23-ديسمبر-2016

صورة تعبيريّة/ Getty

بعد استشهاد الشاب باسم الشوملي على يد "روابط القرى" في بيت ساحور عام 1981، خرج أهالي المدينة في مظاهرة عشيّة الذكرى السنوية الأولى لاستشهاده، اعتقل على إثرها الناشط في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين آنذاك، يوسف حسين الشوملي، مع مجموعة من الشُبّان بتهمة رفع العلم الفلسطيني.

تم إنزالي في الساحة، شاهدت عددًا من الشبّان وقد تم شبحهم إلى الحائط وتحت أقدامهم علم فلسطين، وفي الساحة أكثر من 20 جنديًا بعتادهم...

يروي الشوملي تفاصيل ذلك اليوم الغائم فيقول: اعتقلت بسيارة عسكرية من وسط مدينة بيت ساحور، ونقلت إلى مقرّ "الإدارة المدنية" في بيت لحم، والمعروف بـ "البصة". وما أن وصلت المركبة العسكرية حتى تم إنزالي في الساحة، شاهدت عددًا من الشبّان وقد تم شبحهم إلى الحائط وتحت أقدامهم علم فلسطين، وفي الساحة أكثر من 20 جنديًا بعتادهم.

لم ألبث قليلًا واقفًا في وسط الساحة، حتى خرج من المقرّ نائب الحاكم العسكري لبيت لحم ويدعى "أبو الفهد"، فصاح في الشبان الذين أُجبروا على الوقوف فوق العلم، قائلًا: "زيحوا هيك خلينا نشوف يوسف كيف بده يمسح رجليه في الشريطة هاي".

فسألته عمّا يريدني أن أفعله فأجاب: "إلي سمعته يا يوسف". فتوجهت ناحية العلم الملقى على الأرض بجانب الحائط، والشبان ينظرون إليّ. لم تطاوعني جيناتي الفلسطينية أن أدوسه، فركعت على ركبتي أمامه وطويته أكثر من مرة، وسط ذهول "أبو الفهد" وجنوده.

ثم وضعت العلم في جيبي والتفت إليه، وقلت: "إذا بدك أمسح رجلي، الأحسن تعطيني هالشريطة اللي فيها نجمة زرقة ومعلقة فوق"، وأشرت بيدي للعلم الإسرائيلي المرفوع فوق المقرّ.

فما هي إلا لحظات حتى انهال الجنود عليّ بالضرب على كافة أنحاء جسدي بالعصي وكابلات الكهرباء والبنادق، فقدت على إثرها الإحساس تمامًا، وفي معمعة الضرب هذه، خرج الحاكم العسكري الإسرائيلي وأمر الجنود بالتوقف عن ضربي، ثم اصطحبني إلى مكتبه وأمر بالإفراج عني، بعد أن أغسل وجهي وأتعهد بعدم الحديث عمّا جرى معي لوسائل الإعلام، فرفضت وتمسكت بالإفراج عني دون شروط.

وبعد جدل، تم الإفراج عنّي، وعدتُ مشيًا على الأقدام من "البصة" إلى بيت ساحور، فدخلت البيت، وإذ بعدد كبير من أهالي المدينة في بيتي، هالهم رؤيتي بهذا المنظر، والدماء تملأ وجهي وملابسي.

ساعدني رفاقي في خلع ملابسي المدماة، وفقد أحدهم وعيه وسقط على الأرض من هول ما رأى من آثار ضرب على ظهري، بعد أن تحولت إلى ما يشبه الحمار الوحشي لكثرة الخطوط التي تركتها كابلات الكهرباء من رقبتي حتى كعبي.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

يوميات لاجئ.. تبًا للخيال

هكذا أتذكر الأستاذ نزيه

خطف الرصاص والدته وشقيقه وأشياء أخرى!