18-فبراير-2023
Beata Zawrzel/ Getty Images

Beata Zawrzel/ Getty Images

بشكل عام مع استثناءات قليلة في مجموعها لا ترقى من حيث تكرارها الى اعتبارها ظاهرة، يمتنع الباحثون والخبراء والمسؤولون عبر وسائل الإعلام العبرية، عن اقتباس دراسات أو تفسيرات أو توقّعات من باحثين أو مفكرين عرب، أو الاقرار بصحتها أو اقترابها من الصواب، ناهيك عن الإقرار بدقتها، شذّ عن هذه القاعدة رئيس جهاز "الموساد" الأسبق، تامير باردو، عندما أعرب عن اعتقاده بأن باحثًا أردنيًا قدّم تشخيصًا دقيقًا: "إسرائيل دولة قررت تدمير نفسها".

الرئيس السابق لجهاز الموساد الإسرائيلي تامير باردو: الانقسام في المجتمع الإسرائيلي ينبع من ثلاثة عوامل

يُطبّق الإعلام في "إسرائيل" نظرية "حارس البوابة" حرفيًا، ولا يفتح المجال لجهات غير إسرائيلية بالتأثير على الرأي العام، والتطرّق للإنتاج العلمي والأكاديمي والفكري العربي، وغالبًا ما يتم طرح هذا الإنتاج في سياقات تؤكد الانطباع بأن العرب "أمة عقيمة" وإنتاجها الفكري عاجز عن فهم نفسها فضلًا عن فهم الآخر.

وبخلاف الصحافة العربية والفلسطينية، لا تفرد الصحافة العبرية مساحة بشكل عام للمقالات المترجمة من الصحافة العربية، لكن يتولى الكتابة عن العالم العربي محررو الشؤون العربية ومعظمهم ضباط سبق وعملوا في أجهزة استخبارية إسرائيلية، رسالتهم الخفية هي إظهار العرب بصورة الهمج الذين تحركهم الغرائز فقط.

يُطبّق الإعلام في "إسرائيل" نظرية "حارس البوابة" حرفيًا، ولا يفتح المجال لجهات غير إسرائيلية بالتأثير على الرأي العام 

الإبقاء على العرب خصوصًا الفلسطينيين داخل "دائرة الإبهام"، في ذهن الإسرائيلي العادي، مسألة أكد على أهميتها فيلسوف إسرائيلي كبير أثناء تعلقيه على هجوم مسلح نفذه شابان خلال الانتفاضة الثانية في قطاع غزة، عندما طلب مذيع الإذاعة العبرية العامة لعدم التطرق لهوية المنفذين، لإن ذلك قد يخلق بالتدريج تفهّمًا لدوافعها في صفوف الإسرائيليين الذين يجب أن يحافظوا على القدرة على مواصلة الحرب؛ فالإسراف في فهم العدو قد يحوّله لإنسان في عيون الجنود.

على الهواء مباشرة يسأل مقدّم البرنامج الصباحي في الإذاعة العبرية العامة رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية الخارجية الأسبق، تامير باردو: أنت تعرف أعداء إسرائيل، كيف يتابعون ما يجري حاليًا؟ في إجابته يضع الأردن ضمن دائرة الدول المعادية لـ "إسرائيل" بالقول: "إنّهم يعتقدون أن الجنون أصابنا، قبل نحو أسبوع قرأت مقالًا نُشر في الأردن، دومًا كُنّا نجري تقديرات استخبارية وتقييم موقف حول الدول الجارة المعادية، ونظرت إلى التقديرات الاستخبارية بشأن وضعنا، لقد قرأت مقالًا لباحث أردني، ولأسفي الشديد لقد كان غاية في الدقة، ذلك الدكتور من معهد أبحاث أردني يقول "إن إسرائيل دولة قررت تدمير نفسها".

وزعم باردو أن الانقسام في المجتمع الإسرائيلي ينبع من ثلاثة عوامل، أوّلها رغبة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في إلغاء محاكمته. مشيرًا إلى أن بنيامين نتنياهو يريد إلغاء المحاكمة والاستمرار في رئاسة الوزراء.

وأضاف: "لا أستطيع أن أفهم كيف أن شخصًا كان رئيسًا للحكومة لفترة طويلة لا يفهم أن الشيء الوحيد الذي يجب عليه فعله هو ترك منصبه والسماح لحزبه بتعيين شخص آخر مكانه. إذا كان يريد لدولة إسرائيل مواصلة الازدهار، سيكون من الصواب عودته إلى منزله والانشغال بأموره الخاصة".

سبب آخر للانقسام في "إسرائيل" حسب باردو، يكمن في رؤية الوزراء ايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش التي تنص على أن دولة "إسرائيل" يجب أن تكون دولة من البحر إلى الأردن، عندها ستكون دولة عنصرية لن تملك القدرة على البقاء، وأكثر الأشياء انحرافًا وأكبر مصدر للغضب والفوضى منح سموتريتش المسؤولية عن الضفة الغربية".

أمّا السبب الثالث وفقًا لباردو فيتمثل في تغيير منظومة القضاء الإسرائيلي، حيث ستفقد "إسرائيل" مصداقيتها أمام العالم في حال تم تنفيذ "الانقلاب القضائي"، وهذا يعرّض أي جندي خدم في الضفة الغربية للاعتقال في حال تم توثيقه، وعندها سيصدر أمر باعتقاله دون علمه، وبمجرد سفره سيكون عرضة للاعتقال.

وتامير دين باردو (من مواليد القدس 24 آذار/ مارس 1953) هو مسؤول أمنيّ إسرائيلي، عُيّن لشغل منصب رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية الخارجية "الموساد" بين 2011 إلى 2016، خلفًا لمائير داغان.

Beata Zawrzel/ Getty Images