رواتب عائلات الشهداء والأسرى لم تعد حقًّا.. بل "منحة اجتماعية"
25 فبراير 2025
في خطوةٍ مثيرة للجدل، قرر الرئيس محمود عباس نقل صلاحية صرف رواتب أسر الشهداء والأسرى إلى مؤسسة "تمكين"، بحجة "إصلاح النظام المالي" واستعادة المساعدات الدولية المعلّقة، ومحاولة وقف الاقتطاعات الإسرائيلية من أموال المقاصّة، غير أنّ الخبراء يحذّرون من تداعيات القرار.
قرار السلطة نقل ملف رواتب أسر الشهداء والأسرى لمؤسسة اجتماعية يُثير انتقادات. يرى خبراء أنه محاولة لاسترضاء واشنطن وتل أبيب، ويحوّل القضية النضالية إلى "إعانات اجتماعية"
ويقول الخبير في القانون الدولي رائد بدوية إنّ قرار الرئيس محمود عباس جاء استجابة لضغوط ومطالبات أميركية وإسرائيلية، وبهدف استعادة المساعدات الأميركية المتوقّفة بذريعة أنّ السلطة الفلسطينية تدفع رواتب للأسرى وعائلات الشّهداء.
ويرى بدوية في حديثه لـ "الترا فلسطين" أنّ قرار السلطة وراءه هدفٌ مالي، لكنّه "سياسي" بالنسبة للأميركيين والإسرائيليين، بالتالي هم لا يريدون أن تُقدّم السلطة أي رواتب للمناضلين أو المشاركين في أعمال المقاومة، لردع الشعب الفلسطيني عن المقاومة.
وتحويل مستحقّات عائلات الأسرى والشّهداء إلى "مؤسسة تمكين" يعني من وجهة نظر رائد بدوية أنّه سيتم التعامل معهم كـ "حالات اجتماعيّة"، وتبعًا للظرف الاجتماعي والاقتصادي لكلّ عائلة، ما يعني أنّ الموضوع لن يكون استحقاقًا مباشرًا لهذه الفئة، على أن تُدفع المستحقات بعد دراسة كلّ حالة، ما قد يعني أيضًا أنه سيتم حجب رواتب عائلات "ميسورة الحال".
ويشير الخبير في القانون الدولي إلى أنّ تحويل ملف رواتب عائلات الأسرى والشهداء إلى مؤسسة "تمكين" يُعفي السلطة من أيّ استحقاق مباشر تجاه هذه الفئة، وبذلك يتم فصل موازنة هذه الفئات عن الموازنة العامة للحكومة الفلسطيني، وبالتالي فإنّ مستحقات هذه الفئة تكون رهنًا للوضع المالي للمؤسسة، وهذا الوضع المالي متغيّر، والموارد المالية للمؤسسة ليست ضمن الموازنة العامة للحكومة، وقد تكون مواردها هبات من الحكومة أو جهات خارجية.
القرار الجديد يحوّل القضية النضالية إلى "إعانات اجتماعية"، وقد يدفع الشعب للانتفاض
من جهته، يقول محاضر الاقتصاد في الجامعة العربية الأميركية نصر عبد الكريم إن مؤسسة "تمكين" تتلقى مساعدات وتمويلًا من جهات دولية مختلفة، وحظيت بتمويل من بنك التنمية الإسلامي، لمساعدة الأسر الفقيرة.
لكن عندما نتحدث عن مخصصات كبيرة ومنتظمة شهريًا مثل مستحقّات الجرحى وعائلات الشهداء والأسرى، يصبح السؤال: هل هذه المؤسسة قادرة على الدفع، وعلى الاستمرار في الدّفع، بغض النظر عمّن سيدفع؟!
ويؤكّد عبد الكريم في حديثه لـ "الترا فلسطين"، أنّه في حال إخضاع حالات عائلات الأسرى والشهداء للدراسة لتحديد المبالغ التي ستُدفع لها، فإنّها ستخرج فعليًا إلى تصنيف آخر، بحيث تتحوّل من الفئة الكريمة بتضحياتها ونضالها إلى فئة تعاني من ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة.
ويرى المختص في الشأن الاقتصادي أنّ إعادة النظر في مستحقات هذه الفئة والتي حددها القانون سابقًا، يعني أنّها ستصبح "حالات اجتماعية" ومعظم الشعب الفلسطيني سيرفض هذا، ولن يقبل له.
بين الضغوط الأميركية والغضب الشعبي
وبالعودة إلى بدوية، وتداعيات قرار الرئيس عباس، يرى الخبير القانوني أن السلطة بقرارها الجديد، وبالإضافة إلى مواقفها السياسية وما تقوم به في جنين، والاعتقالات السياسية واستمرار التنسيق الأمني ومواقفها من اللجنة المجتمعية لإدارة غزة، فإنّها قد تذهب إلى مواجهة مع الشعب الفلسطيني.
وتابع أن السلطة ترمي بنفسها في الحضن الأميركي على أمل أن تأخذ شيئًا، إما بتعزيز دورها، أو على الأقل الإبقاء عليها. واستغرب اتخاذ مثل هكذا قرار في الوقت الذي سمعنا فيه تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول غزة، وقريبًا قد نسمع أيضًا ما يتعلّق بضم الضفة الغربية أو أجزاء منها.
رائد بدوية: غياب خطّة إستراتيجية لدى السلطة الفلسطينية، يؤشّر على التخبّط السياسي
واعتبر أن تصريحات ترامب لم تؤثّر في مواقف السلطة، كما أنها لم تكن كافية لأن توقف مسلسل التماهي مع المواقف الأميركية والإسرائيلية، ورأى أن ثمن هذه القرارات قد يدفع الشعب للانتفاض، كما أنها تخلق حالة احتقان داخلي.
أمّا نصر عبد الكريم فرأى أن سبب القرار ربما يكون محاولة لثني "إسرائيل" عن اقتطاعاتها المستمرّة لأموال المقاصة، لأنها تخصم بين 50-55 مليون شيقل شهريًا، أي نحو 600 مليون شيقل سنويًا.
وتساءل عبد الكريم عمّا إذا كان القرار الرئاسي مقنعًا للحكومة الإسرائيليّة، بحيث توقف الخصم. وأشار إلى أنّ ردود الفعل في "إسرائيل" حتى الآن تعتقد أن القرار خطوة التفافية وغير مقنعة.
وتابع أن بعض الدول تشترط أيضًا لعودة تقديم المساعدات، إدخال إصلاحات داخلية في مالية السلطة، وواحد منها ورد دائمًا أن لا يجوز دفع مخصصات لمن يصفونهم بـ "الإرهابيين"، وبالتالي هل ستعود المساعدات الخارجية؟ خاصة أن الأوروبيين بصدد إعداد استراتيجية دعم للسلطة لثلاث سنوات قادمة وهي قيد المناقشة وسيتم التصويت عليها بعد شهرين، فهل هذا سبب كاف لإقناع الأوروبيين والأميركيين أيضًا؟
وكان رئيس هيئة شؤون الأسرى، قدورة فارس، ناشد رئيس السلطة محمود عباس سحب قراره إلغاء مخصصات الأسرى والشهداء الذي أعلنه في مرسوم رئاسي مساء أمس الإثنين.
وقال قدورة فارس، في مؤتمر صحفي الثلاثاء، إن المرسوم الرئاسي بإلغاء مستحقات الأسرى والشهداء كان مفاجئًا، ورجَّح أنه جاء نتيجة دور مستشارين في محيط الرئيس، مضيفًا أن "موضوعًا بهذا الحجم كان يستدعي انعقاد المجلس الوطني، أو المجلس المركزي، لاتخاذ قرار بشأنه".
وأضاف أنه إذا كان من الضروري اتخاذ قرار بشأن مخصصات الأسرى، "فيجب وضع الجميع عند مسؤولياتهم والمشاركة في اتخاذ القرار". وناشد الرئيس عباس سحب المرسوم الرئاسي، "والاستماع إلى موقف الأغلبية الساحقة بهذا الخصوص، وعدم الاكتفاء برأي مستشار، لأن الناس لا يجمعون على باطل" حسب قوله.
قدورة فارس: سيتم دراسة وضع كل عائلة شهيد أو أسير، ماليًّا، قبل أن يتم إقرار صرف 700 شيقل!
وجاء في المرسوم الرئاسي أن ملف مخصصات الأسرى سيتم نقله إلى مؤسسة "تمكين"، وقد علق قدورة فارس على ذلك بأن "تمكين هي مؤسسة أهلية وليست رسمية، "وستقوم بإرسال طواقم إلى منازل عائلات الأسرى للتأكد من صعوبة الحالية المادية للأسير قبل صرف 700 شيكل للعائلة، وهذا غير مقبول".
والمؤسسة الوطنية الفلسطينية للتمكين الاقتصادي، وفقًا للتعريف الوارد على موقعها الرسمي، هي مؤسسة مستقلة تم إنشاؤها عام 2019 بهدف تمكين العائلات والأفراد من الفئات الهشة من شباب ونساء وذوي إعاقة وصغار المزارعين اقتصاديًا ومساعدتهم على الخروج من حالة الاعتماد على الصدقات والإعانات والهبات الخيرية إلى حالة الاستقلال الاقتصادي المستدام.
وكان مسؤولٌ فلسطينيٌ أوضح لموقع "واللا" الإسرائيلي، أن السلطة الفلسطينية أبلغت إدارة ترامب مسبقًا بهذه الخطوة. وقال إن "الخطوة كانت جاهزة مع نهاية ولاية جو بايدن، لكن السلطة الفلسطينية قررت انتظار تولي ترامب منصبه لتسليم الإنجاز للإدارة الجديدة".
ونقل الموقع عن مسؤولين فلسطينيين وأميركيين كبار، أن إدارة بايدن والسلطة الفلسطينية أبلغتا "إسرائيل" قبل عدة أشهر بالتغيير المخطط له. وأطلع مستشار وزير الخارجية الأميركي آنذاك توني بلينكن، هادي عمرو، ومستشار بايدن، بريت ماكغورك، ومستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي ومسؤولين كبار آخرين، والوزير الإسرائيلي رون ديرمر، ومسؤولين كبار في جهاز الشاباك، على المسألة.
وبحسب مصدر لـ"الترا فلسطين"، فإن التحول الأساسي في برنامج الدفع لأسر الشهداء والجرحى والأسرى، سيكون مخالفًا للقانون السابق، الذي ألغي مساء الإثنين 10 شباط/فبراير. إذ كان الدفع للأسرى يحصل بناءً على سنوات الاعتقال، بينما الدفع الآن سيكون بصيغة "أقرب للشؤون الاجتماعية"، بحيث تكون قيمة الراتب المدفوع بناءً على الحالة الاجتماعية والاقتصادية للشخص المستفيد.
أمّا "المؤسسة الفلسطينية للتمكين الاقتصادي"، التي ستكون مسؤولة عن رواتب عائلات الشهداء والأسرى والجرحى، فقد أسسها وزير الشؤون الاجتماعية (التنمية الاجتماعية لاحقًا) السابق، أحمد المجدلاني، في عام 2019، بهدف تولي قضية رواتب أسر الشهداء والأسرى والجرحى.
وعلى مدار سنوات، كانت قضية رواتب أسر الشهداء والأسرى والجرحى، محط نقاش ومداولات طويلة، مع استهدافها إسرائيليًا وأميركيًا، إذ منذ أعوام طويلة، وبالأخص منذ عام 2018، تضغط الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، بهدف وقف هذه الرواتب، التي تصفها "الدفع مقابل القتل".
الكلمات المفتاحية

صور | رمضان في غزة بلا مساجد
استهدفت صواريخ الاحتلال المساجد في قطاع غزة بشكل مباشر، بما في ذلك قصفها على رؤوس المصلين، وتعرضت مساجد أثرية، مثل المسجد العمري الكبير، للتدمير، ووثّق جنود الاحتلال بهواتفهم إحراق المصاحف وتدنيس المساجد

البؤر الاستيطانية الرعوية في الضفة الغربية تضخمت بنسبة 50 في المئة خلال الحرب
البؤر الاستيطانية الرعوية في الضفة الغربية تضخمت بنسبة 50 في المئة تقريبًا منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة

نقابة المهندسين تصعد ضد الحكومة وتطالب بتعديل الموازنة العامة
طالبت نقابة المهندسين، مجلس الوزراء الفلسطيني بتعديل قانون الموازنة العامة بما يضمن إضافة بنود تتعلق بتطبيق التفاهمات بين النقابة والحكومة.

صور | رمضان في غزة بلا مساجد
استهدفت صواريخ الاحتلال المساجد في قطاع غزة بشكل مباشر، بما في ذلك قصفها على رؤوس المصلين، وتعرضت مساجد أثرية، مثل المسجد العمري الكبير، للتدمير، ووثّق جنود الاحتلال بهواتفهم إحراق المصاحف وتدنيس المساجد

المحكمة العليا الإسرائيليّة تجمّد قرار إقالة رئيس الشاباك مؤقتًا
أصدرت العليا الإسرائيلية أمرًا مؤقتًا بتجميد قرار إقالة رئيس جهاز الشاباك، رونين بار، بعد تقديم التماسات من المعارضة وجمعيات مدنية، وقد منعت المحكمة تعيين بديل له حتى النظر في الالتماسات

الرئيس الأسبق للمحكمة العليا: "إسرائيل" على حافة الحرب الأهلية
حذر القاضي أهارون باراك من خطر انزلاق إسرائيل نحو حرب أهلية بسبب التوترات الداخلية المتفاقمة، ودعا إلى التهدئة والتفاوض لتجنّب العنف، منتقدًا محاولات إقالة مسؤولين كبار

بعد 48 ساعة من بداية العدوان.. نتنياهو طلب تدمير المنازل وقصف كل غزة
كشف الصحفي الإسرائيلي، ناحوم برنياع، عن حوار بين رئيس أركان جيش الاحتلال السابق، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، طالب خلاله نتنياهو في تدمير قطاع غزة