16-يناير-2023
إيليا زريق (1939 - 2023)

إيليا زريق (1939 - 2023)

الترا فلسطين | فريق التحرير

رحل عن عالمنا، اليوم الإثنين، الأكاديمي البارز وأستاذ علم الاجتماع الفلسطيني إيليا زريق عن عمر يناهز 84 عامًا.

رغم مغادرة إيليا زريق فلسطين منذ أكثر من 50 عامًا، إلّا أنه بقي منشغلًا فيها من الناحية البحثية، كما استمر في زيارتها طوال هذه السنوات وقدّم فيها عشرات المحاضرات

وعلى مدار 50 عامًا، اعتبر الراحل إيليا زريق واحدًا من أبرز الأسماء الأكاديمية المنشغلة بحثيًا في فلسطين والحالة الاستعمارية فيها، والتي كتب وحرر عنها عدة كتب، بالإضافة إلى عشرات الدراسات والمقالات البحثية التي تناولت الحالة الاستعمارية في فلسطين، إلى جانب اهتمامات أخرى.

رغم مغادرة إيليا زريق فلسطين منذ أكثر من 50 عامًا، إلّا أنه بقي منشغلًا فيها من الناحية البحثية، كما استمر في زيارتها طوال هذه السنوات وقدّم فيها عشرات المحاضرات

ولد زريق في فلسطين وتحديدًا في عكا عام 1939، ورحل عنها في عام 1962 بعد قيام دولة الاحتلال، مهاجرًا من أجل الدراسة. وصل إلى الولايات المتحدة أولًا، ودرس فيها البكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة سان فرانسيسكو، ومن ثم الماجستير في علم الاجتماع من جامعة سيمون فريزر في كندا، والدكتوراه في علم الاجتماع السياسي من جامعة إسكس في بريطانيا؛ وأصبح أستاذًا في علم الاجتماع في جامعة كوينز الكندية منذ عام 1971، وعلى مدار سنوات عمله الجامعي عمل أستاذًا زائرًا، في جامعة بيرزيت والكويت وإسكس وتورنتو ورئيسًا لقسم علم الاجتماع والأنثروبولوجيا في معهد الدوحة للدراسات العليا.

وإلى جانب عمله الأكاديمي البارز، عمل مستشارًا للحكومة الكندية واليونسكو والأمم المتحدة، وفي المؤسسة النرويجية للعلوم الاجتماعية التطبيقية، وفي لجنة حقوق الإنسان ومجلس أمناء مؤسسة "شمل"، وشغل عضوية الوفد الفلسطيني لمفاوضات ملف اللاجئين في محادثات مدريد، كما حصل على جائزة فلسطين الوطنية لعلم الاجتماع، وجائزة جامعة كوينز للامتياز في البحث العلمي لعام 2008. كما أشرف على مشروع بحث ممول من مجلس البحوث والعلوم الاجتماعية والإنسانية الكندي بشأن مراقبة الخصوصية على الإنترنت في 11 دولة.

المشروع الاستيطاني الإسرائيلي في فلسطين - إيليا زريق

كتب زريق واحدةً من أبرز الدراسات عن الفلسطينيين في الداخل، وجاءت في كتاب صدر بعنوان "الفلسطينيون في إسرائيل: دراسة في الاستعمار الداخلي" عام 1979، وكتاب "اللاجئون الفلسطينيون وعملية السلام" عام 1996، وكتاب "الحاسوب.. والمراقبة والخصوصية" عام 1996، وحرر كتاب "الملاحقة والسيطرة في إسرائيل/ فلسطين: السكان، الأرض، والقوة" عام 2011، وأصدر كتاب "المراقبة العالمية والشرطة" عام 2013، وكتاب "المشروع الاستعماري الإسرائيلي في فلسطين: المطاردة الوحشية" عام 2015.

وكتب زريق عشرات الدراسات الأخرى المرتبطة بالرقابة والديمغرافيا والإنترنت والخصوصية والسيطرة والأمن، في حالة فلسطين وحالات عالمية بارزة، وأخرى حول إمكانية ظهور علم اجتماع فلسطيني، إلى جانب دراسات بارزة في الاستعمار الاستيطاني والاستعمار الجديد.

ورغم مغادرته فلسطين منذ أكثر من 50 عامًا إلّا أنه بقي منشغلًا فيها من الناحية البحثية، كما أنه استمر في زيارتها طوال هذه السنوات، وقدّم فيها عشرات المحاضرات.

واستمر زريق في المتابعة والكتابة عن فلسطين، فقد نشر في منتصف العام الماضي دراسة بعنوان "الرقابة لأغراض مراقبة فيروس كورونا والفلسطينيّين" في فصلية القدس الصادرة عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية.

كتاب "المراقبة وحفظ الأمن على الصعيد العالمي: الحدود والأمن والهوية"

وصدر لزريق بالعربية كتاب "المراقبة وحفظ الأمن على الصعيد العالمي: الحدود والأمن والهوية" الذي حرره مع مارك ب. سالتر، عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. كما نشر دراسةً بعنوان "تشكيل فلسطين عبر ممارسات الرقابة" في مجلة عمران للعلوم الاجتماعية والإنسانية، وورقةً بعنوان "الصهيونية والاستعمار" في المجلة نفسها، واكب خلالها نشوء حقل دراسات الاستعمار الاستيطاني.

أمّا عن زيارته إلى فلسطين، يذكر زريق في مقالةٍ قديمة له، أنّه عندما يزور فلسطين، وبعد وصوله إلى مطار اللد (بن غوريون) يتلقى سؤالًا متكررًا عن أصله، ويجيب: "عكا، فلسطين"، ليرد عليه عنصر الأمن الإسرائيلي، "لماذا لا تقول "عكو، إسرائيل"، ليرد عليه زريق بأنه هذا ما يشير له جوازه الكندي، كما أنه ولد فيها عندما كانت "عكا، فلسطين. وأن العربية هي لغته الأم، ويعتاد استخدامها أكثر من العبرية".

يغادرنا زريق بعد أكثر من 50 عامًا من الإنتاج المعرفي المستمر عن فلسطين وحالات أخرى في العالم، وتاركًا إرثًا كبيرًا ومساهمًا في فتح المجال لحضور فلسطين في المؤسسة الأكاديمية من خلال عمله الرصين، الذي سيعيش به زريق طويًلا.