21-أغسطس-2022
أمير أبو عون ورمضان عطالله قبل الانطلاق في رحلة الهجرة الخطيرة

أمير أبو عون ورمضان عطالله قبل الانطلاق في رحلة الهجرة الخطيرة

تمكن شابان من مخيم جباليا شمال قطاع غزة، الجمعة، من الهجرة إلى اليونان انطلاقًا من تركيا، بعد قطع مسافة 16 كيلومترًا من السباحة المتواصلة  خلال 7 ساعات، وذلك بعد محاولة سابقة انتهت بالقبض عليهما.

قطع أمير ورمضان 16 كيلومترًا من السباحة المتواصلة، بعد محاولة سابقة انتهت بالقبض عليهما، ليصلا من تركيا إلى اليونان، ومنها إلى "بلاد الله الواسعة"

أمير أبو عون ورمضان عطالله (23 عامًا) صديقا الطفولة والمخيم، اعتادا السباحة في بحر مدينة غزة للترفيه عن نفسيهما، لكنهما هذه المرة قررا السباحة فرارًا من الحصار الإسرائيلي الذي عاشا تفاصيله منذ كانا في السادسة من عمرهما. 

ويروي أمير لـ "الترا فلسطين" فصول الرحلة التي وصفها بالخطيرة، قائلًا: منذ عام ونصف وأنا أبحث مع صديقي عن عمل مناسب في تركيا، إلا أننا لم نتمكن من ذلك، فظروف العمل هنا باتت شبيهة إلى حد كبير بظروف العمل بغزة، لذا فكرنا بالهجرة معًا. 

ويضيف: في البداية ركبنا قوارب الهجرة عدة مرات دون أن ننجح في الوصول إلى الشواطئ اليونانية، ومن هنا بدأنا التفكير بالهجرة سباحة، وكانت محاولتنا الأولى قبل عدة أشهر تمكنّا خلالها من الوصول إلى الشواطئ اليونانية إلا أن خفر السواحل قبض علينا في اللحظة الأخيرة، ونكّل بنا وأعادنا مجددًا إلى تركيا. 

وتابع: قمنا بشراء ملابس وأدوات السباحة، وانطلقنا من شاطئ مدينة بودروم التركية، تحديدًا منطقة بحر إيجه، نحو الشواطئ اليونانية، كان ذلك في تمام العاشرة ليلًا، ولم نحمل معنا سوى زجاجة مياه واحدة، وبعض الملابس التي أحكمنا تغليفها. 

أمير أثناء شراء بدلة سباحة قبل الهجرة من تركيا إلى اليونان، عبر البحر
أمير أثناء شراء بدلة سباحة قبل الهجرة من تركيا إلى اليونان، عبر البحر

وأشار الشاب العشريني إلى أنهما ظلّا يسبحان بشكل متواصل دون انقطاع، سوى من بعض الثواني التي كانا يصرخان فيها على بعضهما لضمان عدم تفرقهما في الظلام، وارتفاع الأمواج، لأن "توقفنا عن السباحة ولو لدقائق يعني أن التيارات البحرية الشديدة ستقوم بدفعنا عن مسارنا من التوجه إلى الشواطئ اليونانية، إلى منطقة البحر المفتوح، لذا أصبنا بالإرهاق الشديد على خلاف المرة الماضية التي كان البحر فيها هادئًا".

ينصح أبو عون الشبان بعدم اتباع هذه الطريقة الخطيرة، فـ "البحر خطير جدًا" 

وينصح أبو عون الشبان بعدم اتباع هذه الطريقة الخطيرة، فـ "البحر خطير جدًا"، وإذا سلمت منه فلن تسلم من خفر السواحل الذي قد يقوم بإغراقك، أو التنكيل بك". ويقول إن أكثر لحظة خطر وخوف شعرا بها خلال السباحة، كانت أثناء قطعهما لخط البواخر في المياه الإقليمية والذي يمتد على مسافة كيلومتر، ولا تنقطع فيه حركة البواخر العملاقة.

ويشبّه أمير خط البواخر بالطريق السريع للمركبات، مشيرًا إلى أنه "إذا قمت بقطعه بحكمة وبسرعة تنجو من الموت، وإلا فإن الفراشات العملاقة لمحركات هذه البواخر قد تقوم بالتهامك".

ويواصل: كنّا نتابع أضواء البواخر، وفي حال لم يظهر من الباخرة سوى الضوء الأمامي فهذا يعني أنها تتوجه نحونا، وفي حال ظهور ضوئها الأمامي والخلفي فهذا يعني أنها تتجه بعيدًا عنا، وفي هذه اللحظة نبدأ السباحة بأقصى سرعة ممكنة.

"في المحاولة السابقة عندما شاهدت الأضواء الأمامية فقط لإحدى البواخر العملاقة، بدأنا السباحة نحوها قبل أن نتنبه لذلك ونبتعد عنها بسرعة، وكتب لنا عمر جديد"، يضيف الشاب.

وبعد ساعات من السباحة ومع ساعات الفجر الأولى، كان أمير ورمضان على بعد كيلومتر واحد من الشواطئ اليونانية، وهنا حددا منطقة تنتشر فيها الأحراش وتوجّها نحوها مباشرة، للاختفاء عن خفر السواحل اليوناني.

فرحة الوصول للشاطئ، رافقها الكثير من الخوف 

ويقول أمير إنهما وبعد أن وصلا الشاطئ، كانت فرحتهما لا توصف، ومعها الكثير من الخوف، خشية القبض عليهما، فركضا نحو الأحراش، واستبدلا ملابهسما، وواصلا طريقهما قبل طلوع الشمس، حتى وصلا منزلًا مهجورًا استرقا فيه بعض الوقت للراحة، ثم توجها إلى محطة الحافلات التي أقلتهم مباشرة نحو مركز تقديم طلبات اللجوء. وقبل دخول المركز أرسل أمير رسالة إلى عائلته التي لم تكن تعرف شيئًا عن رحلته: "أنا بخير، وصلت اليونان".

ويمكث أمير وصديقه الآن في أحد مراكز استقبال المهاجرين، بانتظار الحصول على إقامة ومن ثم وثيقة سفر يونانية، لـ "السفر إلى بلاد الله الواسعة التي حرمنا من السفر إليها بواسطة جوازنا الفلسطيني". على حد قوله.

ويختم أمير حديثه: "أنا ما خاطرت بحياتي وهاجرت بخاطري... أنا رايح أشتغل وأرتب أموري، وبعدها راح أرجع لأنه ما في بعد بلدي، غزة حلوة والله، بس ناقصنا شغل وحياة كريمة".