطات الوقود.. آخر محاولات الاستثمار في غزة

من أين يأتي المحاصرون في غزة بمصاريفهم؟