28-نوفمبر-2021

صورة توضيحية - gettyimages

عادت أزمة الأراضي المحيطة بدير مار سابا في محافظة بيت لحم إلى الواجهة من جديد، بعد احتجاجات قام بها أهالي العبيدية على قرار المحافظة، منتصف شهر تشرين ثاني/نوفمبر إزالة منشآت زراعية وسكنية.

الأراضي المتنازع عليها ملكٌ لعشائر العبيدية الخمسة، بموجب قرار أردني، والمنطقة يستخدمها الأهالي للرعي والزراعة

الأزمة الحالية حلقةٌ جديدةٌ ليست منفصلة عن نزاع على أراضٍ في محيط الدير عمره 78 سنة، بدأ عقب إعلان سلطات الاحتلال البريطاني -في عام 1943- الأراضي الموجودة في مسافة 2 كم هوائي (على شكل دائري ومركزها الدير) منطقة أثرية وسياحية، لا يجوز إحداث أي تغيير فيها، رغم أن جزءًا كبيرًا من هذه الأراضي ذات ملكية خاصة لعشائر من العبيدية.

وإثر الاحتجاج واعتصام أهالي العبيدية في أراضيهم، جمَّدت محافظة بيت لحم قرار الإزالة، إلا أن القضية مازالت عالقة دون التوصل إلى حل؛ في ظل قرار صدر في عام 2017 بتسجيل 9 آلاف دونم تمثل (75% من مساحة الأراضي المتنازع عليها) باسم خزينة الدولة.

وقال رئيس لجنة أراضي العبيدية محمد طالب ردايدة، الأراضي المتنازع عليها ملكٌ لعشائر العبيدية الخمسة، والمنطقة يستخدمها الأهالي للرعي والزراعة، وكونها مصنفة "ج" -وفق اتفاق أوسلو- يُمنع البناء فيها، إلا أن الأهالي أقاموا فيها "بركسات" لحمايتها ولتلبية أغراضهم الشخصية والزراعية.

وأوضح ردايدة، أن السلطات الأردنية قررت في عام 1956 تمليك عشائر العبيدية الخمسة الأراضي في هذه المنطقة، ومساحتها 12.750 ألف دونم، لكنها اشترطت في الوقت ذاته عدم إجراء أي تغيير في المنطقة.

 في عام 2017 صدرٌ أمر بتسوية الأرض، على إثره تم تسجيل تسعة آلاف دونم باسم الدولة، وثلاثة آلاف دونم باسم عشائر العبيدية، و250 دونمًا باسم دير مار سابا

وأضاف، أنه في عام 2017 صدرٌ أمر بتسوية الأرض، على إثره تم تسجيل تسعة آلاف دونم باسم الدولة (السلطة الفلسطينية)، وثلاثة آلاف دونم باسم عشائر العبيدية، و250 دونمًا باسم دير مار سابا، ما دفع الأهالي لتقديم اعتراض، وهو منظور أمام محكمة التسوية.

من جانبه، أكد رئيس بلدية العبيدية ناجي ردايدة، أن قرار المحافظة بإزالة المنشآت من هذه الأراضي يصدر في كل عام نتيجة ضغوط من دير مار سابا، وفي كل مرة يحتج أهالي العبيدية على القرار وتعود الأمور للتفاوض، مضيفًا أن الحكومة وكذلك الأهالي لا يحق لأي منهما تملك هذه الأراضي قبل صدور قرار محكمة التسوية بشأنها.

وأوضح ردايدة، أن الحكومة اقترحت إعادة 10 آلاف دونم من هذه الأرض لملكية أهالي العبيدية، على أن تبقى البقية تحت صرف الدير، لكن ممثلي العبيدية رفضوا المقترح في ذات الجلسة، مبينًا أن هذه الأراضي مقسمة وليست مشاعًا، وكل صاحب أرض يعرف حدوده أرضه، فالشخص الذي سيحصل على أرض مجاورة للدير ماذا سيفعل بها؟" تساءل ردايدة.

وانتقد ردايدة تعاطي سلطة الأراضي مع هذه القضية، معتبرًا أنها تحاول إرضاء الدير على حسابهم. وتابع، "يبدو أنهم يريدون بناء تلفريك أو فنادق لا نعلم الحقيقة، ولكن الدولة ستستعد للتخلي عن ملكيتها في هذه الأراضي وتعطيها للدير. ما حصل قبل أيام من تحرك للمحافظة جاء نتيجة الضغط من الدير".

بلدية العبيدية: سلطة الأراضي تحاول إرضاء الدير على حساب أصحاب الأرض، والبطريرك ثيوفيلوس الثالث يضغط على المحافظ والرئيس

وأوضح، أن البطريرك ثيوفيلوس الثالث، بطريرك القدس وسائر فلسطين والأردن، اجتمع بالبلدية وحذرها من الاقتراب من الدير، وكانت بحوزته إخطارات هدم يريد توزيعها على الأهالي، مؤكدًا أن البطريرك هو من أثار القضية مع محافظ بيت لحم والرئيس. وأضاف، "أبلغناه أن أهالي العبيدية كانوا دائمًا موجودين في هذه المنطقة، وشكلوا حماية له ولم يحدث أن اعتدوا عليه".

وأفاد ردايدة بأنهم تقدموا باقتراح لتبادل هذه الأراضي مع أراضٍ في دار صلاح والعبيدية تملكها البطريركية، فردَّ البطريرك بأنه سيدرس الموضوع، مشددًا أن تصنيف هذه الأراضي بأنها أثرية وسياحية لا يعني أن الأهالي لن يبقوا فيها، "وننتظر ردهم على عرضنا بتبادل الأراضي، ونحن منفتحون على الحل".

في المقابل، لم يؤكد أو ينفي نائب محافظ بيت لحم محمد طه أبو عليا حدوث ضغط على المحافظة لاستصدار قرار بإزالة المنشآت الزراعية والسكنية من هذه الأراضي، لكنه قال إن القرار بشكل أساسي سببه أن ملف ملكية هذه الأراضي مايزال منظورًا أمام محكمة التسوية، وأي نشاط فيها قبل صدور الحكم النهائي يُمثل "تعديًا" على الأرض، مشددًا أن المحافظة ترفض أي "محاولة لفرض الأمر الواقع" في هذه القضية.

محافظة بيت لحم: نرفض محاولة فرض الأمر الواقع في هذا الملف، ولا يمكن إجراء أي تبادل أراضي قبل صدور قرار المحكمة

وردًا على سؤالنا له بخصوص مقترح تبادل الأراضي، قال أبو عليا إن المحافظة لا يُمكن أن يكون لها في هذا الموضوع أي دور سوى التوسط بين الطرفين، لكنه استدرك بأن الاتفاق بهذا الشأن غير ممكن قبل صدور قرار من محكمة التسوية حول ملكية الأرض.

وأضاف، "يجب في الأول تثبيت ملكية أصحاب هذه الأراضي ومن ثم الحديث عن المقترحات، فالمبادلة ممكن أن تكون غير عادلة لأن هذه الأراضي قيمتها أقل من قيمة الأراضي الموجودة في العبيدية ودار صلاح، فهي مصنفة كمناطق ج وبعيده عن السكان"، منشددًا أن القرار النهائي بهذا الخصوص يرجع لدير مار سابا.

ورأى أبو عليا، أن "الحل الأمثل" لهذه المسألة هو أن تشتري الحكومة هذه الأراضي بما يتيح تعويض الأهالي، ثم تحولها لمناطق فارغة، إذا أرادت منع تغيير جغرافية المنطقة.


اقرأ/ي أيضًا: 

في بيت لحم.. أسماء القرى تروي تاريخًا

بالصور: رحلة إلى بيت لحم.. عجائب فلسطينية