13-سبتمبر-2022
المسجد الأقصى

تستعد "منظمات الهيكل" التهويدية للقيام بإجراءات غير مسبوقة في المسجد الأقصى، خلال اقتحامات كبيرة بدأت الترتيب للقيام بها في الأعياد اليهودية التي تبدأ نهاية الشهر الحالي وتستمر قرابة ثلاثة أسابيع.

وتقدمت "منظمات الهيكل" بالتماس للمحكمة العليا طلبت فيه السماح لها بإدخال أدوات الصلاة اليهودية و"قرابين العرش" إلى المسجد الأقصى خلال اقتحاماتهم له في فترة الأعياد التي تبدأ بعيد رأس السنة العبري بتاريخ 26/27 أيلول، مرورًا بيوم الغفران" الذي يصادف 5 تشرين أول/أكتوبر، ثم انتهاءً بعيد "العُرش" اليهودي الذي يبدأ بتاريخ 9 تشرين أول/ أكتوبر وينتهي بتاريخ 16 أكتوبر.

أشار معروف إلى أن "منظمات الهيكل" طلبت في الالتماس اعتبار "الوضع القائم في الأقصى" غير موجود، وتطبيق السيادة الإسرائيلية الكاملة على المسجد الأقصى، "وهذا يعني بالضرورة أنها تنوي البدء بإجراءات من شأنها تغيير الظروف داخل المسجد الأقصى

يقول أستاذ دراسات بيت المقدس في جامعة اسطنبول عبد الله معروف، إن منظمة "جبل المعبد بأيدينا"، أعلنت نيتها هذا العام نفخ البوق في داخل المسجد الأقصى خلال عيد رأس السنة العبرية (26/27 أيلول)، وقد صنعت بوقًا حسب المواصفات المذكورة في بعض النصوص الدينية. وتقدمت "منظمات الهيكل" بالتماس لدى المحكمة العليا لاستصدار قرار يسمح لها بالقيام بهذه الخطوة.

وأشار معروف إلى أن "منظمات الهيكل" طلبت في الالتماس اعتبار "الوضع القائم في الأقصى" غير موجود، وتطبيق السيادة الإسرائيلية الكاملة على المسجد الأقصى، "وهذا يعني بالضرورة أنها تنوي البدء بإجراءات من شأنها تغيير الظروف داخل المسجد الأقصى، وهو المتوقع في الفترة القادمة" وفقًا لمعروف.

و"الوضع الراهن أو القائم" (الستاتيكو) هو الوضع الذي ساد في الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية أثناء الفترة العثمانية، واستمر خلال فترة الاحتلال البريطاني لفلسطين ثم الحكم الأردني للقدس، وحتى ما بعد الاحتلال الإسرائيلي للقدس عام 1967.

ورأى معروف، أن الجماعات المتطرفة وصلت إلى مرحلة تثبيت أداء الصلوات داخل المسجد، "وهذا في حال استمراره سيؤدي في النهاية إلى تغيير شكل المسجد وطبيعته والوضع القائم بكامله في داخله".

وفي التماسها للمحكمة العليا، طالبت "منظمات الهيكل" بالسماح لها بإدخال أدوات الصلاة اليهودية إلى الأقصى، والمتمثلة برداء الصلاة "طاليت"، ولفائف الصلاة السوداء "تيفلين"، وكذلك كتاب الأدعية التوراتية "سيدور". كما طالبت بإدخال "قرابين العرش" المعروفة باسم "الأصناف الأربعة"، وتشمل: الحمضيات وسعف النخيل وأغصان الصفصاف وورود "الآس" المجدولة، وذلك خلال "عيد العرش" التوراتي الذي يمتد ما بين 9 إلى 16 تشرين أول/أكتوبر.

وعلَّق المحامي المختص في قضايا القدس والمسجد الأقصى خالد زبارقة أنه لا يوجد أي صلاحية للجهاز القضائي الإسرائيلي للبت في أي أمر يتعلق بالمسجد الأقصى، "فهو خالصٌ للمسلمين ومكان مقدس لهم، ولا يوجد لأي أحد أي سلطة عليه سوى السلطة القانونية للأوقاف، حسب الاتفاقيات المعمول بها، وحسب القانون الدولي".

ورأى زبارقة، أن منظمات الهيكل تسعى من هذا الالتماس لكسب غطاء وشرعية وقانونية من المحكمة العليا لاقتحاماتهم وانتهاكاتهم للوضع القائم في المسجد الأقصى. ومن جهة أخرى لنقل موضوع المسجد الأقصى إلى ملعب الجهاز القضائي الإسرائيلي، "وهذا يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي".

رأى زبارقة، أن منظمات الهيكل تسعى من هذا الالتماس لكسب غطاء وشرعية وقانونية من المحكمة العليا لاقتحاماتهم وانتهاكاتهم للوضع القائم في المسجد الأقصى. ومن جهة أخرى لنقل موضوع المسجد الأقصى إلى ملعب الجهاز القضائي الإسرائيلي

وأضاف، أن محاولات تغيير الوضع القائم تقف خلفها أيضًا حكومة الاحتلال وليس فقط منظمات الهيكل، "فالحكومة تريد أن تجعل من المسجد مادة دعاية انتخابية للأحزاب اليهودية خلال الانتخابات الإسرائيلية القادمة".

ويشير زبارقة أن الهيئة الإسلامية العليا منذ نشأتها قررت عدم التوجه إلى القضاء الإسرائيلي في موضوع يتعلق بالمسجد الأقصى، كما أن دائرة الأوقاف الإسلامية والهيئات الإسلامية "المعتبرة" التي تتابع أوضاع المسجد لا تعترف بصلاحيات المحكمة الإسرائيلية بكل درجاتها في هذا السياق، وبالتالي فإنه لا يمكن القيام بأي خطوة ردًا على التماس "منظمات الهيكل"، لأنه لا يصح لوضع المسجد على طاولة سلطة قضائية تابعة للاحتلال.

من جانبه، يقول الخبير في قضايا القدس والمسجد الأقصى جمال عمرو، إن الإجراءات الإسرائيلية بحق المسجد الأقصى هذه الأيام "أشد خطورة عليه من النيران التي اشتعلت فيه عام 1969، معتبرًا أن "منظمات الهيكل" في هذا الالتماس تُطالب بجعل المسجد الأقصى كنيسًا يهوديًا دفعة واحدة، "والمحكمة ومن خلال تتبع قراراتها دومًا ما تقول لهذه الجماعات نعم، وأن هذا من حق اليهود".

ويؤكد جمال عمرو وعبد الله معروف أن التعويل الأول في إحباط هذه المحاولة يقع على عاتق الأهالي في القدس، الذين أفشلوا سابقًا مخطط البوابات الإلكترونية في عام 2017، ومخطط الاستيلاء على باب الرحمة في عام 2019.  

وبحسب الإذاعة العامة الإسرائيلية، فقد وردت لشرطة الاحتلال "تحذيرات ملموسة حول وجود نوايا لإشعال جولة تصعيد انطلاقًا من المسجد الأقصى". وعلى أثر ذلك، أصدرت الشرطة أوامر إبعاد لنشطاء فلسطينيين ومستوطنين عن المسجد الأقصى خلال فترة الأعياد.