09-يونيو-2016

في يوم مسيرة العودة (Getty)

مرّت في الأيام القليلة الفائتة الذكرى الخامسة لانتفاضة مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين على الاستبداد الأسدي، والتي قامت على إثر "مسيرة العودة" إلى فلسطين التي دعا إليها النشطاء الفلسطينيون في يوم 6 حزيران/يونيو 2011 في ذكرى "نكسة حزيران" عام 1967، وقام معظم الشباب الفلسطينيون بتلبيتها، وانطلقوا من مخيماتهم إلى أرض الجولان، مكان بداية العودة، بالآلاف. 

منذ البداية، راح النظام السوري يعمل على زج اللاجئين الفلسطينيين في معركته ضد شعبه

منذ اليوم الأول للثورة السورية السلمية التي قامت في 15 آذار/مارس عام 2011 للمطالبة بالحرية والكرامة، حاول النظام السوري أن يستخدم كل الإمكانيات لقمعها وإنهائها، وراح يعمل على زج اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في المخيمات في معركته التي بدأ يخوضها ضد شعبه، مستخدمًا كافة أساليب البروباغاندا الإعلامية لتغطية وحشيته الاستبدادية والبربرية.

اقرأ/ي أيضًا: الفلسطيني السوري.. ذاتٌ تتشظى

دعا أثناء تلك الفترة النشطاء الفلسطينيون في سوريا، عبر صفحات التواصل الاجتماعي، إلى التظاهر في منطقة الحدود السورية مع الجولان المحتل في يوم النكسة، للتعبير عن حق الشعب الفلسطيني بالعودة إلى وطنه فلسطين المحتل من قبل العدو الصهيوني منذ عام 1948، وأطلقوا عليها "مسيرة العودة". وجد النظام السوري في هذه الدعوة ضالته، فاستغل عنفوان الشبان الفلسطينيين المتمثل بالإصرار على تحرير فلسطين وحق تقرير المصير، وذلك لصالح أهدافه الدنيئة الرامية إلى قمع الشعب السوري الثائر عليه، وفسح المجال أمامهم لعبور السياج الفاصل على الحدود. حيث كان النظام يمنع أي مواطن سوري من الاقتراب من ذلك المكان على امتداد أكثر من 40 عامًا، وذلك بحسب ادعائه أنها منطقة خطرة، قام الاحتلال بزرعها بالألغام، لكن اتضح للجماهير التي استطاعت ببسالة منقطة النظير عبور الشائك في ذلك اليوم بأن قضية الألغام ليست إلا كذبة كبيرة كان يسوّق لها النظام منذ عقود.

تصدى الاحتلال الإسرائيلي للعابرين الأبطال بالرصاص فسقط منهم أكثر من 20 شهيدًا، وعشرات الجرحى، على مرأى ومسمع الأمن السوري وشبيحة أحمد جبريل، الذين كانوا متواجدين هناك ولم يحركوا ساكنًا للدفاع عن الجماهير الغاضبة، الأمر الذي جعلهم يكشفون زيف ادعاء هذا النظام بالمقاومة والممانعة التي طالما كان يتغنى بها، وأن ذلك ليس إلا شماعة يستخدمها النظام السوري ليقتل بها شعبه المطالب بحريته على امتداد معظم الأراضي السورية في مدنه وقراه.

اقرأ/ي أيضًا: إنصافًا "للموقف الفلسطيني" سوريًا

خرجت، في اليوم التالي، حشود كبيرة من الجماهير الفلسطينية في مخيم اليرموك، وشاركهم إخوانهم من النشطاء السوريين لتشييع جثامين الشهداء الذين سقطوا على أرض الجولان المحتل، وتحول التشييع إلى تظاهرة سلمية عارمة عبّر فيها المشيعون عن غضبهم على النظام السوري الذي يستغل عدالة القضية الفلسطينية في قتل الشعب السوري، وراحوا يهتفون أثناء ذلك شعار "واحد... واحد... واحد فلسطيني وسوري واحد"، وصبّوا جام غضبهم على الداعم الرئيسي للنظام من المنظمات الفلسطينية الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (القيادة العامة)، التي يتزعمها الشبيح أحمد جبريل، وعلى بعض أشباه المنظمات الأخرى التي كانت تؤيد ذلك. خصوصًا حين وصلت الجثامين إلى مثواها الأخير في مقبرة الشهداء، حيث كان أحد أعضاء المكتب السياسي لتلك التنظيمات يلقي كلمة أمام الجماهير الغاضبة، يعبر فيها عن تأييده للنظام السوري واعتباره نظامًا قوميًا مقاومًا وممانعًا للعدو الصهيوني، الأمر الذي زاد حنق الجماهير وغضبهم عليه، فعلت أصواتهم بالهتافات ودعوته إلى ترك المنصة، فقام حراسه بإطلاق النار عليهم، مما اضطر الجماهير الغاضبة إلى ترك المقبرة والتوجه إلى مقر "الخالصة" للاعتصام هناك. 

تحول تشييع شهداء مسيرة العودة، في مخيم اليرموك، إلى مظاهرة عبّر فيها المشيعون عن غضبهم على النظام السوري

لكن شبيحة جبريل تصدوا لهم بالرصاص قبل وصولهم إلى المبنى، وسقط من المتظاهرين 4 شهداء وعشرات الجرحى، الأمر الذي زاد في حنق الناس وإصرارهم على الوصول إلى الخالصة ومحاصرتها وإضرام النار في جزء منها، وعلى الفور تدخل رجال الأمن السوري، واستطاعوا بقمعهم المعهود فك الحصار عن البناء، وقاموا بتفريق المواطنين بعد أن استمر اعتصامهم أكثر من 6 ساعات متوالية.

أثارت تلك الكارثة الرأي العام الفلسطيني داخل المخيم، وسادت رؤية عند أكثر النشطاء أنهم لن يسمحوا للنظام السوري، ولأتباعه من الأجراء الفلسطينيين، تمرير تلاعبه بقضيتهم، واستخدامها كورقة يبرر بها إراقة الدم السوري لتثبيت كرسيه في الحكم، حتى لو كان ذلك على حساب الدم الفلسطيني الذي أراقه جبريل وشبيحته على أرض المخيم. الأمر الذي جعل الشعب الفلسطيني يدفع ثمن ذلك الموقف غاليًا فيما بعد، حينما قام النظام السوري بقصف مخيماته بكافة أنواع الأسلحة، وقتل واعتقل الآلاف من نشطائه الذين قضى معظمهم في المعتقلات نتيجة التعذيب، واستشهد الكثيرون جوعًا ممن أصروا على البقاء في المخيمات بعد حصار النظام المطبق لها.

اقرأ/ي أيضًا:

لا تسامحينا يا فلسطين!

طلب انتساب إلى مخيم اليرموك